مثّلت اتفاقيات التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، أو ما عُرف بـ"اتفاقيات أبراهام"، تجلياً للحظة استقواء اليمين الإسرائيلي في عهد بنيامين نتنياهو، وقد جاء ذلك في سياق تغيير جيو- استراتيجي ساهم في موضعة إسرائيل في خارطة التحالفات الإقليمية كجزء من "التحالف السنّي" المعتدل في المنطقة، خصوصاً في ظلّ التماهي المُطلق الذي أبدته الإدارة الأميركية في عهد دونالد ترامب؛ وهو الأمر الذي عبّر عن نفسه في توسيع النشاط العسكري لإسرائيل، شمل مهاجمة أهداف تعتبرها إسرائيل "مُعادية" في سورية والعراق وإيران، وتمديد الضربات من البرّ والجو لتشمل البحر أيضاً. وعلى الساحة الفلسطينية انعكس ذلك في مساعي تصفية المسألة الفلسطينية، والتي تمثّلت في الطرح الأميركي لصفقة القرن التي صُمّمت استناداً لرؤية اليمين الإسرائيلي وتصوّراته وبمساعدته، ومحاولة فرض مبدأ "السلام مقابل السلام" الذي صكّه نتنياهو في موازاة مبدأ "الأرض مقابل السلام"، وطرح مشروع الضم، واستمرار الحصار على قطاع غزة. في هذا السياق، تعالت في الأوساط البحثية الأكاديمية، استمراراً للخطاب السياسي الأمني، بعض الأصوات التي تقول بأن الصراع العربي- الإسرائيلي بصيغته المألوفة آخذ في الانحسار والتلاشي والتآكل، وهو بالذات ما تضمّنه تقرير استراتيجي صادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب بعنوان "بداية نهاية الصراع العربي- الإسرائيلي" لدان شيفتان*دان شيفتان- حاصل على درجة الدكتوراه، رئيس برنامج الماجستير الدولي في الأمن القومي في جامعة حيفا، ومحاضر في برنامج الأمن في جامعة تل أبيب وكلية الأمن القومي، تتركّز أبحاثه في موضوعات الاستراتيجية السياسية للدول العربية والفلسطينية، والأمن القومي الإسرائيلي. كان يقدم الاستشارات لمسؤولي الأمن القومي رفيعي المستوى في إسرائيل وكان على اتصال استشاري منتظم مع كبار المسؤولين الاستراتيجيين في الولايات المتحدة وأوروبا وشرق آسيا. في تشرين الثاني الماضي، يطرح هذا التصور؛ ماهيته؛ أسبابه وأبرز تمظهراته.