بيّنت نتائج استطلاع للرأي العام أجري مؤخراً في إسرائيل أن غالبية ساحقة من الجمهور الإسرائيلي عامة (80 بالمئة) ومن الجمهور اليهودي خاصة (82 بالمئة) تؤمن بأن استمرار الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني يعود بالضرر، أو بالضرر الجسيم، على دولة إسرائيل. ومع ذلك، فإن أغلبية كبيرة من الجمهور اليهودي تؤمن أنّ استمرار الوضع القائم هو "الإمكانية الأرجح في المستقبل المنظور"، بينما يرى نحو الثلث من المشاركين العرب في الاستطلاع أنّ "حل الدولتين هو الإمكانية الأكثر ترجيحاً من بين الإمكانيات الأخرى"، وهي النسبة ذاتها منهم التي تعتقد بأنّ الوضع سيبقى على حاله ولن يتغير في المستقبل المنظور.
تجري في آخر أيام شهر تشرين الأول الجاري، الانتخابات العامة للسلطات المحلية في إسرائيل. وهي تشمل 253 سلطة محلية منها: 77 بلدية، 123 مجلسا محليا، و53 مجلسا إقليميا. ويبلغ العدد الإجمالي لأصحاب حق الاقتراع المسجّلين رسمياً نحو 7 ملايين و 150 ألف صاحب حق اقتراع.
لا بُدّ من القول إن الملامح الراهنة لإسرائيل في ظلّ الحكومة الحالية الأكثر يمينيّةً قوميّاً ودينيّاً كانت شبه متوقّعة حتى لا نقول شبه حتميّة. وقد كان تشكّل هذه الملامح الشغل الشاغل لنا في "مركز مدار" منذ أعوام طويلة، سواء من خلال ما نشرناه من مواد في ملحق "المشهد الإسرائيلي"، أو عبر سائر منشورات المركز ولا سيّما التقارير الإستراتيجية السنوية. كما كان تشكّلها موضع اهتمام الكثير من الجهات البحثية وكذلك الباحثين الأفراد في المجتمع الإسرائيلي، حيث قام بعض هؤلاء بتأمل تعاقب الوقائع وتحوّلات الحلبة السياسية، فيما استغرق بعضهم الآخر في تحليل ظواهر مادية تراكمت عبر الأعوام، وفيها ما ينطوي على قرائن ومعطيات تكفي لكي يتمكن المعنيون من صوغ تصوّرات حول تعاقب تشكيل المجتمع الإسرائيلي البشريّ. وعند هذه النقطة بالذات ينبغي أن نشير إلى أن كثيراً من هذه التصورّات يستند إلى معلومات إحصائيّة وعلى أساسها يتم بناء استنتاجات، يقول أصحابها إنه بمجرّد ذلك لا تفتقر تنبؤاتهم حول اتجاهات المجتمع الإسرائيلي إلى "شرعيّة علميّة".
يستدل من تقرير مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، الصادر في الأسبوع الماضي، بمناسبة رأس السنة العبرية الجديدة، أن عدد المواطنين في إسرائيل بلغ نحو 9.42 مليون نسمة، من دون القدس المحتلة، والجولان السوري المحتل، وفي تقارير أخرى يظهر أن الحرب الروسية الأوكرانية ضاعفت المعدل السنوي للهجرة إلى إسرائيل بنحو 250%، مقارنة بمعدل السنوات الأخيرة، أما الهجرة من إسرائيل فتبقى ضبابية، وينتقد خبيران إسرائيليان طريقة احتساب الهجرة من إسرائيل، ويقولان إنها أكبر مما ينشر؛ وفي سياق العامل الديمغرافي، تتحدث تقارير إسرائيلية مجددا عن أن مخطط تهويد شمال البلاد يشهد أزمة بسبب هجرة الأجيال الشابة اليهودية نحو مركز البلاد، في حين أن أعداد العرب تتزايد في مدن يهودية أقيمت لتعزيز مخطط التهويد.
الصفحة 78 من 859