المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

 أعلن بنك إسرائيل المركزي في تقرير جديد أن نسبة النمو الاقتصادي في العام الماضي 2018، بلغت 3ر3%، وهي أقل من نسبة النمو في العامين الأسبقين، 5ر3% في 2017، و4% في 2016. ويحذر البنك من استمرار انخفاض نسب النمو في المستقبل إلى ما هو أقرب للركود، إذا لم تُقدِم الحكومة على إجراءات لتحفيز النمو. في المقابل فإن العجز في الموازنة العامة يستفحل أكثر، ما دفع خبراء اقتصاديين ومحللين إلى التحذير مما هو أسوأ للاقتصاد الإسرائيلي.

وقد حذّر بنك إسرائيل المركزي، في تقرير خاص صدر في الأيام الأخيرة، من أن الاقتصاد الإسرائيلي يتدحرج نحو ما هو أقرب إلى الركود الاقتصادي، في حال لم تتخذ الحكومة إجراءات جوهرية ذات قدرة على رفع الإنتاجية، وزيادة المشاركة في العمل، خاصا بالذكر جمهور المتدينين المتزمتين "الحريديم"، الذين نسبة مشاركة رجالهم في سوق العمل تقل عن 50%، لدوافعهم الدينية. في حين أن النساء العربيات محرومات من فرص العمل، ونسبة مشاركتهن بالكاد تصل إلى 37%.

ويقول البنك في تقريره إن معدل النمو الاقتصادي السنوي من العام 2000 إلى العام 2016، كان في حدود 3ر3% سنويا. ومن شأن هذا المعدل أن يهبط إلى نسبة 7ر2% سنويا، من العام 2017 وحتى العام 2035. وهذه نسبة تقارب الركود الاقتصادي، لأن نسبة التكاثر السكاني الطبيعي السنوية في حدود 2%، وهي الأعلى بين الدول المتطورة.

ويعود ارتفاع نسبة التكاثر إلى نسبة الولادة العالية جدا لدى جمهور المتدينين الذي يشكل حوالي 30% من الجمهور اليهودي، مناصفة بين تيار الحريديم، والتيار الديني الصهيوني. وتصل نسبة التكاثر بين الحريديم إلى 8ر3% سنويا، ولدى التيار الديني الصهيوني إلى 8ر2%. أما نسبة التكاثر بين العرب، الذين يشكلون قرابة 18% من السكان، فإنها في هبوط مستمر، وبلغت في السنوات القليلة الأخيرة 6ر2%.

ويقول محللون إن إسرائيل ليس بمقدورها أن تدعي بأن نسب النمو الاقتصادي لديها أعلى من باقي الدول المتطورة، لأن نسبة التكاثر السكاني هي الأعلى من بين الدول المتطورة، خاصة في أوروبا الغربية. والمؤشر على هذا هو عدم ارتفاع مستوى المعيشة. كما أن معدل الفرد من الناتج العام يراوح مكانه منذ سنوات، وهو يتراوح ما بين 37 ألفا إلى 38 ألف دولار.

ويقول البنك المركزي إن على الحكومة أن ترصد ميزانيات من شأنها أن تدفع الفئات التي لا تشارك في العمل بنسبة موازية للفئات الأخرى إلى سوق العمل، وزيادة الإنتاجية في العمل. ويطلب البنك زيادة سنوية بما تعادل 3ر8 مليار دولار، ترصد في البنى التحتية، واستثمارات من شأنها أن تخلق أماكن عمل. ومن بين هذه الميزانية حوالي 4ر3 مليار دولار زيادة لميزانية جهاز التعليم، من أجل سد الفجوات ومساعدة الشرائح الفقيرة والضعيفة على تحقيق تحصيل دراسي وعلمي أكبر.

ويقصد البنك في تقريره جمهور المتدينين المتزمتين، الذين طلابهم يتعلمون في مدارس خاصة بطوائفهم، وهي تتبع منهاجا خاصا بها بعيدا عن المواضيع العصرية، وبالذات الرياضيات، ما يجعل غالبيتهم ليست قادرة على الانخراط لاحقا في الجامعات. في حين أن قلة الميزانيات لجهاز التعليم العربي، وعدم قدرة نسبة عالية من الجمهور العربي على تمويل البرامج اللامنهجية، يخلقان فجوات في مستويات التحصيل العلمي، وهذا ينعكس سلبا على معدلات الانخراط في الجامعات.

وتدل كل نتائج الامتحانات الاختبارية لمستويات الطلاب عامة، على المستويين المحلي والعالمي، أن نسب النجاح بين اليهود موازية لتلك القائمة في الدول المتطورة، بينما معدلات التحصيل لدى العرب أقرب إلى الدول النامية، وبالذات بسبب ضعف التحصيل في المناطق الأشد فقرا، وخاصة بلدات صحراء النقب، التي يشكل سكانها قرابة 15% من فلسطينيي الداخل.

ويقول البنك إن زيادة ميزانية التعليم بنسبة 1% من حجم الناتج العام (4ر3 مليار دولار) من شأنها أن تقرّب إسرائيل إلى معدل الصرف على جهاز التعليم القائم في منظمة التعاون بين الدول المتطورة OECD. وبرأي البنك، فإن الزيادة السنوية بقيمة 30 مليار شيكل (3ر8 مليار دولار) على البنى التحتية والتعليم وخلق أماكن عمل، من شأنها أن ترفع المعدل السنوي للنمو الاقتصادي إلى 6%.

تفاقم العجز  وتراجع الضرائب

 من ناحية أخرى أعلنت وزارة المالية أن العجز في الموازنة العامة بلغ في نهاية آذار نسبة 4ر3% من حجم الناتج العام في الأشهر الـ 12 الأخيرة. وعلى الرغم من أن هذا هو تحسن طفيف جدا عما كان في نهاية شهر شباط، 5ر3%، إلا أن توقعات الخبراء، بمن فيهم خبراء في وزارة المالية، تشير إلى أن العجز سيواصل ارتفاعه، وقد يرسو في نهاية السنة الحالية عند مستوى 6ر3%، في حين أن نسبة العجز المحددة لهذا العام هي 9ر2%.

ويحذر الخبراء والمحللون من أن الحكومة الجديدة المقبلة سيحمل فيها الشركاء مطالب تكلف الخزينة العامة، ما سيجعل العجز يتفاقم أكثر. ورغم هذا، هناك من يتوقع أن الحكومة الجديدة ستستغل كونها تتشكل للتو، وأن الانتخابات التالية ستكون بعيدة، لتتجرأ على القيام بتقليصات كبيرة في الموازنة العامة للجم العجز. وليس من المستبعد أن يكون الثمن رفع ضرائب وخفض مخصصات اجتماعية.

وما يزيد من الأزمة التي تلوح مؤشراتها في الأفق، هو تراجع المداخيل من الضرائب، التي انتهت في العام الماضي بزيادة طفيفة عما هو محدد، أقل من 2%، بدلا من زيادة سنوية بحوالي 6%، في السنوات السبع التي سبقت.

ويقول تقرير سلطة الضرائب إن الربع الأول سجل تراجعا بنسبة 1ر2% عن الهدف المحقق للجباية في الربع الأول من العام الجاري. وبلغ حجم الضرائب 6ر82 مليار شيكل، وهو ما يعادل 8ر22 مليار دولار تقريبا. وقال التقرير إن إجمالي الجباية كان أقل بنسبة 1ر0% مما كان في ذات الفترة من العام الماضي.

وحسب التقرير، فإن ما ساهم في خفض الجباية هو المرتجعات الضريبية التي كانت في مطلع العام الجاري، وبالذات في شهر شباط؛ إذ أن الكثير من الشركات الضخمة تدفع سلفة زائدة عن ضرائبها في بحر العام، ثم تسترجع الفائض في مدفوعاتها، إذا حصل، في أوائل الشهر التالي. إلا أنه في حقيقة الأمر فإن التراجع في مداخيل الضرائب كان واضحا منذ مطلع العام الماضي 2018 وهذا مستمر.

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات