المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقالات مترجمة
  • 1196

وزعت المستشارة القضائية لوزارة الداخلية الإسرائيلية، في الآونة الأخيرة، مذكرة قانون تم إعداده بهدف تمديد سريان قانون المواطنة والدخول الى إسرائيل، وحتى تشديد تعليماته. وكل ذلك تحت غطاء تعديل القانون وتوسيع تحفظاته.

                                             

في تاريخ 21 من تموز قام الكنيست بتمديد سريان قانون المواطنة والدخول الى إسرائيل (أمر مؤقت)- 2003 (فيما يلي:القانون)، الذي يحظر بشكل جارف منح مكانة في اسرائيل للفلسطينيين المتزوجين من مواطني وسكان دولة إسرائيل، بستة أشهر إضافية. منذ أن سن القانون تضرر منه بشكل قاس وجارف آلاف المواطنين العرب المتزوجين لفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. ويدور الحديث في معظم الحالات عن مواطنين اسرائيليين قاموا بتقديم طلبات للحصول على مكانة لأزواجهم قبل سن القانون، وجرت عملية فحص لهذه الطلبات وتمت المصادقة عليها، لكن القانون يمنع أي إمكانية لترقية المكانة المؤقتة الممنوحة للأزواج داخل اسرائيل. ويحكم هذا الأمر على هذه العائلات ان تعيش بمكانة مؤقتة ، حيث يخيم عليها طوال الوقت التهديد بالفصل القسري. في الكثير من الحالات الأخرى، التي لم يحصل فيها الزوج بعد على مكانة في اسرائيل، يجعل القانون من الحصول على أية مكانة في اسرائيل أمرا مستحيلا، ويحكم على الأزواج بالفصل القسري، ويحرم الاولاد من أهلهم.

 هذا القانون العنصري يُخلُّ - على أساس عرقي- بحقوق دستورية أساسية، بما في ذلك الحق بالحياة العائلية، كرامة الإنسان، المساواة، الحرية الشخصية، والخصوصية المرّسخة في قانون الأساس:  كرامة الإنسان وحريته، والحاصلة على حماية القانون الدولي. يُخل هذا القانون بمبدأ البراءة والمسؤولية الشخصية، ويمس بجوهر قيم المجتمعات المدنية، ويفرغ مفهوم مواطنة الأقلية العربية في اسرائيل، من مضمونها.

بتركيبة 13 قاضيا أجّلت المحكمة العليا، مؤخرا، موعد تقديم قرارها في الدعاوى التي رفعت ضد دستورية هذا القانون كي تمكن الحكومة من تعديل قانون الجنسية بمبادرتها، وقالت:

 

"نتشاطر جميعنا الإدراك بان على الدراسة المجددة التي أقرتها الحكومة أن تفحص بشكل جذري مجمل المشاكل التي يثيرها القانون، والتي انعكست من خلال الإلتماسات المطروحة أمامنا. وارتأينا بالإجماع ان القانون المذكور ليس قانونا "عاديا"، لذا فهو يستحق معالجة متميزة".

لكن، على الرغم من أقوال المحكمة العليا الواضحة هذه، وكما سيفصل لاحقا، لا تشمل مذكرة القانون معالجة للعيوب الدستورية الخطيرة في هذا القانون، بل بالعكس، فهي تضيف عليه عيوبا دستورية قاسية وكثيرة.

 

ذكر في الفقرة "ب" لمذكرة القانون، وتحت عنوان هدف القانون أن "هدف القانون هو تعديل قانون المواطنة والدخول الى إسرائيل....بواسطة توسيع صلاحيات قائد المنطقة، وتوسيع التحفظات لبدء دخول حيز تنفيذ القانون...". لكن خيبة الأمل القاسية ستكون من نصيب كل من يتوقع ان يجد في المذكرة تلك التعديلات التي يمكنها إلغاء او حتى تقليص المساس الخطير بالحقوق الأساسية في القانون. ويتضح من مذكرة القانون التي عممتها المستشارة القانونية ان القانون يبقي على المبدأ الساقط وغير الدستوري الذي يمنع بشكل جارف منح مكانة في إسرائيل للفلسطينيين المتزوجين لمواطني وسكان اسرائيل، لا بل وألحقه بعيوب دستورية خطيرة اخرى بما فيها:

 

أ.سلب ما تبقى من صلاحية وزير الداخلية لمنح تصاريح إقامة مؤقتة في اسرائيل 

  يهدف البند 2(1) الى تجريد وزير الداخلية من السلطة المتبقية له في منح تصاريح الإقامة بشكل مؤقت في اسرائيل، في إطار التحفظات المحددة في البند رقم 3 من القانون (بعد ان جرّد القانون الوزير من صلاحيته لمنح المواطنة او الإقامة لسكان الضفة الغربية وقطاع غزة المتزوجين لمواطنين إسرائيليين)، ونقلها لـ"قائد المنطقة".

 

ب. التمييز على أساس السن 

يخلق البندان 2(1)(ج) و-(د) من مذكرة القانون تمييزا على اساس السن بين سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، بتحديدهما شروطا اعتباطية وغير معقولة للسن. فحسب تعليمات هذه البنود يسمح للقائد العسكري منح تصريح إقامة في اسرائيل لغرض "منع الفصل عن الزوج" فقط لمن يزيد عمره عما حددته المذكرة (25 عاما للنساء، 35 عاما للرجال). من نافل القول إن المذكرة لا تعرض قاعدة من الحقائق لعلاقة شروط السن بالموضوع ولا للتقييد بخصوص الأعمار المعينة التي تم تحديدها. زد على ذلك أن معظم الأزواج المتضررين من القانون تزوجوا بسن مبكرة ولا يستوفون هذا الشرط الشرس، من هنا لا تحتوي هذه البنود على ما يمكن لمعظم المتضررين الإستفادة منه.

 

ج. التمييز على أساس الجنس

يخلق البندان 2(1)(ج)و(د) لمذكرة القانون كما تم التفصيل في الفقرة اعلاه، تمييزا على أساس الجنس، حيث تختلف السن المطلوبة بين النساء والرجال. وهنا ايضا، لا تشتمل المذكرة على قاعدة من الحقائق، للتعامل المختلف بين النساء والرجال.

 

د. التمييز على أساس الميول الجنسية

يستعمل البندان 2(1)(ج)و(د) صيغة "منع فصل مواطن المنطقة....عن زوجته" و"منع فصل مواطنة المنطقة...عن زوجها". هذه الصيغة اللغوية تسقط- ظاهريا- إمكانية سريان هذه البنود على الأزواج من نفس الجنس، ويشكل هذا الأمر تمييزا على أساس الميول الجنسية.

 

هـ. قرينة مطلقة بخصوص تهديد أمني جماعي

يفاخر البندان 2(2) و(4) بإضافة قرينة مطلقة للقانون يمكن حسبها رفض السماح للفلسطيني المكوث في اسرائيل ليس فقط بفعل الخطر الذي يشكله ظاهريا، بل كذلك لوجود "تصور الجهات الأمنية"، وبحسبها "قد يشكل أحد أفراد عائلته خطرا أمنيا على دولة إسرائيل". وما يعنيه هذا التحديد هو إلغاء مبدأ البراءة ومبدأ المسؤولية الشخصية. وتشير هذه البنود الى سلب الحقوق الأساسية للفرد لا لشيء بل لعلاقته العائلية بالآخرين. هذه العلاقة لا ترتبط باختياره الشخصي ولا يستطيع هو تغييرها. وتسري القرينة المطلقة حتى لو تتوفر أية معلومات تربط الشخص نفسه بالأفعال المنسوبة لأقربائه، وحتى لو لم تكن له فعليا أية علاقة مع اقربائه.

 

في ضوء ما ذكر أعلاه، لا تستوفي هذه المذكرة الشروط الدستورية المحددة في قوانين الأساس وهي تناقض بشدة توصيات المحكمة العليا.

 

بعد أن توجهنا لوزير الداخلية الجديد، السيد أوفير بينيس، بهذا الصدد يوم 16.1.2005، صرح بأنه ينوي إدخال تغييرات جذرية وجديدة بهذا الصدد. لا يمكننا أن نقدر التغييرات التي سيجريها الوزير، لكن من الواضح أنه لا يمكن تعديل قانون عنصري وغير ديمقراطي ويجدر بالسلطات إبطاله كليًا. 

 

(*) محامية في "عدالة"- المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل. هذا المقال ظهر في مجلة "عدالة" الألكترونية ، العدد 9

المصطلحات المستخدمة:

قانون الجنسية, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات