العدد 69 من "قضايا إسرائيلية: جذور الفكر اليميني الصهيوني
رام الله-صدر حديثاً عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية-مدار العدد رقم 69 من المجلة الفصلية المتخصصة "قضايا إسرائيلية". يضم العدد محورا خاصا بعنوان " جذور الفكر اليميني الصهيوني "، ساهم فيه كل من وئام بلعوم/ من النصوص المؤسسة للعنصريّة الصهيونيّة - أرثور روبين وسوسيولوجيا اليهود، دافيد أوحانا، فريدريك نيتشه والتيار اليميني الراديكالي الإسرائيلي، مهنّد مصطفى/ نتنياهو الأب، ولأبن: الكوارث كإطار فلسفي، نبيه بشير/ قراءة جديدة لعقيدة الجدار الحديدي
(نص مرفق: النظرية الأخلاقية للجدار الحديدي) آفي شيلون/ وطن مقدس: موقف مناحم بيغن، مؤسس "الليكود "، من الدين، وتأثيره على علاقته بـ "أرض إسرائيل الكاملة " رائد دحبور/ الصهيونيَّة وجدليَّة التَّنَوُّع الفكري.. طبيعة الجذور الفكريَّة لليمين الصُّهيوني: سهير ابو عقصه داود، نوريت بيلد-إلحنان، توم بيسح
محور هذا العدد هو الجذور الفكرية لليمين الصهيوني. وليست فكرة الفصل بين اليمين واليسار في مجتمع استيطاني- قام ويقوم على الاستحواذ على وطن شعب آخر - فكرة مفهومة ضمنا، وهناك دومًا إغراء منطقي باعتبار كل المشروع - الاستيطاني الصهيوني برمّته- مشروعًا يمينيًا منذ بدايته وحتى اليوم، يقود إلى السيطرة والطرد والاحتلال والتفوّق العرقي.
وعلى الرغم من أهمية وضرورة رؤية العوامل المشتركة بين اليمين الصهيونيّ واليسار الصهيونيّ، فإنه من الأهمية بمكان أيضا رؤية مساحات الاختلاف. ومساحات الاختلاف قد لا تكمن في النوايا، إنما في البرامج السياسية المعلنة.
ومن الممكن التعاطي مع خط المياه الفارق بين يسار ويمين الصهيونيّة من عدة مداخل.
يتعلق المدخل الأول بالجغرافيا السياسية للمشروع الصهيوني- أي يتعلق بالحدود التي في داخلها سيتم بناء المشروع: فلسطين بكاملها، جزء منها، فلسطين وما يقع شرقها. ويمكن تتبع تطور الفرق بين اليمين واليسار عبر تتبع المواقف المختلفة لهذه التيارات إزاء مشاريع التقسيم، من لجنة بيل، إلى قرار التقسيم، إلى قرار ٢٤٢، وحتى أوسلو.
مدخل آخر له علاقة بكيفية التعاطي مع العرب الفلسطينيين أصحاب البلاد الأصليين، وما إذا كان الحق في بناء الدولة والسيادة الذي تطالب به الصهيونية هو حق حصريّ لليهود دون غيرهم، أم أنه حق لليهود وللفلسطينيين، من وجهة نظرهم.
المدخل الثالث له علاقة بتوظيف العنف ودوره في الصراع. فمنذ البداية، آمن اليمين المتمثّل في الحركة التصحيحية من بيت جابوتنسكي، أنه لا بديل للعنف وأنه مكوِّن مؤسّس وأساسيّ في الحركة، وهو فهم تبنّاه بن غوريون في فتره لاحقة، لكنه عرض الموضوع وكأنه شر لا بد منه. هذا في حين مالت مجموعات أخرى، من ضمنها بريت شالوم ومارتين وبوبر، إلى الترويج لضرورة التوصّل إلى تفاهمات مع العرب والفلسطينيين.
يقترن مدخل رابع، للتعاطي مع تصنيف يمين ويسار ،بالطريقة التي تعرض فيها التيارات المختلفة "حقّها" المزعوم في فلسطين. فهناك تيارات تعرض هذا الأمر بصفته تعبيرا عن حاجة ملحة نتجت في أعقاب ملاحقة اليهود في القرن العشرين، وعليه ففلسطين هي ملجأ ومأوى أولا وأخيرا. في المقابل، هنالك تلك المواقف التي تعتبر أن فلسطين هي أرض إسرائيل التي هي ملك لشعب إسرائيل- الشعب اليهودي، وعليه فالحديث يجري عن تنفيذ استحقاق قديم، يستند إلى مبادئ الملكية الجماعية؛ وما الفلسطيني سوى غاز أو ضيف في هذه البلاد.
مدخل خامس له علاقة بطريقة توظيف الدين في المبنى الفكري السياسي. هذا لا يعني بالضرورة أن اليمين وظّف الدين واليسار لم يوظفه، ولكن هنالك فرق في الطرق المختلفة لهذا التوظيف على مرّ السنوات.
ويتعلق المدخل الأخير بموضوع توزيع الثروة والموارد في الدولة وقضايا الحقوق الاجتماعية وقضايا البيئة والصحة العامة.
ليست كل هذه المركبات خاصة بإسرائيل أو بالحركة الصهيونية حصريا، إنما هي سمات تمييز اليسار واليمين بشكل عام، ولا سيّما في المجتمعات الاستيطانية. لذلك نرى أن جزءًا من الأوراق في هذا العدد الجديد من "قضايا إسرائيليّة" يتعامل مع هذه الأسئلة في سياقها التاريخيّ الأوروبيّ والعالميّ أيضا. يمكّن وضع اليمين الإسرائيلي في سياقات إقليمية وعالمية أخرى- ومن ضمنها اليمين الأميركي الجديد المتمثل بحكومة ترامب، واليمين الأوروبي الآخذ في النمو- من وضعه في سياق تاريخيّ وجغرافيّ مقارن، وهذا أيضا ما سعينا إليه، دون إغفال أهمية التفاصيل في كل حالة وحالة.