كتب محمد دراغمة:
البيانات الصادرة عن قمة العقبة (الاربعاء 4 حزيران) لن تكفي بالتأكيد لإيجاد حل لصراع تاريخي معقد كالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، لكنها، بما حملته من جديد، قد تنقله إلى مرحلة جديدة..
انتابني الذعر لبرهة ما.اقترب مني، ذلك الوحش الضخم والمرعب، إلى مسافة لا تتعدى خمسة أمتار، واستمر في اقترابه مني، وكأني غير موجود. قذفت تلك الجرافة الضخمة أمامها تلة من التراب والصخور الكبيرة. بدا سائقها، الذي كان متواجدا فوقي بمترين، جزءا لا يتجزأ من الجرافة. وكان من الواضح أن أمرا ما لن يوقفه. قفزت جانبا بكل ما أوتيت من قوة.
ما يجري في العراق يمكن تسميته، ايضًا، أسرلة امريكا. اذا اغمضنا عيوننا يبدو احيانًا ان جنود المارينز في كربلاء هم جنود جولاني في طولكرم. ولا عجب في ان معسكرين سياسيين في البلاد، مواقفهما متناقضة، يعتقدان بأن شيئاً جيدًا سوف ينتج عن هذه الحرب. انهما يرقبان، مثلاً، بفضول كبير، نحو كل جندي امريكي يتفجر هناك في عملية فدائية وعلى رد فعل الجيش. عندما قتلت سيارة اجرة الجنود الذين توجهوا اليها، قضى جنود المارينز على السيارة التالية، بكل من كان فيها من المدنيين. اليسار واليمين لا يهتمان تحديداً بما يتعلمه الجيش الأمريكي من الحرب. ما يهمهما، بشكل خاص، هو العبرة السياسية التي سيستخلصها البيت الأبيض منها. لم يسبق ان كانت هناك حرب لم تشارك اسرائيل فيها وكان يفترض بها ان تؤثر الى هذا الحد على مصيرها.
السرية التي رافقت قرار رئيس الحكومة تعيين تساحي هنغبي وزيرًا للأمن الداخلي - بينما شيَّع مقربوه اسم تسيبي ليفنه كمرشحة لهذا المنصب - تعيد الى الأذهان طريقة تعيين روني بار أون لمنصب المستشار القضائي للحكومة. وزير القضاء آنذاك، تساحي هنغبي، عرض الترشيح على الحكومة في العام 1997 لبحثه تحت بند "متفرقات"، دون ان يكون بار أون قد حظي بانكشاف اعلامي مسبق.التخديرالإعلامي، عن وعي أو بدونه، منع اجراء نقاش جدي قبل اصدار قرار التعيين، الذي يبدو - في الظاهر ، على الأقل - قرارًا غير معقول. المستشار القضائي للحكومة استطاع، في اللحظة الأخيرة، نقل تحفظاته الى رئيس الحكومة على تعيين هنغبي في منصب له علاقة بتطبيق القانون، لكنه اعلن انه سيدافع عن التعيين امام الألتماس الذي قدم الى المحكمة العليا، التي أمرت النيابة العامة بتقديم ردها على الألتماس خلال 14 يوما.
الصفحة 795 من 860