المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

ترجيح بقاء نتنياهو رئيساً للحكومة الإسرائيلية المقبلة!

وجه خصوم حزب الليكود الحاكم وزعيمه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ضربات موجعة لكليهما، إلى جانب تقريري مراقب الدولة حول مصروفات منازل رئيس الحكومة وأزمة السكن واللذين سببا حرجا سياسيا له، وذلك في أوج معركة انتخابات الكنيست التي ستجري يوم الثلاثاء المقبل.

ورغم مشاركة نحو أربعين ألفا في مظاهرة جرت في تل أبيب، وطالبت برحيل نتنياهو عن الحكم، مساء السبت، وخطاب رئيس الموساد السابق مئير داغان في المظاهرة، الذي قال، وهو يذرف دموعا، إنه خائف على "الحلم الصهيوني" في حال عدم حل الصراع مع الفلسطينيين، إلا أن الضربة الموجعة الحقيقية التي وُجهت لليكود ونتنياهو شخصيا، كانت بنشر صحيفة "يديعوت أحرونوت"، بقلم كبير محلليها ناحوم برنياع، تقريراً حول مسودة اتفاق سلام توصل إليه مبعوث نتنياهو الخاص، يتسحاق مولخو، والأكاديمي اللبناني حسين آغا، كمبعوث خاص للرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، في آب العام 2013.

ونصت مسودة الاتفاق على بنود حل دائم للصراع، أبرزها قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة، أو بحسب النص "في المناطق التي كانت خاضعة للسيطرة المصرية والأردنية قبل الرابع من حزيران العام 1967"، مع تبادل أراض بنسبة 1:1، والانسحاب من مناطق في الضفة توجد فيها مستوطنات وأن المستوطنين الذين يرغبون في البقاء مكانهم يتعين عليهم العيش في الدولة الفلسطينية ووفقاً لقوانينها.

وجاءت صياغة البنود المتعلقة بالقدس المحتلة ضبابية، لكنها توحي بوجود حق للفلسطينيين في المدينة، شريطة ألا تتم "إعادة تقسيم القدس مجددا". كذلك لم تكن البنود المتعلقة بقضية اللاجئين واضحة، لكن بدا أن الجانب الإسرائيلي يوافق على "حل عادل" لهذه القضية.

وتجدر الإشارة هنا إلى ثلاثة أمور:

الأول هو أن نتنياهو لم يعبر أبدا عن استعداده لقبول حل كهذا، بل على العكس تماما، فقد وضع عراقيل أمام بحث أي قضية، باستثناء المصالح الأمنية الإسرائيلية، منذ عودته إلى الحكم في العام 2009، إضافة إلى شرط الاعتراف بالدولة اليهودية.

والأمر الثاني هو أن الخلاف بين نتنياهو و"يديعوت أحرونوت" وصل إلى ذروته في الآونة الأخيرة وأصبح خلافا علنيا، ولم يتردد نتنياهو في أكثر من مناسبة مؤخرا في مهاجمة ناشر الصحيفة، نوني موزيس. واندلع هذا الخلاف في أعقاب صدور صحيفة "يسرائيل هيوم (إسرائيل اليوم)، التي تأسست خصيصا من أجل دعم نتنياهو.

والأمر الثالث هو أن النشر عن مسودة الاتفاق هذه يأتي بعد أيام من خطاب نتنياهو في الكونغرس الأميركي، الذي نظرت إليه أغلبية بين الإسرائيليين باستياء كونه يسيء إلى أحد أهم المقدسات السياسية الإسرائيلية وهو التحالف الإستراتيجي مع الولايات المتحدة. ورغم أن استطلاعات الرأي التي نُشرت بعد هذا الخطاب أظهرت ازدياد قوة حزب الليكود بما بين مقعد أو اثنين في الكنيست، لكن هذه الزيادة جاءت على حساب أحزاب يمينية أخرى، إذ أن الاستطلاعات تؤكد أن تحرك الناخبين يجري داخل كتلتي اليمين والوسط – اليسار وليس بين الكتلتين، بمعنى أن الناخب يصوت لهذا الحزب اليميني أو ذاك وليس لحزب من كتلة أحزاب الوسط – اليسار والعكس صحيح.

نتنياهو: "الانسحابات والتنازلات لا صلة لها بالواقع"

رد نتنياهو على مسودة الاتفاق التي نشرتها "يديعوت" بأن هذه كانت مسودة اتفاق طرحتها الإدارة الأميركية وأنه لم يوافق عليها أبدا. وعلى خلفية تخوفه من خسارة أصوات في الانتخابات الوشيكة لصالح أحزاب يمينية، خاصة في أعقاب هجوم رئيس حزب "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت، ورئيس حزب "يسرائيل بيتينو"، أفيغدور ليبرمان، ضده في أعقاب النشر، أعلن نتنياهو، مساء الأحد، عن تنكره لخطاب بار إيلان، الذي عبر فيه عن موافقته على "إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتعترف بالدولة اليهودية".

وكانت عضو الكنيست من الليكود تسيبي حوطوفيللي قد صرحت يوم الجمعة الماضي، بأن "رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أعلن للجمهور أن خطاب بار إيلان لاغ، وكل سيرة نتنياهو السياسية هي نضال ضد قيام دولة فلسطينية".

وعقبت مصادر في الليكود، صباح الأحد، بالقول إن أقوال حوطوفيللي تمثل موقفها الشخصي وليس موقف الليكود. لكن في أعقاب توجه وسائل إعلام ومطالبة الليكود بالتوضيح رسميا ما إذا كان نتنياهو متمسكا بتصريحاته في خطاب بار إيلان، أصدر الحزب بيانا مقتضبا جاء فيه أن "نتنياهو قال إنه في الوضع الحاصل في الشرق الأوسط، فإن أي منطقة سيتم إخلاؤها سيسيطر عليها الإسلام المتطرف والمنظمات الإرهابية المدعومة من إيران. ولذلك لن تكون هناك أي انسحابات وأي تنازلات، وببساطة لا صلة لهذا الأمر بالواقع".

من جانبه، اعتبر رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق والمقرب من نتنياهو، يعقوب عميدرور، أن الإدارة الأميركية هي التي سربت وثيقة مسودة الاتفاق التي نشرتها "يديعوت". وقال لموقع "واللا" الالكتروني، أول من أمس، إنه "لا شك في أن هذا التسريب يمس بصورة متطرفة بالقدرة على إجراء مفاوضات جدية في المستقبل. وإذا كان التسريب قد وصل من واشنطن فعلا مثلما تم الادعاء، فإنه يتضح أن المؤسسة الأميركية قابلة للتسرب بشكل مطلق".

وأضاف عميدرور أنه "ليس مهما من سيكون رئيس الحكومة المقبل، بنيامين نتنياهو أو إسحاق هرتسوغ، فإنه لن يتمكن من الاعتماد بنسبة 100% على سرية المفاوضات بعد تسريب من هذا النوع. وينطبق هذا الأمر على الفلسطينيين أيضا، الذين سيتساءلون: إذا وافقنا على أفكار متنوعة، هل سنقرأ عن ذلك في الصحيفة؟ إن الضرر عندنا هو سياسي فقط، لكن في الجانب الفلسطيني قد يكلف أمرا كهذا حياة بشر. ومن سرب هذا ألحق ضررا غير عادي بالعملية السياسية، لأن الجانبين لن يتمكنا من الاعتماد على المؤسسة الأميركية بعد الآن".

وكرر عميدرور أقوال نتنياهو بأن هذه الوثيقة ليست مسودة تفاهمات رسمية إسرائيلية - فلسطينية، وإنما هي "محاولة لبلورة وثيقة أميركية تسمح للجانبين بإجراء مفاوضات وإبداء تحفظات على أساسها".

اتهام جهات خارجية بالتدخل في الانتخابات

اعتبر نتنياهو أن ثمة تحالفا تشكل ضده من داخل إسرائيل وخارجها، وأن هذا التحالف ينفق عشرات ملايين الشواكل، من أجل إحضار المواطنين العرب إلى صناديق الاقتراع، من أجل التصويت ضده وإسقاط حكم حزب الليكود.

وقال نتنياهو في مقابلة معه نشرتها صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوم الجمعة الماضي، إنه "يوجد تحالف تحركه جهات خفية ومكشوفة، وهدفها إسقاط الليكود عن الحكم وتشكيل حكومة يسار مكانه".

ووصف نتنياهو الوضع وكأن هناك مؤامرة كبرى ضده: "أتحدث عن قوى كبيرة جدا، وعن جمع عشرات ملايين الشواكل من خارج البلاد، وهناك مستشارون وجهات أخرى، من أجل تحقيق أمرين: التسبب بحضور أعداد كبيرة للغاية من مصوتي اليسار إلى صناديق الاقتراع، والتسبب بامتثال مكثف لعرب إسرائيل في صناديق الاقتراع". وتابع أن "الحديث يدور عن جمعيات يتم تمويلها جيدا وأن يكون بإمكانها إيصال عدد النواب العرب إلى 16 نائباً وحسم نتيجة الانتخابات".

وهاجم نتنياهو ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت"، نوني موزيس، وقال إنه يعمل من أجل الإطاحة به. وقال إنه "يوجد هنا إعلام مركز وموجه ومنهجي يديره نوني موزيس وفي نيته تغيير حكم الليكود، وبضمن ذلك ممارسة ضغوط على مراقب الدولة من أجل إصدار تقارير قبل الانتخابات بأسابيع قليلة".

ويشار إلى أن جميع استطلاعات الرأي التي نشرت مؤخرا، أظهرت أن حزب الليكود لا ينجح في أن يكون أكبر قوة سياسية في انتخابات الكنيست المقبلة، إضافة إلى تراجع قوة كتلة أحزاب اليمين والحريديم.

ويرى محللون أن نتنياهو، في حال تكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة، سيكون مضطرا إلى ضم "المعسكر الصهيوني" إلى حكومته. لكن في المقابل، فإن "المعسكر الصهيوني" سيواجه صعوبة في تشكيل الحكومة المقبلة، لأنه لن يوافق على الاعتماد على القائمة العربية المشتركة من جهة، ولأن كتلة اليمين والحريديم لن توافق على الانضمام إلى حكومة برئاسة "المعسكر الصهيوني" من جهة أخرى. وما يرجح استبعاد إمكانية تشكيل "المعسكر الصهيوني" للحكومة المقبلة هو رفض أحزاب الحريديم الدخول في ائتلاف حكومي يشارك فيه حزب "يش عتيد" (يوجد مستقبل) برئاسة يائير لبيد، الذي منع ضم الحريديم إلى الحكومة المنتهية ولايتها.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات