وزارة الداخلية تنتهج سياسة تمييز وتسيء التعامل بشكل منهجي مع كل من هو غير يهودي. هذا ما أكده التقرير الذي نشرته جمعية حقوق المواطن، بمناسبة افتتاح أسبوع حقوق المواطن وأعده المحامي عوديد فيلر من الجمعية.
يتناول التقرير بالأساس الخروقات المنهجية لحقوق الإنسان من قبل دائرة تسجيل السكان في وزارة الداخلية، ويعرض صورة قاتمة عن إساءة التعامل مع غير اليهود الذين يحاولون الحصول على مكانة قانونية في إسرائيل، وحالات الفصل بين أبناء العائلة الواحدة، والأنظمة السرية والإخفاء المتعمد للمعلومات.
يشير التقرير إلى أن دائرة تسجيل السكان تعتبر نفسها "حامية الأسوار"، ووظيفتها حماية الطابع اليهودي لدولة إسرائيل بأي ثمن. وتشكل هذه السياسة خرقا فاضحا لحقوق الإنسان. فالدائرة تدوس، بشكل منهجي، كرامة الكثيرين لمجرد كونهم من غير اليهود، وتدوس كرامة المواطنين الإسرائيليين الذين اختاروا اقتسام حياتهم مع مواطنين من دول أخرى، وتلحق ضررا بالغا بأولادهم.
وحسب التقرير يرافق موظفو دائرة تسجيل السكان سكان إسرائيل منذ ولادتهم وحتى وفاتهم. إنهم يديرون السجل السكاني ويصدرون شهادات الولادة وشهادات الوفاة، بطاقات الهوية وجوازات السفر. لديهم الصلاحية بتحديد من يمكنه الدخول إلى إسرائيل ومن يطرد منها، وكذلك وضع أنظمة لتحديد مكانة الأجانب في إسرائيل. هذا الأمر حوّل دائرة تسجيل السكان، في السنوات الأخيرة، إلى منظومة هائلة، تستحوذ على صلاحيات تتحكم بواسطتها بالحقوق والحريات الأساسية لسكان الدولة. وتتصدر دائرة تسجيل السكان، اليوم، قائمة للسلطات الرسمية المشكوك بأمرها والتي تخرق الحقوق الأساس لسكان إسرائيل. وتختلط السياسة المعلنة في دائرة تسجيل السكان بسياستها غير العلنية وبآلية بيروقراطية معقدة. فبينما لا يخجل موظفو دائرة تسجيل السكان من تنفيذ سياسة الحكومة والكنيست العنصرية فيما يتعلق بمنح المكانة في إسرائيل للفلسطينيين والعرب عامة، تقوم الوزارة بإخفاء ذلك التطرف المماثل تجاه المهاجرين الآخرين، بواسطة أنظمة سرية وبآليات إعياء بيروقراطية.
ويستعرض التقرير، عن طريق أمثلة كثيرة، الصعوبات والإساءة التي يواجهها غير اليهود، الذين يحاولون الحصول على مكانة في إسرائيل، ومن بينهم أزواج وأولاد لمواطنين وسكان إسرائيليين. فعلى سبيل المثال، يتم في بعض الأحيان الفصل بين الأولاد، مواطني إسرائيل، وأحد والديهم من خلال طرده من البلاد، ليمنع بذلك تسجيل الأولاد الذين يستحقون الجنسية الإسرائيلية بموجب القانون، مما يؤدي إلى حرمانهم من حقوقهم الأساسية ومن بينها الحق في العلاج الطبي في إطار التأمين الصحي الرسمي. ويكشف التقرير عن سلسلة من الوسائل البيروقراطية التي يستخدمها موظفو وزارة الداخلية، في محاولة لدب اليأس في قلوب المتوجهين بطلبات لتلقي الخدمة، بأن يتم انتزاع الجنسية والإقامة بشكل روتيني دون اتخاذ إجراءات عادلة ودون منح الحق في الاعتراض؛ أو إهمال الطلبات المقدمة لسنوات عديدة، أو الُطلب من طالبي الحصول على مكانة، مرارا وتكرارا، استصدار مستندات مختلفة وغير منطقية ومن غير الممكن أبدا الحصول على جزء منها. وهكذا، لا يحصل الأشخاص الذين تم تعريفهم بأنهم "ممنوعون من معالجة شأنهم" على الخدمات لسنين عديدة، ولا يقوم أحد بتوضيح ماهية الأمر لهم؛ وترفض وزارة الداخلية إجراء تغييرات في السجل السكاني؛ وغير ذلك. إلى هذا، فإن القرارات المصيرية بشأن منح المكانة لأشخاص يعتبر الأمر مصيريًا بالنسبة لهم، يتم اتخاذها في إطار لجنة متعددة الوزارات، تعمل سرا ودون أن يعلم أصحاب الشأن من هم أعضاؤها وفيما إذا كانت اللجنة قد نظرت في أمر مصيرهم في إسرائيل.
ويشير التقرير إلى أن سياسة دائرة تسجيل السكان الحازمة لا تتغير مع تبدّل الوزراء. وجاء في التقرير أيضا أن دائرة تسجيل السكان ودائرة الشؤون القانونية في الوزارة هما من يحدد ويضع هذه السياسة المجحفة من الناحية العملية. وتتمتع هذه السياسة، حسب التقرير، بتأييد ودعم المستشار القضائي للحكومة وممثليه في النيابة العامة.
وتؤكد جمعية حقوق المواطن أنه من غير المعقول أن يتم التقرير في مسائل جوهرية كمنح مكانة قانونية في إسرائيل لمن أسس حياته فيها، أو منح مكانة للاجئين وطالبي حق اللجوء أو في حالات إنسانية مختلفة أخرى، دون وضع معايير توجيهية وعلنية. وعليه فإن جمعية حقوق المواطن تطالب بنشر معايير واضحة فيما يتعلق بإجراءات الحصول على الجنسية والإقامة وترسيخها في إطار تشريع أساسي أو على الأقل في إطار أنظمة واضحة، مما يمكّن من إجراء حوار عام ومراقبة ما يجري. وتناشد جمعية حقوق المواطن مراقب الدولة والمفوضية العامة لخدمات الدولة إجراء فحص جذري للخدمات المقدمة في دائرة تسجيل السكان، وتؤكد واجب الاهتمام بالتحقيق في الشكاوى المتعلقة بعدم تقديم الخدمات أو انتزاع المستندات بشكل غير قانوني، الخدمة الفظة، الإساءة، أشكال العنصرية والآراء المسبقة، وكذلك الإجراءات التي تستغرق وقتا طويلا دون أي مبرر.