تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1683

تلقى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، صفعة قوية في الانتخابات التي جرت أول من أمس، الثلاثاء. فقد أظهرت النتائج شبه النهائية، التي تم نشرها أمس، الأربعاء، أن تحالف حزبي الليكود و"إسرائيل بيتنا"، الذي قاده في هذه الانتخابات، قد خسر 11 مقعدا في الكنيست، قياسا بتمثيل هذين الحزبين في الكنيست المنتهية ولايته. رغم ذلك، من المرجح أن يشكل نتنياهو الحكومة المقبلة.

ويتوقع أن تُنشر النتائج النهائية للانتخابات مساء اليوم الخميس - 24.1.2013.

تجدر الإشارة إلى أن نتنياهو لم يفز بأغلبية كبيرة أيضًا عندما شكل حكومتيه السابقتين، في العام 1996 والعام 2009. ففي انتخابات العام 1996 فاز على منافسه، مرشح حزب العمل شمعون بيريس، بأغلبية نصف بالمئة. وفي انتخابات العام 2009، خرج حزب كاديما، بقيادة تسيبي ليفني في حينه، بصفته الحزب الأكبر وحصل على 28 مقعدا في الكنيست، بينما حصل حزب الليكود على 27 مقعدا. رغم ذلك أخفقت ليفني في تشكيل حكومة بينما نجح نتنياهو في ذلك.

وحصل تحالف "الليكود - إسرائيل بيتنا" في الانتخابات الأخيرة على 31 مقعدا في الكنيست، لكن 11 مقعدا منها هي لـ "إسرائيل بيتنا" ولليكود 20 مقعدا. وحصل حزب "يوجد مستقبل" برئاسة يائير لبيد، على 19 مقعدا، وكان بذلك مفاجأة الانتخابات. وهذا يعني أن حزبا جديدا يخوض الانتخابات لأول مرة، بل إنه تأسس قبل الانتخابات بأقل من عام، وبرئاسة شخص لا باع له في السياسة، وإنما هو مذيع وكاتب سيناريوهات ومقال أسبوعي ليس سياسيا، حصل على تمثيل برلماني مشابه جدا لتمثيل الليكود، أي الحزب الحاكم.

لذلك رأت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، أمس، أن "الجمهور الإسرائيلي نزع الثقة عن رئيس الحكومة نتنياهو. ولولا أنه أنقذ نفسه من خلال الوحدة مع إسرائيل بيتنا، لشهدنا إطاحة رئيس حكومة، لم نر مثيلا لها منذ إطاحة نتنياهو بشكل مخزٍ في العام 1999".

 

سياسة نتنياهو أضعفته لكنه يرسم ملامح حكومته المقبلة

الأصوات التي خسرها "الليكود - إسرائيل بيتنا" لم تذهب إلى ما يسمى بمعسكر الوسط، والذي يضم حزب العمل برئاسة شيلي يحيموفيتش، وحزب "الحركة" برئاسة تسيبي ليفني، بل ذهبت إلى حزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف برئاسة نفتالي بينيت، وهو نجم سياسي صاعد، وإلى حزب "يوجد مستقبل". ورغم أنه يتم وصف هذا الحزب الأخير بأنه وسطي، إلا أنه في الواقع حزب يميل نحو اليمين أكثر من كونه يميل نحو الوسط.

وكتب رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، أمس، أن "الفائز الأكبر في الانتخابات، لبيد، لاءم رسائله مع ما يهم الجمهور. وقد أثار غضب الجمهور أقل من أي مرشح آخر، وببساطة استمال إلى ذراعيه خائبي الأمل من كاديما والعمل، وعلى ما يبدو الليكود أيضا. ويدل نجاحه على أن الجمهور يريد أملا، ويحترم مرشحين يطرحون برنامجا واضحا مع خطة عمل، لا طقوس تمجيد أشخاص فارغة من المضمون".

في المقابل، رأى بن أن سياسة نتنياهو أضعفته في الانتخابات، لأن "نتنياهو كان يعرف أن الجمهور قلق من الوضع الاقتصادي، ومن أسعار السكن، وتهرب الحريديم من الخدمة العسكرية، ورغم ذلك اختار أن يتجاهل هذه المشاكل وأن يركز على التهديد الإيراني، و’وحدة القدس’ والإعلان عن بناء آلاف الشقق في المستوطنات. والتقط صورا له في حائط المبكى ومع جنود الجيش الإسرائيلي مرة تلو الأخرى. وهذا يبدو جميلا في صفحة نتنياهو على الفيسبوك، لكنه ببساطة لا يصل إلى قلوب الناخبين".

واعتبر سياسيون ومحللون أن نتائج الانتخابات الحالية هي تعبير عن الأجواء التي تسود في إسرائيل منذ الاحتجاجات الاجتماعية في صيف العام 2011. وخلال السنتين الأخيرتين نشرت مؤسسات إسرائيلية تقارير عديدة أكدت حدوث تراجع كبير في القوة الاقتصادية للطبقة الوسطى، وحتى دخول قسم منها إلى دائرة الفقر، هذا إضافة إلى اتساع الفقر في إسرائيل.

ويبدو أن نتنياهو بات يدرك، منذ صدور النتائج شبه النهائية للانتخابات، أن حكومة مقبلة محتملة برئاسته لا يمكن تشكيلها بدون مشاركة حزب "يوجد مستقبل" فيها. وذلك ليس فقط لأن هذا هو الحزب الأكبر الثاني، وإنما لأن برنامجه يتلاءم مع برنامج الليكود، سياسيا وأمنيا. كما أن لبيد أعلن أنه لا يرى في نفسه مرشحا لرئاسة الحكومة، وأعلن مرات عديدة خلال الحملة الانتخابية أنه سيسعى إلى الانضمام لحكومة برئاسة نتنياهو.

وفور نشر النتائج النموذجية للانتخابات في قنوات التلفزيون الإسرائيلية عند إغلاق صناديق الاقتراع، بدأ نتنياهو يرسم ملامح حكومته المقبلة. ودعا نتنياهو ولبيد في خطابيهما أمام أنصارهما، ليلة الثلاثاء - الأربعاء الماضية، إلى تشكيل حكومة موسعة قدر الإمكان.

واتصل نتنياهو هاتفيا مع لبيد وزعيمي حزب شاس، إيلي يشاي وأرييه درعي، ونائب وزير الصحة، يعقوب ليتسمان،  من كتلة "يهدوت هتوراه"، وهي الأحزاب التي يتوقع نتنياهو أن تشارك في تشكيل الحكومة المقبلة، إضافة إلى حزب "البيت اليهودي".

وقال نتنياهو في خطابه إن حكومة موسعة كهذه ستستند إلى خمسة مبادئ مركزية هي: "القوة الأمنية مقابل التحديات التي نواجهها وخاصة منع إيران من الحصول على سلاح نووي، ومسؤولية اقتصادية لمواجهة الأزمة العالمية المتواصلة، ومسؤولية سياسية من خلال السعي المتواصل إلى سلام حقيقي، وزيادة المساواة في تحمل الأعباء، وخفض غلاء المعيشة وخاصة أسعار السكن".

من جانبه دعا لبيد رؤساء الأحزاب إلى بذل كل ما في وسعهم من أجل تشكيل حكومة موسعة قدر الإمكان يكون فيها تمثيل لأحزاب اليمين والوسط "كي تتسنى لها مواجهة التحديات الماثلة أمام الدولة". وقال إن إسرائيل تواجه أزمة اقتصادية من شأنها أن تحطم الطبقة الوسطى، وتواجه انتقادات دولية متزايدة وتهديدات أمنية، وأن من شأن تشكيل حكومة وحدة موسعة أن يمكن إسرائيل من مواجهة هذه التحديات "وهذه هي رسالة نتائج الانتخابات". وأضاف أن "مواطني إسرائيل قالوا لا لسياسة الكراهية والانقسام والتطرف والعداء للديمقراطية".

وأكد رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان أن نتنياهو سيشكل الحكومة المقبلة وأنه لن يكون فيها أي تغيير فيما يتعلق بشروط استئناف العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين. وكتب على صفحته في الشبكة الاجتماعية "فيسبوك"، أمس، أنه "في حال أعلن الفلسطينيون أنهم مستعدون لعقد لقاء والبحث في استئناف المفاوضات فإنه سيسرنا أن نلتقي معهم، وبالطبع من دون أية شروط مسبقة مثل تجميد البناء (في المستوطنات) في الضفة الغربية أو القدس، أو أي شروط أخرى".

وأضاف ليبرمان "سنستمر في قيادة دولة إسرائيل بمسؤولية وأمن، وحسم الناخب يلزم الحكومة المقبلة بالتركيز على المواضيع الداخلية وفي مقدمتها المساواة في تحمل الأعباء وتغيير طريقة الحكم وخفض أسعار السكن" وهي قضايا يطرحها حزب "يوجد مستقبل".

وأشار ليبرمان إلى أنه بعد تشكيل الحكومة المقبلة مباشرة ينبغي تبني "القانون النرويجي" الذي بموجبه يستقيل جميع الوزراء من عضوية الكنيست، "الأمر الذي سيسمح للوزراء وأعضاء الكنيست بتأدية واجبهم على أفضل وجه".

وفيما تحدث مقربون من لبيد عن تعيينه وزيرا للخارجية، قال ليبرمان "مما لا شك فيه أن شريكا مع 19 نائبا هو شريك كبير. وسوف نجري مفاوضات ونحن نعي هذا النجاح وسيتم التعبير عنه في حال أراد لبيد الانضمام إلى الحكومة. وأعتقد أنه بالنسبة إلى  يائير لبيد بالذات، الذي تحدث كثيرا عن الطبقة الوسطى والاحتجاجات الاجتماعية، سيكون طبيعيا أن يركز على القضايا الداخلية ويأخذ حقيبة المالية، لكني أطرح تكهنات وحسب وليس شيئا جديا حقا".

 

لبيد: لن أنضم إلى كتلة مانعة مع اليسار والعرب

من جانبها قالت رئيسة حزب العمل يحيموفيتش إن نتائج الانتخابات تعبر عن "عدم ثقة مطلق ببنيامين نتنياهو، ولا شك في أن للاحتجاجات الاجتماعية دورا كبيرا في ذلك". وشددت على أن حزب العمل لن ينضم إلى حكومة برئاسة نتنياهو وسيبقى في المعارضة "حتى إسقاط هذه الحكومة بأسرع وقت".

ودعت يحيموفيتش لبيد إلى تشكيل الحكومة المقبلة، بعد أن توصي أحزاب الوسط - اليسار أمام الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، بتكليف لبيد بهذه المهمة. لكن خطوة كهذه لن تكون واقعية لأن الأحزاب العربية ترفض التوصية بتكليف لبيد بتشكيل الحكومة، بسبب مواقفه اليمينية.

ورد لبيد على يحيموفيتش، مساء أمس، قائلا إن "مواطني إسرائيل انتخبوا خيارا طبيعيا ونوعا من العقلانية وقد عاد بعض اللون إلى وجنتهم. وقد استمعت إلى الأقوال حول كتلة مانعة. لن نقيم كتلة مانعة مع اليسار ومع (عضو الكنيست) حنين زعبي". 

كذلك دعت رئيس حزب ميرتس، زهافا غالئون، إلى عدم منح "حبل إنقاذ" لنتنياهو وعدم المشاركة في ائتلافه وإنما تشكيل "كتلة مانعة" تشارك فيها أحزاب الوسط - اليسار والأحزاب العربية.

وقالت رئيسة حزب "الحركة" تسيبي ليفني إنها تستمد التشجيع من ازدياد قوة كتلة أحزاب الوسط - اليسار.

وتعهد يشاي ودرعي أمام مؤيدي حزب شاس بالاهتمام بالشرائح الضعيفة وزيادة المخصصات وخفض أسعار السكن وخاصة للأزواج الشابة.

كذلك أعرب بينيت عن استعداده للانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو، حتى لو شاركت فيها أحزاب من خارج معسكر اليمين.

 

انتقادات ليحموفيتش من داخل العمل: "ديكتاتورية"

تعرضت رئيسة حزب العمل يحيموفيتش إلى انتقادات حادة من داخل حزبها بعد أن حصل هذا الحزب على 15 مقعدا في الكنيست وتفوق حزب "يوجد مستقبل" عليه. واتهم قيادي في حزب العمل أداء يحيموفيتش بأنه كان "ديكتاتوريا، ولم يشاركها أحد في أي شيء". وكانت استطلاعات الرأي تمنح حزب العمل أكثر من عشرين مقعدا في الكنيست في بداية المعركة الانتخابية.

وقال قياديون في حزب العمل لموقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني إن يحيموفيتش انفردت في كل شيء "والوضع أسوأ من فترة إسحق رابين وشمعون بيريس (في رئاسة العمل)، اللذين عمل كل واحد منهما بمفرده وكان يتوجس من الآخر. وهناك شعور بأن يحيموفيتش متعجرفة، وليس باستطاعتها الادعاء ضد أحد منا، وهي المذنبة، وعلى ما يبدو فإن استطلاعات الرأي العام أربكتها وهي لم تر شيئا آخر".

وقال عضو الكنيست دانيئيل بن سيمون، الذي لم ينتخب في الانتخابات الحالية، إن "هذه نتيجة مخيبة للأمل ومؤلمة. لقد أردنا أن نكون عنوانا للأطراف ولأولئك الأشخاص الذين تضرروا من نخبة الأثرياء، وهؤلاء أشخاص ليست لديهم فرصة للنجاح في الحياة. وأنا أنظر إلى نتائج الانتخابات وأرى أنهم لم يصوتوا لصالحنا، لأنهم لم يؤمنوا بالرسالة التي وجهناها لهم".

وأضاف بن سيمون أنه خلال جولات انتخابية ميدانية سمع عدة مرات انتقادات ليحيموفيتش، وخاصة أن الناخبين يشعرون بغربة تجاه شخصيتها. وتابع أن "يحيموفيتش ابتلعت الحزب داخلها وحولت قصة الانتخابات كلها إلى اختبار ثقة شخصي بها. وقد تقلص الحزب كله لصالح رغبتها في قيادة الحزب بطريقة ليست صحيحة. وقد خسر حزب العمل ورئيسته خسرت. وهي فشلت في امتحان الثقة بينها وبين الجمهور، وبحاجة الآن إلى محاسبة ذاتية عميقة واستخلاص العبر. لقد أخفينا رسالة السلام وخسرنا بسبب ذلك عدة مقاعد".

 

نتائج الانتخابات

ونشرت لجنة الانتخابات المركزية صباح أمس نتائج الانتخابات شبه النهائية، وذلك بعد فرز أكثر من 99 بالمئة من أصوات الناخبين.

ولا تزال تجري عملية فرز أصوات الجنود، ويتوقع صدور النتائج النهائية مساء اليوم.

 ومن شأن هذه النتائج أن تزيد مقاعد عدد من الأحزاب.

ووفقا للنتائج شبه النهائية فإن توزيع المقاعد في الكنيست على الأحزاب هو كالتالي:

"الليكود - إسرائيل بيتنا": 31 مقعدا، بعد أن حصل على 832,099 صوتا تشكل 23.25% من الأصوات الصحيحة.

"يوجد مستقبل": 19 مقعدا، وحصل على 507,879 صوتا تشكل 14.19% من الأصوات الصحيحة.

العمل: 15 مقعدا، وحصل على 409,685 صوتا تشكل 11.45% من الأصوات الصحيحة.

شاس: 11 مقعدا، وحصل على 316,151 صوتا وتشكل 8.83% من الأصوات الصحيحة.

"البيت اليهودي": 11 مقعدا، وحصل على 313,646 صوتا وتشكل 8.76% من الأصوات الصحيحة.

"يهدوت هتوراه": 7 مقاعد، وحصل على 189,931 صوتا وتشكل نسبة 5.31% من الأصوات الصحيحة.

"الحركة": 6 مقاعد، وحصل على 179,818 صوتا وتشكل 5.02% من الأصوات الصحيحة.

ميرتس: 6 مقاعد، وحصل على 164,150 صوتا وتشكل 4.59% من الأصوات الصحيحة.

القائمة العربية الموحدة: 5 مقاعد، وحصلت على 135,830 صوتا وتشكل 3.80% من الأصوات الصحيحة.

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة: 4 مقاعد، وحصلت على 111,685 صوتا وتشكل نسبة 3.12% من الأصوات الصحيحة.

التجمع الوطني الديمقراطي: 3 مقاعد، وحصل على 95,312 صوتا وتشكل 2.66% من الأصوات الصحيحة.

كاديما: مقعدان، وحصل على 74,735 صوتا وتشكل 2.09% من الأصوات الصحيحة.

والجدير بالذكر أن نسبة الحسم هي 2%، ولذلك فإنه في حال لم يبق حزب كاديما فوق هذه النسبة بعد فرز أصوات الجنود لن يكون ممثلا في الكنيست.

كما نشرت لجنة الانتخابات المركزية المعطيات التالية:

·        عدد أصحاب حق الاقتراع: 5,656,705

·        عدد المصوتين: 3,616.947

·        نسبة التصويت بحسب الأصوات التي تم فرزها (من دون أصوات الجنود): 63.31%

·        مجموع الأصوات الصحيحة: 3,579,115

·        مجموع الأصوات اللاغية: 37,832

   

هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي

 
"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي"