المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1939

أجرت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل تلخيصا لعمل الكنيست الـ 20 في سنته الأولى، حتى انتهاء دورته الشتوية للعام الجاري 2016، ونشرت نتائجه في تقرير خاص أصدرته في نهاية آذار الأخير عنوانه الأبرز هو: تشريعات ومبادرات تشريعية غير ديمقراطية عديدة تثير قلقا عميقا وجديا في ما يتصل بمسألة "الديمقراطية الإسرائيلية" ومستقبلها.

ويوضح التقرير أن هذا المنحى ليس جديداً ولم يظهر في الكنيست الحالي (الـ 20) بالذات، بل هو مستمر منذ بضع سنوات ويلازم الكنيست في دوراته الأخيرة، غير أن الجديد في الأمر هو التفاقم الحاد والخطير الذي تشهده هذه الظاهرة، وخاصة خلال السنة الأخيرة، في الدورة الشتوية الأخيرة.

ويؤكد تقرير جمعية حقوق المواطن أن انتهاك "منتخبي الجمهور" المستمر للمنظومة الديمقراطية وقيمها، والذي يؤدي إلى إضعافها وتآكلها، يمسّ بصورة حادة بموقف الجمهور الواسع حيال القيم الديمقراطية، حقوق الإنسان وحقوق الأقليات، ناهيك عن الموقف حيال السلطات المركزية المختلفة، وهو ما يؤدي في نهاية الأمر إلى إضعاف البنى والآليات الديمقراطية المعمول بها في الدولة.

وتقول المحامية ديبي غيلد ـ حايو، المسؤولة عن دفع السياسات والتشريعات في جمعية حقوق المواطن، والتي أشرفت على إعداد التقرير وكتابته: "نحن نشهد سيرورة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى هدم المنظومة كلها وتدميرها. وحتى إذا لم تنجح جميع المبادرات التشريعية ولم تبلغ المحطة التشريعية الأخيرة التي تضيفُها قانونا إلى سجل القوانين الإسرائيلي في نهاية المطاف، فإن ثمة ضرراً جدياً يترتب عليها ويتحقق على صعيد ما يمكن وصفه بالردع في المجتمع الإسرائيلي وهو ما يتمثل في ضرر جسيم للأقلية العربية، للمحكمة العليا، للنيابة العامة لمنظمات حقوق الإنسان، لوسائل الإعلام، للحياة الأكاديمية ومؤسساتها وللفنانين والمبدعين".

وتضيف: "الدفاع عن الدولة وعن أمن مواطنيها، والذي يمثل الحجة الظاهرية لهذه المبادرات التشريعية، يجب أن يتم بصورة تناسبية، مناسبة ولائقة بحيث لا يتم تقييد حقوق أساسية أو سلبها إلا في حالات استثنائية جدا، كما ينص عليه القانون القائم".

حصنُ الديمقراطية ـ مصدر الخطر عليها!

وتثير قلقا خاصا في هذا السياق، كما يؤكد تقرير جمعية حقوق المواطن، حقيقة أن الحلبة المركزية التي يجري فيها وعليها هذا التعدي الفظ والخطير على المنظومة الديمقراطية وقيمها والمسّ بقواعد اللعبة الديمقراطية هي حلبة الكنيست ـ برلمان الشعب وبيت منتخَبيه، الذي يفترض أن يشكل قلب النظام الديمقراطي، رمز الديمقراطية الإسرائيلية وحصنها المنيع. فالتصريحات والتصرفات التي تصدر عن مسؤولين رفيعين في القيادة السياسية الإسرائيلية، وخاصة منهم الأعضاء في الكنيست، لها إسقاطات وانعكاسات بعيدة الأثر على مجمل الجمهور في إسرائيل، على آرائه ومواقفه في ما يتصل بموضوعات ديمقراطية مركزية، مثل حقوق الإنسان، حقوق الأقليات السياسية، الاجتماعية والإثنية وغيرها.

فخلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك في دورة الكنيست الأخيرة، تواجه قواعد اللعبة الديمقراطية الأساسية تحدياً خطيرا، كثيرا ما يصل إلى أقصى حد ممكن. المقومات الأساسية للمنظومة الديمقراطية ـ فصل السلطات، احترام السلطات المختلفة ووظائفها، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني، المحافظة على حقوق الإنسان وحمايتها، بما فيها الحق في المساواة، الحق في حرية التعبير والاحتجاج، كبح طغيان الأغلبية، استخدام الوسائل المترتبة على مفهوم "الديمقراطية الدفاعية" ـ هذه، جميعها، تخضع لتفسيرات مغرضة ومغالِطة، ثم إلى تقويض منهجي.

وتشمل الممارسات غير الديمقراطية والمعادية للديمقراطية تشريعات ومبادرات تشريعية عديدة ترمي إلى إسكات الآراء المختلفة والنقد الجماهيري والطعن في شرعية الخصوم السياسيين، الأقليات (على اختلافها) ومنظمات حقوق الإنسان، بما ينطوي على محاصرة أصحاب المواقف والتوجهات السياسية المختلفة عن مواقف وتوجهات الأغلبية السياسية و"غير المقبولة" عليها، فضلا عن المس الحاد والخطير بالحقوق المدنية والسياسية للمواطنين بوجه عام، وللذين ينتمون إلى الأقليات بوجه خاص، ناهيك عن تصوير مجموعات الأقليات في المجتمع الإسرائيلي وكأنها عدو للدولة، ما يوفر شرعية للمس بها وبحقوقها، السياسية والمدنية.

وتختلف أشكال تمظهر هذه المبادرات وانعكاساتها وتتنوع، وهي تشمل: مقترحات قوانين تمسّ بحقوق الإنسان الأساسية التي تشكل أركان النظام الديمقراطي ودعاماته الأساسية، وفي مقدمتها حرية التعبير والاحتجاج السياسي والمساواة أمام القانون; الهجوم الكلامي الفظ والمباشر على أعضاء الكنيست ممن يمثلون رأي الأقلية في هذه المرحلة، محاولة المس بالنشاط الشرعي والقانوني والحيوي الذي تقوم به منظمات حقوق الإنسان والتغيير المجتمعي ومحاولة الطعن في شرعيتها ونزعها عنها، إلى جانب محاولة المس بالحياة الأكاديمية ومؤسساتها وبفضاء العمل والإبداع الفني والثقافي الحر.

وتكمن خطورة هذا كله في ما يسببه من ضرر لمبادئ النظام الديمقراطي الأساسية في إسرائيل: المسّ المستمر والمتراكم بحرية الرأي، حرية التعبير والاحتجاج، بكرامة الإنسان وحقه في المساواة، بحرية الانتظام والتنظيم، بفرص التعددية وبشرعية وجود آراء ومواقف مختلفة، إلى جانب تعميق استبداد الأغلبية حيال الأقليات الاجتماعية، السياسية والقومية في البلاد، بما يترتب على هذا من مس خطير بحقوق هذه الأقليات كلها، فرادى ومجموعات.

ومما لا شك فيه أن هذه الممارسات والتطورات إنما تحصل على خلفية واقع سياسي ـ اجتماعي محدد، ليس جديدا هو الآخر، لكنه متوتر جدا على الدوام وقاسٍ جدا في بعض الأحيان. ومع ذلك، ترى جمعية حقوق المواطن أن الاستخدام المتكرر لشعار "الديمقراطية الدفاعية" كلما كانت هنالك نية للمس بحقوق إحدى مجموعات الأقلية (العرقية أو الاجتماعية أو السياسية) هو استخدام مغرض وتضليلي ولا يمكنه إسباغ أية شرعية قانونية على هذه الممارسات، بل كل ما يمكن أن يترتب عليه هو تدمير النظام الديمقراطي ومنظوماته الأساسية كلها. ذلك أن الدفاع عن الدولة، حمايتها وحماية أمن مواطنيها، يجب أن يتم بصورة تناسبية، مناسبة ولائقة تحفظ حقوق المواطن الأساسية، وسط الالتزام الصارم بالقيود والضوابط كما حددها القانون الإسرائيلي نفسه.

اقتراحات ومبادرات تشريعية غير ديمقراطية في الكنيست الـ 20

يسجل تقرير جمعية حقوق المواطن ثبتا توثيقيا مفصلا بالمقترحات والمبادرات التشريعية التي شهدها الكنيست الـ 20 خلال دورته الشتوية، أي خلال السنة الأولى من عمره، يوزعها تحت أربعة عناوين/ تصنيفات هي التالية:
1. تشريعات هادفة إلى محاصرة منظمات حقوق الإنسان وتنظيمات أخرى;
2. تشريعات هادفة إلى المس بمكانة أو بحقوق الأقلية العربية في إسرائيل;
3. مشاريع قوانين هادفة إلى تقييد صلاحيات محكمة العدل العليا;
4. مبادرات تمسّ بحرية التعبير وبالتعددية.
1. تشريعات تهدف إلى محاصرة منظمات حقوق الإنسان وتنظيمات مدنية أخرى

أ ـ مشروع قانون واجب الكشف (الشفافية) على كل من يتلقى دعماُ من كيان سياسي أجنبي (تعديل) (تعزيز الشفافية على من يتلقى دعماً تمويله الأساس من تبرعات كيانات سياسية أجنبية)، لسنة 2015.

مشروع القانون، المسمى "قانون الوسم" أو "قانون الجمعيات"، هو مشروع قانون حكومي يرمي إلى فرض جملة من الواجبات الإلزامية على جمعيات تتلقى جلّ تمويلها من "كيان سياسي أجنبي" (دول أجنبية، الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، صناديق حكومية وما شابه). وسيتم إلزام الجمعيات التي يسري عليها هذا القانون بالتصريح عن ذلك و/ أو الإشارة إليه في أية منشورات تصدر عنها، في أي بحث تجريه مع ممثلي جمهور ومع منتخبي جمهور وغير ذلك، أيضا.

وتقول جمعية حقوق المواطن إن مشروع القانون هذا غير لائق وغير ديمقراطي وينطوي على مس بحقوق أساسية وإن هدفه الحقيقي ليس تعزيز الشفافية، كما يُدّعى، وإنما ملاحقة جمعيات محددة سياسيا ودمغها بوصمة عار.

وتضيف أن لا حاجة لمشروع القانون، أصلا، لأن القانون القائم يلزم الجمعيات بالشفافية الكافية، وخاصة في ما يتعلق بمصادر تمويلها من دول أجنبية. وعلاوة على هذا، فإن مشروع القانون لا يتطرق، البتة، إلى التبرعات من مصادر خاصة وهي التي تشكل مصدر التمويل الرئيس للجمعيات المحسوبة على اليسار السياسي وعلى منظمات حقوق الإنسان. وأية محاولة لوصم هذه المنظمات وكأنها تنشط بإيعاز من دول أجنبية وفي خدمتها هي محاولة مغرضة وتضليلية وتشكل حلقة إضافية أخرى في مسلسل تشويه سمعة منظمات المجتمع المدني والتحريض عليها.

ويشار إلى أن مشروع القانون هذا، الذي ورد ذكره ضمن الاتفاق الائتلافي بين كتلتي "الليكود" و"البيت اليهودي" في الكنيست الـ 20، أقر في الكنيست الحالي بالقراءة الأولى يوم 9 شباط 2016 وينتظر مناقشته في لجنة القانون، الدستور والقضاء البرلمانية لإعداده للقراءتين الثانية والثالثة. وفي أعقاب تصريح رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، حُذف من نص مشروع القانون البند الذي يلزم ممثلي هذه الجمعيات بتعليق بطاقات تعريف خاصة توضح انتماءهم إلى تلك الجمعيات.

وإلى جانب مشروع القانون الحكومي المذكور، عالج الكنيست مشاريع قانون خاصة أخرى مماثلة، شملت:

● مشروع قانون الجمعيات الخارجية، لسنة 2015، الذي قدمه أعضاء الكنيست يانون مغال، بتسلئيل سموتريتش، مردخاي يوغيف ونيسان سلوميانسكي (جميعهم من "البيت اليهودي").
● مشروع قانون الوكلاء الخارجيين، لسنة 2015، قدمه أعضاء الكنيست من حزب "إسرائيل بيتنا".

● مشروع قانون واجب الكشف على من يتلقى دعما من كيان سياسي أجنبي (تعديل ـ قواعد الشفافية)، لسنة 2015، الذي قدمه أعضاء الكنيست بتسلئيل سموتريتش (البيت اليهودي)، دافيد أمسالِم (ليكود)، روبرت إيلاتوف (إسرائيل بيتنا) ومناحيم إليعازر موزيس (يهدوت هتوراه).

اقتراحات القانون الخاصة هذه حظيت بمباركة الحكومة وأقرها الكنيست بالقراءة الأولى ثم تم إلحاقها بمشروع القانون الحكومي المذكور.

ب ـ مشروع قانون للإعلان عن منظمة "لنكسر الصمت" تنظيماً غير قانوني.

في شهر كانون الثاني 2016، نشر في وسائل الإعلام أن عضو الكنيست شولي معلّم (البيت اليهودي) وأعضاء كنيست آخرين يعتزمون تقديم مشروع قانون للإعلان عن منظمة "لنكسر الصمت" تنظيماً غير قانوني، ما يعني إخراجها خارج القانون.

ولم يتم تقديم مشروع القانون هذا، حتى الآن.
ج ـ مشروع قانون تمويل الأحزاب (تعديل ـ تعريف جسم ناشط انتخابياً)، لسنة 2016.

قدمه عضو الكنيست يوآف كيش (ليكود) وأعضاء كنيست آخرون. ويرمي مشروع القانون إلى محاصرة أجسام ومنظمات غير حزبية مختلفة ومحاصرة نشاطها الرامي إلى التأثير على نتائج الانتخابات البرلمانية في إسرائيل.

ويقضي مشروع القانون بإعادة تعريف "الجسم الناشط انتخابياً" بغية إخضاعه لقانون تمويل الأحزاب وما فيه من قيود وتقييدات، بحيث يشمل هذا التعريف، أيضا، أي جسم أو تنظيم (من خلال اعتباره "جزءا من كتلة برلمانية أو مرتبطا بها") إذا كان "من بين المتبرعين له أو العاملين فيه شخص قدم تبرعا لمرشح في انتخابات تمهيدية (برايميرز)... أو لحزب ما أو لجسم ما تربطه علاقة ما بكتلة برلمانية أو بقائمة انتخابية للكنيست، على أن يكون مبلغ التبرع أكثر من نصف مبلغ الحد الأعلى المسموح بتقديمه تبرعاً لحزب أو لمرشح خلال السنتين الأخيرتين اللتين تسبقان موعد الانتخابات أو لشخص كان مرشحا من قبل حزب للكنيست أو أشغل وظيفة إدارية في الحزب خلال السنتين السابقتين لموعد الانتخابات".

وينص مشروع القانون، أيضا، على إعادة تعريف "متبرع" بأنه "شخص أو شركات مملوكة له تبرع/ تبرعت بمبالغ مالية أو ما يعادلها تصل حتى ألف شيكل جديد" وتعريف العاملين من طرفه بأنهم "كل شخص يعمل في هذا الجسم، سواء بشكل رسمي أو غير رسمي، سواء بأجر أو تطوعا".

ومعنى هذا أن مشروع القانون يتعمد وضع تعريفات واسعة جدا غايتها إقامة رابط بين الجسم غير الحزبي وبين الحزب / الكتلة البرلمانية بغية تقييد نشاط مثل هذه الأجسام والمنظمات بصورة جدية، الأمر الذي تعتبره جمعية حقوق المواطن مساً فظا بحرية التعبير وحرية التنظيم وبالحرية السياسية الأساسية التي يفترض أن يتمتع بها مواطنو الدولة للتأثير على الانتخابات في إسرائيل تأثيرا جديا وذا أهمية.

أقرت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع مشروع القانون هذا يوم 20 آذار 2016 وحوّلته للقراءة الأولى، على أن يتم تنسيق الموقف الائتلافي حوله لاحقا لدعمه في التصويت بالقراءتين الثانية والثالثة.

2. تشريعات تهدف إلى المسّ بمكانة الأقلية العربية في إسرائيل وبحقوقها

أ ـ مشروع قانون أساس: إسرائيل ـ دولة قومية للشعب اليهودي
مشروع القانون هذا قدمه عضو الكنيست آفي ديختر (ليكود).

وقد تم تعديل نص مشروع القانون على خلفية الانتقادات المختلفة التي تعرض لها، وخاصة ما يتعلق بإخضاع المركّب الديمقراطي في تعريف الدولة إلى المركّب اليهودي، إذ ينص مشروع القانون المعدل (الحالي) على أن الدولة هي "يهودية وديمقراطية".

ومع ذلك، أبقى النص المعدل لمشروع القانون على تأكيد وتفضيل المميزات اليهودية في طابع الدولة وتعريفها على تلك الديمقراطية، ما يعني أن النص الجديد (المعدل)، أيضا، ينطوي على مس حاد بحقوق الإنسان المختلفة لمواطني الدولة عامة، على ضوء ما يكرس من دونية "الطابع الديمقراطي" مقابل تفضيل "الطابع اليهودي".

كما يتضمن مشروع القانون أيضا نصوصا وأحكاما تمييزية كثيرة تفتح الأبواب على وسعها لإجراءات وممارسات عديدة وواسعة جوهرها التمييز العنصري ضد المواطنين العرب في شتى مجالات الحياة.
مشروع القانون هذا مثبت في الاتفاقيات الائتلافية المعقودة بين كتلة "الليكود" والكتل الأخرى في الائتلاف الحكومي الحالي، وخاصة "كلنا" (موشيه كحلون)، "يهدوت هتوراه"، "شاس" و"البيت اليهودي".

ويذكر أن اقتراحات قوانين أخرى مماثلة كانت قدمت إلى الكنيست في دورات سابقة وفي الدورة الحالية أيضا، ومنها:
● مشروع قانون أساس: إسرائيل ـ الدولة القومية للشعب اليهودي، الذي قدمته كتلة "إسرائيل بيتنا".

● مشروع قانون أساس: الدولة القومية للشعب اليهودي، قدمه عضو الكنيست (السابق) يانون مغال (البيت اليهودي)، وهو مطابق تماما للمشروع الذي قدمته كتلة "إسرائيل بيتنا".
● مشروع قانون أساس: دولة إسرائيل، الذي قدمه عضو الكنيست بنيامين زئيف بيغن (ليكود).

جميع مشاريع القوانين هذه أقرت في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع وتم تحويلها إلى لجنة وزارية خاصة للبحث والبت بشأنها، بالتنسيق مع الكتل الائتلافية المختلفة.

ب ـ مشاريع قانون لعزل وإقصاء أعضاء كنيست
شهدت دورة الكنيست الأخيرة تقديم جملة من اقتراحات القوانين الرامية إلى تسهيل عملية عزل وإقصاء أعضاء كنيست. ورغم أن هذه الاقتراحات مكتوبة بصياغات "حيادية" في الظاهر، إلا أن الواضح والثابت أنها موجهة ضد أعضاء الكنيست العرب، بشكل أساس وحصري.

وتعتبر جمعية حقوق المواطن أن عزل / إقصاء / تعليق عضوية أعضاء الكنيست إجراءات غير ديمقراطية تمسّ بصورة حادة بحق الانتخاب والترشح، الذي يمثل واحداً من الحقوق الأساس الدستورية في النظام الديمقراطي. ويجسد هذا الحق، أولا وقبل أي شيء آخر، حق المواطن الفرد في التعبير عن آرائه ومواقفه بطريقة حرة، كجزء من حرية التعبير المكفولة له قانونيا، ثم حقه في التنظيم من أجل ترويج هذه الآراء ودفعها.

وإلى جانب ذلك، يشكل إبعاد عضو الكنيست، أو تعليق عضويته، مساَ بتعددية الآراء وتنوعها في مجتمع ديمقراطي وقد يؤدي إلى إقصاء ونبذ مجموعات سكانية بأكملها، سواء من حيث عرض آرائها ومواقفها، أو من حيث قدرتها على المشاركة في العملية الديمقراطية.

ونظرا إلى أن الحديث يجري عن مس بحق أساس، بما له من إسقاطات بعيدة الأثر على النظام الديمقراطي نفسه وعلى حقوق الإنسان الفرد، فمن الضروري أن يتم اللجوء إلى هذا الإجراء الحاد جدا (الإقصاء / العزل / تعليق العضوية) بصورة استثنائية جدا وفي الحالات الأكثر وضوحا وتطرفا فقط.

1. مشروع قانون أساس: الكنيست (تعديل ـ واجب البينة لإثبات مساندة كفاح مسلح ضد دولة إسرائيل).

قدم مشروع القانون هذا أعضاء الكنيست روبرت إيلاتوف وأورلي ليفي ـ أبوكسيس وحمد عمار (إسرائيل بيتنا) ويانون مغال (البيت اليهودي) وهو يهدف إلى توسيع دائرة العلل والمسوغات القانونية لعزل عضو كنيست من عضويته، بحيث يصبح في الإمكان محاسبته (ثم إقصاؤه) بجريرة تفوهات وتصريحات أيضا، وليس بجريرة أعمال فعلية فقط كما هي الحال حتى الآن. وينقل مشروع القانون "عبء الإثبات" إلى عضو الكنيست "المتهم" نفسه لإثبات براءته وعدم تأييده ودعمه أعمالا مسلحة ضد دولة إسرائيل.
لم يحظ مشروع القانون بدعم الأغلبية اللازمة في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، ثم تم تقديمه من قبل كتلة "إسرائيل بيتنا" مرة أخرى.

2. مشروع قانون أساس: الكنيست (تعديل ـ إلغاء صلاحية المحكمة العليا في التدخل في قرارات لجنة الانتخابات المركزية بشأن إجازة مرشح/ ين أو قائمة مرشحين أو شطبه/ا).

مشروع قانون قدمته كتلة "إسرائيل بيتنا" ينص على منح لجنة الانتخابات المركزية الصلاحية المطلقة، الحصرية والنهائية، في ما يتعلق بإجازة و/ أو شطب مرشحين أو قوائم مرشحين لانتخابات الكنيست. ويلغي مشروع القانون صلاحية المحكمة العليا (محكمة العدل العليا) المعمول بها حتى اليوم بشأن التدخل في قرارات لجنة الانتخابات المركزية في هذا الصدد، إذ يلغي صلاحية المحكمة في ممارسة أية رقابة قضائية على تلك القرارات أو تغييرها، كما حصل أكثر من مرة حتى الآن.

بحثت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع مشروع القانون هذا في جلستها يوم 22 تشرين الثاني الماضي (2015) وقررت تحويل مشروع القانون إلى إدارة الائتلاف الحكومي للنظر فيه وتحديد موقفها منه. ولم يصدر قرار إدارة الائتلاف الحكومي بعد.

3. مشروع قانون أساس: الكنيست (إبعاد أعضاء كنيست)
هو مشروع القانون الذي بادر إليه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ويرمي إلى تخويل أغلبية أعضاء الكنيست صلاحية إبعاد أعضاء كنيست آخرين.

وترى جمعية حقوق المواطن أن تخويل أعضاء كنيست، منتمين سياسيا ومحكومين بمصالح سياسية ـ حزبية، صلاحية إبعاد أعضاء كنيست آخرين هو إجراء غير ديمقراطي سيؤدي إلى إبعاد خصوم سياسيين من الحلبة السياسية ومن ساحة العمل السياسي، وذلك بصورة شرعية وقانونية! وهو ما يعني منح الأغلبية السياسية صلاحية الاستبداد واستغلال قوتها السياسية بصورة سيئة وسلبية ضد خصومها السياسيين.

وفي هذا السياق، ينبغي الانتباه إلى أن هذا الإجراء يحمل في دولة مثل دولة إسرائيل، حيث ثمة أقلية سياسية عربية ثابتة وأقليات اجتماعية مختلفة، أخطارا جسيمة على الحياة الديمقراطية إذ يعرض مجموعات سكانية كاملة للإقصاء من الحياة السياسية العامة فلا يبقى لها أي تمثيل حقيقي.
أقر الكنيست مشروع القانون هذا بالقراءة الأولى وتم تحويله إلى لجنة القانون، الدستور والقضاء البرلمانية لإعداده للقراءتين الثانية والثالثة.

3. تشريعات تهدف إلى المسّ بمكانة المحكمة العليا وتقليص صلاحياتها

1. مشروع قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته (تعديل ـ نافذية قانون تجاوزي)
قدم في الكنيست الـ 20 مشروعا قانون في هذا الشأن ينصان على تمكين الكنيست من إعادة سن قوانين تمس بحقوق الإنسان التي ينص عليها ويضمنها قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته بأغلبية 61 عضو كنيست، على أن يتم تحديد فترة سريان قانون كهذا لمدة أقصاها أربع سنوات.
يرمي مشروع القانون إلى تمكين الكنيست من إعادة سن قانون إذا ما قامت المحكمة العليا بإلغائه باعتباره غير دستوري نظرا لتناقضه مع نصوص وأحكام قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته.
لا يزال مشروعا القانون قيد البحث، حتى الآن.
2. مشروع قانون أسس القضاء (تعديل ـ مبادئ القضاء العبري)

قدم في الكنيست الـ 20 مشروعا قانون بهذا الشأن يرميان إلى منح القضاء العبري (الشريعة اليهودية) مكانة مفضلة في جهاز القضاء الإسرائيلي.
وتؤكد جمعية حقوق المواطن أن إخضاع الاعتبارات القضائية لمنظومة قضائية غير متساوية (الشريعة اليهودية) سيؤدي إلى المس بحقوق الإنسان الأساسية وبمبدأ المساواة.
لا يزال مشروعا القانون قيد البحث، حتى الآن.

4. مبادرات تشريعية تمس بحرية التعبير وبالتعددية

أ ـ مشاريع قانون حول مسألة المقاطعة ضد إسرائيل
تفرض مشاريع القانون هذه "ثمناً" على تفوهات وتصريحات سياسية مشروعة وتمس بالنقاش السياسي العام، وخاصة في القضايا الملتهبة والأكثر خلافية في المجتمع الإسرائيلي.
وينطوي هذا على مس خطير بحقوق دستورية أساسية، في مقدمتها الحق في حرية التعبير والكرامة والمساواة. فإذا ما تم إقرار هذه القوانين، فسيشكل هذا عاملا رادعا يمنع التعبير عن موقف سياسي شرعي يدعو إلى المقاطعة أو يؤديها، ولذا فهي قوانين لكم الأفواه لا غاية لها سوى منع وإسكات أي نقد سياسي قانوني وشرعي.
1. مشروع قانون تمويل الأحزاب (تعديل ـ إلغاء التمويل لأي حزب يدعو إلى مقاطعة دولة إسرائيل)، لسنة 2015، قدمته كتلة "إسرائيل بيتنا".
2. مشروع قانون الدخول إلى إسرائيل (تعديل ـ عدم منح تأشيرة دخول لمن يدعو إلى مقاطعة إسرائيل).
3. مشروع قانون منع التعبير عن تأييد النظام النازي أو التعاطف معه (تعديلات تشريعية)، لسنة 2015، قدمه عضو الكنيست ميكي ليفي (يوجد مستقبل).
4. مشروع قانون أسس الميزانية (تعديل)، لسنة 2016، بشأن تمويل نشاطات ثقافية، وهو ما تطلق عليه وزيرة الثقافة، ميري ريغف، عنوان "قانون الولاء في الثقافة"، بحيث يمنح وزارة الثقافة صلاحية حرمان مؤسسات وهيئات ثقافية مختلفة من أية مخصصات مالية حكومية، وفق معايير غير مهنية، بل سياسية: إنكار هوية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، تحقير رموز الدولة، إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية وغيرها. وتؤكد جمعية حقوق المواطن أن مشروع القانون هذا غير دستوري لأنه يمنح وزيرة الثقافة وموظفي وزارتها صلاحية التدخل في مضامين الإنتاج الثقافي ـ الفني وهو ما يشكل تدخلا فظا ومرفوضا في حرية التعبير الفني. وفي أعقاب توجه الجمعية أصدر المستشار القانوني للحكومة رأيا استشاريا أكد فيه أنه يحظر على وزيرة الثقافة التدخل في مضامين الإنتاج الثقافي الفني. وعلى ضوء ذلك، تم تعديل مشروع القانون بحيث يتسنى حرمان المؤسسة الثقافية من المخصصات بأثر رجعي فقط. لكن الجمعية تؤكد أن النص المعدل أيضا غير دستوري ويمس بحرية التعبير والإنتاج الفني.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات