أعلن مراقب الدولة الإسرائيلية متنياهو إنجلمان أنه سيقوم بمراجعة أنشطة الوزارات الحكومية لمنع العنف في المجتمع العربي، وسيبحث دمج الموضوع بما في ذلك العنف المنزلي في برنامج التقرير السنوي.
إنجلمان قال إن "العنف في المجتمع العربي يهدد السكان ومن واجبنا التأكد من أن الدولة تعمل على القضاء على العنف واستعادة الأمن في البلدات العربية". كما أعلن المراقب أنه سيوسع نطاق رقابة الدولة لتشمل المجتمع العربي: سيتم توسيع النشاط في التجمعات العربية، وسيتم ترقية موقع مكتب اللغة العربية على الإنترنت وتوسيع أنشطة اللغة العربية على الشبكات الاجتماعية.
وفقا لموقع مكتبه، سوف تبحث المراجعة، من بين أشياء أخرى، البرامج التي تنفذها الحكومة والشرطة والسلطات المحلية لكبح العنف وتشجيع التسامح وزيادة أمن المرأة في المجتمع العربي وسلامة السكان العرب بشكل عام. سوف تتناول المراجعة أيضاً تقارير التدقيق من السنوات السابقة التي بحثت تنفيذ القرار الحكومي 922 وستبحث ما إذا كان قد تم تصحيح أوجه القصور.
كجزء من "المشاركة العامة" في المراجعة، ستقوم فرق رقابة الدولة بجولات ميدانية، وتوزع استبيانات وتجري مقابلات مع مواطنين عرب (نساء ورجال) لتقديم وجهة نظرهم عن المحنة الشخصية والقلق الشخصي بشأن العنف المتزايد.
مراقب الدولة قال إنه مدرك لخطورة انتشار الجريمة في المجتمع العربي، وإن علاجها يجب أن يكون منهجياً وشاملا. وأكد أن الموضوع على جدول أعماله، وستكون هناك متابعة حثيثة للموضوع بمرافقة النواب.
الجريمة والعنف وباء يستوجب حلولا شاملة تتجاوز الحل الأمني
خلفية التصريح أن نواب القائمة المشتركة كانوا التقوا مع مراقب الدولة في مكتبه في القدس. وشارك في الاجتماع النواب: أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة، د. منصور عباس رئيس طاقم المشتركة لمحاربة العنف والجريمة، المحامي أسامة السعدي عضو طاقم المشتركة لمحاربة العنف، وكذلك الشيخ كامل ريان رئيس مؤسسة "أمان" لمحاربة العنف والجريمة في المجتمع العربي.
وأعلنت المشتركة أنه تم بحث الجوانب المختلفة لوباء الجريمة والعنف في المجتمع العربي، أسبابه وتبعاته. وقدم النواب تصورهم لمعالجة المشكلة والخطوات التي قاموا بها أمام الوزارات المختلفة ومع اللجنة الحكومية المكلفة بإعداد خطة عمل شاملة في الموضوع. وأشاروا لتقرير المراقب في العام 2018 حول أداء الشرطة وظاهرة انتشار السلاح، وطالب النواب بمتابعة تنفيذ التوصيات في التقرير المذكور .وطالب النواب المراقب العام ببدء العمل على تقرير شامل، يتعامل مع الجريمة والعنف كوباء يستوجب حلولا شاملة، تتجاوز الحل الأمني الشرطي، إلى معالجة مكامن الفشل الحكومي في تنمية المجتمع العربي وتطوير القرى والمدن العربية، في مختلف مجالات: التربية والتعليم، والتنمية الاقتصادية وفرص العمل والتشغيل، والتخطيط والبناء والإسكان والبنى التحتية، والمؤسسات الشبابية والرياضية، وغيرها من المرافق.
انتشار السلاح عنصر مركزي
لا يمكن للسلطات الادعاء انها تجهل صورة الوضع ولا مدى خطورته. لقد تناولت مؤسسات رسمية القضية وقدمت معلومات ومعطيات تشكل قاعدة بيانات مهمة فيما لو توفرت نوايا حقيقية للعلاج لدى الحكومة وأذرعها العديدة.
المعطيات الرسمية المتعلقة بمجال الأمن الشخصي متوفرة بوفرة. مكتب الإحصاء المركزي قدم تقريراً عن وضع السكان في إسرائيل وفقا لمقاييس جودة الحياة يستند إلى معطيات مختلفة، استمرارا لقرار حكومة إسرائيل في نيسان 2015.
وفقاً للتقرير، بلغت أضرار مخالفات الممتلكات من المدخولات كما يلي: 1ر6% من البيوت تضررت من اعتداءات ضد دور و9ر3% من اعتداءات ضد سيارات. والبيوت اليهودية تضررت أكثر من البيوت العربية في نوعي المخالفات. كذلك، هناك ارتفاع في نسبة التضرر والإصابة من العنف أو من التهديد باستخدام العنف. وتشير المعطيات إلى أرقام واضحة حول تفشي العنف الدموي بين العرب أكثر منه بين اليهود. إذ بلغت حالات القتل عام 2016 بين العرب ما يفوق الحالات المشابهة بين اليهود بـ 7ر5 ضعف.
بين المعطيات الأخرى: عام 2017 تضرر وأصيب 7ر3% من المواطنين/ات أبناء 20 عاما فما فوق من مخالفات عنف ناجمة عن القوة الجسدية أو من التهديد باستخدام العنف. عام 2017 أشار 14% من أبناء 20 فما فوق الى أنهم لا يشعرون بالأمان خلال السير وحيدين في ساعات الظلام في منطقة سكناهم (ليس في مناطق بعيدة أو غريبة عنهم)، وهي نسبة أعلى من المعدل القائم في الدول المشاركة في الإحصاء الاجتماعي الأوروبي الذي اعتمد التقرير مقاييسه لحساب جودة الحياة، إذ تبلغ النسبة 10%.
هذه الممارسات العنيفة تؤثر في عدة مستويات ومجالات
لقد كانت نسبة حالات القتل بين المواطنين العرب على امتداد السنين أعلى بشكل ملحوظ مقارنة بالواقع لدى المواطنين اليهود. وكما سبقت الإشارة، كانت هذه الجرائم بين العرب أكثر بـ6 مرات تقريبا منها لدى اليهود. هذا الجو وهذه الممارسات العنيفة تؤثر في عدة مستويات ومجالات، ففي عام 2017. وثيقة المعطيات تشتمل على مقاييس تربطها علاقة بتلك النسب المتعلقة بالعنف، والمخالفات والجرائم. منها الفقر والبطالة والشعور العام بالاكتفاء.
فمثلا فيما يخص نسبة التشغيل، يلاحظ أنها لدى اليهود أعلى بشكل جدي منها لدى العرب، وذلك بواقع 1ر65% لصالح اليهود مقابل 4ر43% بين العرب. فالفجوة في التشغيل بين اليهود والعرب تتزايد بشكل مضطرد على امتداد السنين وارتفعت من 4ر17% عام 2002 إلى 7ر18% عام 2011 ومنذ عام 2012 زادت عن 22%. كذلك فإن نسبة التشغيل بين النساء العربيات ظلت منخفضة بشكل استثنائي مقارنة بالنساء اليهوديات بواقع 4ر26% مقابل 2ر63% بين العرب واليهود بالتلاؤم.
في الصورة العامة كما ورد في تقرير مكتب الاحصاء المركزي، يتضح أن نسبة الشعور بالرضى والاكتفاء في الحياة هي أعلى لدى اليهود وتبلغ 91% مقابل 75% لدى العرب. ويرتبط ذلك فيما يخص النجاح في التعاطي مع المشاكل ومواجهتها حيث أجاب 71% من اليهود أنهم ينجحون في مواجهة مشاكلهم، مقابل 56% فقط من العرب أفادوا بذلك.
ثمة معطى آخر على صلة بدرجة الشعور العام بالطمأنينة، هو مدى الثقة بالآخر، حيث أفاد اليهود أنهم يثقون بالآخر بنسبة أكبر بثلاث مرات من العرب: 47% مقابل 15% بالتلاؤم وهو كما يبدو مرتبط بمدى الشعور العام بالأمان وما يهدده من عنف وسلاح.
فجوة بين عدد حوادث الإجرام وعدد لوائح الاتهام وفشل للشرطة
"إنّ الأمن الشخصيّ للإنسان هو حاجة أساسيّة ووجوديّة، ويؤثّر المسّ به في جودة حياته مباشرة.. تشير المعطيات حول الجرائم الخطيرة في المجتمع العربيّ وحوادث العنف، بما في ذلك مخالفات الأسلحة وإطلاق النار، إلى أنّ الجرائم الخطيرة قد ازدادت على مرّ السنين"، هذا ما جاء في تقرير غير مسبوق لمراقب الدولة الاسرائيلية.
وأكد: "لا تتناسب هذه المعطيات بالنسبة إلى المجتمع العربيّ مع معطيات ارتكاب الجرائم على المستوى القُطريّ من حيث حجمها وخطورتها. تُلحق الجرائم الخطيرة في أوساط السكّان في المجتمع العربيّ الضرر الفادح ليس بالضالعين فيها مباشرة فحسب، بل أيضاً بجميع المواطنين العرب في إسرائيل الذين يعانون أيضاً من انعدام الأمن الشخصيّ، إضافة إلى الضرر الكبير الذي يلحق بجودة حياتهم".
هناك حاجة إلى النظر في عدّة قضايا رئيسة تتطلّب الفحص واتّخاذ القرار في ما يتعلّق باستعداد الدولة للتعامل مع ظاهرة الجريمة الخطيرة في المجتمع العربيّ، قال التقرير، "صحيح أنّه قد اتُّخذت خطوات في هذا المجال، لكن هناك شكوك بشأن قدرة هذه الخطوات على إحداث تغيير واسع وهامّ بالنسبة إلى الجريمة الخطيرة في المجتمع العربيّ، بحجمها وخصائصها الفريدة. تتمتّع مراكز الشرطة عامّة، ومكاتب التحقيقات والشرطة خاصّة، بقدرة محدودة على التعامل مع المهامّ العديدة والمعقّدة المفروضة عليها بسبب طبيعة الجرائم المتعلّقة بالأسلحة وإطلاق النار في هذا المجتمع. هناك حاجة إلى تحسين التعاون بين جميع الأطراف في الشرطة وبين بقيّة قوّات الأمن والشرطة".
إن الفجوة بين عدد حوادث الإجرام التي تنطوي على استخدام الأسلحة وعدد لوائح الاتّهام القليلة المقدّمة إلى المحاكم، تشير إلى فشل الشرطة في وضع قاعدة من الأدلّة، وإلى ضعف في إجراءات التحقيق التي تقوم بها الشرطة وإلى نجاعتها المنخفضة. و"هذا الأمر يستوجب تحليلاً واستخلاص النتائج بهدف فرض القانون بشكل أوسع وأكثر نجاعة"، يوصي التقرير، متابعاً على صعيد آخر حسّاس: "التعاون، في السنوات الأخيرة، بين الجيش الإسرائيليّ والشرطة للحدّ من توفّر الأسلحة في المجتمع العربيّ لم يكن كافياً. إلى جانب ذلك، في المستقبل القريب، سيكون من الضروريّ فحص ما إذا كان النشاط المشترك من قبل الجيش الإسرائيليّ والشرطة من خلال وحدة مشتركة مخصّصة لمكافحة سرقة الأسلحة من قواعد الجيش سيقضي على هذه الظاهرة".
في الخلاصة: "يتطلّب حجم ظاهرة الجريمة الخطيرة في المجتمع العربيّ ومميّزاتها تعزيز النشاط الحكوميّ على المستويات: الاجتماعيّ، الاقتصاديّ، المجتمعيّ- المحلّيّ والتربويّ وعلى مستوى الرفاه أيضاً... يتطلب الحدّ من الجريمة الخطيرة في المجتمع العربيّ خطوات حكوميّة واسعة النطاق وفعّالة. سيكون لعدم اتّخاذ مثل هذه الخطوات تأثير كبير في المجتمع الإسرائيليّ عامّة والمجتمع العربيّ خاصّة"، كما يؤكد مراقب الدولة الإسرائيلية.
هل سيجدد مراقب الدولة شيئا جديا حين يعلن أنه ينوي إدراج قضية الجريمة والعنف المنظم في المجتمع العربي ضمن تقرير الرقابة الدوري السنوي؟ ذلك أنه سبق لمكتب المراقب أن تطرق في تقرير سابق للموضوع. فالسؤال متعلق بمدى جدية الوزارات المختصة ذات الصلة في التعامل الجديد والعملي مع الأمر. مع هذا يصعب تجاهل أهمية التوصل الى معطيات جديدة بختم رسمي، من شأنها تسهيل خطوات قادمة لمواجهة الجريمة والعنف المنظم، مثل مقاضاة وزارات أو كل الحكومة أمام المحكمة العليا.