أظهر تقرير نشر أخيرًا حول أوضاع المهاجرين اليهود من أثيوبيا (الفلاشا)، أعده مركز أدفا للدراسات والأبحاث الاجتماعية ووصلت إلى "المشهد الإسرائيلي" نسخة منه، أن هؤلاء المهاجرين لا يزالون يعانون من تمييز عنصري في المجتمع الإسرائيلي عامة وفي سوق العمل خاصة. في الوقت نفسه شهد افتتاح السنة المدرسية الإسرائيلية المزيد من حوادث التمييز العنصري ضد الطلاب الأثيوبيين.
أظهر تقرير نشر أخيرًا حول أوضاع المهاجرين اليهود من أثيوبيا (الفلاشا)، أعده مركز أدفا للدراسات والأبحاث الاجتماعية ووصلت إلى "المشهد الإسرائيلي" نسخة منه، أن هؤلاء المهاجرين لا يزالون يعانون من تمييز عنصري في المجتمع الإسرائيلي عامة وفي سوق العمل خاصة. في الوقت نفسه شهد افتتاح السنة المدرسية الإسرائيلية المزيد من حوادث التمييز العنصري ضد الطلاب الأثيوبيين.
وعلى الرغم من أن التقرير يتحدث عن بعض التقدم، إلا ان الجو العام في الشارع الاسرائيلي يعكس صورة أخرى، تؤكد استفحال التعامل العنصري والنفور من مجموعات المهاجرين الاثيوبيين، نظرا للون بشرتهم وعاداتهم وغيرها، إلى درجة تصل حد الاستعلاء الأشكنازي والحديث عن مستوى نظافة وغيره.
وفي كل عام دراسي كانت تظهر عدة مظاهر عنصرية يرفض فيها أهال أن يتعلم أولادهم مع أطفال من أبناء المهاجرين الأثيوبيين، كما ان نسبة عالية من اليهود، حسب استطلاع نشر قبل عدة أشهر، تتحفظ من السكن بجوار الأثيوبي، ومن هؤلاء كارمي غيلون، رئيس جهاز "الشاباك" الأسبق، الذي قال في مقابلة صحفية انه يريد اخراج الاثيوبيين من البلدة التي يتولى رئاسة مجلسها، لكونهم "يوسخون" الشوارع، ويقضون حاجاتهم في الشوارع والأماكن العامة. وقد أحدثت هذه التصريحات ضجة واسعة في وسائل الاعلام والحلبة السياسية في اسرائيل، لكن في الواقع فإن ما قاله غيلون هو ما يجول في داخل غالبية الاسرائيليين.
يذكر ان عدد اليهود المهاجرين من اثيوبيا خلال السنوات الثلاث والعشرين الماضية وحتى اليوم يتراوح ما بين 75 الفا الى 80 الف مهاجر مع ابنائهم الذي ولدوا هنا، وهم منتشرون في كافة انحاء البلاد، ولكن اكبر نسبة منهم تعيش في جنوب البلاد.
وحسب تقرير مركز أدفا فإن العمال الاثيوبيين لا يزالون يواجهون صعوبة في ايجاد اماكن عمل مضمونة وثابتة، ويعملون في أعمال مؤقتة، وحتى من حصل منهم على شهادات جامعية أهلته للعمل في مؤسسات الدولة، فإن عمله على الغالب هو مع قطاع الأثيوبيين فقط. كذلك يشير التقرير الى ارتفاع نسبة البطالة بين المهاجرين من اثيوبيا.
وحسب التقرير فإن نسبة العاملين او نسبة الذين يبحثون عن العمل من الاثيوبيين في اسرائيل من عمر 25 عاما وحتى 54 عاما، هي أكثر بقليل من 50%، بينما ترتفع هذه النسبة بين باقي المواطنين في إسرائيل إلى 76%. وفي تفصيل اكثر فإن نسبة العاملين الاثيوبيين في جيل من 25 عاما وحتى 34 عاما هي 74%، بينما النسبة بين المواطنين في اسرائيل ترتفع الى 81%، وفي جيل من 35 عاما وحتى 44 عاما تهبط النسبة بين الأثيوبيين إلى 61%، بينما ترتفع لدى المواطنين الباقين إلى 86%، وفي جيل من 45 عاما الى 54 عاما النسبة بين الأثيوبيين هي 64%، بينما هي بين باقي المواطنين 87%.
وتستفحل ظاهرة البطالة والحرمان من العمل بين الأثيوبيين، لدى النساء، فنسبة الاثيوبيات العاملات أو اللاتي يبحثن عن عمل من عمر 25 عاما الى 34 عاما هي 46%، بينما ترتفع النسبة لدى النساء الاسرائيليات الى 66%، ومن جيل 35 عاما الى 44 عاما تهبط نسبة العاملات الأثيوبيات إلى 35%، وبين باقي الاسرائيليات ترتفع الى 69%، ومن عمر 45 عاما الى 54 عاما فإن نسبة الاثيوبيات العاملات هي 18% بينما لدى الاسرائيليات 69%.
ويظهر تقرير آخر لمعهد "بروكديل" أن استطلاعا جرى في مدينة حيفا أظهر ان 50% من الاثيوبيين في جيل العمل يعملون بينما نسبة الذين يبحثون عن عمل تصل الى 24%، وبين النساء كانت نسبة العاملات من بين الاثيوبيات في حيفا 19% في حين أن 17% أخريات يبحثن عن عمل.
وكما ذكر فإن نسبة عالية جدا من العمال الأثيوبيين وخاصة الأثيوبيات (يقول التقرير إنها تبلغ 90% بين العاملات الأثيوبيات) تعمل في مجال النظافة والخدمة، في المؤسسات والشركات. وغالبية هؤلاء خاضعون لشركات القوى العاملة التي جاءت لتحل مكان العمل المنظم، وفي هذه الشركات لا يمكن للعامل ان يعمل لمدة عام كامل، وهو في غالب الاحيان من دون حقوق عمالية.
اما الباقون من العمال الاثيوبيين فإنهم يعملون في الصناعة والوظائف العامة بوظائف مؤقتة وليست ثابتة، ويتم تصنيفهم على أنهم غير مهنيين.
ويشير تقرير مركز أدفا الى ان الجيل الجديد من الأثيوبيين يحاول الاندماج في الشارع الاسرائيلي، وايضا في مجال التعليم، لكنه لا يستطيع تحقيق نجاحات بالمستوى الموجود عند سائر المواطنين. فمثلا في السنوات الأخيرة كان عدد الطلاب الجامعيين الأثيوبيين الجدد سنويا يتراوح ما بين 2000 الى 2400 طالب، كما هو عليه في العام الماضي 2005، لكن هناك حالة تسرّب كبيرة جدا، إذ أن عدد الطلاب الأثيوبيين الذين يحصلون على اللقب الاول يتراوح ما بين 250 الى 300 طالب، بمعنى ان الغالبية الساحقة من الطلاب الأثيوبيين يتركون مقاعد الدراسة تدريجيا مع تقدّم سنوات التعليم.
سنة دراسية جديدة واستفحال التمييز ضد الأثيوبيين
كما درجت العادة في إسرائيل فمع مطلع كل سنة دراسية جديدة تظهر على السطح حوادث العنصرية التي يعاني منها بالأساس الأطفال الأثيوبيون، وأيضا الأطفال من الطوائف الشرقية، ولكن التمييز بين أبناء الطوائف الشرقية بات يتركز بين أوساط المتدينين أكثر.
أولى هذه الحوادث ظهرت في بلدة اور يهودا، فقد اصدر رئيس البلدية، يتسحاق بوخبزة، أوامره لمدارس المدينة بعدم استقبال الأطفال الأثيوبيين، بمن في ذلك أبناء المهاجرين الجدد من الأثيوبيين. وقد اكتشف احد الآباء الأثيوبيين، ويدعى ملا تيرزة، حين توجه للمدرسة لتسجيل أبنائه الثلاثة، أن الموظفين في المدرسة تلقوا أمرا حازما بعدم تسجيل أطفاله كسائر الأطفال الأثيوبيين، الذين جاؤوا من مراكز استيعاب المهاجرين.
وفي دفاعه عن نفسه يقول رئيس البلدية بوخبزة، وردا على منتقديه: "كلهم يتملقون الأثيوبيين، ولكن لا أحد منهم يريد رؤية أثيوبيين عنده". ويحصل المهاجرون الأثيوبيون على قروض إسكان سهلة تؤهلهم لشراء بيوت في البلدات الفقيرة فقط، وهذا ما جعلهم يسكنون في اور يهودا كإحدى البلدات الفقيرة. وتقول البلدية ان ثلث الطلاب في مدرسة المدينة هم من الأثيوبيين، ويقول بوخبزة: "هذا أسلوب مشوه ومضر لاستيعاب مهاجرين، أنا لست على استعداد للسماح باستيعاب المهاجرين في غيتوات، ليست لدي مشكلة بأن يسكنوا في المدينة، ولكني أريد أن يتجمعوا في منطقة واحدة، هذه المدينة هي مدينة الشرائح الضعيفة والفقيرة، فإذا تعلم جميع الفقراء في مدرسة واحدة فهذا لا يساعد على إخراج الشرائح الفقيرة من ضائقتها".
ولكن هذا التفسير لا يقنع قادة المهاجرين الأثيوبيين، والناشطين في مجال حقوق الإنسان الذين يعتبرون منطلقات رئيس البلدية بوخبزة بأنها منطلقات عنصرية. وقالت جمعية حقوق المواطن، التي أعلنت عزمها على تقديم مساعدة قضائية للأثيوبيين ضد رئيس البلدية، إن السياسة التي يتبعها رئيس البلدية تساهم في توسيع الفجوات الاجتماعية، "فالتمييز على أساس طائفي في قبول الطلاب يمس بشكل قاس بأسس التربية".
ويقول آدم بن باروخ، من الجمعية الإسرائيلية لدعم اليهود الأثيوبيين: "إن رئيس البلدية يدوس على حقوق الأطفال بشكل فظ، وهذه ببساطة عنصرية. إن الأحياء التي يسكنها المهاجرون الأثيوبيون هي أحياء فقر، وتنتشر فيها المخدرات والكحول، والأطفال ينتشرون في الشوارع في الوقت الذي يتواجد فيهم أقرانهم في المدارس، بسبب سياسة رئيس البلدية، وهناك خطر بأن يتدهور هؤلاء الأطفال إلى هذه الآفات الاجتماعية".
يذكر أن التمييز بين الأطفال على أساس طائفي يهودي لا يتوقف عند هذا الحد، فيحدث سنويا ان أطفالا من الطوائف الشرقية اليهودية المتدينة يواجهون تمييزا ضدهم في مدارس أبناء الاشكناز، وحصل في الكثير من المرات الفصل بين الطلاب الشرقيين (السفراديم) والغربيين (الاشكناز) في صفوف منفصلة، وأحيانا يتم منع تسجيل طلاب من السفراديم في مدارس الاشكناز.