رام الله: صدر حديثاً عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" العدد 88 من فصلية "قضايا إسرائيلية" يضم محوراً يضيء على المستجدات في القدس المحتلة خلال العقد الماضي، بما يشمل الهجمة الاستيطانية على المدينة المقدسة، ممثلة بالزحف التهويدي على المكان من جهة، ومن جهة أخرى استهداف هوية المقدسيين وروايتهم وثقافتهم ومناهجهم.
في العدد دراسة تحت عنوان "إسقاطات حال المؤقت على المقدسيين الفلسطينيين" لراسم خمايسي يعالج فيها مفهوم "المؤقت" داخل القدس، الذي تتعامل إسرائيل وفقه مع الفلسطينيين كمقيمين مؤقتين، في ما يتعامل المقدسيون مع الاحتلال، كحالة مؤقتة يتوقون إلى زوالها، وهنا يشرح خمايسي كيف تقوم إسرائيل بتخطيط مكاني - حيزي لتفرض واقعاً جديداً يؤبد حالة الاحتلال.
تحت عنوان "حراك القدس: قصة الفعل الاجتماعي والثقافي أوقات الشدة" يركز أحمد عز على حراكات القدس، ليروي قصة الفعل الذي يعاند بنية الاستعمار ويطل برأسه في أوقات الشدة. لا ينكر الكاتب سطوة البنية الساقطة من أعلى لتعيد هندسة المدينة وسكانها وفق الرواية الصهيونية، لكنه ينقل التركيز إلى المقدسيين كذات فاعلة وواعية في نشاطها المقاوم.
يتضمن العدد دراسة حول المناهج في القدس المحتلة تقدم فيها الباحثة في مجال التعليم والمناهج سميرة عليان، مقارنة بين مناهج التعليم التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية (التي تحاول إسرائيل إلغاءها) وبين مناهج التعليم الإسرائيلية التي تفرضها إسرائيل بشكل زاحف، ممركزة بحثها حول قضية "أسرلة المناهج".
ضمن المحور ترجمة أنجزها وقدّم لها الباحث وليد حباس لفصل من كتاب موشيه ديان "لنحيا مع التوراة"، تستعيد أصول المكوّن التوراتي في المشروع الاستعماري المتطلع نحو القدس والخليل، مستخلصاً أن الصهيونية الدينية التي يتزعمها اليوم بتسلئيل سموترتش، ويشكل قاعدتها أكثر من نصف مليون مستوطن موزعين في جبال "يهودا والسامرة" لم تصعد على الرغم من اليسار الصهيوني العلماني، ولم تتبلور كتيار بديل يطل برأسه بعدما انطفأت جذوة اليسار الصهيوني المؤسس، بل إن الصهيونية الدينية ولدت في رحم اليسار الصهيوني الذي، منذ بداياته، كان يعيش في ظلال التوراة.
إلى جانب المحور أدار الكاتب أنطوان شلحت حوارية مهمة بين الأحزاب العربية في الداخل في أعقاب نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة (تشرين الثاني 2022)، وتشمل ممثلين عن القائمة العربية الموحدة، التجمع الديمقراطي، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وممثلاً عن مُقاطعي الانتخابات.
تحاول الحوارية، التي تجمع لأول مرة نقاشاً جاداً من معظم أطياف العمل السياسي في الداخل، فهم مستقبل العمل السياسي الفلسطيني - العربي في إسرائيل بعد صعود اليمين، المتدين، الاستيطاني إلى الحكم.
وفي سياق قريب، يتضمن العدد دراسة تحت عنوان "اليمين الجديد في إسرائيل ومشروع بناء الهيمنة الجديدة" أنجزتها هنيدة غانم تقرأ فيها خلفيات التغيرات السياسية في إسرائيل، معتبرة لحظة تشكيل نتنياهو حكومته الثانية لحظة تتويج صعود اليمين الجديد واستكمال انزياح الحقل السياسي الإسرائيلي نحو اليمين الشعبوي المتمادي، حيث انتقل اليمين الجديد على أثرها إلى العمل بشكل متسارع للدفع بمشروعه لبناء هيمنة جديدة تتمحور حول إعادة صياغة مفاهيم الهوية القومية وأرض إسرائيل والصراع، وتقاطعت هذه المرحلة مع تصاعد قوة اليمين الجديد عالمياً وتفاعلت معه.
في زاوية الأرشيف يعدّ الباحث مالك سمارة مادة تستعيد بدايات النكبة وجدل حق العودة عبر تقرير نشرته مجلة "لايف" الأميركية عن اللاجئين وردّ غولدا مئير عليه.
أما زاوية الكتب فتشمل مراجعتين لكتابين صدرا حديثا عن "مدار" بتوقيع الباحث محمود فطافطة، أولهما كتاب "الاستيطان في أحياء القدس" للباحث أحمد أمارة يعالج مستجدات الاستيطان في القدس المتمثلة بالتوجه نحو استيطان الأحياء ذات الأغلبية العربية لكسر وحدتها وتميزها الديمغرافي، إلى جانب كتاب "معنى إسرائيل" ليعقوب م. رابكِنْ"، في ما يعرّف الباحث عبد القادر بدوي في زاوية المكتبة بمجموعة من أحدث الإصدارات الإسرائيلية.