كشفت صحيفة هآرتس، اليوم الجمعة – 13.2.2009، عن أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، تحاور مع الرئيس السوري، بشار الأسد، بواسطة رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، عبر الهاتف ولمدة أربع ساعات على الأقل. وأضافت الصحيفة أن هذه المحادثة، غير المباشرة، حدثت لدى زيارة أولمرت الأخيرة إلى تركيا، في 22 كانون الأول الماضي، وأن الجانبين الإسرائيلي والسوري أوشكا خلالها على الاتفاق للانتقال إلى محادثات مباشرة في المفاوضات بينهما وإصدار بيان مشترك بهذا الخصوص، لكن شن إسرائيل الحرب على غزة بعد خمسة أيام أوقف هذا التقدم.
ونقلت هآرتس عن مصادر تركية قولها إنه كان يفترض أن يشمل الإعلان الإسرائيلي السوري المشترك موافقة إسرائيلية على الانسحاب من هضبة الجولان مقابل سلام كامل وترتيبات أمنية. وكان أردوغان قد اقترح على أولمرت، لدى وصوله أنقرة، إجراء محادثة هاتفية مع الأسد بهدف صياغة بيان مشترك حول انطلاق مفاوضات مباشرة بين إسرائيل وسورية. ويذكر أن إسرائيل وسورية أعلنتا في شهر أيار الماضي عن استئناف محادثات سلام غير مباشرة بينهما بوساطة تركيا.
وقالت مصادر تركية رفيعة المستوى إن أردوغان توجه إلى إحدى الغرف في مقر إقامته الرسمي وهاتف الأسد سائلا ما إذا كان يوافق على إجراء محادثة هاتفية غير مباشرة مع أولمرت بواسطته وأن الأسد وافق وتم البدء في صياغة البيان المشترك. وكان مساعد لأردوغان يدخل الغرفة التي يتواجد فيها أولمرت، كل بضع دقائق، ويطلعه على فحوى الحديث بين أردوغان والأسد. فيما يعرب أولمرت عن رأيه في القضايا الجاري الحديث حولها ويضع ملاحظات ينقلها أردوغان بدوره إلى الأسد ويتلقى منه ردودا على ملاحظات أولمرت.
وبحسب المصادر التركية فقد استمرت المحادثة الثلاثية أكثر من أربع ساعات. وبعد منتصف الليل أبلغ أولمرت أردوغان بأن عليه العودة إلى إسرائيل، فيما قال أردوغان له إنه سيواصل المحادثة مع الأسد وسيطلعه على نتائجها في اليوم التالي من أجل الاستماع لملاحظات أولمرت. وقال أحد المصادر التركية إن "صياغة البيان السوري الإسرائيلي أوشكت على الانتهاء وكان ينقصها عدة تعديلات لكلمات من أجل إنهائها وبعد ذلك كان يتعين على الجانبين الإعلان عن استعدادهما لعقد لقاءات وجها لوجه".
لكن إسرائيل شنت بعد خمسة أيام العملية العسكرية "الرصاص المصبوب" الواسعة على قطاع غزة وشعر أردوغان بأنه قد تم غدره.
وقال أحد المصادر التركية لهآرتس إن أولمرت وأردوغان "جلسا طوال خمس ساعات وتحاورا مع سورية وبدأ أنهم أوشكوا على القيام باختراق تاريخي. ولم يفكر أحد بأن يتصرف أولمرت بهذا الشكل من وراء ظهر أردوغان ولا يلمح حتى إلى عزمه شن عملية عسكرية في غزة". وأضاف أحد المصادر التركية أن أردوغان اقترح التوسط بين إسرائيل وحماس لوقف التوتر في حينه بين الجانبين والمتمثل بغارات وتوغلات عسكرية إسرائيلية في القطاع وإطلاق صواريخ من القطاع باتجاه جنوب إسرائيل. وتابع المصدر التركي أن "أولمرت تهرب وفهمنا أن إسرائيل سترد (على إطلاق الصواريخ) لكننا لم نسمع ذلك من أولمرت ولم نتوقع ردا رهيبا إلى هذا الحد".
ولفت محرر الشؤون العربية في هآرتس، تسفي بارئيل، إلى أن سلوك أولمرت في هذا السياق يذكر بسلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، مناحيم بيغن، في العام 1981 تجاه الرئيس المصري، أنور السادات، عشية قصف الطيران الحربي الإسرائيلي للمفاعل النووي في العراق، وعندها شعر السادات بأنه تم غدره مثلما كان اردوغان يستشيط غضبا.
وقال أحد مساعدي رئيس الوزراء التركي إنه بعد بدء الحرب على غزة في 27 كانون الثاني الماضي قال أردوغان إن أولمرت طعنه في ظهره وأنه يجب أن يكون ثمنا لذلك، لأن الدول العربية اعتبرت أن تركيا كانت على علم مسبق بنية إسرائيل شن الحرب وتعاونت مع إسرائيل.
وعبر أردوغان عن غضبه وشعوره بالمهانة خلال مؤتمر دافوس الاقتصادي في سويسرا، بواسطة تصريحات شديدة ضد إسرائيل بحضور الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، ومغادرته قاعة المؤتمر. وقال أحد المصادر التركية إن "رد فعل أردوغان في دافوس بما في ذلك خروجه الغاضب من اللقاء كان مخططا له سلفا بصورة جيدة، وليس وليد غضب آني. إذ كان ينبغي على تركيا استعادة كرامتها".