المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

حذّر رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي أيزنكوت، من احتمال تصاعد ما أسماه "أعمال العنف" في مناطق الضفة الغربية، على خلفية الإجراءات الأميركية الأخيرة المتعلقة بالفلسطينيين.

وجاء تحذير أيزنكوت هذا في سياق تقويم بشأن آخر الأوضاع الأمنية في الأراضي المحتلة قدمه أمام المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية- الأمنية (الكابينيت) خلال الاجتماع الطارئ الذي عقده في نهاية الأسبوع الفائت، وأشار فيه أيضاً إلى أن احتمالات تفجر الأوضاع في الضفة تتراوح بين 60 بالمئة و80 بالمئة، على حدّ تعبيره.

وأضاف أيزنكوت أنه في حال اندلاع "أعمال عنف" في الضفة فستكون أكثر حدّة من تلك التي في قطاع غزة، في ضوء الحاجة إلى نشر قوات عسكرية كبيرة في مناطق الضفة، وفي ضوء اختلاف طبيعة الاحتكاك مع السكان الفلسطينيين فيها.

وأشار أيزنكوت إلى أن الصدام بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والقيادة الفلسطينية، والإجراءات الدبلوماسية والمالية والسياسية التي اتخذتها الإدارة الأميركية ضد الفلسطينيين في الفترة الأخيرة، تسببت بنشوء ظروف إشكالية من شأنها تأجيج "أعمال العنف".

وحذر أيزنكوت من احتمال أن يشهد الأسبوع الحالي توتراً شديداً في الضفة بالتزامن مع قيام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإلقاء خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بعد غد الخميس، وتوقع أن يكون هذا الخطاب هجومياً حيال الولايات المتحدة وإسرائيل، وأن ينعكس ذلك ميدانياً بتفجر مواجهات في الضفة، وبتنفيذ عمليات "إرهاب" فردية.
وأشار أيزنكوت إلى أن الأميركيين لا يفهمون بالكامل تداعيات كل إجراءاتهم ميدانياً.

من ناحية أخرى شدد رئيس هيئة الأركان على ضرورة التركيز على الجبهة الشمالية أيضاً، وأشار إلى إمكانية أن تجد إسرائيل نفسها في خضم مواجهة في 3 جبهات، هي سورية ولبنان والضفة وقطاع غزة.

يذكر أنه مع بداية سنة عبرية جديدة في إسرائيل نشرت وسائل إعلام إسرائيلية مؤخراً تقديرات بشأن ما قد تشهده هذه السنة من أحداث، تم الحصول عليها من شعبة الاستخبارات العسكرية ("أمان")، وهيئة الأركان العامة للجيش، وجهاز الموساد، وجهاز الأمن العام ("الشاباك")، وأشير فيها إلى أن وضع إسرائيل الأمني والعسكري في كل الجبهات كان مُستقراً خلال السنة العبرية المنتهية، وإلى أنها ما تزال الدولة الأعظم والأقوى في منطقة الشرق الأوسط، ولا يتهددها أي خطر جاد، وبالتأكيد لا يتهددها أي خطر وجوديّ.

وقال عدد من المحللين إنه لم يتم استغلال هذا الاستقرار للدفع قدماً بأي فرص، ولتحسين الوضع السياسي والأمني وتحقيق تسويات مستقرة أكثر في كل من سورية وقطاع غزة.

وجرى التأكيد أن الأمر الأكثر إثارة هو أنه خلال العام ونصف العام الأخيرين قام الجيش الإسرائيلي، وأساساً بواسطة سلاح الجو، بشنّ 202 هجمة ضد أهداف تابعة لإيران وحزب الله في سورية. ويمكن التقدير بأنه منذ اندلاع الحرب الأهلية في سورية، قبل سبعة أعوام ونصف العام، شن سلاح الجو الإسرائيلي نحو 500 هجمة كهذه. وتطلق قيادة الجيش الإسرائيلي على ما يحدث في الأراضي السورية صفة "معارك بين الحروب"، وهي عبارة عن عمليات جراحية موضعية، أحياناً تكون علنية لكنها في معظم الأوقات سريّة، ولا تعلن إسرائيل أي مسؤولية عنها. ويشترك في هذه المعارك، بحسب المحلل العسكري لصحيفة "معاريف" يوسي ميلمان وغيره، سلاح الجو وسلاح البحر ووحدات الاستخبارات المتعددة. ولا تقتصر مثل هذه المعارك/ العمليات على سورية ولبنان، بل تشمل قطاع غزة أيضاً، ويمكن التقدير بأنها تجري في أماكن أخرى. ويتباهى الناطقون بلسان إسرائيل بأنها قادرة على الوصول إلى أي مكان، بما في ذلك إيران، كما دلت على ذلك عملية الموساد التي تم خلالها نقل الأرشيف النووي الإيراني. ونُشرت في الماضي تقارير أفادت أن الجيش الإسرائيلي قدم مساعدات للجيش المصري في شبه جزيرة سيناء، وقصف مواقع في السودان، واستعرض عضلاته في عرض البحر الأحمر.

وقال ميلمان ومحللون عسكريون آخرون إنه حتى الآن لا توجد إشارات قوية إلى أن إيران ستتنازل عن وجودها العسكري في سورية للمدى الطويل. وما يمكن تقديره هو أن طهران لم تضح بالمئات من مقاتليها، وبنحو 2000 من مقاتلي حزب الله، وبآلاف المقاتلين من الميليشيات الشيعية، فقط من أجل بقاء نظام بشار الأسد. فلقد قامت بذلك كله واستثمرت نحو 17 مليار دولار خلال الحرب كي يكون بإمكانها أيضاً أن تحظى بإقامة هلال شيعي من طهران عبر بغداد إلى سورية ومن هناك إلى لبنان. وبناء على ذلك، من المتوقع أن يستمر الصراع بين إسرائيل وإيران خلال السنة العبرية الجديدة، وقد يختلف لبوسه.

وبالنسبة إلى قطاع غزة، أكدت التقديرات الإسرائيلية الأمنية أن الوضع الأمني فيه ما يزال هشّاً. وأشارت إلى أنه مع أن حركة "حماس" أوقفت إطلاق الصواريخ بعد أكثر من 4 أشهر، فإنها ليست راضية تماماً عن النتائج التي تم الوصول إليها، وهي من ناحية استراتيجية تتطلع لتأهيل قطاع غزة، ورفع الحصار المفروض عليه. ويبدو أن إسرائيل مستعدة لذلك فقط في مقابل إعادة جثتي الجنديين والمواطنين الإسرائيليين المحتجزين لديها، في حين أن "حماس" تطالب إسرائيل بالإفراج عن مئات الأسرى من سجونها، وهذا ما ترفضه.

وفي ضوء ذلك فإن التقديرات السائدة لدى أجهزة الاستخبارات هي أن احتمال استئناف المواجهة العسكرية بين الجانبين (إسرائيل و"حماس") يظل أقوى من احتمال التوصل إلى اتفاق طويل المدى.

 

المصطلحات المستخدمة:

الموساد

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات