بدأت الأحزاب التي تستعد لخوض الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، في الأول من تشرين الثاني المقبل، ترتيب قوائم مرشحيها. ونحن أمام فريقين من الأحزاب، تلك التي تعد قوائمها بناء على انتخابات داخلية، وأخرى تكون هذه مهمة زعيم الحزب والحلقة الضيقة من حوله. وحتى الآن، انتهت الانتخابات الداخلية في حزب العمل، التي أفرزت قائمة اختفى منها نجوم السياسة، وأسماء تقليدية في الحزب، وأيضا حزب الليكود، الذي كشفت انتخابات قائمته، مجددا، عن مدى سيطرة بنيامين نتنياهو على الحزب، الذي استبعد من مقدمة القائمة ثلاثة نواب تجرأوا قبل أقل من عام على الإعلان عن نيتهم المنافسة على رئاسة الحزب، ولم يشفع لهم انسحابهم من المنافسة.
في شهر تموز من هذا العام، تأزمت العلاقات الإسرائيلية- الروسية بعد إعلان وزارة العدل الروسية أن الوكالة اليهودية في روسيا قد أخلت بالقوانين الروسية المحلية. وعليه، تم فتح ملف في محكمة روسية للتداول بشأن إغلاق جميع مكاتب الوكالة اليهودية وطرد موظفيها من البلد. وقد تم تعيين يوم 19 آب الحالي كموعد لإجراء المداولات داخل المحكمة، وربما الوصول إلى قرار نهائي، وهو ما تنظر إليه إسرائيل بتشاؤم ينذر بأن عمل الوكالة اليهودية في روسيا قد يكون في نهاياته.
هذه المقالة، تنظر إلى عمل الوكالة اليهودية، بالتركيز على الساحة الروسية، وتلقي الضوء على الأسباب الفعلية التي قد تقف وراء هذا القرار غير المسبوق بالنسبة إلى الوكالة اليهودية المنتشرة في معظم دول العالم، وبالنسبة إلى العلاقات الإسرائيلية- الروسية.
هذا جزء ثانٍ من مقال حول التقرير الذي أصدره مكتب مراقب الدولة الإسرائيلية حول هبّة أيار 2021 - والمعروفة في المعجم الإسرائيلي بما يوصف كـ "أعمال شغب" رافقت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 2021، أو كما أسمتها السلطة الإسرائيلية "عملية حارس الأسوار"، وأسمتها المقاومة الفلسطينية "معركة سيف القدس". تم استعراض التقرير بلغة معدّيه وما اختاروه كخلفية، ("تقرير إسرائيلي رسمي عن أحداث هبة أيار 2021 يتضمّن نقداً للأداء لكنه لا يخرج عن حدود الخطاب الرسمي"، 1 آب 2022) بينما يقدّم هذا الجزء قراءة نقدية على مستوى المضمون و"السردية" التي يقدمها مكتب مراقب الدولة الإسرائيلية للحدث.
ثمة أمور كثيرة تطفو على سطح السجالات في إسرائيل على أعتاب معركة انتخابات مبكرة أخرى، هي الخامسة خلال أقل من أربعة أعوام، ومنها سنتوقف عند أمرين سبق لنا أن تطرقنا إليهما:
الأول، بعض جوانب الأزمة التي تسم الأحزاب في إسرائيل، وهي الجوانب التي تتراوح بين ما يمكن توصيفه بأنه "فتنة الطغيان"، وزعزعة بنية الأحزاب الاجتماعية.
الصفحة 128 من 859