المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
أكبر سجن- غلاف النسخة الإنكليزية
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 4094
  • أنس إبراهيم

لم يُخلق أكبر سجن على وجه الأرض في حزيران عام 1967 لغاية الإبقاء على الاحتلال، بل كان "استجابة عمليّة لمُتطلّبات الأيديولوجيا الصهيونيّة الأساسيّة"، والتي تتمثّلُ في السّيطرة على أكبر قدرٍ ممكن من أرض فلسطين التّاريخيّة، ومحاولة خلق أغلبيّة يهوديّة مُطلقة، إن كان ذلك ممكناً، في فلسطين؛ هذا ما يعتقدهُ المؤرّخ الإسرائيلي إيلان بابيه، مؤلِّفُ كتاب "أكبر سجن على وجه الأرض"، والذي تُرجم حديثاً إلى العربيّة عن دار هاشيت أنطوان – بيروت 2020.

كان التطهير العرقيّ لفلسطين عام 1948 نتيجة حتميّة للأيديولوجيا الصهيونيّة، وكذلك كانت السّياسة التي فُرضِتَ وشُكِّلت عام 1967 على الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة حتّى يومنا الحاضر. وكما يرى بابيه، فكان إنشاء "أكبر سجن على وجه الأرض"، مُخرجاً حتميّاً ومنطقياً لأيديولوجيا وتاريخ الصهيونيّة.

مصطلح "الاحتلال"

يعرضُ الكتاب في فصليه الأوّل والثاني إضافة إلى المقدّمة، واعتماداً على الوثائق الأصليّة السرّية ذات العلاقة، الخلفيّات السياسيّة والاستراتيجيّة العسكريّة والقانونيّة التي وُضعتْ قبل سنواتٍ من حرب عام 1967. إذ يُبيِّنُ الكاتب كيف أنّ الاحتلال الصهيونيّ لبقيّة فلسطين عام 1967 لم يَكُنْ دفاعاً عن النّفس أو مُجرّد "احتلال" بالمعنى الذي يُشيرُ إلى إجراء أمنيّ يتبعُ حرباً أو صراعاً مُسلّحاً لغاية السّيطرة، بل كان استمراريّة لسياسة التطهير العرقيّ في فلسطين ولا يُمكِنُ وصفهُ بالاحتلال دون مُساءلة المصطلح نفسه ومدى إمكانية تطبيقه على الحالة الاستعماريّة في فلسطين.

يُناقش الكتاب إشكاليّة مصطلح "الاحتلال" في سياقين؛ الأوّل يتعلق في أن التقيُّد بهذا المصطلح يخلق إشكالاً خاطئاً في الفصل بين إسرائيل وبين المناطق المحتلّة، بحيث وبشكلٍ ضمنيّ يُضفي شرعيّة على الوجود الإسرائيلي في فلسطين التاريخية باستثناء المناطق المحتلة، كما ينتج ثنائية لا يمكن قبولها بين إسرائيل "الديمقراطيّة"، والمناطق المحتلة "غير الديمقراطيّة". أمّا الثّاني، فيتعلّق بالآثار القانونية والسياسية التي عادة ما ترتبط بمصطلح "الاحتلال"، والذي يُشير عادة إلى إجراء أمنيّ يتبع حرباً أو صراعاً مُسلّحاً لغاية السّيطرة، ولهذا الإجراء ثمّة بداية ونهاية، ولوائح وقوانين دوليّة تتبع الطّبيعة المؤقّتة لأيّ احتلال. إلّا أنّ واقع الضفّة الغربيّة يختلف في جانبين هامّين؛ الأوّل وهو ما يتمحور حوله الكتاب، أنّ الطّبيعة المؤقّتة ليست جزءاً من قصّة الاحتلال الصهيونيّ – لم تكُنْ ولن تكون، ذلك أنّ القوّة المحتلّة وكذلك داعميها، يقبلون بواقع الاحتلال لسنواتٍ ستأتي، وبحلول عام 1987 كان الاحتلال الصهيونيّ قد أصبح بالفعل أطوَل احتلال عسكريّ في التّاريخ، ولا يبدو برأي بابيه أنّ هذا الرقم القياسيّ قد يتحطّمُ في المستقبل القريب.

أمّا الجانب الآخر الذي يُميِّز الاحتلال الصهيونيّ عن حالاتٍ أخرى من الاحتلال العسكريّ، فيتجسّد في شموليّة ممارسة السّيطرة المفروضة على المناطق المحتلّة. ويمكن أن تظهر حالات السّيطرة المُطلقة في بدايات أيّ احتلال عسكريّ، ولكن ما لم يكن هذا الاحتلال جزءاً من منظومة إبادة جماعيّة أو عرقيّة، فإنّ هذه السّيطرة لا تدوم طويلاً، ولذلك، كما يرى بابيه، فإنّ مدى ممارسة السّيطرة الشّاملة في الأراضي المحتلّة يدفع بالباحث إلى البحث عن مصطلح أكثر دقّة لوصف الحالة الاستعماريّة في الأراضي المحتلّة.

وفقاً للوثائق التي يستندُ إليها بابيه، فقد وُضعت خطّة احتلال الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة في بدايات الستّينيات، وقد أطلِقَ على الخطّة آنذاك "خطّة شكم -Shacham Plan"، إلّا أنّ المدّعي العسكريّ العام أطلق عليها اسم "الخطّة غرانيت"، والتي قسّمت الضفّة الغربيّة إلى ثماني مقاطعات، وعيّنَتْ الحكّام الإداريين لتلك المقاطعات والذين كان منهُم حاييم هيرتسوغ الذي رُقِّيَ إلى رتبة جنرال وعُيِّن حاكماً عاماً للضفّة الغربية قبل سنواتٍ من احتلالها. وفي الآن ذاته شرعَتْ الاستخبارات الصهيونيّة في وضع لائحة بأسماء الشّخصيّات المحلّية إضافة إلى المؤسسات النّاشطة في الأراضي التي ستُحتلُّ بعد سنوات، لغاية خلق قيادة محلّية متعاونة مع الاحتلال عند وقوعه. وكما يشرحُ بابيه لاحقاً، فقد كانت الغاية النهائيّة للخطط التي وضعتها القيادة الصهيونيّة آنذاك تتمثّل في إقامة أكبر سجن على وجه الأرض Mega-prison.

في الفصل الثاني يتطرّقُ بابيه إلى طبيعة السّياسة التي طُبِّقَتْ في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة بعد أيّام ثلاثة من القتال. كانت إسرائيل قد أحكمت سيطرتها على فلسطين التّاريخيّة، مُحوِّلة ما يقارب المليون ونصف فلسطيني في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة إلى عديمي الجنسيّة ولاجئين في أرضهم وخارج أرضهم، وكذلك كان القرار الإسرائيليّ بتولّي الجيش مسؤوليّة السّيطرة الإداريّة، الأمنيّة والعسكريّة على الضفّة الغربيّة متسقاً مع السّياسة المُقرّرة في وقتٍ سابق على الاحتلال.

في الفصل الثالث يُوضِّحُ المؤلّف كيف طوّعت الصهيونيّة الجغرافيا وجعلتها جُزءاً من أعمِدَة سجنها الهائل الذي شيّدتهُ في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة. ذلك عبر ترسيم مساحات فلسطينيّة ضيِّقة داخل مناطق يهوديّة مستعمَرة، والتي شرعت القوّات الصهيونيّة في تطبيقها خلال السنة الأولى بعد نهاية حرب عام 1967، مُستعينة بقوانين مُصادرة الأراضي والقوانين العسكريّة.

كان ثمّة مشروعان مُتوازيان؛ مشروع السّيطرة الجغرافيّة بتحويل أماكن سكن الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة إلى مناطق معزولة متراميّة وغير متّصلة بإقامة المستوطنات، وآخر قانونيّ استيطاني يقوم على إصدار المراسيم والقوانين لمصادرة الأراضي وتحويلها إلى مستوطنات لإعاقة النموّ الطبيعي للمجتمع الفلسطيني بمنع البناء والتوسّع الطبيعيين في الضفّة وقطاع غزّة.

يُوضِّحُ بابيه كيف أنّ آليّات السّيطرة الإسرائيلية على الضفّة وقطاع غزّة، كما هي ظاهرة اليوم، لم تكن تطوّراً أو نتيجة لظروف الاحتلال، بل كانت أساساً من أساسات الفكر الصهيونيّ، وهو تهويد الضفّة لغاية خلق أغلبيّة يهوديّة على أرض فلسطين التّاريخية. ولذلك، فقد هدفت الخطط والممارسات الإسرائيليّة التي تنضَوي تحت إطار "السّيطرة الشاملة Total Control"، إلى حصر السكّان الفلسطينيين في بانتوستانات متفرقة بعد أن تبيّن عدم إمكانيّة طردهم منها، رغم طرد أكثر من مئة ألف فلسطيني عبر نهر الأردن من الضفّة الغربيّة، كما يظهر في الفصل الرابع الذي يعرِضُ رؤية موشيه ديان لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن إضافة إلى يغئال آلون الذي كان قد قاد وحدات النخبة الصهيونيّة وكان مسؤولاً فعلياً عن التطهير العرقيّ في عديد القرى والبلدات الفلسطينية عام 1948. كان ديان على ثقة تامّة بأن لا شيء يجبُ أن يقف عائقاً في وجه المشروع الصهيونيّ، وكان يتوقّع أنّ الفلسطينيين لن يتمكّنوا أبداً من تشكيل حركة تحرر وطنيّ وأنّهم في واقع الأمر مجموعة متباينة من الطوائف الدينية وليسوا شعباً ويجبُ تهجيرهم إلى الأردن.

بعد انتهاء الاحتلال وتبيُّن عدم إمكانية طرد الفلسطينيين كافّة من أرضهم، تحوّل الاهتمام الصهيونيّ إلى الاحتفاظ بالأراضي المحتلّة ولكن دون ضمِّها سياسياً إلى السّيادة الإسرائيليّة. كان التّفكيرُ الاستراتيجيّ الإسرائيليّ، وفقاً لبابيه، يكتشِفُ أنّه في حال الرّغبة بتطبيق التطهير العرقيّ بوسائل أخرى، فبديلُ الطّرد سيكونُ عدم السّماح للنّاس بمغادرة أماكن عيشهم، وبذلك، سيُستثنونُ من معادلة التوازن الديمغرافيّ. وباحتوائهم في أماكن عيشهم الخاصّة، لن يتوجّبُ عدُّهُم في الإحصاء الديمغرافيّ الكُلّي بما أنّهم لا يستطيعون الحركة بحريّة، النموّ أو التوسُّع، ولا يتمتّعون بأيّ حقوق مدنيّة أو إنسانيّة أساسيّة. وتُسمّى هذه الاستراتيجيّة بالتكييس Encystation، أيّ التضييقُ على شيءٍ بحيّزٍ كِيسيّ، أي، هنا المجتمعات الفلسطينيّة تُحوَّطُ بمناطقٍ تدّعي إسرائيل السّيادة عليها.

يُطلِقُ بابيه وصفَ "البانوبتيكوم Panopticon"، على حالة الاحتلال الصهيونيّ للضفّة الغربيّة. بطريقةٍ أو بأخرى، تُشابهُ سجون الحاضر البانوبتيكوم، وهو المُصطلحُ الذي نحَتهُ للمرّة الأولى جيرمي بنثام، الفيلسوف الحديث الأوّل الذي يُعقلِنُ حالة السّجن في الدّاخل من نظامٍ تأديبيّ إجباريّ. صُمِّمُ البانوبتيكوم، والذي كان في بدايات القرن التاسع عشر متوحّشاً، ليُمكِّنَ الحرّاس من رؤية السُّجناء دون قُدرة السُّجناء على رؤية سجّانيهم. يكونُ المبنى دائرياً وتصطفُّ زنازين السُّجناء بشكلٍ دائريّ وفي مركز الدّائرة ثمّة برج المُراقبة الضّخم الذي يُمكِنُ السجّانين من النّظر ومراقبة كلّ زنزانة، ومن ثمّ مراقبة أيّ سلوك انحرافيّ محتمل، ولكنّ المُراقبة حذرة ولا يُمكنُ رؤيتها بحيثُ يتعذّر على السّجين أن يعرف مَتى يكون مراقباً أو غير مراقب. اعتقد بنثام أنّ النّظرة المُحدِّقة The Gaze، للبانوبتيكوم ستُجبِرُ السّجناء على التصرُّف الأخلاقيّ، كما لو أنّهم سيشعُرون بالعار بينما هم في محطّ نظر الإله من شرورهم.

يُبدِّلُ بابيه السّلوك الأخلاقيّ بالـتعاون مع الاحتلال، ويُبدِّلُ المبنى الدائريّ للبانوبتيكوم بمعالم السُّجون الهندسّيّة التي نشأت عن حالة الاحتلال الصهيونيّ للأراضي الفلسطينيّة، مؤكّداً أنّ القرار الإسرائيليّ كان في عزل الفلسطينيين في بانوبتيكوم حديث في كلّ من الضفّة الغربية وقطاع غزّة. ورغم أنّ البانوبتيكوم في تحليل فوكو يصِلُ حالته الأشدُّ رقابة عندما يكون نظام سيطرة ليس بحاجةٍ إلى الحواجز المادّية ولا يُرى فيهِ الحُرّاس؛ إلّا أنّ النّموذج المُطبّق في الضفّة الغربيّة قد تضمّنَ إجباراً للسُجناء على رُؤية السجّانين وللشعور الكامل بكلّ طريقة ممكنة بالحواجز المادّية، بالجدار والأسلاك الشّائكة المحيطة بهم.

حرب الخيار

لا ينتهي الكتاب إلى التأكيد بأنّ الاحتلال الصهيونيّ للأراضي الفلسطينيّة المُحتلّة عام 1967 كان نتيجة حتميّة للعقيدة الصهيونيّة، بل يبدأ من هذه البديهة ليكون في الواقع تأريخاً للاحتلال لا للسكّان الأصلانيين. وانطِلاقاً من هذه البديهة، التي ليست بالضّرورة بالبديهة غير المعروفة لدى الباحثين والمؤرّخين في الصّراع العربيّ الإسرائيليّ؛ إلّا أنّ أهميّة الطرح في كتاب "أكبر سجن على وجه الأرض"، هي في تدعيم هذه الفرضيّة بالوثائق الأصليّة التي رفعت عنها السرّية والتي تُبيِّنُ أن الحرب لم تكن حرب اللا خيار، بل كانت حرب الخيار، وكانت حرباً استراتيجيّة تمّ التخطيط لها وتحديد أهدافها المتمثّلة في توسيع رقعة سيطرة الصهيونيّة على الأراضي الفلسطينيّة والعربيّة بأكبر قدرٍ ممكنٍ استجابة للأيديولوجيا الصهيونيّة والعقيدة الصهيونيّة المتمثّلة في إقامة دولة يهوديّة بأغلبيّة يهوديّة مُطلقة إن كان ذلك الأمر ممكناً. ذلك أنّ الدعاية الصهيونيّة التي تلت الحرب وكانت حتّى وقت قريب مُقنعة للمجتمع الدوليّ، وحتّى لبعض الأوساط العربيّة، أنّ حرب الأيّام الستّة كانت قد فُرضَتْ على إسرائيل ولم تكن خياراً إسرائيلياً خالِصاً؛ وذلك يجعلُ من الاحتلال الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة ناتجاً طبيعياً وحالة كان لا بدّ لإسرائيل من التّعامل معها والتأقلُم معها، وذلك يجعلُ من كلّ ما هو قائم على الأرض حتّى اليوم، تبعاتٍ تطوّرت عن حالة اللا خيار. إلّا أنّ بابيه في كتابه هذا يُقدِّمُ، مدعوماً بالوثائق، سرديّة مختلفة للاحتلال الصهيونيّ للأراضي الفلسطينيّة. وتلك السّرديّة هي أنّ كلّ ما هو قائمٌ على الأرض حتّى الآن، ليسَ مُجرّد تبعات ولم يكن جزءاً من حالة تأقلُم إجباريّة، بل كان جزءاً من مخطط استكمال التطهير العرقيّ الذي بدأ في عام 1948، ومن ثمّ استُكمِلَ في عام 1967، وبعد أن تبيّن عدم إمكانيّة طرد الفلسطينيين تماماً من أرضهم، تحوّلت الاستراتيجيّة إلى محاصرتهم داخل أراضيهم.

ذلك يبدِّلُ منظور قراءة سرديّة الاحتلال الصهيونيّ، وكذلك يجعلُ من مفاوضات السّلام شبه عبثيّة. فوفقاً لوجهة النّظر هذه، لم تقدّم المفاوضات شيئاً غير إضفاء الشّرعيّة على الاحتلال بوصفهِ احتلالاً لا امتداداً لحالة استعماريّة قائمة أصلاً في الأراضي المحتلّة عام 1948، وكذلك تكون المستعمرات القائمة في الضفّة غير قابلة لتكون جزءاً من المفاوضات لأنّها جزءٌ من أيديولوجيا صهيونيّة إضافة إلى كونها جزءاً لا يتجزّأ من أدوات تثبيت أكبر سجنٍ في العالم، وكذلك يكون هدف المساعدات الدّولية، إضافة إلى المؤسسات الرّسميّة الفلسطينيّة التي نشأت عن المفاوضات، هو خفض مصاريف الاحتلال وتحريره من مسؤوليّاته الأمنيّة، الإداريّة وغيرها تجاه سكّان هذه المناطق المحتلّة والذي يُشيرُ إليهم الاحتلال الصهيونيّ بوصفهم "مقيمين".

يُناقشُ الكتاب في الفصل السابع أسطورة العقد من 1967 إلى 1977، والذي تمّ تصويره في المطبوعات والدعاية الصهيونيّة كـ"عقد مستنير"، يحمل الكثير من فرص السّلام والتقدّم للفلسطينيين. إلّا أنّ الواقع أنّ العقد كان عقداً فيه تحوّل الفلسطينيون منذ اليوم الأوّل إلى "مقيمين"، في سجن تحكمه بيروقراطيّة الشّر التي تنظر إليهم بوصفهم عدوّاً محتملاً.

وعلى العكس من "العقد المستنير"، يتطرّق الكاتب في الفصول التاسع والعاشر والحادي عشر إلى الانتفاضة الأولى والثانية، بداية من العقد 1977 إلى 1987 والذي يُسمِّيه بابيه بـ"عهد المستوطنين"، الذي ترافق مع صعود الليكود سياسياً في إسرائيل ومعه تصاعد دعم الحكومة والدّولة في إسرائيل للاستيطان في الضفّة الغربيّة.
استمرّت الانتفاضة الأولى ستّ سنوات وقتل فيها ألف فلسطيني واعتقل 120 ألفاً، وانتهت الانتفاضة بتوقيع الفلسطينيين اتفاق أوسلو الذي لم يلبث أن أدّى إلى مزيدٍ من الخيبات السياسيّة التي قادت إلى الانتفاضة الثانية عام 2000. في النهاية انتهت الانتفاضة الأولى بنموذج للسجن المفتوح، ولكنّه لم يلبث أن عاد ليكون سجناً شديد الحراسة عام 2000 واستمرّ كذلك إلى أن أصبح نموذجاً مختلطاً من كلّ ما سبقه عام 2005.


كما يُناقشُ الكتاب عديد القضايا الأخرى ذات العلاقة بالاستعمار الاستيطاني في الضفّة الغربيّة. ويقع الكتاب في 368 صفحة وقد وُزّعت فصوله على النّحو الآتي: "إعادة قراءة رواية الاحتلال"، "اختيار طريق الحرب"، "اختراع أكبر سجن في العالم"، "القدس الكبرى كمشروع مرشد"، "رؤية آلون"، "مكافآت اقتصاديّة وانتقامات عقابيّة"، "التطهير العرقي في حزيران 1967"، "إرث حكم المبام 1968-1977"، "بيروقراطية الشر"، "على طريق الانتفاضة 1977-1987"، "الانتفاضة الأولى 1987-1993"، "أوسلو اللغز والانتفاضة الثانية"، "أقصى درجات الأمن المشددة- أنموذج سجن قطاع غزّة".

 

المصطلحات المستخدمة:

تهويد, الليكود

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات