المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تنتهي يوم 23 تشرين الأول الجاري مهلة التكليف الأولى لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والتي سلمها رئيس الدولة رؤوفين ريفلين إلى بنيامين نتنياهو، الذي يحمل هذا التكليف للمرّة السادسة في حياته السياسية.

ورغم أن نتنياهو أعلن قبل أكثر من أسبوعين نيته إعادة كتاب التكليف، إلا أنه لم يفعل ذلك حتى الآن، ويبدو أن إحداث اختراق في المفاوضات المجمّدة، في الأيام القليلة المقبلة، أمر ضعيف، بسبب التمسك بالمواقف، وأيضا بسبب عيد العُرش العبري، الذي ينتهي مساء يوم الاثنين من الأسبوع المقبل.

ولا يمكن القول إن الأعياد العبرية، التي اختزلت 6 أيام من الأيام الـ 28، عدا أيام السبت الأربعة، قد ساهمت في تأخير المفاوضات لتشكيل الحكومة، لأن كل واحدة من الجلسات التي كانت تعقد بين الليكود وتحالف "أزرق أبيض"، كانت تنتهي من دون حدوث أي تقدم في المفاوضات.

وحسب المواقف المعلنة لدى كل واحد من الطرفين، يبدو صعبا رؤية تراجع أي منهما عن موقفه، لأن في هذا تراجع عن مواقف سياسية، وأيضا شخصية، قد تنعكس سلبا قريبا، على من يتراجع.

فتحالف "أزرق أبيض" يرفض أمرين أساسيين بالنسبة لليكود: الأول، أن تكون الفترة الأولى لرئاسة الحكومة بيد بنيامين نتنياهو، بسبب إمكانية صدور إعلان مبدئي لتوجيه لوائح اتهام بالفساد ضده، وقد يصدر القرار النهائي عن المستشار القانوني للحكومة في الأشهر المقبلة، دون سقف زمني واضح. والثاني، أن "أزرق أبيض" يرفض أن يفاوضه الليكود باسم 55 نائبا، وهم نواب كتل الليكود- 32 مقعدا، وشاس- 9 نواب، ويهدوت هتوراة- 7 نواب، و"يمينا" التي انشقت إلى كتلتين في الأسبوع الماضي ولها مجتمعة 7 نواب.

في المقابل، فإن نتنياهو والليكود يصران على تولى الفترة الأولى من رئاسة الحكومة، لكون رئيس الحكومة يمثل عدد نواب أكبر مما يمثله تحالف "أزرق أبيض"، الذي حتى الآن يفاوض فقط باسم نواب كتلته الـ 33. وثانيا، أن الليكود يعتبر تماسك أحزاب اليمين الاستيطاني سندا له للبقاء في الحكومة.

وفي الأسبوع الماضي، رفض كلٌ من حزب الليكود وتحالف "أزرق أبيض" ما أسماه أفيغدور ليبرمان "مخططا لتشكيل الحكومة"، لتقتصر في المرحلة الأولى، حسب مخططه، على كتلتي الليكود و"أزرق أبيض"، وحزبه "يسرائيل بيتينو"، على أن يرأس الحكومة في المرحلة الأولى بنيامين نتنياهو، ثم وبالتناوب تنتقل الرئاسة إلى بيني غانتس.

وحسب ليبرمان، فإن الكتل الثلاثة تصوغ برنامج الحكومة، ومن ثم تفتح الأبواب أمام الكتل الأخرى، التي توافق على ما أقرته الكتل الثلاثة.

وسارع حزب الليكود إلى إعلان رفضه المخطط. وأشار في بيان لوسائل الإعلام إلى أن ليبرمان يرفض تشكيل حكومة معارضة لما يسميه الليكود يسارا، بقصد حكومة برئاسة "أزرق أبيض". وقال مصدر في الليكود إن مقترح ليبرمان يعني التوجه إلى انتخابات ثالثة. في حين أن "أزرق أبيض" عارض رئاسة بنيامين نتنياهو في المرحلة الأولى، كونه يواجه لوائح اتهام بقضايا فساد.

وكان نتنياهو قد أطلق بالون اختبار، في نهاية أيلول، أي بعد 3 أيام من تسلمه كتاب التكليف، بأنه سيعيد الكتاب فورا للرئيس ريفلين، لأنه لا يرى احتمالا لتحقيق اختراق في المفاوضات، إلا أن نتنياهو لم يفعل هذا، رغم مرور 18 يوما على إعلانه، وهناك شك في أن يفعل هذا حتى يوم انتهاء المهلة، رغم أن كل الاحتمالات قائمة.

وإذا ما قرر نتنياهو التمسك بكتاب التكليف، واستغلال كل المدة القانونية، فإن من حقه أن يطلب من ريفلين، بعد انتهاء المهلة الأولى من 28 يوما، أن يمدد له الفترة بـ 14 يوما إضافيا. ولكن في حال لم يتراجع "أزرق أبيض" عن موقفه، فإن الاحتمال الوحيد أمام نتنياهو، هو أن يتراجع أفيغدور ليبرمان عن مواقفه. وكان نتنياهو قد التقى ليبرمان في الأسبوع الماضي، إلا أن اللقاء لم يتمخض عن شيء.

وحسابات ليبرمان تبقى محكومة لمصلحة بقائه على الساحة السياسية، والأهم بالنسبة له، أن يبقى صاحب وزن اعتباري في أي حكومة ستقوم. وهذا على الرغم من كل ما يطلقه من مواقف تبدو وكأنها "مبدئية". فحاليا هو متمسك بمسألة إتمام سن القانون الذي يفرض على شبان المتدينين المتزمتين الحريديم الخدمة العسكرية، وهو مشروع القانون الذي صاغه الجيش، وقد أقره الكنيست بالقراءة الأولى في شهر تشرين الثاني من العام الماضي، وينتظر القراءة النهائية. ويطالب الحريديم بإجراء تعديلات للتسهيل عليهم، ويساندهم في هذا الليكود وتحالف أحزاب المستوطنين.

وكما ذكر من قبل، فإن ليبرمان يتعنت بهذا الموقف، لأنه الخانة الوحيدة التي تضيف له أصواتاً، بعد أن رأى نفسه في انتخابات نيسان أنه في المستقبل سيكون أمام خطر عدم اجتياز نسبة الحسم، ومنع قيام حكومة يمين استيطاني، واتجهت إسرائيل إلى انتخابات إعادة، رفعت تمثيل حزب ليبرمان من 5 مقاعد في انتخابات نيسان إلى 8 مقاعد حاليا، وحتى مع فائض أصوات.

وكي يعزز ليبرمان موقفه فيما يتعلق بعلاقة الدين بالدولة، أعرب عن معارضته لمشاركة الجناح المتطرف دينيا، من أحزاب اليمين الاستيطاني، الذي يدعو لتشديد القوانين الدينية، وفرض الشريعة اليهودية على الحكم الإسرائيلي.

وتراجع ليبرمان عن شروطه المطروحة تحت أي ديباجات، سيهدده بخسارة جدية في قوته البرلمانية، في أي انتخابات مقبلة، خاصة وأن أحد السيناريوهات المطروحة، هي أنه إذا ما شكّل نتنياهو الحكومة بتحالف يمين استيطاني يضم ليبرمان، قد تكون هذه الحكومة تحت علامة سؤال، إذا ما صدر قرار نهائي بتوجيه لوائح اتهام بقضايا فسد ضد نتنياهو، وبمستوى اتهامات تجعل بقاءه على كرسيه أمرا صعبا للغاية. وهذه النقطة بالذات يأخذها ليبرمان بالحسبان، ولكن حسب تجربة 20 عاما، من الصعب توقع ما هي خطوات وقرارات ليبرمان اللاحقة، بمعنى أن كل الاحتمالات ورادة، وبذات المستوى.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات