تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 3056

تستمر اليوم (6/12/2018) لليوم الثالث على التوالي عملية "الدرع الشمالي" العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي ضد الأنفاق الهجومية لمنظمة حزب الله، والتي أكد رئيس الحكومة ووزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنها واسعة وغير محدودة، وأشار إلى أنها تعتمد على تكنولوجيا خاصة تم تطويرها في إسرائيل في إثر عدم العثور على تكنولوجيا شبيهة لها في العالم.

ورأى عدد من المحللين العسكريين في إسرائيل أن قرار الكشف عن أنفاق حزب الله الهجومية قد يكون مقدمة لعملية عسكرية إسرائيلية أوسع تهدف إلى إزالة التهديد الذي تشكله الصواريخ الدقيقة التي طورها حزب الله برعاية إيران.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في أول أيام عملية "الدرع الشماليّ"، الثلاثاء، اكتشاف أول نفق، وأكد أنه من ضمن أنفاق هجومية أخرى كثيرة حفرها حزب الله.

وعُثر على النفق جنوب بلدة المطلة الإسرائيلية في منطقة الحدود اللبنانية.

وقال الجيش إن طول النفق يبلغ نحو 200 متر وعمقه نحو 25 متراً، ويبلغ عرضه مترين وارتفاعه مترين، وامتد إلى نحو 40 متراً داخل الأراضي الإسرائيلية. وهو أكبر بكثير من معظم الأنفاق التي تحفرها حركة "حماس" في قطاع غزة. وادعّى الجيش أن حفر هذا النفق استغرق عامين بسبب التضاريس القاسية تحت منطقة الحدود، وشمل خطوط كهرباء واتصالات، كما أنه مُزوّد بالأكسجين.

وقال ضابط كبير في قيادة المنطقة العسكرية الشمالية (يوم 6/12/2018) إن الهدف التكتيكي لهذا النفق كان الاستيلاء على جزء من طريق رقم 90 وعزل بلدة المطلة الواقعة في منطقة الحدود مع لبنان. ويمتد شارع 90 من المطلة حتى مدينة إيلات في أقصى الجنوب.

وأضاف هذا الضابط أن عناصر حزب الله قاموا بحفر النفق بوتيرة بطيئة، وأشار إلى أن عملية حفره لجعله قابلاً للاستعمال كانت ستستغرق شهرين.

وتطرق الضابط إلى عملية "الدرع الشمالي" فقال إنها تقتصر على تدمير الأنفاق المتوغلة داخل الأراضي الإسرائيلية فقط. وأضاف أن الجيش الإسرائيلي بدأ قبل شهرين بنشر أجهزة تكنولوجية في منطقة الحدود مع لبنان تعتمد بشكل أساسي على التنصّت، وشدّد على أن الطبيعة الجبلية للمنطقة سهّلت تنفيذ المهمة أكثر من المناطق الأخرى. وقال إن اكتشاف مشروع أنفاق حزب الله سيعزز من قوة الردع الإسرائيلية.

وأكد الضابط استعداد الجيش الإسرائيلي لهذه العملية منذ الصيف الفائت، وأن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الجنرال غادي أيزنكوت كان يضغط دائماً لتنفيذ العملية، مشيراً إلى أن تنفيذ العملية كان ممكناً قبل شهرين.

وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة أن الجيش الإسرائيلي يقدّر بأن هناك نحو 10 أنفاق هجومية. وأشارت إلى أن ردة فعل الجيش على اكتشاف النفق كانت منضبطة، ولفتت إلى أن القوات العسكرية الإسرائيلية لم تدخل إلى أراضي لبنان لتدميره، ورجحت أن يكون سبب ذلك عائداً بشكل كبير إلى توقعات بأنه سيكون على الجيش الإسرائيلي إطلاق عملية أكبر في المستقبل القريب للتعامل مع جهود حزب الله لإضافة توجيه دقيق لترسانته التي تضم عشرات آلاف الصواريخ.

التحدّي الأكثر أهمية وقف مشروع الصواريخ الدقيقة

وقال محللون عسكريون إنه من المهم أن يتم تدمير الأنفاق قبل إطلاق إسرائيل لعملية عسكرية واسعة النطاق كهذه.

وأكد اللواء احتياط عاموس يادلين، رئيس "معهد دراسات الأمن القومي" والقائد السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية ("أمان")، أن التحدي الأكثر أهمية وهو وقف مشروع الصواريخ الدقيقة لا يزال ماثلاً أمام إسرائيل مع وجود مخاطر تصعيد على مستوى مختلف تماماً، لكنه في الوقت ذاته أكد أن العملية توجه رسالة مهمة إلى حزب الله. وأضاف أن الكشف عن الأنفاق يبعث برسالة إلى حزب الله، الذي يبني عملياته على السرية والعمل السري والمفاجأة، فحواها أن عليه أن يعتبر أنه في الحقيقة مكشوف ومُعرّض للاستخبارات الإسرائيلية، وأن مواقعه الآمنة والسرية قد تكون بمثابة مصائد موت لعناصره.

وكتب المحلل العسكري لموقع "واينت" الإلكتروني التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، أن الأنفاق بالرغم من كونها خطراً كبيراً على أمن إسرائيل، إلا إنها ليست على رأس قائمة التهديدات، وأكد أن الصواريخ الدقيقة هي الخطر الأكبر. وأضاف بن يشاي أن الحملة العسكرية ضد الأنفاق قد تمهد الطريق لعملية عسكرية واسعة ضد الصواريخ أو لمعركة دبلوماسية للضغط على الحكومة اللبنانية وحزب الله لوقف مشروع الصواريخ الدقيقة الذي تقف إيران من ورائه.

وشدّد بن يشاي على أن منظمة حزب الله لن تصعد إزاء العملية الإسرائيلية لأن ذلك سيؤدي إلى مواجهة عسكرية قد تشارك فيها الولايات المتحدة، وستجرّ إدانات للحكومة اللبنانية لأن حفر الأنفاق في الجانب الإسرائيلي يعد اختراقاً سافراً للسيادة الإسرائيلية.

نتنياهو: احتلال أجزاء من الجليل من طرف حزب الله تهديد حقيقي

قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في مؤتمر صحافي عقده في أول أيام عملية "الدرع الشمالي"، إنه ستكون هناك المزيد من التحركات في المستقبل.

وأضاف نتنياهو: "قلت قبل أسبوعين فقط إنه من أجل ضمان أمن إسرائيل يجب التحلّي بالصبر وبرباطة الجأش. وقلت أيضاً إن المخفي أعظم. وأريد أن أقول لكم اليوم إن ما تم كشفه لكم هو جزء صغير من استعداداتنا والعمليات التي نحضرها لضمان أمن إسرائيل على جميع الجبهات. وتم أخذ كل شيء بالحسبان وتم اتخاذ جميع الإجراءات بأكبر قدر من الرشد".

وأوضح نتنياهو أن الجهود الإسرائيلية لتدمير الأنفاق التي بناها حزب الله عملية متواصلة وواسعة النطاق هدفها الأوسع هو منع المنظمة المدعومة من إيران من الاستيلاء على أجزاء من الجليل من إسرائيل. وقال إن هدف حزب الله كان حفر الأنفاق إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، وهذا هو جزء من جهد يتسم بالاتساع والعمق لم نره من قبل. وقال إن احتلال أجزاء من الجليل من طرف حزب الله هو تهديد حقيقي، وهو أيضاً جزء من جهود إرهابية إقليمية ودولية تقودها إيران، وأشار إلى النشاط العسكري الإسرائيلي في سورية في السنوات الأخيرة فأكد أنه أدى إلى تقليص عدد القوات الإيرانية العاملة في البلد الذي مزقته الحرب بنسبة 10 بالمئة.

وقال نتنياهو إن النفق الذي تم العثور عليه بُني تحت منزل في حي مدني في جنوب لبنان، مشيراً إلى أن هذا هو مثال آخر واحد فقط على كيفية ارتكاب حزب الله لجريمة حرب مزدوجة، من خلال استهداف مدنيين عبر الاختباء وراء مدنيين، ومؤكداً أنه لا بد من إدانة ذلك بصوت عال وواضح من طرف جميع الدول التي تهتم بالسلام والحرية والكرامة الإنسانية.

وفي محاولة لاستباق الادعاءات بأن قرار إطلاق "الدرع الشمالي" كان مرتبطاً بتوصيات الشرطة الأخيرة بتقديمه للمحاكمة في إطار "الملف 4000"، قال نتنياهو إن قرار التحرك اتُخذ قبل بضعة أسابيع، وشكر بالتحديد وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان الذي شارك في تحضير العملية. وكان ليبرمان استقال من منصبه الشهر الماضي احتجاجاً على رفض نتنياهو إطلاق هجوم كبير على حركة "حماس" في غزة بعد إطلاق الأخيرة أكثر من 500 صاروخ على إسرائيل.

وقال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت، الذي تحدث مباشرة بعد نتنياهو، إن الجيش عرض قبل نحو شهر توصيات على المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية- الأمنية (الكابينيت) ببدء العملية بمجرد أن تكون الظروف ناضجة. وأضاف أن الكابينيت صادق على العملية يوم 7 تشرين الثاني الماضي. وقال إنه من المتوقع أن تستمر العملية بضعة أسابيع وسيقودها قائدة المنطقة العسكرية الشمالية اللواء يوئيل ستريك.

وقال أيزنكوت: "هذا الصباح بدأنا بتحرك لإحباط تسلل حزب الله إلى أراضينا، ولتحسين واقعنا الأمني في الشمال، ولمواصلة ضرب محاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في الشمال".
وأكد أنه تم إطلاق عملية "الدرع الشمالي" قبل أن تصبح الأنفاق عملانية وتتحول إلى تهديد فوري ومباشر على البلدات وقواعد الجيش في الشمال.

وقال أيزنكوت إنه في أعقاب الحرب في غزة العام 2014، التي كانت فيها أنفاق حركة "حماس" هي القضية الرئيسية، قام الجيش الإسرائيلي ببناء قدرة هندسية واستخباراتية عملانية وتكنولوجية متطورة لتحييد الأنفاق الهجومية، سواء في الشمال أو في الجنوب. وأكد أنه تم إبلاغ رؤساء السلطات المحلية في شمال إسرائيل بالعملية مسبقاً قبل إطلاقها، وأشاد بهم لإظهارهم المسؤولية في عدم الكشف عن موعدها.

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي يمتلك خطط أنفاق حزب الله الهجومية، ودعا الإسرائيليين إلى الشعور بالأمان، والاستمرار في حياتهم اليومية والاستمرار بالسفر إلى الشمال.

وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد رونين منيليس، الذي تكلم قبل نتنياهو، إن عناصر حزب الله عملوا داخل النفق الذي كشف عنه الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء حتى اكتشافه، وعرض مشاهد قال إنها صُورت داخل النفق صباح يوم اكتشافه.

وعلى الرغم من أن عملية الجيش الإسرائيلي تقتصر في الوقت الحالي على الجانب الإسرائيلي من "الخط الأزرق" - وهو خط الهدنة المعترف به دولياً ويُعتبر الحدود بين إسرائيل ولبنان بحكم الأمر الواقع - فإن منيليس أشار إلى أنه قد يتم تدمير أنفاق أخرى داخل لبنان أيضاً. وقال إن الجيش مستعد لجميع الاحتمالات، وأكد أن إنجاز تحييد الأنفاق لا يمكن أن يتم داخل الأراضي الإسرائيلية فقط.

وأعلن الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء أنه استدعى عدداً صغيراً من جنود الاحتياط، في الوقت الذي يستعد فيه لرد انتقامي محتمل من قبل حزب الله على عملية كشف الأنفاق الهجومية وتدميرها. وقال الجيش انه يعتقد أنه تم حفر هذه الانفاق لأهداف هجومية، خلافا للأنفاق والملاجئ تحت الارض التي استخدمها حزب الله خلال حرب لبنان الثانية (2006)، التي كانت عبارة عن إجراءات دفاعية عامة.

أحزاب المعارضة: درع واق لنتنياهو!

مع أن أحزاب المعارضة الإسرائيلية أعربت عن تأييدها لعملية "الدرع الشمالي" العسكرية الإسرائيلية ضد أنفاق حزب الله في منطقة الحدود مع لبنان، إلا إنه سُمعت بينها أصوات أبدت دهشتها من توقيت هذه العملية، وتساءلت فيما إذا كان الهدف الرئيسي من "الدرع الشمالي" هو توفير درع لرئيس الحكومة نتنياهو لحمايته من الانتقادات الموجهة إليه على خلفية تراجعه أمام حركة "حماس" في قطاع غزة؟.

كما يواجه نتنياهو مشكلات قانونية، إذ أوصت الشرطة هذا الأسبوع بتوجيه تهم فساد له ولزوجته سارة. ويؤكد البعض أنه اختار تدمير الأنفاق الآن لصرف الأنظار عن هذه التهم أيضاً.

واتهمت زعيمة المعارضة الإسرائيلية عضو الكنيست تسيبي ليفني ("المعسكر الصهيوني") رئيس الحكومة بالتهويل في قضية اكتشاف الأنفاق. وقالت إنها في حين تثمّن اكتشاف الجيش الأنفاق وتدميرها، فإنه يجب إبقاء العملية ضمن حجمها الحقيقي.

وقالت "نحن لسنا في وضع يتواجد فيه جنودنا خلف خطوط العدو. نحن نتحدث عن نشاط هندسي على أرض ضمن سيادة دولة إسرائيل"، واتهمت نتنياهو بتضخيم حجم حدث يتصل بالهندسة الدفاعية إلى عملية عسكرية دراماتيكية، وأكدت أن ذلك تم لسببين: إما أن رئيس الحكومة يشعر بالهلع، أو أنه يريد أن ينشر الذعر لتبرير تصرفاته، أي تأخير الانتخابات، والتخلي عن سكان جنوب إسرائيل.

ووجه رئيس كتلة "المعسكر الصهيوني" البرلمانية عضو الكنيست يوئيل حسون رسالة إلى رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية عضو الكنيست آفي ديختر (الليكود) كتب فيها: "إن المعارضة تطلب أجوبة، هل هذه عملية الدرع الشمالي أم عملية درع واق لنتنياهو؟". وأضاف حسون: "هل توقيت هذه العملية أتى من قبيل المصادفة، أم أنه توقيت مشبوه يهدف إلى صرف الأنظار عن الملف 4000 من أجل تعزيز صورة نتنياهو بصفته حامي حمى أمن إسرائيل وسكانها؟".

وقال رئيس كتلة "يوجد مستقبل" البرلمانية عضو الكنيست عوفر شيلح إن نتنياهو يحاول أن يزرع الخوف في أوساط الرأي العام الإسرائيلي كي يصرف الأنظار عن شبهات الفساد التي تحوم حول رئيس الحكومة.

وأكد عضو الكنيست عومر بار- ليف ("المعسكر الصهيوني")، رئيس اللجنة البرلمانية الفرعية لشؤون جهوزية الجيش الإسرائيلي للحرب، أن عملية "الدرع الشمالي" مهمة للغاية، لكنه في الوقت عينه أشار إلى أنها تشكل بالنسبة إلى نتنياهو حجة لتبرير تراجعه أمام حركة "حماس" قبل عدة أسابيع.

أما عضو الكنيست حاييم يلين ("يوجد مستقبل")، الذي أشغل في السابق منصب رئيس المجلس الإقليمي أشكول المحاذي لقطاع غزة، فقال إنه لا يجوز إطلاق اسم عملية عسكرية على "الدرع الشمالي"، غير أن إطلاق مثل هذا الاسم عليها جاء للتغطية على تلكؤ الحكومة في القيام بأي عملية عسكرية ردّاً على إطلاق 1000 صاروخ من القطاع باتجاه الأراضي الإسرائيلية.