التشكيلة الجديدة للحكومة الإسرائيلية لم تطرح جديدا البتة. وعلى غرار نتائج الانتخابات فإنها أعادت، على نحو ما، الحكومة السابقة بقيادة الليكود، مع خروج حزب العمل الذي هو من يسار الوسط. وعلى هذا فإن هذه الحكومة ستكون الأكثر يمينية وتطرفا في تاريخ إسرائيل كله.
بالنسبة للفلسطينيين فإن ما يطرحه شارون وحكومته غير جدي بتاتا، والهدف منه ليس فقط الظهور بمظهر الداعي للسلام وإنما أيضا إجبار الفلسطينيين على رفض الفكرة ليظهروا بمظهر الرافض للسلام. وأكثر ما يؤكد عدم جدية هذه الأفكار أنها مليئة بالتناقضات والشروط والمطالب الغامضة التي من الصعب الاتفاق على أنها قد حققت أم لا. فكيف سيكون هناك دولة فلسطينية مع تنشيط العمل الاستيطاني في الضفة ومنطقة القدس؟ وهل يعقل أن يفرض على الفلسطينيين نظام حكم وإدارة يكون الهدف من إنشائها تحقيق الأهداف الإسرائيلية قبل أن تلتفت هذه الإدارة إلى المصالح الحيوية الفلسطينية؟ وكيف سيلبي الفلسطينيون المطالب الإسرائيلية ما دامت الحكومة الإسرائيلية هي الجهة التي ستقرر فيما إذا نفذ الفلسطينيون كل ما طلب منهم، علما أن القائمين على هذه الحكومة لا يرغبون بالانتقال من المرحلة الأولى للمرحلة الثانية؟
واحد من أسرار سحر شارون السياسي هو التأثير الكبير المنسوب له على رئيس الولايات المتحدة، جورج بوش. فشارون نجح في تسجيل بوش عضوًا في مركز "الليكود"، وامتطى صهوة صداقتهما صوب النجاح الجارف في الانتخابات. ومعًا، أبطل الاثنان كل خطة لحل سياسي، هددت بدفع إسرائيل نحو تنازلات وشكلت خطرًا على مجهودها لتركيع الفلسطينيين. واتضح هذا الأسبوع، أن "خارطة الطرق" أيضًا وُضعت على الرف، إلى ما بعد الحرب في العراق، ومن المرجح أنها قُبرت للأبد، مثلما قُبرت كل المبادرات السابقة التي خرجت من وزارة الخارجية الأمريكة وشركائها الأوروبيين.وبدا هذا التزاوج بين القدس وواشنطن متكاملا، إلى حين بدء المداولات المستمرة حول رزمة المساعدات الاسرائيلية، وأوضحت أن لهذه الصداقة المزدهرة حدودًا أيضًا. واتضح فجأةً، أن نظام بوش كريم على حساب الفلسطينيين، ومسرور بتزويد شارون بلفتات سياسية. فأصلاً، هو لا يريد أن يكون الوساطة في النزاع الأزلي حول تقسيم البلاد. ولكن عندما طلبت إسرائيل حصتها من حقيبة الأموال الأمريكية تبدّلت تصريحات المحبين بأسئلة صعبة، وشَغّل النظام الأمريكي طواحينه البيروقراطية، بغيار واطئ.
تجاهلت إسرائيل ودافيد كلاين (محافظ بنك إسرائيل) ووزراء الحكومة، بصمتٍ ضاجٍ ومغيظٍ، تقرير الأجور في القطاع العام لسنة 2001 ("تقرير رخلفسكي")، الذي نُشر الاربعاء 12 اذار. وفي مركز التقرير كَشفٌ مذهلُ عن الأجور الضخمة في العُشر العلوي لموظفي القطاع العام.
الصفحة 976 من 1047