تقترب الحكومة الإسرائيلية من مرحلة تحديد مصيرها، على الأقل في المرحلة القريبة، إذ إنه بقي أسبوعان حتى افتتاح الدورة الصيفية للكنيست، في التاسع من أيار المقبل، وفيها ستشتد المناورات الحزبية البرلمانية، في ظل ائتلاف بات يرتكز على 60 نائبا، مقابل 60 نائبا في صفوف معارضة ليست موحدة، بطبيعة الحال. إلا أن اعتداءات الاحتلال على القدس والمسجد الأقصى والضفة الغربية بشكل عام، وضعت الشريكة في الحكومة، كتلة "القائمة العربية الموحدة"، أمام ضغوط شعبية، وصلت إلى صفوف قيادة الحركة الإسلامية- الشق الجنوبي، التي تعد "الموحدة" ذراعها البرلماني. ولا تزال مسألة الانتخابات البرلمانية المبكرة هي الفرضية الأقوى، لكن توقيتها لا يزال مجهولا.
أطلق "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، هذه الأيام، شريطاً مُصوّراً استأنف فيه على مفهوم "تقليص الصراع مع الفلسطينيين"، الذي تتبناه الحكومة الإسرائيلية الحالية، ولا سيما يتبناه رئيسها نفتالي بينيت، حيال قضية فلسطين.
وكان مركز مدار، من خلال الزميل الباحث وليد حبّاس، أول من توقف عند هذا المفهوم، وقرأ خلفياته ومكامنه، واستشرف أبعاده، من خلال عددٍ من المقالات، وعبر إصدار خاص ضمن سلسلة "أوراق إسرائيلية" ("أوراق إسرائيلية" 75: في مفهوم "تقليص الصراع ".. الخلفية، الغايات والمآلات، إعداد وتقديم: وليد حبّاس، تشرين الثاني 2021).
ومع أن استئناف المعهد المذكور يمكن أن يندرج ضمن دلالة الانحياز إلى مفهوم تسوية الصراع، وعلى أساس حل الدولتين تحديداً، فإن ما ينبغي توكيده بادئ ذي بدء هو أن هذا الانحياز لا يأتي البتة من منطلق التأييد أو التعاطف مع قضية فلسطين العادلة، وإنما بالأساس، وعلى نحو يبدو شبه مطلق، بسبب الخوف على مستقبل إسرائيل كـ "دولة يهودية وديمقراطية".
لم تتأخر التعليقات المختلفة على دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، إلى الإسرائيليين الذين يملكون رخصة سلاح بحمل أسلحتهم معهم طوال الوقت، إضافة إلى الطلب أيضا من جميع الجنود حمل أسلحتهم حين يخرجون إلى منازلهم من قواعدهم العسكرية. وهذه الدعوة التي جاءت وسط عمليات مسلحة في عدد من المدن الإسرائيلية، في الأسابيع الأخيرة، جذبت إلى رئيس الحكومة الذي تواجه حكومته أزمة ائتلافية أيضاً، انتقادات متباينة في المنطلقات والتشديدات.
بعد اتساع رقعة الاغتيالات بحقّ الشبّان والنشطاء الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية، وتصاعد الحديث عن الجهود التي تبذلها وحدات الاغتيالات الخاصة، بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي وجهاز "الشاباك" والشرطة وحرس الحدود، لمحاصرة ظاهرة العمل العسكري المسلّح للنشطاء الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتحديداً في شمالها، تصاعد الحديث والنقاش، في الإعلام الإسرائيلي على الأقل، عن مدى نجاعة وحدات الاغتيالات الإسرائيلية الخاصة في السنوات الأخيرة، وفي مقدّمتها وحدة "اليمام"، التي نفّذت عمليات اغتيال وتصفية عدّة بحقّ الشبان والنشطاء الفلسطينيين خلال السنوات الأخيرة، بالذات بعد أن تم اعتبارها، بشكل رسمي، "الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب"، كما تم الإعلان عن مشاركة قائدها (تتم الإشارة إليه برمز "ح") في حفل إضاءة "شعلة الاستقلال" في "يوم الاستقلال" ممثلاً عن الشرطة وحرس الحدود.
الصفحة 164 من 878