في الوقت الذي يتلقى البيت الأبيض، مباشرة، ملاحظات اسرائيل والفلسطينيين على "خارطة الطريق" لحل الصراع في الشرق الأوسط، تجري في الكونغرس، في المقابل، محاولات اقناع بين اعضائه.
ومنذ اسبوعين يجري في مجلسي الكونغرس تعميم رسالة بادر اليها اصدقاء ومؤيدو اسرائيل يطالبون فيها الادارة الامريكية، بشكل واضح، بعدم وضع اي مطالب امام اسرائيل في اطار "خارطة الطريق". الرسالة، التي وقع عليها 75 عضوا من مجلس الشيوخ و250 عضوًا من مجلس النواب، ستوجه الى الرئيس بوش في الاسابيع القريبة حين تتضح الصورة بشأن نوايا الادارة الامريكية.
"ليس لمثل هذه الرسائل أي مفعول ملزم، لكن حقيقة نجاح المبادرين اليها في جمع تواقيع عدد كبير جدًا كهذا من اعضاء الكونغرس تمنحها أهمية سياسية غير قليلة، ما يجعلها بالتالي ذات تأثير على الادارة نفسها ايضاً"، يكتب نتان غوطمن مراسل "هآرتس" (18/4) في واشنطن حول الرسائل.
في المقابل، بدأ في الاسبوع الماضي ايضا اجراء اكثر رسمية: السناتور ريتشارد لوغار أدخل تعديلا على قانون التحويلات، في الفصل المتعلق بميزانية وزارة الخارجية الامريكية. هذا التعديل يرمي الى وضع المطالب من الفلسطينيين في نص قانوني، قبل ان يكون هنالك أي اعتراف بدولة فلسطينية مستقلة. وتشمل هذه المطالب، بين ما تشمله: التعهد بأن لا تكون السلطة الفلسطينية <<مصابة بالارهاب>>؛ وأن تظهر، طوال الوقت، التزاماً عملياً بمحاربة الارهاب؛ وتفكيك <<القاعدة والبنية الاساسية للارهاب>>؛ وجمع الأسلحة غير القانونية؛ واقامة جهاز أمني يتعاون وينسق مع أجهزة الأمن الاسرائيلية.
وعلى الرغم من كونه خطوة تشريعية، الا ان هذا الاجراء ايضا ليس ذا أهمية جدية. فقانون التحويلات يعالج فقط مبادىء الميزانية وليس بامكانه منع تحويل ميزانيات، لأن هذا الأمر محسوم في قانون المخصصات الامريكي.
مرحلة اخرى من العمل في الكونغرس ضد "خارطة الطريق" يمكن ان تجري في الأسابيع القريبة في اطار تشريع مباشر، يطالب الادارة بعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة دون تلبيتها جملة من الشروط - او، بالمقابل، تشريع يتعلق بقانون الميزانية ويكون ذا طابع اكثر إلزامًا.
ولا ترمي الخطوات التي تتخذ في الكونغرس الآن الى جعل صياغة "خارطة الطريق" شأنا خاضعاً لحكم الكونغرس، وانما ترمي الى التلميح للادارة الامريكية بأن السلطة التشريعية غير راضية عن تحركاتها، لاعتقادها بأنهم (في الادارة) يضعون مطالب عديدة جدًا امام الجانب الاسرائيلي.
لكن الصورة ليست احادية اللون. معارضة خارطة الطريق تقودها القوى المركزية في الجالية اليهودية، بزعامة اللوبي الداعم لاسرائيل (ايباك). في الاسابيع الأخيرة حوّل "ايباك" مسألة "خارطة الطريق" الى الموضوع المركزي في نشاطه بين اوساط واعضاء الكونغرس.
ولكن، يسمع اعضاء الكونغرس، في المقابل ايضًا، اصواتا اخرى مختلفة من الجالية اليهودية. في الاسبوع الماضي حضر الى الكونغرس ممثلون عن منظمة "امريكيون من اجل السلام الآن" (APN)، كما تسلموا رسائل من "منتدى السياسة الاسرائيلية" (IPF) وجميعهم يحاولون الدفع باتجاه هدف معاكس.
من الواضح ان قوة هذه المنظمات اقل جدية وأهمية من قدرة "ايباك" – تكتب "هآرتس" - غير ان اوساطا في المنظمات اليهودية الليبرالية تدعي، في الفترة الأخيرة، بأن صوتها غير مسموع، وبأن الجمهور الامريكي يخرج بانطباع وكأن الجالية اليهودية كلها تبدي معارضة لمبادرة الادارة الامريكية".
كما ان هذه المنظمات محتارة في كيفية توجيه النشاط حيال اسرائيل، بينما لم تعلن الحكومة بعد موقفها الرسمي حيال المبادرة الامريكية.
الادارة نفسها تبذل جهودا لاقناع الجالية اليهودية بدعم "خارطة الطريق"، ولادراك ان "الرئيس جدي في مبادرته". مستشارة الأمن القومي، كوندوليسا رايس، القت كلمة في مؤتمر "ايباك" في واشنطن ، ثم خرجت بعد بضعة اسابيع للحديث عن "خارطة الطريق" امام مؤتمر عقده "معهد واشنطن للشرق الأوسط" المعروف بتأييده لاسرائيل. كما شارك وزير الخارجية كولن باول ايضا، في مؤتمر "ايباك" محاولا شرح مدى اهمية دفع عجلة السلام في الشرق الأوسط بالنسبة للادارة الامريكية.
في الاسبوع الماضي اوضح ممثلو الادارة انه "نشأ واقع جديد في المنطقة برمتها، وعلى جميع الاطراف ان تدرك الحاجة الى اعتماد سياسة جديدة".
صباح الثلاثاء، 14 نيسان. خمسة شبان في المحكمة العسكرية في يافا: حجاي مطار، متان كامينر، شيمري تسميرت، آدم مأور ونوعام باهط. التهمة: رفض أمر عسكري. لقد سُجن الشبان الخمسة لفترات قصيرة لرفضهم المتكرر للخدمة في جيش الاحتلال. والآن يقفون أمام محكمة عسكرية أخرى، لديها صلاحية فرض عقوبة السجن عليهم لسنوات. قرار تقديمهم للمحاكمة هو قرار سياسي: لمعاقبتم، لتلقينهم درسًا، ولردع الآخرين.
أعطى رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون دفعة اخرى للتوتر السائد بين ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش ونظام الرئيس السوري بشار الاسد، عندما وصف الاخير، في مقابلة صحفية، انه "خطير وقدرته على تقييم الامور مضروبة".
بقلم : اورن يفتحئيل* ما هو المشترك بين جدار الفصل والخطة الاقتصادية؟ لا شيء تقريباً، ولكن في الحقيقة هناك صلة هامة بين الخطتين، فكلتاهما تعمقان عملية "الابارتهايد الزاحف " الذي يمارس هنا. صحيح انه لا يوجد توجه حكومي صريح يتطلع الى انتهاج تمييز عرقي (اثني)، بيد ان الواقع المادي والسياسي الملموس يقودنا بوضوح في هذا الاتجاه.
# واجب الرجل الأبيض. فكرة محبِطة: تبرهن الحرب على العراق على أن الواقع في سنة 2003 للميلاد، لا يختلف عن الواقع الذي ساد في عام 2003 قبل الميلاد. قوة عسكرية عظمى يمكنها أن تنقض على دولة ضعيفة وأن تحتل أرضها وتسلب كنوزها. ليس هناك قانون دولي. ولا توجد أخلاق دولية. والقوة هي التي تحسم الأمور.
الحملة الامريكية ضد سورية في الاسبوعين الأخيرين تجري بأسلوب: خطوة الى الأمام، وخطوتان الى الخلف. كل من تعوَّد على الرسائل الحازمة التي بثتها الادارة الامريكية ضد العراق خلال السنة الماضية، لا يستطيع إلا أن يرى الاسلوب المختلف كلياً في التعامل مع سورية - تهديد في اليوم الاول، تليه تهدئة في اليوم التالي. هكذا مثلا نائب وزير الدفاع، بول وولفوفيتش، الذي حذر قبل عشرة ايام فقط بأنه "يجب حصول تغيير في سوريا"، مثيرًا بذلك موجة من الشائعات بأن سورية ستكون الهدف التالي للصواريخ الامريكية.
الصفحة 74 من 119