المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • منوعات
  • 1939
  • د. يوسف جبارين

 أحيت لجنة المتابعة العليا لشؤون الفلسطينيين في الداخل، مؤخراً، وللسنة الثالثة على التوالي، "اليوم العالمي لدعم حقوق الفلسطينيين في إسرائيل"، وذلك من خلال العشرات من الفعاليات المحلية والدولية، العربية منها والأوروبية. وقد تزامن هذا اليوم لهذا العام في نهاية كانون الثاني مع الجلسة الخاصة التي عقدتها لجنة حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي لمناقشة مكانة وحقوق الأقلية العربية في البلاد، حيث كان لي شرف تمثيل أهلنا وعرض قضايانا في هذه الجلسة الهامة.

 

كما جاءت هذه الفعاليات بعد جولة من اللقاءات الدبلوماسية رفيعة المستوى التي قمنا بها في لجنة العلاقات الدولية في القائمة المشتركة بالتعاون مع مركز مساواة في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل وفي منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD.

كل هذه النشاطات والمشاركات الدولية مجتمعة أحدثت برأيي قفزة نوعية في المرافعة الدولية عن قضايا أهلنا، وساهمت بشكل جدي في دفع الهدف الاستراتيجي المعلن بتدويل قضايانا وتعزيز حضورها على الساحات الأوروبية والدولية من أجل تجنيد رأي عام دولي ودبلوماسي داعم لها.

ولا شك في أن هذه التطورات تحتم علينا، بهيئاتنا التمثيلية والمؤسسات الأهلية وطاقاتنا المجتمعية المهنية، العمل على وضع برنامج استراتيجي وشمولي للمرافعة الدولية، بحيث نحدد من خلاله أهدافنا الاستراتيجية وأدوات العمل للوصول اليها، بالإضافة إلى سلم الاولويات ضمنها.

وفي هذا السياق، وتأكيداً على أهمية حضور قضايانا على الساحة الدولية، من الجدير الاشارة إلى موقف وزيرة الخارجية الأوروبية، فيدريكا موغريني، حين قالت في ردها على استجوابات لبرلمانيين أوروبيين حول إسقاطات قانون القومية اليهودية، ان الاتحاد الأوروبي يتابع بقلق تطورات تشريع قانون القومية بعدة قنوات دبلوماسية أمام الحكومة الإسرائيلية، مؤكدة أن "قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الاقلية العربية في إسرائيل، هي في اعلى سلم اهتمامات الاتحاد الأوروبي في علاقاته مع إسرائيل".

المحافل الدولية وعناوين المرافعة

ما هي المحافل الدولية التي نقصدها في سياق الحديث عن المرافعة الدولية عن حقوقنا ومكانتنا، وضمن جهودنا من اجل تدويل قضايانا؟

يمكن الاشارة باقتضاب إلى خمسة عناوين اساسية للمرافعة الدولية في السنوات القريبة:

أولا، منظمة الأمم المتحدة وهيئاتها ومؤسساتها الأممية المختلفة، بدءاً من مجلس الأمن الدولي والجمعية العمومية للأمم المتحدة، مروراً بالأجسام الحقوقية التمثيلية مثل مجلس حقوق الإنسان، ومكتب المندوب السامي لحقوق الإنسان، ولجان حقوق الإنسان التخصصية، التي تعمل ضمن العهود الدولية الصادرة عن المنظمة في مجالات مختلفة لحقوق الإنسان (وخاصة العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية)، بالإضافة إلى العهود الدولية التخصصية، مثل العهد حول مناهضة التمييز العنصري والعهد حول مناهضة التمييز ضد النساء والعهد حول حقوق الطفل. وفي سياق عمل الامم المتحدة ايضاً، نجد محكمة العدل الدولية وهي محكمة ذات طابع استشاري، ومحكمة الجنايات الدولية في لاهاي التي جاء تشكيلها ليشكّل نقطة تحول في ملاحقة مجرمي حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ثانياً، مؤسسات الاتحاد الأوروبي وتشمل البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية، بالإضافة إلى الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد. وتكمن اهمية دور الاتحاد الأوروبي في اتفاقيات التعاون الموقعة بين الاتحاد وبين إسرائيل في مجالات اقتصادية واجتماعية وثقافية اساسية، بحيث أصبح الاتحاد الأوروبي شريكاً اقتصادياً ومجتمعيا مركزياً لإسرائيل.

ثالثا، المؤسسات الدولية المركزية المؤثرة على السياسات الدولية والاقليمية، وخاصة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، واتحاد البرلمانيين الدوليين، ومنظمة اليونسكو، ومنظمة الصحة العالمية، وغيرها. وتحمل منظمة OECD في هذا السياق اهمية خاصة لمرافعتنا الدولية بعد انضمام إسرائيل إلى عضويتها رسمياً في العام 2010، وهي احدى أهم المؤسسات الدولية على المستوى الاقتصادي.

رابعاً، المؤسسات الشعبية والجماهيرية في العالم مثل النقابات العمالية وحركات التضامن الشعبية، والتنظيمات الأكاديمية، والمنظمات الحقوقية الفاعلة في منطقتنا.

خامساً، المرافعة أمام دول عينية مؤثرة في بلورة سياسات دولية، وتحديداً دول مثل الولايات المتحدة وروسيا وكندا ودول أوروبية مركزية مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا. هذا بالإضافة طبعاً إلى المحافل الدولية العربية والإسلامية، ومنظمات دولية اقليمية مثل دول القارة الأميركية الجنوبية، ومنظمة الدول الأفريقية والدول الآسيوية.

إن إسرائيل تستفيد اقتصادياً من اتفاقياتها الدولية والاقليمية، لكنها بعيدة كل البعد عن الالتزام بمعايير حقوق الإنسان على المستوى الدولي والاقليمي. إسرائيل تصدّر مثلا إلى السوق الأوروبية حوالي ثلث صادراتها، لكنها، من الجهة الأخرى، لا تلتزم بالمعايير الأوروبية لحقوق الإنسان وحقوق الأقليات القومية واللغوية، علماً ان بنداً اساسياً في اتفاقيات التعاون بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي يشمل التزاماً إسرائيلياً "بأن تحترم حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية، داخلياً ودولياً". ولا شك في أن هذا البند من الممكن أن يشكل أساساً قانونياً لإلزام إسرائيل بتغيير سياساتها العنصرية تجاهنا، بل ولمحاسبة إسرائيل دولياً على انتهاكات حقوق المواطنين العرب فيها.

للخلاصة، من الأهمية القصوى إعطاء أولوية للعمل الدولي وللمرافعة أمام المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية المختلفة، ولا شك في أن سر نجاحنا هنا يكمن في العمل المثابر والجماعي، بمهنية هذا العمل وباستمراريته الممنهجة. وفي هذا السياق، ومن أجل مأسسة عملنا الدولي، على الأقل على مستوى العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، علينا العمل على انتداب مندوب دائم يمثل الأقلية العربية في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل وفي مقرات الأمم المتحدة في نيويورك وفي جنيف. ونحن قادرون.

______________________________

(*) عضو كنيست ورئيس لجنة العلاقات الدولية في القائمة المشتركة

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات