أصبح رئيس حزب "يسرائيل بيتينو"، أفيغدور ليبرمان، وزيرا للدفاع بعد أن صادقت الحكومة الإسرائيلية على تعيينه في المنصب أمس الاثنين. وليس واضحا كيف سيكون تأثير هذا التعيين على الفلسطينيين وعلى سياسة إسرائيل الأمنية والعسكرية. ويبدو في هذه الأثناء، بعد تعزيز ائتلاف بنيامين نتنياهو، أن حكومته باتت مستقرة، وتعتمد على 66 عضو كنيست بدلا من 61 عضوا.
وتفيد تقارير إعلامية أن رئيس كتلة "المعسكر الصهيوني"، إسحاق هيرتسوغ، ما زال يرغب بالانضمام إلى حكومة نتنياهو، لكن كافة التقديرات تشير إلى استحالة ذلك، خاصة بوجود معارضة شديدة لخطوة كهذه داخل حزب العمل.
إلى ذلك، يأمل الكثيرون في إسرائيل أن يتم تأسيس حزب يميني جديد في إسرائيل، يكون في قيادته وزير الدفاع المستقيل، موشيه يعلون، وغيره من المنشقين عن الليكود وجنرالات، مثل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، غابي أشكنازي.
حول هذا الموضوع، أجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة خاصة مع رئيس "مركز هيرتسوغ لأبحاث الشرق الأوسط" والمحاضر في قسم تاريخ الشرق الأوسط في جامعة بن غوريون في بئر السبع، البروفسور يورام ميطال.
(*) "المشهد الإسرائيلي": ماذا يعني ضم ليبرمان إلى الحكومة وتعيينه وزيرا للدفاع؟
ميطال: "أعتقد أن هذا التعيين يعكس تحولات أهم من مجرد انضمام ليبرمان وتوليه وزارة الدفاع. وهذه التحولات الهامة منذ عدة سنوات، ومرت خلالها الهيمنة في دولة إسرائيل بزلزال كبير، بحيث يمر الخطاب السياسي والعام بتحولات دراماتيكية للغاية. وما نسميه هروب الجمهور الإسرائيلي نحو اليمين هو التعبير السياسي لتحولات اجتماعية أعمق للهيمنة في إسرائيل".
(*) ما هو تأثير تعيين ليبرمان وزيرا للدفاع على الفلسطينيين، في الضفة الغربية وفي قطاع غزة؟
ميطال: "بداية ينبغي أن نتذكر أن ليبرمان يدخل إلى منصب وزير في المؤسسة الأكثر تأثيرا في دولة إسرائيل. فداخل النظام الإسرائيلي هناك عدة مؤسسات، وقوة وتأثير المؤسسة الأمنية لا نظير لها. والعدسات التي يستوعب المجتمع الإسرائيلي الواقع من خلالها، هي العدسات الأمنية. وتؤدي المؤسسة الأمنية دورا بالغ الأهمية. والسؤال إلى أي مدى سينجح الوزير ليبرمان في التعبير عن مواقفه السياسية المعلنة، وهو لا يخفيها، هو سؤال ثانوي وليس مركزيا. وسبب ذلك، بنظري، واضح للغاية، وهو أن تأثير ليبرمان على المؤسسة الأمنية سيكون أكبر من تأثير المؤسسة الأمنية عليه. وبهذا المفهوم، فإنه لا يمكنني، وأنا لا أريد أيضا، أن أتكهن حيال ما سيفعله. وقراءتي لهذا السؤال حول الزعيم والمؤسسة، هي أن تأثير ليبرمان على المؤسسة الأمنية سيتصاعد في حال بقي في المنصب. فقد وسّعوا هذه الحكومة من أجل بقائها السياسي، إذ أن عمر الحكومة سنة واحدة فقط وتبقت ثلاث سنوات حتى نهاية ولايتها. وإذا بقي ليبرمان في وزارة الدفاع ثلاث سنوات أخرى، فإنني أتوقع أن تأثيره على سياسة الوزارة سيكون أكبر من تأثير الوزارة عليه. وأقول هذا الأمر لأن التقديرات السائدة في الخطاب السياسي في إسرائيل الآن، هي أنه لا ينبغي أن نقلق، وأن مناحيم بيغن كان متطرفا لكنه صنع سلاما مع مصر، وأفكار ليبرمان ضد الفلسطينيين لن تؤثر. لكني أرى الأمور بشكل مختلف، وأعتقد أن تأثيره داخل الحكومة كوزير للدفاع سيكون أكثر دراماتيكية من التقديرات التي تعتبر أنه سيكون معتدلا. ولدي تفسير سياسي لهذا الأمر. فالحكومة الإسرائيلية الحالية تمثل أكثر القوى يمينية في تاريخ دولة إسرائيل. وداخل هذه الحكومة توجد منافسة حول من سيكون زعيم معسكر اليمين. ويجلس هناك بينيت وليبرمان ونتنياهو، وإلى جانب النقاش حول السياسة الإسرائيلية تجاه السلطة الفلسطينية، سيبدأ الآن نوع من الحديث داخل الحكومة، وبعد ذلك سيؤثر على الجمهور، حول من يحمل مواقف أكثر يمينية في توجهاته للسلطة الفلسطينية. وهذا بحد ذاته تغيير دراماتيكي، وسيعزز الاتجاه الذي نراه. ولذلك فإن انضمام ليبرمان ليس موضوعا هامشيا. وأنا لا أوافق على التقديرات بأن ليبرمان سيغير جلده الآن، بل أعتقد أننا سندخل في دوامة الخطاب اليميني في إسرائيل".
(*) ما تقوله يعني أن سياسة الحكومة تجاه الفلسطينيين ستكون أشد مما كانت في الماضي؟
ميطال: "هذه السياسة ستكون أشد بكثير بالنسبة للسلطة الفلسطينية. وستكون أكثر إيجابية بالنسبة للمشروع الاستيطاني، وسيتم التعبير عن ذلك بتوسيع كبير للبناء في المستوطنات في الأراضي المحتلة، وسيتم التعبير عن ذلك حتى بسيناريوهات مثل فرض نوع من الحصار على قيادة السلطة الفلسطينية. وقد شهدنا وضعا كهذا لدى أريئيل شارون وياسر عرفات".
(*) يبدو أن هيرتسوغ ما زال يريد الانضمام إلى الحكومة، هل بإمكانه القيام بذلك في المستقبل؟
ميطال: "احتمال أن ينجح هيرتسوغ بذلك ليس واردا من الناحية العملية. ولو أن ليبرمان لم ينضم إلى الحكومة، لكان نتنياهو سيحاول إغراء هيرتسوغ بالانضمام. لكن بعد دخول ليبرمان إلى الحكومة فإن هذه القصة انتهت. وينبغي أن نذكر أنه قبل دخول ليبرمان واجه هيرتسوغ معارضة هائلة من داخل حزبه لدخول الحكومة. والآن أصبح أمر كهذا مستحيلا".
(*) يعلون أعلن أنه سيعود إلى الحياة السياسية وأنه سينافس على القيادة. هل يتوقع أن يعود، ومن سينضم إليه؟
ميطال: "الحديث يدور هنا حول من سيسيطر على الانتخابات المقبلة في معسكر الوسط – يمين، وليس في معسكر اليمين لأن المنافسة هناك بين بينيت وليبرمان ونتنياهو. والسؤال هو هل سنرى حزب وسط – يمين جديدا؟ وفي تقديري أن احتمال وصول يعلون إلى قيادة حزب الليكود غير وارد، لأنه لا يتمتع بشعبية في الليكود ولم يكن كذلك، ومن اهتم دائما بالتصويت له داخل الليكود كان بسبب التفاهمات بينه وبين نتنياهو. والإمكانية الوحيدة أمام يعلون هي إما الانضمام إلى حزب موجود أو تأسيس حزب جديد. لكن يعلون ليس زعيما تسير وراءه كتائب من المؤيدين، وهو لا يتمتع بشعبية جماهيرية، ولذلك فإن عودته إلى الحياة السياسية لن تكون خطوة سياسية هامة. يمكن أن يكون لعودته صدى في وسائل الإعلام لأسبوع، لكنه لن يأتي بأفكار جديدة. والحزب الأهم في الوسط – يمين الآن هو ’ييش عتيد’ برئاسة يائير لبيد وحزب ’كولانو’ برئاسة موشيه كحلون. وهذا يعني أننا باقون مع نتنياهو واحتمال زيادة قوة اليمين في إسرائيل".
المصطلحات المستخدمة:
دورا, الليكود, بنيامين نتنياهو, موشيه يعلون, يائير لبيد, أفيغدور ليبرمان