ركز الجزء الأول من تقرير الرقابة السنوي لمراقب الدولة في إسرائيل، والذي يعرض نتائج أعمال الرقابة على الهيئات الخاضعة للرقابة للعام 2021، في معظمه، على مجالات الاقتصاد والبنى التحتية "والتي تعتبر من اللبنات الأساسية والحيوية لتطوير الاقتصاد وتحسين مستوى حياة المواطنين والسكان في الدولة"، كما جاء في مقدمة التقرير.
وتحت بند "قضايا في مجال حماية المُستهلك" جاء: يعاني جمهور المُستهلكين في إسرائيل، خصوصاً المُستهلكين المنتمين للشرائح السكانية المُستضعفة، مثل كبار السن والقاصرين وغيرهم، من الضعف أمام أصحاب المصالح. لهذا السبب، تم سن قوانين تهدف إلى ضمان حقوق المُستهلكين، وتم تأسيس منظومة حكومية لترسيخ وتطبيق نصوص القانون في مواضيع الاستهلاك.
ولقد تم سن قانون حماية المستهلك- 1981 وفقا للمفهوم السائد بأن المستهلك يحتاج لحماية خاصة أكبر مما توفره القوانين العامّة، وأنه من المفضّل تركيز العناية بحمايته في يد سلطة خاصة. الموضوع الرئيس في القانون هو حظر مغالطة المستهلك. وينطبق القانون على صفقات بين صاحب مصلحة ومستهلك في كل فروع السوق، ما عدا الفرع البنكي والتأميني واللذين تم استثناؤهما بشكل صريح من نص القانون. وفقاً للتعريف في القانون، فـ"المستهلك" هو كل من يقوم بشراء عقار أو يتلقى خدمة من صاحب مصلحة خلال نشاطه بهدف الاستخدام الشخصي، المنزلي أو العائلي. بينما كل من يبيع عقاراً أو يقدم خدمة من خلال مهنة، بمن في ذلك المنتج، يُعرّف بأنه "صاحب مصلحة".
أظهرت أعمال الرقابة في قضايا حماية المُستهلك وجود عيوب في عدد من المواضيع المتعلقة بخدمة المُستهلك وبجودة الرد الذي توفره الهيئات الحكومية المختلفة في حالات المساس بحقوقه. ففي مسح بمشاركة الجمهور أجراه مكتب مراقب الدولة تبين أن أكثر من 76 بالمئة من الجمهور تعرض لإجحاف في مجال الاستهلاك بين 2020-2021. وتبلغ قيمة القسائم الشرائية التي لا يستغلها أعضاء "النوادي الاستهلاكية" كل سنة حوالي 16.6 مليون شيكل؛ منها 6.3 مليون شيكل قيمة القسائم التي انتهى تاريخ صلاحيتها، والتي لم يقم نادي "هبايس (2.9 مليون شيكل) ونوادي "توف"، "حيفر" و"بياحد بشفيلخا" بترجيعها للمستهلكين الذين لم يستفيدوا منها.
وهناك نحو 77 بالمئة من المُستهلكين الذين لا يعون الشروط التي تُمكنهم من إلغاء دفعات تمّت ببطاقة الاعتماد. مع هذا، فإن نحو 20 بالمئة من الشكاوى التي قدمها مستهلكون إلى المجلس الإسرائيلي للاستهلاك بين الأعوام 2018-2020 تم إغلاقها من أجل تقليل أرقام الشكاوى المُسجلة كشكاوى غير مُعالجة؛ وتمت جباية 31 بالمئة فقط من الغرامات التي فرضتها سلطة حماية المُستهلك على المصالح بين الأعوام 2018-2021 (37 مليون شيكل من أصل 119 مليون شيكل).
الهيئة الحكوميّة قدّمت نحو 1 بالمئة فقط من مجمل الشكاوى التمثيلية بشأن الاستهلاك!
في الأشهر تموز 2021 حتى آذار 2022، فحص مكتب مراقب الدولة النشاطات التي قامت بها وزارات حكومية وهيئات إضافية في مجال حماية المستهلك. جرت الرقابة في سلطة حماية المستهلك، المجلس الإسرائيلي للاستهلاك، وزارة الاقتصاد، قسم الميزانيات في وزارة المالية وبنك إسرائيل. تم استكمال الفحص في إدارة المحاكم، وزارة العدل، نيابة الدولة، سلطة المنافسة وسلطة الشركات الحكومية. في كانون الأول 2021 أجرى مراقب الدولة استطلاعا بمشاركة 600 مستطلع، وتناولت الأسئلة المظالم وأشكال الإجحاف الاستهلاكية ومعالجة السلطات لهذه الشكاوى، الوعي الاستهلاكي ونسبة المظالم الاستهلاكية التي عايشها الجمهور في العامين الأخيرين.
يقول التقرير إن الوزارة المسؤولة عن هذه قضية حماية المستهلك وحقوقه هي وزارة الاقتصاد والصناعة، فهي الجهة المسؤولة عن تطبيق أوامر قانون حماية المستهلك وقانون المجلس الإسرائيلي للاستهلاك كما أقرت العام 2008. أفضت القوانين القائمة إلى إقامة هيئات حكومية وظيفتها إجراء رقابة وإنفاذ للقانون لحماية المستهلك وحقوقه. هناك سلطة حماية المستهلك والتجارة النزيهة، وهي سلطة مستقلة وظيفتها إنفاذ التعليمات القانونية بهذا الشأن وأولها قانون حماية المستهلك. وهناك المجلس الإسرائيلي للاستهلاك وهو شركة حكومية تخدم منظمات مستهلكين وفقا لقانونها وهدفها العمل على حماية المستهلكين وحقوقهم.
وفقاً لمعطيات تقرير المراقب، في العام 2021 فتحت سلطة حماية المستهلك 514 ملفاً في شكاوى قدمها مستهلكون تعرضوا لإجحاف وهو ما يشكل انخفاضا بنسبة 50 بالمئة عن العام 2018. بين هذه الملفات، 3 ملفات جنائية فقط. ولم تتعدّ نسبة جباية الغرامات التي فرضت على مصالح تجارية من قبل سلطة حماية المستهلك في الأعوام 2018-2021 الـ31 بالمئة. ولم تكن سوى 15 شكوى تمثيلية قُدمت من قبل المجلس الإسرائيلي للاستهلاك من العام 2019 حتى 2021 وهي بين 1603 شكاوى تمثيلية قُدمت عموماً في موضوع الاستهلاك في تلك السنوات (أي نحو 1% فقط).
وفقا لاستطلاع مشاركة الجمهور الذي أجري في مكتب مراقب الدولة، تعرض ما يزيد عن 76 بالمئة من الجمهور للإجحاف الاستهلاكي في الأعوام 2020-2021. مستوى رضى المتوجهين إلى المجلس الإسرائيلي للاستهلاك على تلبية ومعالجة توجهاتهم هي 2.9 من 5. ويتضح من استطلاع مراقب الدولة أن نسبة رضى المتوجهين كانت 40 بالمئة فقط. وهناك نحو 77 بالمئة من المستهلكين الذين لا يعون الظروف التي يمكنهم فيها وقف مدفوعاتهم بواسطة بطاقة الاعتماد إذا ما تعرّضوا لإجحاف من أي نوع.
مساس بقدرة ردع السلطات أمام مصالح تجارية تنتهك قوانين الاستهلاك
يشير التقرير إلى أن هناك مشكلة بارزة في حجم إنفاذ قوانين سلطة حماية المستهلك. وإضافة إلى المعطيات أعلاه تتراجع نسبة الملفات التي تم فتحها في أعقاب توجهات مستهلكين شعروا بالغبن. فالسلطة فتحت 3 ملفات جنائية فقط في هذين العامين على الرغم من أنه كانت في هذه الفترة 13 شركة تبيّن أنها تعاملت بشكل يؤدي للغبن والإجحاف مع مستهلكين. ويقدر المراقب بأن هذا قد يمسّ بقدرة ردع السلطات أمام متاجر ومصالح تجارية تنتهك قوانين حماية المستهلك.
يتضح من الفحص أن معالجة المجلس الإسرائيلي للاستهلاك إشكالية، حيث أنه تلقى نحو 90 ألف شكوى من مستهلكين بين العامين 2018-2020 ولكن تبيّن أن المجلس عمل على إغلاق شكاوى بدأ علاجها، ولم ينجح لأسباب مختلفة في تلقي إجابات من الجهات المرتبطة بالشكاوى خلال أكثر من 30 يوما. ولهذا تم إغلاق حوالي 5300 شكوى في العامين المشار إليهما. وهذا يشكل نحو 20% من الشكاوى المفتوحة في تلك الفترة. اتضح أيضا أنه على الرغم من إقرار المجلس بوجوب الردّ على توجهاته خلال 4 أيام فبالمعدل تم الرد في العامين 2019-2021 على 46 بالمئة من الطلبات خلال 30 يوما. 13 بالمئة من الطلبات جرى الرد عليها خلال 60 يوما ونحو ثلث الطلبات لم يتم الرد عليها إلا بعد مرور 90 يوما فما فوق. أما عدد الشكاوى التي جرى الرد عليها في غضون أربعة أيام كما طالب المجلس فلا يتعدى 1 بالمئة.
كان وعي المستهلكين لحقوقهم الاستهلاكية على الشكل التالي: 77 بالمئة من المستطلعين لا يعون الظروف التي تسمح لهم بوقف مدفوعات بطاقة الاعتماد، ونحو 34 بالمئة ممن طلبوا إلغاء صفقات في بطاقات الاعتماد لم يتوجهوا إلى أية هيئة، ونحو 13 بالمئة لم يعرفوا لمن يتوجهون أو لم يعرفوا حقوقهم. وهكذا تبين أنه لم يتم نشر معلومات حول نشاط وحدة توجه الجمهور في قسم الرقابة على البنوك في بنك إسرائيل. تم تقديم 1300 شكوى بشأن وقف تلقي خدمة في الأعوام 2017-2021 إلى المجلس. ويتبين أن 48 بالمئة من المستطلعين لم يعرفوا حقوقهم بشأن وقف تلقي الخدمات المدفوعة ولم يتم إثبات ضرر يمكن لجهاز المحاكم أن يصدر فيه قرارات لصالحهم.
على الجهات المؤتمنة على حماية المستهلك تحسين الوضع الإشكالي
يوصي مراقب الدولة بأنه أمام نسبة الوعي المنخفضة للمستهلكين بشأن هيئات حماية المستهلك يجب على وزير الاقتصاد فحص الخطوات اللازمة لرفع وعي الجمهور في هذا المضمار. ويتابع أنه يجب على سلطة ومجلس حماية المستهلك الانتباه إلى نسبة الرضى المنخفضة من أدائهما والعمل على تحسين ذلك. ويجب على سلطة حماية المستهلك والمجلس الإسرائيلي للاستهلاك فحص غياب التنسيق والتعاون بينهما، وعدم قدرة المستهلكين على التمييز بينهما في شأن معالجة الشكاوى والإجراءات المعقدة المتعلقة بتقديم الشكاوى. ويطالب وزير الاقتصاد بالعمل على التأكد من تعزيز هذا التعاون بين الهيئتين، وفحص الطرق التي بمقدورها تحسين التنسيق بينهما بما يخدم جمهور المستهلكين.
كذلك يوصي المراقب بأن يعمل بنك إسرائيل من خلال الأدوات والوسائل المتاحة أمامه على معالجة شكاوى بشأن وقف دفعات مصدرها الاحتيال في بطاقات الاعتماد، وخصوصا الحالات التي لوحظ فيها وقوع نصب وخداع منهجي بحق مسنين ومجموعات تستحق الدعم. وأوصى بأن يقوم قسم مراقبة البنوك بالتنسيق مع مجلس الاستهلاك وسلطة حماية الاستهلاك من أجل استيضاح شكاوى من هذا النوع. وأوصى بنك إسرائيل أيضا بإجراء رقابة معمقة لدى مقدمي الخدمات الذين تسببوا في التضليل وبالتالي النصب في بطاقات الاعتماد.
ولتوضيح حجم التعويضات في حال معالجة بعض الشكاوى الجماعية: نشر بنك إسرائيل في آذار 2022 أن وحدة توجهات الجمهور تلقت شكوى من زبون أحد البنوك، تطرقت لوجود خلل في جباية عمولة زائدة مقابل رسائل البريد المسجل. وكشف التحقيق الذي أجرته الرقابة على البنوك أن أحد البنوك جبى من حساب الزبائن مبلغ 11.8 شيكل مقابل كل رسالة قام بإرسالها إليهم عبر البريد المسجل، بينما تمّ جباية مبلغ 6.90 شيكل فقط من البنك من قبل بريد إسرائيل. وبعد تدخل الرقابة على البنوك، عمل البنك على تصحيح تعريفة عمولة "البريد المسجل" في لائحة أسعار البنك. بالإضافة إلى ذلك، عمل البنك على تحويل نحو 380 ألف شيكل لحسابات الزبائن الذين تم إلزامهم بعمولة زائدة بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 7 ملايين شيكل. وتعكس إعادة الأموال للزبائن الفارق بين السعر الكامل الذي تمت جبايته من الزبائن والسعر الذي دفعه البنك بعد الخصم، وذلك نتيجةً للجباية الزائدة في الأعوام السبعة الماضية.
ويلخص مراقب الدولة في توصياته أن جمهور المستهلكين يتواجد في عديد من الحالات في مكانة متدنية أمام أصحاب المصالح، وذلك بسبب عدم معرفة القوانين التي يفترض أن تحمي حقوقه وبفعل صعوبة تلقي دعم من هيئات مسؤولة عن تطبيق تلك القوانين. فقد بينت الرقابة وجود مكامن ضعف وخلل في عمل الهيئات المسؤولة، كما ينص القانون، عن حماية المستهلكين مما يؤدي إلى المساس بحقوقهم. وبالتالي، يشدّد تقرير الرقابة الإسرائيلي على أنه يجب على الجهات المخوّلة والمؤتمنة على تقديم المساعدة والحماية للمستهلك، ومنها وزارة الاقتصاد والصناعة وأقسام في وزارة المالية، العمل على تحسين الوضع الإشكالي الذي تكشفه المعطيات والتحليلات الواردة في التقرير، وإصلاح جميع مكامن الخلل التي أوردها التقرير وتحسين الخدمات المقدمة من قبل الهيئات الرسمية، ورفع مستوى الوعي لدى جمهور المستهلكين بشأن حقوقهم، وكذلك العمل على إيجاد السبل من أجل رفع مستوى رضى الجمهور عن أداء تلك الهيئات الرسمية.