اسرائيل تنتظر باول، الذي يصلها نهاية الاسبوع، بـ "رزمة من التوضيحات والاشتراطات" (وهناك من يؤكد انها "تعجيزات"!) تتعلق بـ "خارطة الطريق" وبآليات تطبيقها على الأرض. وسيوضح رئيس حكومتها، ارئيل شارون، لوزير الخارجية الامريكي، ان على الولايات المتحدة ممارسة الضغوط على السلطة الفلسطينية لكي تتخذ اجراءات حقيقية ضد <<الارهاب>>، "مثلما تضغط على سوريا" لتوقف دعمها لهذا النشاط.هذا ما قالته، الاربعاء (7/5)، مصادر سياسية في القدس الغربية (هآرتس 8/5)، عشية وصول باول الى اسرائيل والسلطة الفلسطينية، في نهاية الاسبوع الجاري.
زيارة زعماء "المؤتمر اليهودي الأوروبي" ـ التنظيم الجامع لليهود في اوروبا ـ الى اسرائيل في نهاية الاسبوع الاخير، وحقيقة ان رئيس الحكومة وجد الوقت للالتقاء بهم، لم تكن في الماضي من المسلمات المفهومة ضمناً في العلاقات بين اسرائيل والشتات. ومثلما درجت اسرائيل على التركيز على العلاقة مع الولايات المتحدة بشكل خاص، هكذا ايضًا برز الأمر في العلاقات مع يهود الشتات: اليهود في امريكا عوملوا باعتبارهم يشكلون ذخرًا سياسياً حقيقياً، بينما تم اهمال بقية الجاليات اليهودية. وبينما حظيت جميع المنظمات اليهودية الأمريكية بعقد لقاءات لممثليها مع رئيس الحكومة، لم يحظ ممثلو الجاليات الاخرى بهذا الشرف الا حين كانوا جزءًا من اطار دولي.في كل ما يتعلق بأوروبا على الأقل، حصل تغيير ما خلال السنتين الأخيرتين. تصاعد الهجمات اللاسامية من جهة، والعداء السياسي المتصاعد تجاه اسرائيل في دول اوروبا الغربة من جهة ثانية، ورغبة اوروبا الموحدة الواضحة باعتماد سياسة مستقلة مميزة عن الأمريكيين، من جهة ثالثة ـ ادت الى تغيير لدى الجاليات اليهودية، كما لدى حكومة اسرائيل ايضا.
يبدو ان الظروف المطلوبة لعقد لقاء قمة بين الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون <لم تنضج بعد>. وبموجب <صوت اسرائيل> (السبت 8 آذار) فقد قرر مبارك التراجع عن دعوة ذكرت الانباء مؤخرًا – بعد تشكيل حكومة شارون الثانية – انه ارسلها الى شارون للقاء به في شرم الشيخ، للتباحث في سبل تحريك الجمود القاتل على المسار الاسرائيلي – الفلسطيني الدامي، والتوجه نحو فصل التفاوض الرسمي بين الطرفين.ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن وزير الخارجية المصري احمد ماهر قوله في تصريحات صحفية <ان الظروف للقاء لم تنضج بعد>، وأن الامر متعلق بما تقوم به اسرائيل على الساحة الفلسطينية. واشار ماهر الى ان حكومة اسرائيل أدلت حتى الان بتصريحات <لا تؤدي الى السلام>.
الحكومة الجديدة لم تحظ بالتفهم حتي ليوم واحد: فلم تكد تمر 24 ساعة منذ انتهت جلستها الاولي حتي صار عليها ان تتصدي للعملية الخطيرة في حيفا، مع معطيات قاسية للتقصير الكبير في جباية الضرائب في شباط (فبراير)، ومع توترات أولية في تطبيق الاتفاق الائتلافي حول الخلاف علي مستقبل وزارة الاديان. واولئك ا لذين كان عليهم ان يبلوروا الرد الاسرائيلي علي تفجير الباص في شارع مورية في حيفا هم الذين انشغلوا بذلك في الحكومة السابقة ايضا: ارييل شارون وشاؤول موفاز ورئيس الاركان موشيه يعلون ورئيس المخابرات آفي ديختر والطواقم المهنية ضمن مسؤولياتهم. وفقط في تشكيلة الوزراء الذين يصادقون علي توصيات جهاز الامن ويطلقون التصريحات في اعقاب مثل هذا الحدث المأساوي طرأ تغيير: فقد انضم اليها اعضاء المجلس الجدد من شينوي والاتحاد الوطني.منذ التوقيع علي اتفاق اوسلو برز فارق في الشكل الذي ينظر فيه الجيش والمخابرات الاسرائيليان للمواجهة مع الفلسطينيين: الجيش الاسرائيلي يؤمن بالرد بالقوة، اما المخابرات فتتبني الحل الذي يقوم علي اساس التفاهم مع القيادة الفلسطينية. الجيش الاسرائيلي يوفر للقيادة السياسية التقديرات بأن علي المواجهة ان تنتهي بانتصار حاسم يلقن الفلسطينيين درسا بأن الارهاب ليس مجديا ويقتلع من قلوبهم الرغبة في العودة في اي وقت من الاوقات في المستقبل الي مسار العنف، اما المخابرات فتبذل كل ما في وسعها لتوفير معلومات كي يتحقق هذا الهدف، ولكن تقديراتها، وكذا موقف رئيسها، تعبر عن الفهم بانه لا تكفي القوة لتسوية النزاع.
الصفحة 909 من 1047