المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1112

أقيمت مساء أول من أمس الأحد في إحدى قواعد سلاح الجو الإسرائيلي مراسم تدشين منظومة "العصا السحرية" المضادة للصواريخ متوسطة المدى، وفي هذه المناسبة أعلن أنها ستُسمى من الآن فصاعداً "مقلاع داود".

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في سياق الكلمة التي ألقاها خلال مراسم التدشين، إن هذه المنظومة التي تنضم إلى منظومات سابقة مضادة للصواريخ مثل "القبة الحديدية" و"حيتس" تشكل دعامة كبيرة لقوة دولة إسرائيل. وأشار إلى أن "مقلاع داود" تطوير إسرائيلي أصلي وأكد أن إسرائيل تبقى رائدة في العالم في هذا المجال.

وشدّد رئيس الحكومة على أنه بالرغم من الأهمية التي يوليها للقدرات الدفاعية للدولة فإنه يتعهد باستباق ضرب كل من يسعى إلى المساس بإسرائيل وبالقضاء على كل من يهدّد وجودها.

وكان نتنياهو أدلى بتصريحات إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية ظهر الأحد، أشار فيها إلى أن منظومة "مقلاع داود" ستدخل إلى الخدمة بعد ظهر ذلك اليوم. وأكد أن الحكومة ملتزمة بشكل مطلق بضمان أمن السكان الإسرائيليين وأنها في هذا السياق تعمل بشكل ممنهج على تعزيز قدرات إسرائيل الهجومية ضد أعدائها وبالتساوي تعمل أيضاً بشكل ممنهج على تعزيز قدراتها الدفاعية.

وأشار رئيس الحكومة إلى أن إدخال منظومة "مقلاع داود" لاعتراض الصواريخ إلى الخدمة يعتبر بُشرى مهمة، وإلى أن جميع السكان الإسرائيليين شاهدوا الإنجاز المهم الذي تمثل باستخدام منظومة "القبة الحديدية" لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى خلال الحرب الأخيرة في غزة عام 2014، بالإضافة إلى تطوير منظومة "حيتس" لاعتراض الصواريخ الاستراتيجية بعيدة المدى ووسائل أخرى. وقال إن منظومة "مقلاع داود" تعترض الصواريخ متوسطة المدى وتحمل أهمية هائلة بالنسبة لأمن إسرائيل وحماية الجبهة الداخلية.

وأكدت عدة تحليلات إسرائيلية أن هذه المنظومة الجديدة تحسن بصورة كبيرة قدرات الدفاع الإسرائيلية ضد الصواريخ لكنها لا توفّـر دفاعا مطلقا.

وكتب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل أنه بالرغم من تدشين "مقلاع داود"، فإن الرد الإسرائيلي على تهديد الصواريخ والقذائف ما يزال بعيداً عن أن يكون كاملاً، وثمة شك في حدوث ذلك في أحد الأيام.

وأضاف: بدايةً، هناك مشكلة اقتصادية، فالتكلفة الضخمة لصاروخ اعتراضي (قرابة 100 ألف دولار في "القبة الحديدية"؛ وثلاثة ملايين دولار لصاروخ "حيتس") لا تسمح بإطلاق صواريخ من دون حساب. والمعادلة بسيطة - إذا كان حزب الله يحتفظ بقرابة 100 ألف صاروخ وحركة حماس تملك بضعة آلاف، فمن الطبيعي وقت الحرب أن يسعى كلاهما إلى إغراق منظومات الاعتراض الإسرائيلية بهدف عرقلة قيامها بمهاتها بنجاح، وأن يفرضا على المؤسسة الأمنية سياسة إدارة مخاطر كي لا تبقى من دون صواريخ اعتراضية.
وتابع: في غزة تبدو المشكلة محدودة. ووفقاً لتقديرات الاستخبارات الإسرائيلية التي نشرت طوال سنوات، تملك التنظيمات الفلسطينية عدداً محدوداً من الصواريخ متوسطة المدى، الجزء الأكبر منها مرتجل ومحلي الصنع نظراً إلى أن تهريب السلاح من إيران إلى القطاع تقلص كثيراً بسبب الجهد المصري المبذول ضد التهريب. وهذه كميات تستطيع منظومة "القبة الحديدية" مواجهتها من دون صعوبة، كما برز ذلك في اعتراض الصواريخ التي أطلقت على غوش دان (وسط إسرائيل) خلال عملية "الجرف الصامد" في 2014.

وبرأي هذا المحلل فإن التحدي الأكبر والأكثر تعقيداً هو في الجبهة الشمالية. فهناك يحتفظ حزب الله بترسانة كثيفة من الصواريخ والقذائف المختلفة المدى، بينها صواريخ دقيقة موجهة بواسطة منظومات توجيه مرتبطة بالأقمار الصناعية. وقال إن التقدم التكنولوجي الإسرائيلي يتيح نجاحاً حقيقياً في عملية اعتراض تهديدات من كل أنواع المدى، لكن ثمة علامة استفهام تتعلق بالقدرة على معالجة كتلة كثيفة: كيف نستعد لاعتراض مئات الصواريخ المختلفة المدى التي تطلق في كل يوم من أيام القتال؟.

وأشار إلى أن الرد في جزء منه على الأقل هو رد هجومي، ولهذه الغاية أجرى الجيش الإسرائيلي تدريبات ومناورات مختلفة في السنوات الأخيرة. لكن هذا ليس كافياً. من هنا التشديد الذي يضعه وزراء وضباط كبار على احتمال أن تقوم إسرائيل بضرب بنى استراتيجية في لبنان في حال نشبت حرب. وقال إن هذه محاولة إسرائيلية لترسيخ الردع في مواجهة حزب الله قبل الحرب، وكي توضح لهذا التنظيم وللحكومة اللبنانية على حد سواء، أن أي ضربة قوية تصيب حيفا وتل أبيب سيُردّ عليها بضربة أقوى بمرات عديدة في بيروت.

ورأى هرئيل أن دخول منظومة "مقلاع داود" إلى الاستخدام العملياتي يكمل الطبقة التي كانت ناقصة في منظومة اعتراض الصواريخ والقذائف الإسرائيلية. ومن المفترض أن توفّر منظومة "مقلاع داود" رداً عملياتياً على تهديدات متوسطة المدى، وهي بمثابة استكمال للطبقة العليا التي بواسطتها تعالج منظومة "حيتس" تهديد الصواريخ البعيدة المدى، وللطبقة الأدنى التي من خلالها تعترض بطاريات "القبة الحديدية" صواريخ قصيرة المدى نسبياً.

وأكد أن إعلان تحول "مقلاع داود" إلى منظومة عملياتية هو رسالة من إسرائيل إلى دول المنطقة وفي طليعتها إيران، وهي تعلن من خلالها أنها مستعدة لمواجهة جميع أنواع التهديدات من البعيدة المدى حتى القصيرة المدى، وأنها ليست بحاجة إلى استغلال كامل طاقة منظومتي "حيتس" و"القبة الحديدية"، من أجل مواجهة التهديدات المتوسطة المدى.

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات