تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

وقع زعيم حزب الليكود ورئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، يوم الأربعاء الماضي، على اتفاقين ائتلافيين مع حزب "كولانو" ("كلنا")، برئاسة موشيه كحلون، وكتلة "يهدوت هتوراة" الحريدية. ويتعين عليه أن يوقع على اتفاقين آخرين على الأقل، مع حزبي "البيت اليهودي" برئاسة نفتالي بينيت، وشاس برئاسة أرييه درعي، ليتمكن من تشكيل حكومة ضيقة جدا تستند إلى 61 عضو كنيست. لكن نتنياهو يسعى إلى ضم حزب "يسرائيل بيتينو"، برئاسة أفيغدور ليبرمان، كي تستند حكومته إلى 67 عضو كنيست.


وبدت المفاوضات الائتلافية مع الأحزاب الثلاثة عالقة، في نهاية الأسبوع الماضي ومطلع الأسبوع الحالي، لكن التوقعات تشير إلى أن نتنياهو، الذي يناور بين مواقف متناقضة للأحزاب، سينجح في تشكيل حكومته الجديدة قبيل حلول نهاية المهلة الثانية والأخيرة لتشكيل الحكومة، بعد غد الأربعاء. وتماطل الأحزاب الثلاثة في توقيع الاتفاقات الائتلافية وتضع مطالب في محاولة لتحقيق مكاسب، إذ أن طواقم المفاوضات لحزب الليكود والأحزاب الثلاثة اتفقت على معظم بنود الاتفاقات وكذلك على توزيع الحقائب الوزارية، باستثناء حقيبة الأديان.

الاتفاق مع "كولانو"
يبدو أن كحلون نجح في الحصول على كل مطالبه، من خلال الاتفاق الائتلافي، وأن يفرض على نتنياهو أن يتبنى جزءا كبيرا من برنامجه الاقتصادي – الاجتماعي، الذي طرحه خلال الحملة الانتخابية.


وسيتولى كحلون وزارة المالية، والمسؤولية عن دائرة التخطيط والبناء، التي تم نقلها من وزارة الداخلية إلى وزارة المالية، وبذلك سيتمكن من دفع إصلاحات أعلن عن نيته تنفيذها. وعلى أثر ذلك تسود توقعات بأن ينفذ كحلون خطة طموحة ترمي إلى خفض أسعار السكن وغلاء المعيشة، إضافة إلى خطة إصلاح في فرع البنوك. كذلك تم الاتفاق على زيادة مليار شيكل بهدف رفع مخصصات الجنود ومنح تسريحهم. كما تم الاتفاق على رفع ضريبة شراء الشقق للاستثمار بنسبة كبيرة.


ونص الاتفاق الائتلافي على أن يتولى رقم اثنين في قائمة "كولانو"، يوءاف غالانت، منصب وزير البناء والإسكان، ومكانة مراقب في الحكومة المصغرة للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت). ويشار إلى أن غالانت يحمل رتبة لواء وكان قائد الجبهة الجنوبية وهو متهم بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة خلال الحرب العدوانية في نهاية العام 2008. وقد تم تعيينه رئيسا لأركان الجيش، لكن نتنياهو ووزير الدفاع في حينه، إيهود باراك، تراجعا عن التعيين، في العام 2011.


وحصل حزب "كولانو" على حقيبة وزارية ثالثة، هي حقيبة حماية البيئة، ويبدو أن كحلون يريد تعيين مدير عام شركة الاتصالات "بيزك"، أفي غباي، في المنصب وهو ليس عضو كنيست، لكنه أحد الأشخاص المقربين جدا من كحلون. وهناك مرشح آخر للمنصب هو عضو الكنيست إيلي ألألوف، الذي قد يعين رئيسا لإحدى اللجان الاجتماعية في الكنيست، مثل لجنة الرفاه الاجتماعي من أجل دفع استنتاجات لجنة محاربة الفقر، التي تشكلت في أعقاب الاحتجاجات الاجتماعية في صيف العام 2011 وكان رئيسها.


ونُشر مساء أمس، الأحد، نص الاتفاق الائتلافي بين الليكود و"كولانو"، وتبين منه أن أحد وزراء حزب "كولانو" سيكون عضوا في لجنة تعيين القضاة، وهو ما اعتبر إنجازا لمنع المس بالمحكمة العليا الذي يخطط له اليمين، بمن في ذلك أعضاء كنيست من حزبي الليكود و"البيت اليهودي". وعبر "كولانو" من خلال نص الاتفاق عن معارضته للمس بالمحكمة العليا، بحيث أنه "واضح ومتفق على أنه لن تسري على كتلة كولانو الطاعة الائتلافية المرتبطة بهذا الموضوع".


ونص الاتفاق الائتلافي بين الليكود و"كولانو" على منح جميع الأحزاب المشاركة في الائتلاف حق النقض (فيتو) ضد "قانون القومية"، الذي ينص على إخضاع النظام الديمقراطي في إسرائيل "لهويتها اليهودية" من خلال قرارات المحكمة العليا. كذلك يدفن الاتفاق مبادرة نتنياهو لسن قانون بإلزام الرئيس الإسرائيلي بتكليف رئيس أكبر حزب بتشكيل الحكومة.


وإلى جانب وزارات المالية والبناء وحماية البيئة، حصل حزب "كولانو" على منصب نائب وزير في وزارة لم يتم تحديدها، وكذلك على رئاسة لجنة العمل والرفاه الاجتماعي ولجنة حقوق الطفل أو لجنة توجهات الجمهور في الكنيست. كما حصل هذا الحزب على منصب نائب رئيس الكنيست بالتناوب مع الليكود. وسيكون للحزب عضوان في اللجنة الوزارية لشؤون سن القوانين.


وينص الاتفاق على أن حكومة نتنياهو المقبلة ستشمل 18 وزيرا، بينهم نائب وزير الصحة من كتلة "يهدوت هتوراة"، وفي مرحلة لاحقة ستتسع لتشمل 22 وزيرا.


ويشمل الاتفاق الائتلافي إمكانية تسمح لنتنياهو بتوسيع الائتلاف، وأنه في حال تشكيل ائتلاف يستند إلى أكثر من 70 عضو كنيست، فإن هذا "سيتطلب إجراء تغييرات وملاءمات في هذا الاتفاق وبضمن ذلك توزيع الحقائب الوزارية". وأوضحت مصادر في حزب الليكود أن غاية هذا البند ليست ضم "المعسكر الصهيوني" في المستقبل إلى الحكومة، وإنما أن تمنح نتنياهو حيزاً من المناورة تجاه الأحزاب، التي تجري مفاوضات للانضمام إلى الائتلاف الآن، أي أحزاب اليمين، في حال عدم توقيع اتفاقيات ائتلافية معها. ويبدو أن المقصود هنا حزب "يسرائيل بيتينو" الذي حصل زعيمه ليبرمان حتى الآن على حقيبة الخارجية.

الاتفاق مع "يهدوت هتوراة"
ترفض كتلة "يهدوت هتوراة" أن يتولى أحد نوابها منصب وزير في الحكومة الإسرائيلية لأنها لا توافق على جزء من سياسة الحكومة ولا تريد تحمل المسؤولية عن ذلك.


ونص الاتفاق الائتلافي بين الليكود و"يهدوت هتوراة" على أن يتولى عضو الكنيست يعقوب ليتسمان منصب نائب وزير الصحة، لكن مكانته في الحكومة ستكون كمكانة وزير. وسيتولى عضو الكنيست موشيه غفني رئاسة لجنة المالية في الكنيست، فيما سيتولى عضو الكنيست مئير بوروش منصب نائب وزير التربية والتعليم. ويشار إلى أن نتنياهو اتفق مع رئيس حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينيت على تولي الأخير منصب وزير التربية والتعليم.


كذلك نص الاتفاق مع "يهدوت هتوراة" على أن يتولى عضو كنيست من هذه الكتلة منصب نائب رئيس الكنيست لنصف ولاية، وسيتولى هذا المنصب عضو الكنيست يسرائيل آيخلر. كما سيتولى عضو الكنيست أوري مكليف منصب رئيس لجنة العلوم والفضاء في الكنيست!! علما أن المدارس والمعاهد الدينية التابعة لهذه الكتلة ترفض تعليم المواضيع العلمية وتركز على دراسة التوراة والتعاليم اليهودية.


ويحتوي الاتفاق الائتلافي مع "يهدوت هتوراة" على 87 بندا، غالبيتها تتطرق إلى المواضيع الدينية اليهودية. وأبرز هذه البنود هو البند الذي يلغي العقوبات الجنائية على الحريديم الذين يتهربون من الخدمة العسكرية. وكان حزب "يش عتيد" (يوجد مستقبل)، برئاسة يائير لبيد، أصر على شمل هذه العقوبة في التعديل على قانون التجنيد.


ومن أبرز مميزات الاتفاق الائتلافي مع "يهدوت هتوراة" هو "إعادة العجلة إلى الوراء"، من خلال إلغاء قرارات اتخذتها حكومة نتنياهو السابقة، بتأثير من لبيد. فقد نص الاتفاق على إعادة مخصصات الأولاد إلى المستوى الذي كانت عليه قبل تشكيل الحكومة السابقة. كذلك يلغي الاتفاق قانون التهود. ويلغي الاتفاق أيضا قرار الحكومة السابقة بتعيين أربع نساء في لجنة تعيين قضاة في المحاكم الدينية اليهودية، إلى جانب تشكيل لجنة لوضع تعليمات في شؤون الدفن، وتوسيع علاج الأسنان للأولاد حتى سن 14 عاما.


ونص الاتفاق الائتلافي مع "يهدوت هتوراة" على ضمان حكم ذاتي للمؤسسات التعليمية الحريدية، وحصولها على ميزانيات. ويلغي الاتفاق قرار وزير التربية والتعليم السابق شاي بيرون من حزب "يش عتيد"، بتقليص ميزانيات مؤسسات تعليمية لا تدرس المواضيع الأساسية، وهي العلوم واللغة الانكليزية والرياضيات، ويلغي قرار الحكومة السابقة بتقليص مخصصات طلاب الييشيفوت (المعاهد الدينية اليهودية)، ويقضي بمضاعفتها.


كما ينص الاتفاق على التزام الحكومة بإصلاح المس بميزانية جهاز التعليم الحريدي، نتيجة لقرارات اتخذتها المحكمة العليا بإلزام تعليم المواضيع الأساسية، وإعادة دفع مخصصات لطلاب الييشيفوت، خلافا لقرار المحكمة العليا.

التفاهمات مع "البيت اليهودي"
توصل نتنياهو وبينيت إلى تفاهمات، لم تؤد بعد إلى اتفاق ائتلافي، وتقضي بتعيين بينيت وزيرا للتربية والتعليم، إضافة إلى تعيينه وزيرا لشؤون "الشتات". كما سيتولى مسؤولية حقيبة القدس، رغم أن الصفة الرسمية لهذه الحقيبة ستكون بيدي حزب الليكود، وسيتم تعزيزها من جانب نتنياهو نفسه.


ويشار إلى أن بينيت تولى حقيبة القدس في الحكومة السابقة. لكن تقارير إعلامية تشير إلى أن نتنياهو يدرس إمكانية تعيين رئيس بلدية القدس، نير بركات، في منصب وزير شؤون القدس، ولكن من دون مكتب ومصاريف، "من أجل دفع مكانة العاصمة من داخل صفوف الحكومة". لكن على ما يبدو أن هذه الخطوة لن تخرج إلى حيز التنفيذ لعدة اعتبارات، بينها تعديل قوانين وتقليص عدد الوزراء واحتياجات سياسية أخرى.


وتعثر توقيع اتفاق ائتلافي بين الليكود و"البيت اليهودي" بسبب مطالبة بينيت بالحصول على زيادة لميزانية وزارة التربية والتعليم بمبلغ مليار شيكل، من أجل توظيف مساعدة ثانية لروضات الأطفال.


التفاهمات مع شاس
تنازل رئيس حزب شاس، أرييه درعي، عن تولي حقيبة الداخلية في أعقاب الاتفاق بين الليكود وحزب "كولانو" الذي نص على نقل المسؤولية عن دائرة التخطيط والبناء من هذه الوزارة إلى وزارة المالية، التي سيتولاها كحلون.
وبدلا من ذلك جرى التفاهم بين نتنياهو ودرعي بأن يتولى الأخير حقيبة الاقتصاد، إضافة إلى حقيبة الأديان. وتتمحور الأزمة في المفاوضات حول رفض درعي حصول حزب "البيت اليهودي" على منصب نائب وزير في وزارة الأديان.
ويحاول طاقم المفاوضات لحزب الليكود التوصل إلى تسوية حول حقيبة الأديان. والمقترحات المطروحة هي أن يتولى درعي وزارة الأديان وتعيين نائبي وزير في هذه الوزارة، واحد من حزبه والآخر من "البيت اليهودي".

معضلات ليبرمان
أشار محللون إسرائيليون إلى أن ليبرمان يواجه معضلات في الانضمام إلى حكومة نتنياهو الجديدة. من جهة، يمنحه نتنياهو صلاحيات واسعة في وزارة الخارجية، ومن جهة ثانية يصعب عليه الموافقة على الاتفاقيات المبرمة مع الحريديم، ومن جهة ثالثة يعتقد ليبرمان أن أي صدام مع نتنياهو يصعد التحقيقات في شبهات فساد ضده وضد قياديين في حزبه.


واعتبرت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، أن "ليبرمان سيفقد الحق في وجود حزبه"، في حال وافق على الاتفاق الائتلافي بين حزب الليكود وكتلة "يهدوت هتوراة"، إذ أن هذا الاتفاق يلغي قرارات اتخذتها الحكومة السابقة بدعم حزب "يسرائيل بيتينو"، بما يؤدي إلى زيادة مخصصات الأولاد، وإعادة الميزانيات لطلاب الييشيفوت في خارج البلاد، وإلغاء بند العقوبات الجنائية على الشبان الحريديم المتهربين من الخدمة العسكرية. والأهم من ذلك تجميد قانون التهود، الذي يسمح بتهود المهاجرين الروس بطرق سهلة وليس على طريقة الحريديم.
وأشار رئيس تحرير صحيفة "معاريف" والمحلل السياسي بن كسبيت، إلى أن الانطباع السائد هو أنه لن يتم توقيع اتفاق بين نتنياهو وليبرمان قريبا. ولفت كسبيت أيضا إلى أن موافقة ليبرمان على الانضمام للحكومة بعد الاتفاق مع الحريديم هو أمر إشكالي لدى ناخبي حزبه.


وأضاف كسبيت أن "ليبرمان مقتنع بأن نتنياهو دبّر التحقيق ضده عشية الانتخابات. وتعتقد جهات في المؤسسة السياسية أن ليبرمان انضم لنتنياهو عشية انتخابات العام 2013 (عندما تشكلت قائمة "الليكود بيتنا") لأنه قدّر أن هذا التحالف سيساعده في إغلاق ملف التحقيق ضده" وهذا ما حدث حينذاك.


وتابع كسبيت أنه "بعد فك هذه الشراكة ("الليكود بيتنا") مباشرة وقرار خوض الانتخابات الأخيرة لوحده، ظهر التحقيق ضد يسرائيل بيتينو" الذي بموجبه يشتبه قياديون في هذا الحزب، وعلى رأسهم نائبة وزير الداخلية السابقة فاينا كيرشنباوم، بتلقي وإعطاء رشاوى من المال العام ومن خلال تحويل ميزانيات بصورة غير قانونية. "ويعتقد ليبرمان أن نتنياهو يقف وراء فتح كل التحقيقات"، بحسب كسبيت.


من جهته، كتب محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس"، يوسي فيرتر، أن ليبرمان سيبقى وزيرا للخارجية، وأن نتنياهو تعهد بمنحه المسؤولية عن المفاوضات مع الفلسطينيين والاتصالات مع الولايات المتحدة.
لكن فيرتر لفت إلى أن نتنياهو يعلم أنه لن تكون هناك أي مفاوضات مع الفلسطينيين خلال ولايته الجديدة. وأضاف المحلل أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بالنسبة لنتنياهو هو "مرحوم"، وأن أشخاصا التقوا مع نتنياهو وتجرأوا على ذكر موضوع استئناف المفاوضات، رد عليهم برفض شديد "ومحاضرات مطولة حول انعدام جدوى هذا الأمر".


ورغم أن خطوات ليبرمان القادمة ليست واضحة، لكن التوقعات تشير إلى أنه على الأرجح سيضطر إلى الانضمام إلى الحكومة، وإلا فإنه سينهي حياته السياسية في صفوف المعارضة. كذلك يتوقع أن يعمل نتنياهو جاهدا من أجل إقناع ليبرمان بالانضمام، كي لا يشكل حكومة ضيقة جدا تستند إلى 61 عضو كنيست فقط.