المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • على هامش المشهد
  • 1736

تبدأ الحصة في "اللغة العربية كلغة اتّصال" بصورة ديناميكية فعالة عندما تطلب المعلمة من طلاب الصف الثاني في مدرسة يغآل ألون في مدينة حيفـا المجيء إلى اللوح لإلصاق الجمل التي تتكوّن من التهاني والتبريكات بالعربية وهي مكتوبة بالأحرف العبرية المشكلة. ثم تطلب المعلمة من الطلاب أن يحزروا معانيها. يحاول ياهف التكهن مثلاً بأننا نقول عبارة "أهلا وسهلاً" عند الدخول إلى المطاعم. وتقول نوعا: "مبروك عليك- هذا ما يغنونه في الأعراس". ثم يكتبون الجواب الملائم لكل تهنئة على قطعة من الكرتون الأخضر ويحاولون التكلم. "كل سنة وأنت سالم يا توم"، "وأنت يا نيتسان". ويتحدث ياهف عن الحصة ويصفها بالممتعة ويمكن القول انه ليس الوحيد الذي يجد بأن الحصة ممتعة إذا حكمنا حسب المشاركة الفعالة لأولاد الصفّ.

 

 

تقول المعلمة نوار كنعان إن ردود الفعل التي تتلقاها تدل على مثل هذا الرضا وتؤكد أن "حالة التشكيك تجاه اللغة العربية تنتهي في الحصة الأولى، فقد قلت للأولاد إنني أنا الفتاة العربية سأعلمهم من هو الذي يقف أمامهم وكيف من الممكن أن يتكلموا معه. عندما سألت الأولاد عن رأيهم بالحصة أعربوا عن حبهم لهذه الحصة وأرادوا أن يتعلموا التحدث بصورة أكبر". وهذا ما تؤكده أيضاً مديرة المدرسة إيلانه فاغمان التي تتحدث عن موقف ايجابي من قبل الأهالي والطلاب عندما تقول :" إنهم على استعداد للبقاء ساعة إضافية سادسة في المدرسة من أجل تعلم هذه الحصة".

 

بالنسبة لحسام أبو بكر، مدير البرامج في "صندوق إبراهيم"، الذي يعمل على تطبيق وتفعيل برامج ومشاريع تتناول التعايش بين اليهود والعرب، فإن الرغبة التي يبديها الطلاب اليهود للتحدث باللغة العربية هي هدف بحدّ ذاته تمّ تحقيقه. فمنذ أكثر من شهر يتمّ تطبيق هذا البرنامج في 12 مدرسة ابتدائية في حيفـا وفي ثلاث مدارس في مدينة كرميئيل، وذلك بعد أكثر من عشر سنوات على انقراض اللغة العربية الدارجة من غالبية المدارس اليهودية بسبب سياسة منهجية انتهجها القيمون والمسؤولون عن تعليم اللغة العربية في وزارة التربية والتعليم بدعم من شخصيات أكاديمية قضت بتفضيل اللغة العربية الفصحى على الدارجة. فقد كانوا يدعون أن اللغة الدارجة أقلّ شأناً ومتعددة اللهجات ويتمّ التحدث بها في كل مكان بصورة تختلف عن الأماكن الأخرى والانتقال منها إلى الفصحى يعتبر صعباً وأصلاً كيف يمكن تعلم أي لغة بدون القراءة والكتابة.

 

اللهجة الدارجة ملائمة للعروض

يقول المفتش المركز لتعليم اللغة العربية في وزارة التربية والتعليم الدكتور شلومو ألون: "اللهجة الدارجة ملائمة لتقديم العروض المسرحية والتمثيليات لكن التعليم المنظم يتعرض لخلل بسببها وزد على ذلك أن النتائج المستقبلية ليست بجيدة والطلاب الذين يختارون تعلم اللغة الدارجة لا يختارون تعلم اللغة الفصحى مع العلم بان اللغة نتعلمها لنقرأ بها".

ويقول دان بتير، نائب الرئيس التنفيذي في مبادرات "صندوق إبراهيم" في هذا السياق:"الأولاد العرب يعرفون ويتقنون اللغة العبرية أما زملاؤهم ونظراؤهم اليهود فلا يعرفون أي كلمة باللغة العربية وإذا أردنا أن يتمّ الاتصال بصورة نديـّة فلا بدّ لهذا الوضع أن يتغير". ويتفق معه في هذا الرأي شريكه في تطبيق البرنامج رئيس بلدية حيفا يونا ياهف حيث يقول:"أي دولة ثنائية القومية تهتم بتعليم كلتا اللغتين أما عندنا فإذا تمّ تعليم اللغة فإنما يعلمون اللغة الفصحى، أردت أن أدخل اللغة منذ سنّ مبكرة لكن مدير اللواء رفض ذلك. وشاء القدر أن بادر صندوق إبراهيم إلى استنهاض هذا المشروع".

على الأرجح يعود النجاح الذي حققه صندوق إبراهيم في تذليل العقبات وازالة العوائق في وزارة التربية والتعليم من أمام هذا البرنامج إلى تحمل الصندوق غالبية التكاليف فيما يتعلق بتمويل البرنامج الذي يشمل تمويل تطوير منهاج يضم كتابة كراسات للتعليم، اسطوانات ومواد مساعدة أخرى، تمويل غالبية دورات تأهيـل المعلمين للبرنامج وقسم كبير من ساعات التعليم.

 

أشبه بلغة وسطى

يشرح شلومو ألون أنّ مصطلح "اللغة العربية كلغة اتّصال" يأتي للإشارة إلى اللغة الوسطى التي من الممكن إيجادها في الراديو والتلفزيون بالعربية، في الانترنت والدردشة عبر الشبكة التي تدمج الكثير من الكلمات والتعابير العامية غير أنها تكتب بالخط العربي التقليدي. يتعلم الطلاب ضمن برنامج "مبادرات صندوق إبراهيم" المخصص للصفوف من الرابع إلى السادس كيفية تبادل الحديث ويكتسبون ثروة لغوية بالعربية المحكية. وابتداء من الصف السادس يبدأون في التعرف على الأحرف ويمكنهم قراءة الكلمات المكتوبة على اللافتات ومن منتصف الصف السادس يهتمون بالشبه والاختلاف بين اللغة الدارجة واللغة الفصحى من خلال التعرف على الكلمات لتسهيل الانتقال من تعليم الدارجة إلى الفصحى في الصف السابع.

 

ويرى حسام أبو بكر أن الفائدة الحقيقية في هذا البرنامج تكمن في تعليم الثقافة العربية المحيطة بها. ويقول أبو بكر في هذا الصدد: "إننا نعلم الثقافة وليس حول الثقافة حيث يتلقى كل واحد من الطلاب قرصاً يحتوي على أغاني فيروز وعمالقة الغناء العربي اليوم والأغاني الشعبية التي يرددها اليوم كل طفل عربي أي أن لا يقدموا إلى الولد اليهودي صورة العربي الذي يعتمر الكوفية ويرعى قطيع الماعز كما يحدث في مناهج التعليم القديمة التي ترسخ النظرات المسبقة والنمطية".

أما شلومو ألون، الذي يشغل منصبه في وزارة التربية والتعليم منذ حوالي عشرين عاماً وكان من أوائل المعارضين لتعليم اللغة العربية الدارجة، فإنه يعلق الآمال هذه المرة على هذا البرنامج الجديد ويقول: "هدفي هو أن يتعلم الأولاد في إسرائيل العربية وإذا كان هذا الإحساس الايجابي لدى الطلاب خلال تطبيق البرنامج سيحفزهم على تعلم اللغة العربية في الصفوف العالية فنكون قد كسبنا".

 

المصطلحات المستخدمة:

كرميئيل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات