المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1369

تتواصل الضغوط على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من أجل إجراء تعديل على "قانون القومية"، الذي أقره الكنيست يوم 18 تموز الماضي، وبالأساس من أجل إدراج مصطلح "المساواة" في الحقوق، بقصد الحقوق المدنية، بحسب طلب أحزاب وأوساط صهيونية، منها من هي في الائتلاف الحاكم، وحتى من اليمين المتشدد.

وقد تصاعدت هذه الضغوط تحت تأثير احتجاجات أبناء الطائفة العربية الدرزية، التي أخذت قيادات روحية وسياسية فيها منحى خاصا بها في المعركة ضد هذا القانون، في حين تدعو قوى وطنية من أبناء الطائفة إلى أن تكون المعركة وحدوية مع سائر أبناء فلسطينيي الداخل، الذين يواصلون حراكهم ضد القانون.

وتتجه الأنظار إلى المظاهرة التي ستجري مساء يوم السبت المقبل في تل أبيب، بدعوة من أطر درزية، من تلك التي تدور في فلك المؤسسة الحاكمة وسياساتها، وبمشاركة أطر داعمة في الشارع اليهودي. ومن المتوقع مشاركة عشرات الآلاف فيها، خاصة وأن مطالب تلك الأطر تلقى آذانا صاغية حتى في أوساط اليمين، وباتت أحد مسارات الضغط على نتنياهو.

والتقى نتنياهو مؤخراً شخصيات قيادية من الطائفة الدرزية في ثلاثة لقاءات. وكان الأول مع أعضاء كنيست من الائتلاف، ومعهم ضباط احتياط في الجيش الإسرائيلي. واللقاء الثاني كان مع الشيخ موفق طريف، رئيس الطائفة الروحي. والثالث كان مع رؤساء مجالس قروية درزية.

وأعلن نتنياهو، في اللقاءات الثلاثة، رفضه إجراء أي تعديل على "قانون القومية"، وفي المقابل أعلن موافقته على إقرار خطة خاصة لدعم القرى الدرزية، أو ذات الأغلبية الدرزية.

وخصص نتنياهو خطابه الافتتاحي في جلسة حكومته الأسبوعية يوم الأحد الأخير، لـ"قانون القومية"، وخاصة للرد على مطالب الدروز، إذ قال إن "قانون القومية يرسي، في إطار قانون أساس، علمنا (رايتنا) ونشيدنا الوطني ورموز الدولة وكون القدس عاصمتنا الأبدية. هل لم يكن آباء الحركة الصهيونية يقبلون بذلك؟ على مدار عشرات السنوات تعظنا المعارضة بأنه يجب الانسحاب إلى خطوط 1967 من أجل ضمان كون إسرائيل الدولة القومية الخاصة بالشعب اليهودي التي ستكون ذات أغلبية يهودية. وفجأة، عندما نسن القانون الأساس الذي يضمن ذلك بالتحديد، يحتج اليسار على ذلك. يا له من نفاق".

وقال نتنياهو أيضا "على عكس الأقوال الفاحشة التي نسمعها من متحدثي اليسار والتي نتيجتها هي تشويه سمعة الدولة اليهودية، فقد تأثرت بمشاعر إخواننا وأخواتنا أبناء وبنات الطائفة الدرزية. أود أن أقول لهم: لا يوجد أي شيء في هذا القانون يمس بحقوقكم كمواطنين متساوين في دولة إسرائيل. لا يوجد فيه أي شيء يمس بمكانة الطائفة الدرزية الخاصة في دولة إسرائيل. إن الشعب الإسرائيلي، وأنا جزء منه، يحبكم ويقدركم. نقدر الشراكة والتحالف بيننا كثيرا."

وتابع نتنياهو قائلا "أعي مشاعر أبناء الطائفة الدرزية. ولذلك التقيت خلال الأيام الأخيرة مع قيادات درزية وسأواصل هذا الحوار بغية إيجاد حلول ستلبي تلك المشاعر وستعبر عن الشراكة المتميزة التي توجد بيننا. أعدكم بأن شراكة المصير هذه ستتزايد أكثر وأكثر".

واخترق الجدل حول مكانة الدروز صفوف الائتلاف الحاكم، فقد قال رئيس تحالف أحزاب المستوطنين "البيت اليهودي"، وزير التربية والتعليم نفتالي بينيت، في منشور له في شبكة فيسبوك "إن قانون القومية لا يتعلق بحقوق الفرد لمواطني إسرائيل، وإنما بالبعد القومي للدولة. وكان علينا منذ البداية أن نستوعب الجمهور الدرزي، وجيد أن هذا يتم الآن. إن الاتجاه الصحيح لرأب الصدع مع الجمهور الدرزي، هو سن قانون خاص يعترف بأهمية التحالف مع الطائفة الدرزية، والطائفة الشركسية، وكل أقلية تربط مصيرها بدولة إسرائيل، ولكن ليس من خلال تغيير قانون القومية"، وأعلن أنه نقل اقتراحا كهذا إلى رئيس الحكومة نتنياهو.

وقال وزير المالية موشيه كحلون، رئيس حزب "كولانو"، في تصريح لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إنه يجب تصحيح "قانون القومية"، بشكل يمنع المساس بالطائفة الدرزية، كما طالب بتعديل قانون استئجار الأرحام، الذي يمنع بصيغته القائمة أزواج مثليي الجنس من الذكور بتربية أطفال. وقال كحلون إن "سن قانون القومية جرى بتسرّع. لقد أخطأنا وعلينا أن نصحح"، وكذا بالنسبة لقانون استئجار الأرحام.

وأضاف كحلون "إن الجمهور الأخير في دولة إسرائيل الذي نريد المس به هو الطائفة الدرزية". وأعلن كحلون أنه وافق مسبقا على الالتماس للمحكمة العليا ضد القانون الذي قدمه عضو الكنيست أكرم حسون، من حزبه "كولانو"، ومعه نائبان درزيان آخران، هما حمد عمار من حزب "يسرائيل بيتينو" بزعامة أفيغدور ليبرمان، وصالح سعد من حزب "العمل". وقال "إن حسون يقود هذا الالتماس بالتنسيق معي، ونحن نفهم أهمية الطائفة الدرزية، وأنا أحبها بشكل خاص".

وقالت الرئيسة الجديدة للمعارضة البرلمانية، عضو الكنيست تسيبي ليفني، بعد لقائها الرئيس الروحي للطائفة الدرزية الشيخ موفق طريف، "إنه ليس فقط حلف الدم، بل يجب أن يكون حلف المتساوين". وقالت إنها قدمت لطريف نسخة من "وثيقة الاستقلال"، "التي يجب تحصينها بقانون، فهي تقر بأنها دولة الشعب اليهودي، وأيضا المساواة للجميع، لكل مواطني إسرائيل. وهذه ليس مِنّة للدروز أو للعرب، بل هذا هو مفهوم أن نكون إسرائيليين ويهودا"، بحسب تعبيرها.

ووفقاً للتقديرات، فإن كيفية التعامل مع مطالب الطائفة الدرزية ستكون أوضح، في الأيام القليلة المقبلة، وخاصة إذا ما تصاعد الحراك في هذا الخصوص.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات