تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1418

هذا ما تؤكده وقائع آخر أسبوع بدءاً من التحريض على الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية إلى الاستيطان في سلوان واقتحامات المسجد الأقصى المبارك

تزايدت في الآونة الأخيرة اقتحامات المستوطنين واليهود المتطرفين للحرم القدسي الشريف، وباتت هذه الاقتحامات يومية، خاصة في ساعات الصباح، وفي الوقت نفسه يُمنع المسلمون من الدخول إلى الحرم والصلاة في المسجد الأقصى.

وأدى هذا النظام الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي إلى الاعتقاد، وبحق، أن إسرائيل تحاول تقسيم أوقات الصلاة زمنيا بين المسلمين واليهود، بعد أن قسمت الحرم الإبراهيمي مكانيا بين المسلمين واليهود.

 

ووفقا للتقارير الإسرائيلية، فإن هناك خلافا بين المتدينين اليهود حول الدخول إلى الحرم القدسي. وبعد احتلال القدس، في حرب حزيران العام 1967، أعلنت الحاخامية الرئيسة في إسرائيل عن حظر دخول اليهود إلى الحرم، مشددة على أن "موقع الهيكل لم يؤكد بعد"، إلى جانب فرائض دينية ينبغي القيام بها قبل الدخول إلى المكان وإلى مواقع داخله لا يجوز الاقتراب منها.

 

لكن مع بدء تزايد نفوذ التيار الصهيوني - الديني في الحلبة السياسية الإسرائيلية بصورة تدريجية خلال العقدين الأخيرين، وتزايد نشاط الحركات الاستيطانية المنبثقة عنه، تزايدت الاقتحامات للحرم القدسي بشكل كبير. وحتى أنه من أجل كسب تأييد هذا التيار المتطرف وتأثيره على أحزاب اليمين بصورة عامة، أقدم رئيس المعارضة الإسرائيلية في العام 2000، أريئيل شارون، على اقتحام الحرم بمصادقة رئيس حكومة إسرائيل حينذاك، إيهود باراك.    

 

ويعتبر المتطرفون اليهود أن اقتحام الحرم والتجول في باحاته، يشكل تطبيقا "لفريضة احتلال أرض إسرائيل". وهم يعتبرون أيضا، بحسب الحاخام يسرائيل هارئيل وهو أحد غلاة المتطرفين ومؤسس ورئيس "معهد الهيكل" الذي يدعو إلى بناء "الهيكل" في الحرم القدسي، أنه "كلما جاء إلى المكان يهود أكثر، فإن الإشراف وممارسة الصلاحيات السيادية لدولة إسرائيل في المكان تكون أقوى".

 

وبحسب معطيات الشرطة الإسرائيلية، فإنه منذ العام 2011 أخذت تتزايد أعداد اليهود الذين ينفذون عمليات اقتحام الحرم القدسي ضمن مجموعات، وأنه في ذلك العام اقتحم الحرم ثمانية آلاف يهودي.

 

والجدير بالذكر أن اليهود الذين يقتحمون الحرم القدسي، وتوفر شرطة الاحتلال الحماية لهم، هم اليهود المتطرفون والمستوطنون في الضفة الغربية والقدس الشرقية وخاصة في البلدة القديمة.

 

"أبو مازن معاد للسامية"!

 إلى جانب تزايد اقتحامات اليهود المتطرفين للحرم، أخذ اليمين الإسرائيلي يطالب بفرض "السيادة الإسرائيلية الفعلية" على الحرم. وفي هذا السياق، شن مسؤولون إسرائيليون تهجمات حادّة ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، بعد أن دعا، في نهاية الأسبوع الماضي، إلى منع المستوطنين من اقتحام الحرم القدسي وتدنيسه بأي طريقة.

 

ولم يتطرق رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، إلى أقوال الرئيس الفلسطيني، بصورة مباشرة وإنما غير مباشرة. وقال خلال حفل لإطلاق اسم رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إسحق شامير، على شارع في القدس، إن "القدس هي درة تاج وجودنا كأمة ذات سيادة، وشامير شدد في كل مناسبة على واجب ضمان كونها موحدة. وعمل شامير من أجل جعلها مركزا نابضا للفعاليات الشعبية. وهو بالطبع أصرّ على حقنا الطبيعي في البناء فيها".

 

وتابع نتنياهو "هل يعقل، هكذا تساءل شامير، ألا يستطيع اليهودي أن يقيم بيته في القدس؟ هل لا يسمح لنا بإعمار عاصمة إسرائيل وهي أرض أجدادنا؟ لذا نحن نبني في القدس وسنواصل البناء فيها، لصالح السكان اليهود والعرب(؟!) على حد سواء، ولصالح السكان أبناء الديانات الأخرى ولصالح جميع سكان المدينة. إن القدس تحت السيادة الإسرائيلية هي مدينة موحدة وهناك من يريد أن يحرض فيها فئة على أخرى ويسعى إلى تمزيق المدينة وبناء أسوار في قلبها من جديد. نحن لن نفعل ذلك. وسنتصدى لهذه الأطراف وسنكافحها بيد من حديد".

 

وادعى وزير خارجية إسرائيل، أفيغدور ليبرمان، أن أقوال عباس هي "محاولة لإشعال المنطقة بواسطة استخدام أكثر الأماكن حساسية"، ألا وهو "جبل الهيكل" أي الحرم القدسي. وأضاف أن "أقواله تكشف عن نيته هذه، وتدل على أن أبو مازن وقادة السلطة الفلسطينية هم الذين يقفون وراء أعمال الشغب التي ينفذها سكان القدس الشرقية" في إشارة إلى المواجهات شبه اليومية بين المقدسيين وشرطة الاحتلال.  

 

وقال ليبرمان إن "هذه الأمور تكشف عن وجه أبو مازن الحقيقي، منكر المحرقة الذي يتحدث عن دولة فلسطينية نظيفة من اليهود، والذي كان وما زال معاديا للسامية. ويرتقي أبو مازن، من تحت بذلته وأقواله المهذبة تجاه المجتمع الدولي، مرحلة في التحريض ضد إسرائيل واليهود، ويدعو إلى حرب دينية".

 

وتابع ليبرمان أن "أبو مازن ينضم عمليا بذلك إلى التنظيمات الإسلامية المتطرفة، مثل داعش وجبهة النصرة، التي تقدّس الحروب الدينية".

 

بدوره قال رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، زئيف إلكين (الليكود)، إن الرئيس عباس "منكر للمحرقة ويتحدث عن دولة فلسطينية نظيفة من اليهود، ويجب كشف وجهه أمام العالم".

 

من جانبها، قالت رئيس حزب ميرتس، زهافا غالئون، إنه "حتى لو لم تكن هناك علاقة بين تزايد قوة التنظيمات الإرهابية والقضية الفلسطينية، فإن من الخطأ الاعتقاد أن الحرب ضد داعش ستحرف النقاش حول القضية الفلسطينية".

 

وأشارت غالئون إلى "أننا نقف في الفترة الأخيرة على مسار تصادم مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية بسبب سياسة الحكومة (الإسرائيلية) وبدلا من أن تتدارك الحكومة الأمور فإنها تتهمهم بالعداء للسامية".

 

رغم ذلك وصفت غالئون، التي كانت تتحدث إلى الإذاعة العامة الإسرائيلية أول من أمس الأحد، أقوال الرئيس عباس بأنها "فظة"، أي أنه حتى غالئون التي تدعي أنها زعيمة معسكر السلام الإسرائيلي لم تستوعب الغضب الفلسطيني من ممارسات دولتها، دولة الاحتلال.

 

واعتبر محلل الشؤون الفلسطينية في صحيفة "يسرائيل هيوم" الدكتور رؤوفين باركو أن أقوال الرئيس عباس والأقوال التي أطلقها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، قبل ذلك بيوم واحد، تشير إلى أن "رابطة الإرهاب الفلسطيني المؤلفة من حماس والسلطة الفلسطينية تتحدث بصوت واحد".

 

وكتب باركو في الصحيفة المقربة من رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أمس الاثنين، أن مصطلح منع المستوطنين من الدخول إلى الأقصى "بأي طريقة" لم يكن مفاجئا، وأن "رئيس السلطة دعا في خطابه الأخير في الأمم المتحدة إلى الاستمرار في المقاومة ضد إسرائيل بموجب تراث الفدائيين".

 

وأردف باركو "الآن، كممثل غير منتخب لشعب وهمي، لا حصة له ولا قطعة أرض في القدس كعاصمة بموجب قانون، دين، تاريخ أو قانون دولي، يُملّك الرئيس نفسه اهتماما وملكية على القدس ومقدساتها ويتهم اليهود بإحداث صراع ديني وتدنيسها".

 

وتابع باركو في مقاله المنشور في أوسع الصحف الإسرائيلية انتشارا كونها توزع مجانا، أنه "في هذه الأثناء، يواصل العالم الغربي تجاهل حرق الكنائس وملاحقة المسلمين للمسيحيين في منطقتنا، ويتنكر لهجرة المسيحيين من أراضي السلطة الفلسطينية ويدير ظهره حيال تفجير مساجد تاريخية على المصلين فيها بأيدي المسلمين أنفسهم. وبالنسبة لهم، لا توجد علاقة بين الإرهاب الإسلامي وطموح إيران وتركيا بالتوسع، تفكيك الدول العربية، تهديد الأنظمة الملكية أو الأزمة الشيعية – السنية والمؤامرات العالمية للإسلام الراديكالي من مدرسة ’الإخوان المسلمين’ أو ’الحرس الثوري’".      

 

واعتبر باركو أنه "يوجد في الغرب كهؤلاء الذين يسارعون بجرة قلم إلى المصادقة على دولة الإرهاب الفلسطيني. وفي هذه الأثناء، تقوم الحركة الإسلامية (داخل أراضي 48) بأعمال شغب في القدس لتبرر التمويل" الذي بحسب الكاتب تحصل عليه من قطر، التي أعلنت عن التبرع بمليار دولار لإعادة إعمار غزة.

 

وخلص باركو إلى أنه "يوجد تنسيق بين أبو مازن ومشعل. والآن ينبغي إشعال القدس. والشرارة انطلقت. وعندما يلتقي المال مع زعماء الإرهاب يحدث الانفجار".

 

 احتلال مبان في سلوان

 إن الأمر المؤكد هو أن إسرائيل، بواسطة أذرعها الاستيطانية، تسير باتجاه هدفها شبه المعلن، وهو السيطرة على البلدة القديمة في القدس والأحياء المحيطة بها. وفي هذا السياق يأتي استيلاء المستوطنين على مبان في سلوان.

 فقد أعلن صباح أمس عن دخول مستوطنين إلى تسعة بيوت في سلوان، بادعاء أنهم اشتروها من أصحابها الفلسطينيين.

 ومع دخول عشرات المستوطنين إلى هذه البيوت، تضاعف عددهم في هذا الموقع. وقالت صحيفة "هآرتس" إنه في الأيام الأخيرة الماضية راجت شائعات في الحي، مفادها أن شخصا فلسطينيا من سكان القدس الشرقية استخدم لشراء هذه البيوت من أجل تسليمها إلى مستوطنين مرتبطين بالجمعية الاستيطانية "عطيرت كوهانيم".

 وأضافت الصحيفة أن شراء هذه البيوت تم بتمويل شركات من خارج البلاد، وتقف من وراء هذه العملية "اللجنة من أجل تجديد الحي اليهودي". ونقلت الصحيفة عن سكان في سلوان قولهم إنه بحوزة هذا الفلسطيني مبنى آخر وأنه تسود تخوفات من أنه يعتزم بيعه للمستوطنين أيضا.

 

ووفقا للمستوطنين، فإنه أطلق على أحد البيوت اسم "بيت فرومكين"، على اسم والد جد رئيس جهاز الشاباك الأسبق كرمي غيلون، بزعم أنه أقام حيا ليهود هاجروا من اليمن قبل الهجرة اليهودية الأولى إلى فلسطين والتي بدأت في العام 1881 واستمرت حتى العام 1904.

 

وادعى المستوطنون، أمس، أن "اليهود اليمنيين غادروا القرية بسبب مجازر وبعد ذلك باعوا بيوتهم فيما بقي الكنيس كاملا. وهذه الليلة سددنا الحساب في المكان".

 

وكان عشرات المستوطنين قد دخلوا قبل ثلاثة أسابيع إلى 23 بيتا في سلوان أيضا، بعدما ادعوا أيضا بأنهم اشتروا البيوت. وترددت أنباء عن أن الوسيط في هذه الصفقة هو شخص عربي من المثلث.

  

تحت رعاية الدولة وبتمويلها

 

قالت المحامية أوشرات ميمون، من جمعية "عير عاميم" الحقوقية التي تعنى بحقوق الإنسان في القدس المحتلة، إن دخول المزيد من المستوطنين إلى سلوان يشكل خطوة باتجاه إغلاق الباب أمام أي حل سياسي للصراع.

 

وأكدت ميمون أن استيلاء المستوطنين على البيوت الفلسطينية "تتم دائما تحت رعاية السلطات، وبوسائل مباشرة وبواسطة حراسة تكلف ملايين الشواكل من ميزانية الدولة، وكذلك من خلال غض الطرف عن الصفقات المشبوهة. ويستيقظ سكان سلوان مرة أخرى على صباح دخول سافر إلى حيهم، وهز أية إمكانية لكلا الشعبين لحياة لائقة وأفق سياسي".

 

وتطرق إلى هذا الموضوع الوزير الإسرائيلي وعضو الكنيست الأسبق، يوسي سريد. وتناول سريد في مقاله الأسبوعي، يوم الجمعة الماضي في "هآرتس"، إعلانا نشرته جمعية "إلعاد" الاستيطانية، والتي تركز نشاطها في القدس وخاصة في سلوان، في الصحيفة، وتم التركيز فيه على توجيه التحية للمستوطنين الذين استولوا على بيوت في سلوان.

 

وتضمن الإعلان أسماء شخصيات إسرائيلية ويهودية تتبوأ مناصب في "المجلس العام لإلعاد"، وتبين أن رئيس هذا المجلس هو البروفسور ايلي فيزل، الحائز على جائزة نوبل للأدب. وبحسب لجنة الجائزة فإن فيزل هو "رسول للبشرية، الذي مرر رسالة قوية للغاية، واحتراما إنسانيا". وفيزل هو ناجٍ من المحرقة.

 

وكتب سريد أن "هذا الرجل يتوقع منه أن يبدي مشاعر مميزة تجاه معاناة الآخر في سيغيت (مسقط رأس فيزل في رومانيا) أو في سلوان. هذا الرجل هو مواطن أميركي، ويصف نفسه في كل مناسبة أنه صديق شخصي لباراك أوباما... هل عرف نتنياهو لماذا اقترح على فيزل منصب رئاسة الدولة ونحن لم نفهم الأمر؟".

 

وأضاف سريد أن فيزل بالذات، الذي امتنع طوال السنوات الماضية عن الضلوع في السياسة الإسرائيلية الداخلية، دخل في سلوان إلى "بيت تلو الآخر بعد أن تم شراؤها بصفقات مشبوهة... هو بالذات يخفي خلف شاله تطهيرا عرقيا زاحفا. ومن بين كل الجمعيات في إسرائيل اختار التمسك بإلعاد، التي لا توجد فيها حقيقة ولا نعمة، ولا توجد جمعية محل خلاف أكثر منها. وواضح تماما لماذا اختاروه رئيسا، وليس واضحا أبدا لماذا استجاب لرغبتهم".

 

وخلص سريد إلى أن فيزل حصل على احترام الشعب اليهودي وأغيار (غير يهود) من بلدان العالم منذ أن نجا، وكان ناطقا باسم القتلى والناجين (من المحرقة)، وخاطبه قائلاً: "أعطنا حصتنا من احترامك، واحترمنا نحن أيضا. هل ستعيد التفكير باستعدادك لترؤسهم، ولأن ترفعهم إلى قمة تماثلك وتوقيع تحياتهم الملعونة؟".

 

هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي.

 

 مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"  و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي