النكبة في الخطاب الإسرائيلي: قراءات نقدية تحليلية

الفعالية: ندوات

عقد المركز الفلسطيني للدرسات الإسرائيلية "مدار" بالتعاون مع مركز خليل السكاكيني الثقافي-رام الله ندوة بعنوان: النكبة في الخطاب الإسرائيلي: قراءات نقدية تحليلية

إيمان نحاس

· السرد الإسرائيلي للنكبة وبناء الهوية الجماعية بعد 1948

· إن المقولة الأساسية لهذه المداخلة هي أن الدولة اليهودية ونتيجة لديمومة حالة الصراع التي تعيشها، والمليئة بالأوضاع الضاغطة والمهددة لكيانها، والتي تتطلب من افرادها حالة الإستنفار الدائم والإستعداد للتضحية جعلت أفرادها يطورون ميكانزم نفسي – اجتماعي يساعدهم على مواجهة هذا الصراع (بار- تال، 2007)؛ ولكن هذا الميكانيزم نفسه هو الذي يجعلها تستمر بالصراع.

· هذا الميكانيزم يحتوي على ثلاثة عناصر أساسية: ذاكرة جماعية، اخلاقيات نزاعية (إتوس)، وتوجه عاطفي جماعي (كراهية، خوف، غضب تجاه الآخر).

· مميزات الصراع العقيم Intractable ethno-national conflicts

· الشمولية: totality: يمتد الصراع إلى جميع الأجهزة بالدولة القادة، الشعب والمؤسسات المختلفة مثل التربوية والثقافية.

· استمرارية، protractedness: يستمر الصراع على الأقل قرناً واحداً وأحيانا يستمر لقرون. هذا الإستمرار يعني أن كلا الطرفين طور وجذر التعصب والعدائية تجاه الآخر وأن الذاكرة الجماعية متأثرة بأحداث الصراع وبأن المجتمع لاءم نفسه للصراع.

· مركزية- centrality: تنعكس مركزية الصراع بانشغال الشعب فيه فيكون بارزاً في الأجندة العامة، الإعلام، كما وأن المثقفين والسياسيين منغمسون في الصراع وبتطوره.

· العنف violence: تحتوي هذه الصراعات على أحداث عنيفة، تدخل عسكري محدود وهجمات ارهابية. دائرة العنف تؤلم المواطنين والعسكريين كما وتسبب تخريبا للمتلكات وحتى تهجير السكان. درجة العنف وحدته بكل مجتمع هي سبب آخر لمركزية الصراع في الحياة العامة. الأحداث العنيفة تؤدي إلى عدائية شديدة تجاه الآخر والتي يتم نقلها من جيل إلى جيل.

· تناقض شديد بين الطرفين perception of irreconcilability (Zero sum) : تتطلع المجتمعات المنغمسة في صراع كهذا إلى الفروقات بينها وحدة تناقضها. حيث يرى كل طرف أهدافه ضرورية لبقائه لذلك لا يرى التنازل الذي يستعد له الآخر حتمياً لحل النزاع.

· مميزات خاصة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني والتي تصعّب حله

· شرعية استثنائية Zero Sum game: للشعبين جذور في هذه الأرض. هذا الإعتراف يجعلهم بحالة من الخوف الدائم من نية الآخر بالإستيلاء على ممتلكاتهم وبذالك يشعرون بتهديد مستمر.

· للشعبين تاريخ حافل بكونهم ضحية victimization: تعرض الأطراف إلى كوارث ومصائب يزرع لديهم الشعور بقلة الأمان وعدم الثقة بالمجتمع الدولي.

· قوى غير متوازنة. قوة إسرائيل مقابل الفلسطينيين وضعفها مقابل العالم العربي.

· تسيس الديانة.

· في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني طور المجتمع اليهودي ثماني عقائد societal beliefs تزود أفراده بمعلومات حول أسباب الصراع واستمراريته.

· لهذه العقائد دور أساسي في بناء سرد للذاكرة الجماعية (الماضي) وسرد لأخلاقيات المجتمع (الحاضر).

· السرد لأحداث الماضي يتناسب ويتناغم مع احتياجات الحاضر فلا يعطي حقيقة تاريخية بل هو انتقائي ومتحيز.

قاموس أوكسفورد يعرف الكلمة اليونانية إتوس (Ethics= Ethos) روح الشعب. بينما يستعملها العلماء الإجتماعيون والمؤرخون لوصف الصفات الأخلاقية، الدينية، السياسية، الأيديولوجية والسلوكية لمجموعة ما.

· العقائد التي تغذي الذاكرة الجماعية وأخلاقيات الشعب اليهودي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

الأهداف الإسرائيلية ”منطقية، عادلة، وحقة“: the justness of one's own goals

· الفكرة الصهيونية بالنسبة لرجوع اليهود إلى أرض إسرائيل لإقامة دولتهم بعد 2000 سنة من الشتات. هذه الأيديولوجيا زودت اليهود بالهدف ومبرراته. فيعرضون جدلاً تاريخيا، دينيا، وطنيا، وجوديا، سياسيا، إجتماعيا وثقافيا لتبرير وجودهم في فلسطين ”أرض إسرائيل“.

· فيتحدثون مثلاً عن الرابط الروحي القوي الذي ربط اليهود بأرض اسرائيل حتى أثناء وجودهم بالمنفى. وان الملاحقة التي كانت ضدهم بال”غربة“ سلطت الضوء على حاجتهم بمكان آمن يعيشون به. ولتبرير أهدافهم قاموا بضحض الإدعاءات الفلسطينية وادعوا انه لم يكن الكثير من ”السكان“ في ارض اسرائيل كما وأنكروا الهوية الوطنية الفلسطينية وقالوا بأن السكان كانوا عرباً وليسوا فلسطينيين. كما وقالوا بأن الأرض كانت بأغلبها مهملة، غير مزروعة بدائية ونائية إلى ان أتى اليهود و”استصلحوها“ فقاموا بتجفيف المستنقعات وتحويل الأراضي الصحراوية إلى أراضي زراعية .

· اهانة الخصم: adversary's negative image في البداية صور الفلسطيني بدائيا، غير متطور، همجي، جبان. بعدها أصبح الحديث عنه بأنه قاتل، متعطش للدم، خائن، جبان، قاسي وشرير. يدعي اليهود بأن العرب لا يبحثون عن السلام إنما يريدون رميهم في البحر. يشار للفلسطيني كعربي للتأكيد على عدم وجود شعب فلسطيني في فلسطين وللإشارة بأن للفلسطينيين الكثير من الدول العربية التي بإستطاعتهم اللجوء اليها وبذلك يمكن للكثير من اليهود القدوم إلى أرض اسرائيل.

· نظرة جماعية إيجابية: positive in-group image نعت الصفات الإيجابية والقيم الحسنة للشعب اليهودي. الشعب المختار، الشجاع، العصري، المثقف وصاحب القيم الإنسانية والمبدئي.

· الضحية: own victimization يرون أنفسهم كضحية للعرب ولأعمالهم العنيفة. فهم ينظرون للعرب يأنهم يريدون إيذاءهم فعليا (إبادتهم)، الحد من هجرتهم ومنعهم من الإستيطان بأرضهم. هذا الإيمان تقوى مع كل عمل يقوم به الفلسطينيون ضدهم من عمليات فدائية او امبارغو. ان هذا الشعور يغذي لدهم الرغبة بالقتال مع الفلسطينيين بحثاً عن ”العدل والحق“.

· الأمن: Security يؤمن اليهود الإسرائيليون بأن أمن دولتهم مهدد وبأن الشعب اليهودي بخطر. ولذالك فإن البحث عن الأمان، هو أحد أهم الأسباب الصهيونية بإقامة الدولة اليهودية. ولذا أصبح المجتمع الإسرائيلي معبئا بروح الجندية والخدمة العسكرية a “nation in arms” أو “nation in uniform”.

· يلعب الأمن دوراً مهما في معظم قرارات الحكومة ويؤثر على سن القوانين، تبرير ممارسات الدولة، والسياسات ووصولاً إلى تأثيره على المجالات الإقتصادية، الإجتماعية، التربوية والثقافية.

· الشروط للحفاظ على الأمن هم: 1- تفوق عسكري. 2- حرب استباقية 3- الإعتماد على الذات 4- الأرض وهي أهم استراتيجية قومية للحفاظ على الأمن.

· لذا يتم التركيز على الخدمة في جيش ”الدفاع.“

· حب الوطن: patriotism يقوم اليهود الإسرائيليون بجهود جمة لتقوية حب الوطن عند الشعب، فيطلب منهم التضحية في سبيل الوطن، تحمل الصعاب الإقتصادية والخدمة العسكرية المستمرة أو الخدمة الإحتياطية. فيتم تبجيل الأشخاص اللذين يضحون في سبيل الوطن ويوصم بالعار كل من لا يخدم وطنه.

· الوحدة: unity الإيمان بضرورة الوحدة يساعد الإسرائيليين بتجاهل الخلافات والصراعات الداخلية والتوحد بوجه التهديدات الخارجية ولذالك يحاول المجتمع اليهودي الإسرائيلي كل الجهود لبناء وتقوية الإنتماء عند الشعب فيتم التشديد على التقاليد والعادات الدينية التي بدورها تخفف من الإختلافات العرقية داخل المجتمع اليهودي.

· السلام: peace أثناء الصراع، يعطي اليهود الإسرائيليون أهمية بالغة للسلام كقيمة. فهم يصلون، ويحلمون بالسلام. يدّعون بأنهم شعب يحب السلام ولكنهم مجبرون على خوض صراعات عنيفة. يصورون أنفسهم كجاهزين للتفاوض وللوصول إلى حل سلمي بينما العرب هم الذين يرفضون كل الحلول السلمية ويمتنعون عن العلاقة المباشرة معهم وهذا بالنسبة لهم هو العائق الأساسي للتوصل إلى حل سلمي. هذا التصور يزرع بهم الأمل والإيجابية ويقوي نظرتهم الإيجابية بأنفسهم كما ويمنحهم صورة إيجابية أمام العالم الخارجي.

يتم التركيز على هذه العقائد والتي تكون السرد الجماعي في الأجندة العامة ويتم نشرها عن طريق مؤسسات المجتمع المختلفة ونقلها من جيل إلى جيل.

الدولة اليهودية تنشر بواسطة مؤسساتها المختلفة ذاكرة جماعية،أخلاقيات، وتوجه عاطفي جماعي داعمة لإستمرارية الصراع كما وتزود الأفراد بالمجتمع بمهارات حياتية/نفسية تساعدهم على مواجهة الصراع. لذا في الدولة اليهودية لا يسمح بوجود سرد آخر.

· تحليل الخطابات التي تلقى بما يسمى ب ”يوم الإستقلال“ ويوم شهداء الجيش الإسرائيلي

المراسيم المختلفة التي تقوم بها الدولة وبالأساس الإحتفال بيوم الإستقلال واحياء ذكرى جنود الجيش تقوي الهوية الجماعية وتمنح الشعور بالإنتماء والوحدة وفي إسرائيل خاصة تحاول هذه المراسيم تبرير أهداف المجتمع ونتائج الصراع، تقوية الرؤية الذاتية تجاه نفسهم وإلقاء مسؤولية بدء النزاع واستمراره على الآخر. إن الخطابات الملقاة في هذه المراسيم تحاول غرس عقائد، قيم ورموز ترتبط مع التعامل مع الصراع.

· 1948- 1973 تؤكد جميع الخطابات على أهمية الأمن ودور ”جيش الدفاع الإسرائيلي“ بالحفاظ عليه. كما ويتم التشديد على شرعية وصدق الأهداف، رؤية إيجابية للذات، وحب الوطن، ولكن لا توجد اشارة لأهمية الوحدة أو للتطلع إلى السلام.

· 1983 التركيز على رؤية إيجابية للذات، ضرورة الوحدة، ربط الحاضر بالماضي والتركيز على استمرارية ارتباط هذا الشعب بأرض إسرائيل، حب الوطن والإستعداد للتضحية في سبيله، وأهمية الحفاظ على الأمن ولكن لا يوجد ذكر للتطلع إلى السلام.

· 2000 التركيز فقط على الوحدة والسلام الداخلي أكثر من بقية المواضيع بسبب التشرذم الإجتماعي الذي يعيشه المجتمع اليهودي.

· دور المنهاج التعليمي في المجتمعات ”متعددة الحضارات“ ببناء الذاكرة الجماعية وتقوية الأخلاقيات الوطنية.

· النصوص التي يتعلمها الطالب اليهودي في المدارس الإسرائيلية تقدم سرد صهيوني تقليدي يحافظ على القيم الصهيونية القومية ويصقل الذاكرة الجماعية على أساس قومي-عرقي.

· إيال نافيه- القرن العشرون

السرد الصهيوني

· يتحدث عن الفلسطينيين كعرب بأرض إسرائيل، وصفوا بعصابات عربية هاجمت المستوطنات اليهودية والوحدات العسكرية البريطانية وقتلت وخربت.

· اليهود شعب منهمك بالإستيطان وبتطوير البلاد بينما يقوم العرب بأعمال عدائية عنيفة وبناء منظمات معادية لليهود.

· الحركة الوطنية الفلسطينية ظهرت بشكل تلقائي بالثلاثينات كردة فعل للحركة الصهيونية وليس كنتيجة لتطور اقتصادي اجتماعي لسكان أصليين متجذرين بالأرض والوطن.

· أقلية تحارب الأكثرية “the few against the many” والتركيز أكثر على النوعية والجودة منها على الكمية. الجيوش العربية كبيرة العدد ولكن قيادتها غير متحدة وغير منظمة والمقاتلون يفتقدون الخبرة والتدريب. بينما الجيش اليهودي فيعرض كجيش قليل العدد ولكنه منظم يسير بحسب الخطط المرسومة وجيوشه مدربين تدريباً جيداً.

· نافيه يؤكد بأن هنالك من العرب الذي هجر بيته قبل وصوال اليهود إلى قريته ولكن بذات الوقت هنالك من تم طرده من بلاده على يد القوات المحتلة (نافيه، 1999: ص، 143). ولكن هذه الصورة هي أيضاً بعيدة جداً عن الصورة التي يطرحها السرد الفلسطيني أو بعض ما كتبه المؤرخون اليهود الجدد بأن الحركة الصهيونية خططت وقامت بشكل مقصود سياسة التطهير العرقي خلال حرب ال 48 (بابي، 1999 15 سبتمبر، هآرتس).

· تجاهل كامل لمذبحة دير ياسين.

· لغة: حرب استقلال، جيوش محتلة، أرض اسرائيل.

· إيلي بار نافيه وإيال نافيه، أزمنة حديثة Modern times

هذا الكتاب معد للصفوف الثانوية وهو يعرض السرد اليهودي الصهيوني ولكنه يختلف عن الأول بنقطتين يجب الإشارة اليهما:

· دير ياسين: المجزرة التي حصلت في دير ياسين في 9 أبريل 1948 وعلى تأثيرها بتصعيد نسبة المهجرين الفلسطينيين من بلدانهم. إن الطريقة التي تم بها عرض المجزرة تموه حدة العنف والقتل الذي حصل فيتم التطرق إلى ما حصل وكأنها حالة انفرادية استئنائية قام بها المقاتلون بالتصرف بحسب رأيهم وبدون تنسيق مع القيادة التي هي بدورها ادانت هذه المجزرة. هذا الكتاب يحاول ابراز المشاعر الإنسانية عند قائد اللحي الذي يقتبس قائلاً بأنه لا يمكن أن يرتاح عندما يتخيل ما حدث ولكنه قال ايضاً بأنه يعرف انه بالمعركة اموراً كهذه ممكن أن تحصل وبأن من يرتكب مثل هذه الجرائم لا يخطط لها ولكن تكون عادة بمثابة انتقام ساعة غضب.

· وأما النقطة الثانية فتتعلق بقضية اللاجئين الفلسطينيين، يذكر بشكل واضح ان السبب الرئيسي كان هروب . ولكن فقط 10000 قروي تم طردهم من قراهم بعد الحرب بهدف ”تنظيف“ المناطق الأمامية من ”عناصر عدائية“. (قضية اللاجئين نتجت بسبب انهيار وانهزام العرب- اختلاف مع السردين الفلسطيني والصهيوني.

· التوجه العاطفي الجماعي (الخوف، الغضب والكراهية

· إستعمال الخوف كهاجس بكل ما يتعلق بالصراع الفلسطيني إسرائيلي.

· يعتبر الخوف أداة ناجعة لتغيير التوجه والتصرفات بشكل عام وللإقناع بشكل خاص فتشير الأبحاث إلى أن الرسائل التي تحمل بطياتها درجة متزنة من التخويف هي الأفضل للإقناع.

· يستعمل الخوف لتحريك أفراد المجتمع للعمل ضد العدو.

· الخوف على الكيان الصهيوني، الخوف على مكانة اسرائيل الدولية، الخوف من خسارة المناطق المحتلة. تهديد أمني، تهديد للكيان اليهودي في إسرائيل، تهديد على ديموقراطية للبلاد، الخوف من نتائج غير مرغوبة من المفاوضات، خسارة ممتلكات غير منقولة.

· الشعور بالكراهية يتغذى من الإدراك بأن الآخر يقصد الإيذاء وبأن قصده هذا يعود لطبعه العنيف والشرير.

· للتوجه العاطفي الجماعي دور في تخليد الصراع العرقي لأنه يؤدي إلى اعتبارات منحازة، جمود ذهني، التمسك بالماضي وتبرير سياسات الحاضر.