تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

لا يبدو أن زيارة وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، إلى إسرائيل، الأسبوع الماضي، قد أفضت إلى أية نتائج جوهرية. فقد غادر إسرائيل متعهدا بتحضير "الواجبات المنزلية" لجولة مكوكية ثانية، بين إسرائيل والضفة الغربية، يتوقع أن تكون في الأسابيع القريبة المقبلة.
ومن جهته رفض رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، خطة كيري باستئناف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني والتركيز بداية على قضيتي الحدود والأمن. وأصبح نتنياهو يطالب الآن بطرح جميع قضايا الحل الدائم على طاولة المفاوضات، ويشترط اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل.

 


والأمر الملفت في زيارة كيري الأخيرة هو تناقض المعلومات التي تسربت حول نتائج لقاءاته في إسرائيل. فقد ترددت أنباء حول نية نتنياهو تجميد البناء في المستوطنات الواقعة خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، ثم تم نفي ذلك. وقال تقرير إن وزيرة العدل الإسرائيلية والمسؤولة عن المفاوضات مع الفلسطينيين، تسيبي ليفني، أزالت شرط الاعتراف بيهودية إسرائيل، وفي الغداة تم الإعلان عن تراجعها عن ذلك. وذكرت تقارير أخرى أن إسرائيل ستقدم مبادرات نية حسنة للفلسطينيين، وأن كيري مارس ضغوطا على نتنياهو من أجل إطلاق سراح أسرى من فترة ما قبل اتفاقيات أوسلو، كما أعلن كيري أن نتنياهو وافق على مشاريع اقتصادية فلسطينية في المنطقة "ج" في الضفة الغربية، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة بموجب اتفاقيات أوسلو، وبعد ذلك أعلنت إسرائيل أنه لن تكون هناك أية مبادرات نية حسنة كهذه قبل استئناف المفاوضات وفق الشروط الإسرائيلية.

كل هذه الأنباء المتناقضة لم تأت على لسان نتنياهو، وإنما نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية على لسان مصادر ومسؤولين وموظفين في الحكومة الإسرائيلية، كانوا في غالب هذه التقارير مجهولي الهوية. وعندما أدلى نتنياهو بتصريحات، خلال اجتماعه مع كيري، تحدث بشكل عابر وعام عن استئناف المفاوضات، وكرر القول بأن يده ممدودة للسلام، لكنه ركز معظم حديثه على إيران وسورية، ليوضح أن تحريك عملية السلام ليس ضمن اهتماماته، أو هو في أفضل الأحوال ليس في المرتبة الأولى أو الثانية في سياسته الخارجية.

تجدر الإشارة إلى أنه عندما زار الرئيس الأميركي باراك أوباما إسرائيل، الشهر الماضي، كرر نتنياهو أكثر من مرة أنه سيبحث معه الموضوع النووي الإيراني والأزمة السورية، ثم في المرتبة الثالثة تحريك العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين. وفعلا، نجح نتنياهو في دفع المفاوضات إلى هامش زيارة أوباما، التي لم ينتج عنها شيء في السياق الفلسطيني، ربما باستثناء كلام معسول حول السلام تضمنه خطاب أوباما أمام طلاب جامعيين إسرائيليين.

 

مطالبة اليهود الأميركيين بعدم ممارسة ضغوط على نتنياهو من أجل تحريك المفاوضات   

في ظل هذا التعنت الإسرائيلي، قالت صحيفة "معاريف"، أمس الأحد - 14.4.2013، إن نائب وزير الخارجية الإسرائيلية، زئيف إلكين (ليكود)، وجه انتقادات إلى زعماء المنظمات اليهودية الأميركية، بعدما وقع مئة منهم على رسالة وجهوها إلى نتنياهو وطالبوه فيها بالتحلي بالشجاعة وتقديم مبادرات نية حسنة للفلسطينيين من أجل تحريك عملية السلام وتقديم "تنازلات إقليمية مؤلمة من أجل السلام".

ونقلت الصحيفة عن إلكين قوله إن "مسؤولية حكومة إسرائيل هي أولا وقبل أي شيء تجاه أمن مواطنيها وضمان مستقبل آمن لإسرائيل. والضغوط القادمة من وراء البحار لا ينبغي أن توجه إلى رئيس الحكومة في إدارته الحذرة للعملية السياسية".

ووفقا للصحيفة، فإن رسالة قادة المنظمات اليهودية الأميركية وصلت إلى نتنياهو قبل أسبوعين وعشية زيارة كيري، وأن هذه الرسالة أثارت غضب "قادة يهود روسيا" (من هم "قادة يهود روسيا" هؤلاء؟ ومن أين ظهروا فجأة؟!)، الذين بعثوا بدورهم برسالة إلى نتنياهو. وجاء في هذه الرسالة أنه "لا يجوز اتخاذ القرارات المتعلقة بقضايا الأمن القومي تحت ضغوط خارجية، لا من جانب الرأي العام العالمي، ولا من جانب قيادة الولايات المتحدة، ولا من جانب يهود الولايات المتحدة بالغي التأثير".

ووقع على هذه الرسالة عدد من الأثرياء اليهود الذين جنوا ثروات بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ورؤساء منظمات يهودية وحاخامون. وقالوا في رسالتهم إنهم "ملتزمون بأمن إسرائيل ليس أقل من اليهود الأميركيين"، وأن "القرارات المصيرية التي قد يتخذها نتنياهو بشأن مستقبل إسرائيل ينبغي أن تستند بصورة حصرية إلى تقييم إسرائيل للوضع". وأضافت رسالة اليهود الروس أن "الرسالة التي تم إرسالها من الولايات المتحدة تثير قلقنا، خاصة وأنها تذكرنا بقدر معين بالعهد السوفياتي من تاريخنا، عندما كانت القيادة الشيوعية تستخدم يهودا سوفيات بارزين من أجل الضغط على إسرائيل".

وقال إلكين، وهو مهاجر من روسيا ومستوطن: "إنني سعيد بأن قادة الجالية اليهودية في روسيا يدركون ما ينساه أحيانا قسم من يهود الولايات المتحدة".

 

الإسرائيليون يتهكمون على كيري ويرفضون خطته لتحريك المفاوضات

أكد موظف إسرائيلي رفيع المستوى أن إسرائيل رفضت خطة كيري لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية. وتقضي هذه الخطة بالتفاوض بداية حول قضيتي الأمن والحدود.

ونقلت صحيفة "هآرتس"، يوم الخميس الماضي، عن هذا الموظف قوله "بلهجة تهكمية" إن "كيري مؤمن بأنه هو الذي سيجلب الحل والتسوية والخلاص"، مضيفا أن وزير الخارجية الأميركية "يعتقد أن الصراع هو على الأرض قبل أي شيء، وهذا غير صحيح".

وأضاف الموظف ذاته أن إسرائيل عبرت عن معارضتها لخطة كيري وأنه "يوجد خلاف حول إطار العملية السياسية وحول كيفية إجرائها"، مشددا على أن "إسرائيل تعارض محادثات حول الحدود والأمن بداية، وقد قلنا هذا لكيري. ويوجد اتفاق على ذلك بين جميع الوزراء الذين يتعاملون مع هذا الموضوع وبضمنهم تسيبي ليفني".

وقال الموظف إن إسرائيل تطالب بأن تتناول المفاوضات جميع قضايا الحل الدائم، وخاصة اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل. واعتبر أنه "إذا جرت المحادثات حول الحدود والأمن بداية، فإن إسرائيل ستعطي فقط ولكنها قد لا تحصل على شيء في المقابل. وعندما نصل إلى بحث المواضيع التي يتعين على الفلسطينيين فيها تقديم تنازلات، مثل حق العودة، فإنه لن تبقى في أيدينا أوراق للمساومة".

وأضاف الموظف أن إسرائيل تعارض تنفيذ أية مبادرة نية حسنة هامة تجاه الفلسطينيين قبل استئناف المفاوضات، وبضمن ذلك إطلاق سراح أسرى وتسليم أسلحة لأجهزة الأمن الفلسطينية أو حتى تنفيذ مشاريع اقتصادية في المنطقة "ج". وفيما يتعلق بهذه المشاريع الاقتصادية، أشار إلى أن السلطة الفلسطينية تطلب تنفيذ مشروع سياحي في شمال البحر الميت، لكن إسرائيل تعارض ذلك حاليا.

وقال الموظف الإسرائيلي: "إننا مستعدون لتنفيذ خطوات لبناء الثقة بحيث لا تمس بمصالحنا. وإذا كان الحديث يدور على منشآت لتطهير المياه أو بناء مدارس أو شق شوارع في المنطقة ’ج’ فإنه لا توجد مشكلة في ذلك [علما أن إسرائيل تمنع تنفيذ مشاريع كهذه بشكل منهجي]، لكن إذا كان الحديث يدور على تسليم مناطق بواسطة مشاريع اقتصادية، فإننا لا نوافق على هذا. وإذا استؤنفت المفاوضات فسنكون مستعدين لتنفيذ الكثير من مبادرات النية الحسنة والخطوات، لكن هذا سيكون جزءا من عملية تخرج إلى حيز التنفيذ".

 

تجميد "هادئ" للبناء الاستيطاني خارج الكتل

أعلن مسؤولون إسرائيليون رفضوا أيضا الكشف عن هويتهم، يوم الجمعة الماضي، أنه يتوقع أن تجمد إسرائيل البناء في المستوطنات الواقعة خارج الكتل الاستيطانية الكبرى من دون الإعلان عن ذلك، بدعوى أن ذلك سيؤدي إلى استئناف المفاوضات.

ونقل موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني عن هؤلاء المسؤولين الإسرائيليين قولهم إنه "في نهاية الأمر سيتم استئناف المفاوضات. ويتوقع أن تجمد إسرائيل بصورة هادئة البناء خارج الكتل الاستيطانية الكبرى من أجل استئناف المحادثات".

وقال مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى إنه "على الرغم من أنه لن يكون هناك تجميد بناء بشكل رسمي، لكن سيتم بهدوء تام وقف البناء خارج الكتل الكبرى من أجل استئناف المفاوضات. وإسرائيل لن تعلن عن ذلك بشكل رسمي، لكن هذ الخطوة ستنفذ بهدوء وبموجب تفاهم صامت بين إسرائيل والولايات المتحدة".

وأشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أن هذه الخطوة تأتي بعد زيارة كيري إلى إسرائيل، وأن نتنياهو ينظر إلى استئناف المفاوضات على أنها "خطوة استراتيجية". وقالوا إنه "يجري حاليا البحث عن صيغة تسمح لأبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) بالنزول عن الشجرة. فالضغوط الأميركية كبيرة ونتنياهو معنيّ جدا باستئناف المحادثات بعد زيارة أوباما". واعتبروا أن "لا أحد سيقول علنا أنه يوافق على التجميد. لكن هذه المعادلة تبلورت بهدوء ومن وراء الكواليس". 

لكن من جهة أخرى قال مسؤول سياسي إسرائيلي لـ "يديعوت أحرونوت" إنه "لن تكون هناك أية استجابة لأي مطلب يهدف إلى إرضاء الفلسطينيين ودفعهم إلى المجيء إلى المحادثات. وهناك توافق كامل بين الوزراء بعدم الاستسلام لأي مطلب مسبق. وهم [الفلسطينيون] يطرحون مطالب من أجل وضع مصاعب أمام العودة إلى المحادثات المباشرة، ولن تكون هناك أية مبادرات نية حسنة".

وكانت "معاريف" قد ذكرت، يوم الأربعاء الماضي، أن كيري مارس ضغوطا على نتنياهو من أجل الاستجابة لطلب فلسطيني بإطلاق سراح 123 أسيرا فلسطينيا من حركة فتح، سُجنوا في فترات قبل توقيع اتفاقيات أوسلو في العام 1993.

وأضافت الصحيفة أن كيري طالب نتنياهو بإطلاق سراح قسم من هؤلاء الأسرى على الأقل خلال الأيام المقبلة وقبل حلول يوم الأسير الفلسطيني في 17 نيسان الجاري. ووفقا للصحيفة فإن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) أوصى أمام نتنياهو بإطلاق سراح عشرات من هؤلاء الأسرى الذين تصفهم إسرائيل بأن "أيديهم ملطخة بالدماء"، ولكن غالبيتهم من المرضى والمسنين، ولا يعتبر الشاباك أنهم يشكلون خطرا أمنيا. 

ورغم نفي مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية موافقة نتنياهو على هذا الطلب، فإن "معاريف" قالت إن التقديرات تشير إلى أن نتنياهو سيوافق على إطلاق سراح هؤلاء الأسرى بصورة تدريجية، وفقط بعد استئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية.

 

مسؤول إسرائيلي: جولات كيري هدفها تشكيل محور لهجوم محتمل ضد إيران

قال مسؤول أمني إسرائيلي إن الجولات المكوكية التي يقوم بها كيري في دول في الشرق الأوسط هدفها تشكيل محور يشكل جبهة لفرض المزيد من العقوبات ضد إيران لإرغامها على وقف برنامجها النووي واحتمال شن هجوم عسكري ضدها في حال عدم نجاح العقوبات في تحقيق هدفها.

ونقل موقع "واللا" الالكتروني، يوم الأربعاء الماضي، عن المسؤول الأمني قوله إن الاتصالات من أجل تشكيل محور تشارك فيه إسرائيل وتركيا والأردن ودول الخليج هي "في مركز الزيارات المتكررة لوزير الخارجية الأميركية جون كيري في المنطقة". وأضاف أن الهدف من تشكيل محور كهذا هو أن "يشكل كتلة داعمة لإمكانية تشديد العقوبات ضد نظام آيات الله، أو في حالة متطرفة أكثر، أن يدعم المحور هجوما عسكريا".

وأشار المسؤول الأمني الإسرائيلي إلى أن "الأميركيين يخططون لأن تكون تركيا الجهة المركزية في هذا المحور، الذي سيتعامل مع ثلاث قضايا إقليمية مشتعلة وهي الإيرانية والسورية والمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين".

ووفقا لموقع "واللا" فإنه من أجل تشكيل هذا المحور سيتعين على إسرائيل أن تليّن مواقفها في القضية الفلسطينية، مثلما فعلت عندما اعتذرت لتركيا عن مقتل 9 نشطاء بنيران قوات سلاح البحرية الإسرائيلية التي هاجمت أسطول الحرية التركي في أيار 2010.

وقال المسؤول الأمني إن أحد الأدلة على تليين إسرائيل لمواقفها فيما يتعلق بالفلسطينيين هو موافقة نتنياهو، خلال لقائه مع كيري، على دفع مشاريع اقتصادية فلسطينية في المنطقة "ج" في الضفة الغربية. لكن إسرائيل نفت نيتها الموافقة على مشاريع كهذه. وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن دليلا آخر هو ما نشرته وسائل إعلام تركية عن أن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، قرر التجاوب مع طلب أميركي قدمه كيري بنفسه، بإرجاء زيارة إلى قطاع غزة. غير أن أردوغان أعلن أمس أن سيتوجه إلى غزة الشهر المقبل.

 

شروط نتنياهو لاستئناف المفاوضات

قالت "معاريف"، يوم الثلاثاء الماضي، إن مطالب إسرائيل من الفلسطينيين من أجل استئناف المفاوضات هي تجميد ما تصفه بالخطوات الأحادية الجانب في الأمم المتحدة، ووقف "التحريض" من جانب السلطة الفلسطينية، ووقف الخطوات الفلسطينية الداخلية الرامية إلى المصالحة بين حركتي فتح وحماس، والاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.

ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية وغربية تأكيدها أن "إسرائيل تضع أمام الفلسطينيين مطالب لا يمكنهم تنفيذها من أجل دفعهم إلى التنازل عن مطالبهم الأساسية" في إشارة إلى مطلب الاعتراف بيهودية إسرائيل مقابل مطلب تجميد البناء في المستوطنات وطرح خريطة حدود.

وفي هذه الاثناء وجهت جهات في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي انتقادات إلى ليفني بسبب موقفها القائل إن استئناف المفاوضات ليس مشروطا باعتراف فلسطيني بيهودية إسرائيل. ونقلت الصحيفة عن رئيس الائتلاف في الكنيست ياريف ليفين (ليكود) قوله إن تصريحات ليفني لا تمثل موقف حكومة إسرائيل، وأن "كون إسرائيل دولة يهودية يشكل أساسا لأية مفاوضات وأي اتفاق. والمطلب بهذا الخصوص، كما عبر عنه رئيس الحكومة، يعبر بشكل دقيق عن الموقف الذي تعهد به الائتلاف. وأقوال وزيرة العدل تعبر عن موقف شخصي وليس عن موقف الحكومة".

وكان كيري قد وصف نتائج محادثاته مع نتنياهو حول دفع عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين بأنها جدية ومثمرة، وكرر تعهد أوباما بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي. وقال كيري، وفقا لبيان صادر عن مكتب نتنياهو: "أعتقد أنه بالإمكان القول إننا تقدمنا ونحن راضون من مضمون المحادثات، وقد اتفقنا على أن يحضر كل واحد منا واجباته المنزلية، وننوي إعداد هذه الواجبات المنزلية خلال الأسابيع المقبلة... والمحادثات كانت جدية ومركزة ويمكنني وصفها بأنها مثمرة للغاية".

وأضاف كيري "لقد تحدثنا حول مبادرة اقتصادية معينة لكن رئيس الحكومة طلب أن يوضح بصورة لا لبس فيها أن أي خطوة اقتصادية سننفذها لن تشكل بأي حال بديلا وإنما تكمل المسار السياسي، وأن المسار السياسي هو أفضلية أولى والأمور الأخرى بإمكانها أن تكمله".

وتابع كيري أنه "فيما يتعلق بإيران فقد كررت التأكيد أمام رئيس الحكومة، ومثلما فعلت أمام الرئيس (الإسرائيلي شمعون بيريس)، أن الرئيس أوباما لا يمكنه أن يكون واضحا أكثر، عندما قال إنه يحظر على إيران امتلاك سلاح نووي، وإنه لن يكون بحوزة إيران سلاح كهذا". وأضاف أن "الولايات المتحدة الأميركية أوضحت أننا لا نقف إلى جانب إسرائيل فقط وإنما إلى جانب الأسرة الدولية كلها ونؤكد أننا جديون ومنفتحون للمفاوضات ولكن ليس لمفاوضات بلا نهاية، ويحظر أن يستخدم هذا ذريعة لمواصلة الجهود لتطوير سلاح نووي".

من جانبه قال نتنياهو: "لست مصرا فقط على استئناف عملية السلام مع الفلسطينيين، وإنما أيضًا على أن أبذل كل جهد جدي من أجل إنهاء الصراع مرة واحدة وإلى الأبد، وتوجد لذلك عناصر اقتصادية ونحن نرحب بأية مبادرة تقترحها أنت وآخرون في هذا السياق. لكن هناك عناصر سياسية أيضا، ومباحثات سياسية تتناول مجمل القضايا وعلى رأسها بالنسبة لنا مسائل تتعلق بالاعتراف [بيهودية إسرائيل] والأمن، والحديث يدور على مجهود حقيقي ونتوقع التقدم بذلك سوية معك".

وقال نتنياهو إنه بحث مع كيري عدة قضايا وتحدث عن اثنتين منها، الأولى تتعلق بسورية "والمأساة الإنسانية الحاصلة فيها"، وحذر من أن "تفتت سورية يؤدي إلى نشوء وضع تصبح فيه إحدى ترسانات الأسلحة الأكثر خطورة في العالم في متناول يد الإرهابيين مهما كانوا، وهذا الأمر يقلق إسرائيل والولايات المتحدة بشكل عميق وقد تحدثنا عن مواجهة هذه المشكلة".

وأضاف نتنياهو أن القضية الثانية التي بحثها مع كيري تتعلق بإيران. وقال "أعتقد أن الجميع يدرك أن إيران موجودة في سباق مع الزمن وهي تستغل المحادثات [مع الغرب] من أجل مواصلة دفع برنامجها النووي. وأعتقد أننا ندرك عواقب سياسة ظلامية مزودة بسلاح نووي على السلام العالمي، ويحظر السماح لإيران بالدخول إلى هناك، ويحظر على إيران مواصلة تطوير برنامجها النووي".

 

"إسرائيل تتهرب من مفاوضات جدية مع الفلسطينيين"

اتهمت صحيفة "هآرتس" نتنياهو بالتهرب من إجراء مفاوضات جدية مع الفلسطينيين، بعد رفضه خطة كيري.

وقالت الصحيفة، في افتتاحية عددها الصادر يوم الجمعة الماضي، إن "مطلب بحث كافة قضايا الحل الدائم قد يُفهم على أنه تهرب آخر من مفاوضات جدية. والرفض الإسرائيلي يتجلى أيضا في الإصرار على عدم تنفيذ مبادرات نية حسنة تجاه الفلسطينيين من أجل أن تبقي بأيديها ذخيرة لتستخدمها في المفاوضات".

وأردفت الصحيفة أن "هذا هو جوهر السياسة والتكتيك الإسرائيليين والذي أدى إلى جمود عملية السلام حتى الآن. وإذا ما استمرت الحكومة الجديدة في التمسك به فإنها لن تتمكن من الادعاء بنظافة اليدين، خاصة تجاه مواطني إسرائيل، ولكن أيضا تجاه الإدارة الأميركية". وأضافت أن الانطباع الحاصل بعد جولات كيري المكوكية في المنطقة من أجل دفع عملية السلام هو أن "إسرائيل مصرة على منع أي تقدم، وتتجاهل الأقوال الواضحة التي أدلى بها الرئيس أوباما خلال زيارته لإسرائيل".

وقالت الصحيفة إنه "لا يمكن فهم الموقف الإسرائيلي" بشأن رفض التفاوض حول قضيتي الحدود والأمن، وشددت على أن "هذين الموضوعين الهامين هما الأساس للتقدم، ولا يمكن أن يكونا رهينتي المطلب الإسرائيلي باعتراف الفلسطينيين بالدولة اليهودية، وقول لا لحل قضية اللاجئين، ولا لحل مكانة القدس".

ولفتت الصحيفة إلى أن دوافع نتنياهو وراء رفضه البحث في قضية الحدود هي أنه في حال وافق على ذلك فإنه "سيوضح أخيرا لمواطني إسرائيل، وخاصة للمستوطنين، نية الحكومة حول الحدود النهائية للدولة"، وهذا هو ما يحاول الامتناع عنه.

وشددت الصحيفة على أن "إسرائيل ملزمة بإظهار استعداد لخطوة حقيقية في قضية الحدود تشكل محفزا للسلطة الفلسطينية" من أجل استئناف المفاوضات.

      

هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي

 

"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي"