المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 2230
  • هشام نفاع

كلما جرى التعمّق التفصيلي في الميزانيات الحكومية للوزارات في إسرائيل، تتضح طبقات جديدة من التمييز على خلفيّتين أساسيّتين: الخلفية القومية في حالة العرب الفلسطينيين من المواطنين؛ والخلفية الطبقية في حالة الشرائح الضعيفة اقتصادياً – علماً بأنهما متقاطعتان بالنسبة للعرب! ويُستدل من بحث اجراه معهد أبحاث الكنيست الصيف الفائت، تحت عنوان "المكتبات في المدارس – صورة للوضع"، ووقّعته إيتاي فايسبلاي، أن المجموعات المستضعفة والمميَّز ضدها لا يستثنيها مجال المكتبات، وهذا على الرغم من ارتفاع الوعي والمعرفة المهنية التربوية بالحاجة الحيوية المتزايدة لدور المكتبة في السيرورة التدريسية.

 

وفقا لهذا البحث، فإن المكتبة في المدرسة هي جزء لا يتجزأ من حياة المدرسة ومن برنامج التعليم، وهي مركب مهم في تطوير القدرات المعرفية وقدرات القراءة لطالب المدرسة. وتشير أبحاث يعتمدها البحث آنف الذكر إلى أن للمكتبة، لمستوى الخدمات فيها ولدرجة التعاون ما بين طاقم التدريس وبين مسؤولي المكتبات، تأثيرا كبيرا على التحصيل الدراسي للطلاب.

تشكل مكتبة المدرسة اليوم ما يُعرف بـ "مركز موارد" متنوع ويوجد لها دور جوهري في دعم عمليات التدريس المختلفة التي تأخذ مجراها في المدرسة، وفي إنتاج مناخ للقراءة فيها. العديد من مستخلصات الأبحاث المتنوعة التي أجريت في العقود الاخيرة في دول مختلفة، تشير إلى أنه لمكتبة المدرسة تأثيرا إيجابيا على الطلاب وفي جوانب متنوعة: نتائج أفضل في الامتحانات الاعتيادية للطلاب في مختلف المجالات، ارتفاع التحصيل العلمي ومعدلات نجاح الطلاب في المواضيع التي تدرّس في الصف، توجه إيجابي نحو التعليم والقراءة بدرجة أعلى لغرض المتعة بالإضافة إلى الأغراض الدراسية. وهكذا فقد استُخلص بأنه توجد لمكتبات المدارس تأثيرات واضحة في اتجاه تقليص الفجوات بين الطلاب من خلفيات مختلفة.

وثائق الوزارة لم تعرّف معايير واضحة لنشاطات مكتبة المدرسة

تم وضع سياسات وزارة التعليم بشأن مكتبات المدارس ضمن المنشور السنوي الذي أصدره مدير عام الوزارة عام 1989 وعام 1998. وقد نص المنشور على أنه من الجدير أن تكون مكتبة في كل مؤسسة تعليمية وهي بمثابة مركز موارد يليق باحتياجات الطلاب والمعلمين. وهو يفصل بشكل مستفيض وظائف المكتبة والشكل الذي يجب عليها أن تؤدي دورها فيه. وعلى الرغم من ذلك، لم تعرّف تلك الوثائق الصادرة عن الوزارة معايير واضحة لنشاطات مكتبة المدرسة في مراحل التعليم المختلفة، وهي لا تتطرق الى الموارد التي يجب على المدرسة أو على جهات أخرى تخصيصها لمكتبة المدرسة، مصادرها ونطاقها.

الجهة المسؤولة من قبل وزارة التعليم عن مكتبات المدارس هي قسم مكتبات المدارس، ضمن الإدارة التربوية في وزارة التعليم. ويتولى مسؤولية هذا القسم موظف قطري ذو صلاحيات على مكتبات المدارس ويعمل فيه عدد من المرشدين مقسّمين على الألوية والأوساط التعليمية المختلفة. يعمل هذا القسم فيما يخص جميع الجوانب المتعلقة بتشغيل مكتبات المدارس وتشجيع القراءة في جهاز التعليم. لا تخصص الوزارة موارد لإقامة مكتبات مدرسية، ولا لترميها او للدعم السيّار لنشاطاتها. بل إن دعم الوزارة لمكتبات المدارس يتم من خلال قناتين مركزيتين: حملة الكتب السنوية في التعليم الابتدائي، وتمويل وظيفة مسؤول المكتبة في التعليم فوق الابتدائي.

حملة الكتب السنوية وفقا لما تنص عليه الأنظمة ذات الشأن هي مشروع قطري لتشجيع القراءة، وينشط منذ نحو 20 عاما ومخصص لطلاب وفتيان من جيل الحضانة وحتى الصف الثاني عشر. شاركت عام 2016- 2017 في هذا المشروع 1246 مدرسة من بينها 1016 مدرسة ابتدائية. قسم من المدارس المشاركة في المشروع تتلقى رزم كتب وقسائم لشراء كتب بمبلغ يصل حتى 1000 شيكل للمدرسة.

يجري تمويل وظيفة مسؤول المكتبة للتعليم فوق الابتدائي وفقا لمقياس مسؤول مكتبة واحد لكل 25 صفا دراسيا. يتم تشغيل مسؤول المكتبة من قبل السلطة المحلية بتمويل كامل من الوزارة وبدون مطالبة السلطة المحلية باستكتاب دائم لتمويل الوظيفة. ووفقا للمعطيات التي وفرتها وزارة التعليم فقد تم تمويل تشغيل 1423 مسؤول مكتبة في 1102 مدرسة فوق ابتدائية (بنسب وظائف مختلفة). يتم في التعليم العبري تشغيل مسؤول مكتبة في 85% من المدارس فوق الابتدائية بينما في التعليم العربي يتم تشغيل مسؤول مكتبة في 61% من المدارس فقط. في التعليم الرسمي العبري يتم تشغيل عامل مكتبة في 78% من المدارس مقابل 90% في مدارس الوسط المسمى الرسمي- الديني. من خلال تحليل المعطيات وتوزيعها وفقا لما يعرف بـ "العناقيد الاجتماعية الاقتصادية" التي تنتمي اليها البلدة التي تقع المدرسة فيها، نرى أنه في المدارس الواقعة في بلدات هي الأضعف اقتصاديا (أي من العناقيد 1-3) تم تشغيل مسؤولي مكتبات في نحو 70% من المدارس، وهذا في حين وصلت النسبة في البلدات من الطبقة الاقتصادية الاجتماعية المتوسطة الى 85% من المدارس.

معظم الميزانية التي تخصصها وزارة التعليم لمكتبات المدارس مخصصة لتمويل وظيفة مسؤول المكتبات في التعليم فوق الابتدائي. وقد خصصت وزارة التعليم في سنة 2016 بالمجمل نحو 89 مليون شيكل لمكتبات المدارس، منها نحو 50 مليون شيكل لتمويل وظيفة مسؤول مكتبة في المدارس الثانوية، و 37 مليون شيكل لتمويل الوظيفة في المدارس الاعدادية بينما تم تخصيص ما يقل عن مليوني شيكل من ميزانية هذا القسم لمكتبات تعمل لدعم نشاطات مكتبية.

هناك 60% من المدارس الابتدائية قامت بتقديم تقارير لوزارة التعليم عن مصروفات لاقتناء كتب وللصرف على مكتبات في السنة الدراسية 2015- 2016. نحو 55% من مجمل المدارس التي أبلغت عن مصروفات في هذا البند، قامت بصرف ميزانية وصلت حتى 2500 شيكل. هذه المدارس ذات الإدارة الذاتية صرفت نحو 5 ملايين شيكل على الكتب والمكتبات.

لا توجد بحوزة وزارة التعليم معلومات شاملة ووافية

 

يقول البحث إنه ليس بحوزة وزارة التعليم ولا أية جهة اخرى اليوم معلومات شاملة ووافية ولا تفاصيل راهنة عن مكتبات المدارس، عاملي المكتبات الذين يفعّلونها ولا عن مدى تأهيلهم، ولا عن خدمات المدارس وما شابه. فالمعطيات التي بحوزة معدّي البحث، حول مكتبات المدارس المأخوذة من مصادر مختلفة، كما يصرّحون، هي معلومات غير محدّثة بغالبيتها، وتنطوي أحيانا على معلومات من مصادر مختلفة اتضح لاحقاً وجود تناقضات بينها. ومع ذلك فإن مصادر المعلومات المتوفرة المختلفة دلت بشكل منهجي على وجود فجوات بين التعليم العبري وبين التعليم العربي في هذا المجال، سواء في التعليم الابتدائي او في التعليم فوق الابتدائي.

أما المصادر التي اعتمد عليها هذا التقرير فقد كانت كالتالي:
استطلاع قسم المكتبات في وزارة التعليم وفي مكتب الإحصاء المركزي من العام 2005، ودلّ على أن نحو 80% من المدارس الابتدائية ونحو 90% من المدارس في جهاز التعليم فوق الابتدائي، كانت تضم مكتبات فيها. نسبة المدارس في جهاز التعليم العربي التي اشتملت على مكتبات منخفضة قياسا بنسبة المكتبات في جهاز التعليم العبري الرسمي والرسمي الديني، وذلك في جميع المراحل العمرية والصفوف. في نحو 34% من المكتبات في التعليم العبري وفي نحو 44% من المكتبات في التعليم العربي لا يتم تشغيل مسؤول مكتبة. وفي العديد من المكتبات التي تم تشغيل مسؤول مكتبة فيها لم يكن لديه تأهيل في مجال علم المكتبات، وإنما كان تأهيله يقتصر على التدريس فقط وقد أدى وظيفته كمسؤول مكتبة لعدة ساعات أسبوعية قليلة، إلى جانب عمله في وظيفة اخرى داخل المدرسة.

عدد العناوين في مكتبات المدارس العربية أقل من العبرية

استطلاع خدمات التعليم والرفاه الذي أجراه مكتب الإحصاء المركزي لصالح وزارة التعليم في العام 2008 دل على وجود فجوات مشابهة وكذلك فجوات بموجب الوضع الاقتصادي الاجتماعي للمدارس، وخصوصا في التعليم الابتدائي. في نحو 36% من المدارس الابتدائية الاقوى اقتصاديا داخل جهاز التعليم العبري الرسمي، كانت هناك مكتبة لكل مدرسة، وهذا مقابل نحو 54% من المدارس الابتدائية الاضعف اقتصاديا. أما في المدارس الابتدائية الرسمية الدينية فقد كانت الفجوات أكثر بروزاً – في 67% من المدارس الأقوى اقتصادياً كانت هناك مكتبات، مقابل نحو 42% من المدارس الأضعف اقتصاديا. وفي التعليم العربي كان في جميع المدارس بمستوى الرعاية العليا مكتبة لكل مدرسة، وهذا مقابل 37% فقط في المدارس بمستوى الرعاية الأضعف.

مصدر إضافي للمعلومات حول وضع المكتبات المدرسية، كان الإجابات على أسئلة في مواضيع خدمات المكتبات في المدارس، والتي وردت في إطار استطلاعات وامتحانات دولية – وفقا لمعطيات تم جمعها في إطار أسئلة تمهيدية لامتحان بيرليز الذي يبحث قدرات القراءة لدى طلاب الصف الرابع. في العام 2011، كان لدى 83% من الطلاب مكتبة في المدرسة وكان في معظم المدارس ما بين 500 حتى 5000 عنوان كتاب منفرد. وفي مقارنة دولية، كانت نسبة الطلاب الذين ابلغوا عن وجود مكتبة في المدارس في إسرائيل اقل بقليل من معدل الدول التي شاركت في هذا الامتحان، وكانت مكتبات المدارس في إسرائيل أصغر قياسا بمكتبات المدارس في دول اخرى.

مصدر آخر هو استمارات الأسئلة الموجهة لمديري المدارس الذين شاركوا في امتحان تين الذي يبحث التحصيل الدراسي في العلوم لطلاب الصف الثامن. في العام 2015، دلت الإجابات على انه في 82% من المدارس الاعدادية كانت هناك مكتبة. وفي نحو نصف تلك المكتبات (47 بالمئة)، كان هناك ما يزيد عن الفي عنوان كتاب مطبوع. يوجد في التعليم العبري وفقا لهذا الاستطلاع مكتبة في 84% من المدارس مقابل 75% من المدارس في جهاز التعليم العربي، وعدد العناوين في مكتبات المدارس في التعليم العربي اقل منه في التعليم العبري.

نقص في المعلومات الوافية حول مسؤولي مكتبات المدارس

 

توجد لمسؤولي مكتبات المدارس، تأهيلهم ولمدى التعاون بينهم وبين اعضاء طاقم التدريس في المدرسة، أهمية حاسمة من حيث مساهمة المكتبة في دعم الطلاب والمؤسسة التعليمية بأكملها. على الرغم من ذلك فليس هناك، يقول البحث، معلومات وافية حول مسؤولي المكتبات المشغلين في المدارس، تحصيلهم العلمي وظروف تشغيلهم، وبمن فيهم مسؤولو المكتبات الذين يتم تشغيلهم وفقا للوظيفة الممولة من وزارة التعليم.

إن شروط قبول وتشغيل عاملي المكتبات في مؤسسات التعليم فوق الابتدائي وفقا لشروط وزارة التعليم اليوم، هي حيازة شهادة أكاديمية في مجال علم المكتبات أو شهادة أكاديمية في هذا المجال أو شهادة أكاديمية معترف بها، مع تفضيل لمجال التربية وشهادة مسؤول مكتبة مؤهل. ليست هناك شروط قبول واضحة لتشغيل مسؤولي مكتبات في التعليم الابتدائي، وهكذا فان كل جهة تقوم بتشغيل مسؤولي مكتبات في التعليم الابتدائي، تحدد لنفسها المطالب والمتطلبات لغرض تفعيل هذه الوظيفة.

يتم تأهيل مسؤولي المكتبات في إسرائيل بمساقين – الأول أكاديمي لحيازة شهادة اللقب الأول أو الثاني في علم المكتبات، وبجانبه مساق غير أكاديمي لتلقي شهادة مسؤول مكتبة. وفقا لمعطيات مكتب الإحصاء المركزي للعام 2016 درَس موضوع علم المكتبات في الجامعات 420 طالبا لنيل مختلف الألقاب، الأول والثاني والثالث. وفي العام 2015 حاز لقبا أكاديميا في علم المكتبات 109 خريجين جامعيين. بالإضافة إليهم فمنذ العام 2013 أنهى تعليم اللقب الثاني في كلية دافيد يلين 64 خريجا (هذه الكلية تدرّس لنيل اللقب الثاني بينما تدرس جامعة بار ايلان لنيل الألقاب جميعها من الأول وحتى الثالث).

هناك مساقات دراسية لنيل شهادة مسؤول مكتبة معترف به في جامعة حيفا وفي كلية دافيد يلين المذكورة وكلية بيت بيرل وكلية أورانيم. ويتعلم في هذه البرامج التعليمية سنويا نحو 150 طالبا، وقد تخرج منها جميعا في العام الدراسي الماضي نحو 60 خريجاً.

إن ظروف وشروط تشغيل مسؤولي المكتبات في المدارس متنوعة جدا، حيث لا توجد هناك اتفاقية عمل متجانسة في هذا المجال. ويتم تشغيل مسؤولي المكتبات في مراحل التعليم المختلفة من قبل جهات تشغيلية مختلفة منها السلطات المحلية، جهات مالكة ومشغلة لمدارس خاصة، جمعيات تربوية وتعليمية. وهكذا ينشأ وضع فيه سلالم وتدريجيات مختلفة للأجور وفقا للتحصيل العلمي لمسؤولي المكتبات. وعلى وجه العموم فإن أجر معظم مسؤولي المكتبات الذين تشغلهم السلطات المحلية في التعليم فوق الابتدائي، وخصوصا ممن ليس بحوزتهم شهادة أكاديمية، هو أجر منخفض قياسا بعمال غير أكاديميين آخرين في جهاز التعليم، ممن تشغلهم سلطات محلية.

أما تمويل وزارة التعليم لتشغيل مسؤولي مكتبات في التعليم فوق الابتدائي، فيتوافق مع تكلفة أجر عاملي المكتبات غير الأكاديميين، وهذا على الرغم من أن هناك اليوم حاجة لمسؤولي مكتبات ذوي تحصيل أكاديمي. وبالتالي فقد يشكل هذا عائقا أمام تشغيل مسؤولي مكتبات ذوي تحصيل ملائم، وعلى وجه الخصوص في السلطات الملحية الضعيفة. ويوجد في التعليم الابتدائي طيف واسع من تسويات وترتيبات تشغيل مسؤولي مكتبات في المدارس الابتدائية. ففي بعض السلطات المحلية تخصص البلدية ميزانية لتشغيل مسؤول مكتبة في المدارس الابتدائية. وفي السلطات المحلية التي لا تخصص ميزانية لوظيفة مسؤول مكتبة المدرسة، يتم بشكل عام تشغيل مسؤول مكتبة المدرسة في التعليم الابتدائي وفقا لمبادرات مديري المدارس وبواسطة مصادر الميزانيات او الساعات الدراسية التي بمتناول أيديهم.

 

تقصير وزاري بالرغم من  الاعتراف بمكتبة المدرسة ومساهمتها في التحصيل الدراسي!

تشكل مكتبة المدرسة بيئة تعليمية تجمع تحت سقف واحد وبشكل منظم، منهجي وبمتناول اليد، مواد مصدرها الكتب وغير الكتب والتجهيزات المطلوبة لاستخدامها وتشغيلها وفقا لاحتياجات الطلاب والمعلمين.

وتشير دراسات عدة الى انه خلال النصف الثاني من القرن العشرين حصل تطور ملحوظ في فكرة دور المكتبة المدرسية. فتحولت من مجرد مخزن كتب مخصص لاستكمال برنامج التعليم بالمدرسة، واحتوى بشكل أساسي على كتب مساعدة، إلى مركز موارد يقع في قلب الشبكة المدرسية، ليدعم ويعزز سيرورات التعليم الجارية في الصفوف المدرسية وفي فضاءات أخرى في المدرسة.

وفقا لذلك، يتوجب على المدرسة أن تشتمل بالإضافة لمصادر المعلومات المكتوبة والمطبوعة كالكتب والمجلات، أيضا على مصادر ووسائل معلوماتية تقنية ومحوسبة ووسائل لتوفير مثل هذه الموارد. فمسؤول المكتبة يتوجب عليه أن يكون مهنياً وأخصائيا معلوماتيا يرشد الطلاب والمعلمين فيما يتعلق بالاستخدام الصحيح والناجع لمصادر المعلومات المتوفرة. فهو منخرط في سيرورات التعليم في المدرسة بأوجه مختلفة بدءا بالتعاون مع المعلمين خلال بناء برنامج التعليم في الصف، وصولا الى مساعدة الطلاب في التعليم الذاتي المستقل.

تشير الأبحاث إلى ارتفاع نسبة ووتيرة توفر المعلومات في شبكة الانترنت مما حمل تأثيرا حاسما على عمل المكتبة ومسؤول المكتبة. هذه التغييرات ادت الى زيادة اهمية المكتبة في المدرسة كوسيلة مساعدة للطلاب والمعلمين في مواجهة ثراء المعلومات ودرجة تعقيداتها بمختلف مصادرها، ولمساعدتهم في امتلاك القدرات القرائية بما يشمل تقنيات المعلومات الرقمية والتعلم في مسارات مستقلة الى جانب التعلم في الصف المدرسي.
تؤكد وزارة التعليم الإسرائيلية من خلال عدة وثائق هذه الأهمية المذكورة أعلاه وهي تشدد على دور المكتبة من حيث الدور الذي تقوم به وحيوية عملها في سيرورات التعليم وإنتاج مناخ قراءة نشِط في المدرسة. وهو ما يقود الى ادراج المكتبات كجزء من برنامج التعليم وعملية التعليم الموسعة.

البحث المشار إليه على هذه الصفحة يتطرق من خلال استعراض أبحاث أجريت منذ العام 2013 إلى الأثر الإيجابي الملحوظ لاستثمار الطاقة الكامنة في المكتبات بما يخص التحصيل العلمي والنجاح الدراسي. فهناك وفقا لتلك الأبحاث نتائج أفضل في الامتحانات الاعتيادية المعيارية في مجالات مختلفة منها: القراءة، القدرات اللغوية، التاريخ والرياضيات. وهناك ارتفاع في التحصيل وفي نجاح الطلاب في مواضيع يتم تدريسها في الصف بما يشمل قراءة المعلومات والتوجه الإيجابي نحو التعليم. وقد برز هذا التأثير في اتجاه دافعية التعليم وتحسن منالية المهمات التعليمية وتحسين الثقة بالنفس لدى الطلاب وارتفاع نسبة القراءة لغير الاغراض التعليمية بل لغرض المتعة الذهنية.

لقد كان للمكتبات المدرسية بالمجمل أثر اجتماعي هام يتجسد في تقليص الفجوات بين طلاب من خلفيات مختلفة. والتوصل الى هذه الانجازات يتطلب وجود مسؤول مكتبة لديه تأهيل بوظيفة كاملة ويتمتع بعنصر المبادرة وبمكانة إدارية، وهذا بالإضافة إلى ضرورة وجود قوة مساعدة لتنفيذ المهمات اليومية الجارية التي تمكن مسؤول المكتبة من المبادرة الى نشاطات تعليمية وتعاون مع طاقم المدرسة التعليمي والإداري. يعدد البحث متطلبات أخرى لاستنفاد الفائدة الكامنة في مكتبة نشطة ومنها: توسيع وتجديد مجموعة الكتب المطبوعة والرقمية في المكتبة، توسيع ساعات نشاط المكتبة وملاءمة مخزون المكتبة لاحتياجات الطلاب المحدثة والمتنوعة والمرتبطة ببرامج التعليم التي تضعها المدرسة نفسها، فهذا من شأنه جذب الطلاب الى القراءة لغرض المتعة الذهنية أيضا. وهناك أهمية لتوفر تكنولوجيا المعلومات الحديثة ووسائلها.

يقول البحث إن هذه المعلومات مستقاة أكثر شيء من عمل المكتبات في الولايات المتحدة، وبعضها من استراليا وبريطانيا. ولكن على الرغم من وجود عدد من الأبحاث التي تتناول مكتبات المدارس في إسرائيل، ليست هناك أبحاث كثيرة تتناول تأثير مكتبة المدرسة على تحصيل الطلاب في إسرائيل. أما الأبحاث القليلة فقد تركزت في توصياتها حول ضرورة تأهيل معلمين كمسؤولي مكتبات، لغرض زيادة التعاون بين المعلمين وبين مسؤولي المكتبات مع وضع توكيد خاص على بلورة رؤية واسعة لهذه الوظيفة، وأهمية التعاون ضمن سيرورات التأهيل المختلفة. وكذلك تخصيص قوى مساعدة للقيام بوظائف تقنية جارية لغرض إتاحة الإمكانية لمسؤولي المكتبات لتخصيص الوقت المطلوب لإنتاج التعاون المذكور وتشجيعهم على بذل الجهد في تطوير الروابط المهنية مع معلمي المدرسة، إلى جانب بذل الجهد والاستثمار لتطوير موارد المكتبة نفسها وإثرائها وإجراء استكمالات وتطوير دائم لمؤهلات ومقدرات مسؤولي المكتبات في سنوات عملهم المتراكمة.

 عدم تخصيص ميزانية ثابتة لمكتبات التعليم فوق الابتدائي

يتضح من الفحص الذي أجراه معدو البحث أمام جهات مختلفة تنشط في مجال المكتبات المدرسية أن هناك على الأقل 2300 صاحب وظيفة يعملون كمسؤولي مكتبات، ومنهم نحو 1400 بتمويل من وزارة التعليم في المدارس فوق الابتدائية، وهناك 900 صاحب وظيفة في مكتبات المدارس الابتدائية.

مديرة قسم التعليم في الهستدروت روتي ليفي التي تعمل في مجال شروط تشغيل مسؤولي المكتبات الذين تعينهم السلطات المحلية، تقول إن أجور مسؤولي المكتبات في التدريج الإداري، متدنية جدا قياسا بجميع العاملين الآخرين بنفس التدريج، من الذين تشغلهم السلطات المحلية بتمويل وزارة التعليم، مثلا سكرتيري المدارس، مساعدي المعلمين وغيرهم.

مسؤولو المكتبات لا ينالون أية إضافات على الأجور كالتي تخصص لسواهم في التدريج نفسه. وفقا لوزارة التعليم يتوجب على السلطات المحلية أن تدفع لمسؤولي المكتبات أجورا وفقا لاتفاقيات الأجور المعمول بها في هذا القطاع، ويجب عليهم في حال اقتضت الحاجة دفع أجر أعلى من معدل الأجر الذي تموله وزارة التعليم. وهكذا فان السلطات المحلية التي لا تتمكن من دفع تكلفة أجور كاملة، قد تلجأ الى تشغيل مسؤولي مكتبات يفتقرون لشهادات أكاديمية بغية دفع أجور منخفضة لهم أو حتى الامتناع عن تشغيل مسؤولي مكتبات بالمرة.

وفيما يتجاوز تخصيص ميزانية لوظيفة مسؤول المكتبة، لا تخصص وزارة التعليم ميزانية ثابتة للمكتبات في التعليم فوق الابتدائي، بحيث يتوجب على المدرسة نفسها تمويل التكاليف المطلوبة لتشغيل وتفعيل المكتبة ومن مواردها الخاصة. ووفقا لبحث أجري عام 2000 واشتمل على نحو 140 مكتبة في التعليم فوق الابتدائي كانت ميزانية نحو نصف المكتبات 10000 آلاف شيكل سنويا فما فوق وميزانية 28% من المكتبات تراوح بين 2000 و 10000 شيكل سنويا بينما لم تخصص ميزانية سنوية ثابتة للمكتبات في 5ر6% من المدارس.

كما أن قسما كبيرا من الميزانية السنوية في قسم المكتبات ينقل كإضافة على الميزانية خلال السنة وليس كجزء أساسي منها. في السنوات الأخيرة ازداد هذا المؤشر قوة بسبب تقليص الميزانية الأساسية المخصصة أصلا لقسم المكتبات، وزيادة الإضافات عليها على امتداد السنة. ووفقا لمصدر مسؤول في الوزارة يخصَّص معظم الميزانية لاقتناء رزم كتب للمدارس المشاركة في برنامج حملة الكتب المذكور، وكذلك توزيع قسائم على المدارس لتستكمل بنفسها عملية الاقتناء. وفي السنة الدراسية السابقة تم تخصيص نحو 75ر1 مليون شيكل لهذا البرنامج أما سائر الميزانية فهو مخصص لتنظيم دورات استكمال ومؤتمرات لعاملي ومسؤولي المكتبات المدرسية وبرامج أخرى يشارك القسم في تمويلها.

شارك في هذا البرنامج في السنة المنصرمة 1246 مدرسة من التعليم العادي ومنها 278 مدرسة مما تعرفه الوزارة "التعليم غير اليهودي" إذ تقسم أجهزة التعليم الى تقسيمات طائفية فيها الدرزي والبدوي والشركسي!! وفي جميع الأحوال تظل هذه النسبة منخفضة كما سبقت الإشارة.

 

 

 

المصطلحات المستخدمة:

الهستدروت, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات