المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • المشهد الاقتصادي
  • 1345
  • برهوم جرايسي

كشف تقرير دوري صادر عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD عن حجم النواقص في جهاز التعليم الإسرائيلي، وقد تعاطى مع المعطيات ككل، دون فصل أجهزة التعليم المتنوعة لكشف حالات التمييز، فالاستثمار المتدني في جهاز التعليم العربي، يجر معدلات الاستثمار العام الى الأدنى، وتبرز فيه نواقص مثل الاكتظاظ في الغرف التعليمية، وقلة معدل الاستثمار في جيل الطفولة المبكرة.

 

استثمار ضعيف في الطفولة المبكرة

في العام الماضي، كشفت منظمة OECD أن إسرائيل ليس لديها أي استثمار تقريبا في رعاية الطفولة المبكرة (من سن صفر إلى 3 أعوام)، وأنها تضع ميزانية للتعليم لهذه الأعمار في أدنى المستويات من أي دولة في OECD. ويتبين أن 25% من الأطفال في هذه الشريحة العمرية يحظون بحضانات رسمية، أما الباقي فهم في حضانات خاصة تتلقى دعما ما من الميزانية العامة للوزارة.

ويظهر أنه في السنة الدراسية 2015/2016، ارتفع الاستثمار بجيل الطفولة المبكرة، بنسبة 5ر7% فقط. ويبلغ حاليا فقط 2971 دولارا، من حيث تعادل القوة الشرائية، أي ما يعادل حوالي 11300 شيكل في السنة، مقارنة بمتوسط قدره 12080 دولارا في دول OECD (ما يعادل 5ر45 ألف شيكل في السنة). وهكذا تستثمر إسرائيل في كل طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 0 إلى 3 أعوام حوالي 25% مما هو قائم في الدول المتطورة. هذا الرقم مذهل بشكل خاص في سياق البحوث التعليمية التي تشير إلى أهمية الاستثمار في طلاب الطفولة المبكرة.

وحسب "ذي ماركر"، هناك رقم آخر في تقرير OECD يشير إلى أن الاستثمار الخاص للجمهور الإسرائيلي في التعليم قبل المدرسي أعلى بكثير من الاستثمار في البلدان المتقدمة، 84% من الاستثمارات العامة في أطفال ما قبل المدرسة هي أموال خاصة، وخاصة من الآباء والأمهات، بينما في منظمة OECD تمول الدول غالبية ميزانية مرحلة ما قبل المدرسة، وتبلغ نسبة تمويل الأهالي 31% فقط.

الكثافة الأشد في الغرف التعليمية

تشدد منظمة OECD في تقريرها على الحاجة إلى توفير جودة التعليم قبل المدرسي، حتى بين الأطفال في سن ما قبل المدرسة الذين تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 6 أعوام. وبالذات تقليص عدد الأطفال في الغرفة التعليمية، وزيادة أعداد المعلمين، إذ أن الوضع في إسرائيل من هذه الناحية مزر للغاية.

فالمعدل القائم في رياض الأطفال في دول OECD 7ر15 طفل في الروضة، وفي فنلندا وألمانيا 9 أطفال فقط. ويرتفع المعدل في إسرائيل إلى 22 طفلا، مثل فرنسا. وفقط في كولومبيا والمكسيك والمملكة المتحدة وتشيلي الوضع أكثر حدة في رياض الأطفال، وفي تركيا 17 طفلا، وفي البرازيل 7ر20 طفل. ولا يوجد في نيوزيلندا سوى ستة أطفال في كل مرحلة من ما قبل المدرسة.

ساعات تعليمية وأيام أسبوعية أكثر

يشير التقرير إلى أن الطلاب في إسرائيل يمضون ساعات أكثر وأياما أكثر في المدارس، مقارنة مع المعدل القائم في دول OECD. وتستثمر إسرائيل مليارات الشواكل في هذه الساعات الدراسية، لكن تحصيل الطلاب في إسرائيل لا يزال أقل بكثير من الطلاب في بقية دول OECD.

يُطلب من طلاب المدارس الابتدائية الإسرائيلية دراسة 5751 ساعة من التعليم الإلزامي، مما يضيف إلى العديد من ساعات الإثراء والتعليم غير الإلزامي، مقارنة بمتوسط قدره 4658 ساعة من طلاب المدارس الابتدائية في OECD. ما يعني 26% إضافة، مع حقيقة أن كل طالب في المدارس الابتدائية الإسرائيلية يجبر على الدراسة خمس ساعات إضافية في الأسبوع، مقارنة مع المعتاد في البلدان المتقدمة.

ووفقا لتقرير OECD، منذ عام 2005 لم يتغير متوسط عدد الطلاب في صفوف المرحلة الابتدائية في إسرائيل، وهناك 27 طالبا في الصف، على غرار اليابان والمملكة المتحدة، وفقط الوضع في تشيلي أعلى، 31 طالبا في الصف. وحاليا المعدل في مدارس دول OECD، 21 طالبا في الصف الابتدائي، وهذا أقل بطالب واحد من المعدل الذي كان قائما في العام 2005. وكانت هناك دول تحسنت بشكل كبير. ففي كوريا الجنوبية، على سبيل المثال، انخفض الازدحام في الصف الابتدائي من 33 إلى 23 فقط.

وفي إسرائيل، تم استثمار مئات ملايين الشواكل في السنوات الأخيرة، لكن هذا لم يؤثر بشكل كبير على الوضع. في المدارس الاعدادية، يكون الاكتظاظ أكثر حدة، وفي كل صف، يتم تسجيل 29 طالبا في المتوسط في إسرائيل، مقارنة بـ 23 في دول OECD.

الفوارق في الرواتب

يبلغ الراتب الأولي لمعلمي المدارس الابتدائية في إسرائيل حوالي 4200 شيكل شهريا وهذا أقل من معدل رواتب معلمي المرحلة الابتدائية في الدول المتطورة، ويطلب منهم تدريس ساعات أكثر من غيرهم في تلك الدول. كما يوضح التقرير أن مدرسا في مدرسة ثانوية يكسب 50% من معدل رواتب أولئك المعلمين في الدول المتطورة، وأن رواتب معلمي المدارس الإعدادية هو حوالي 4500، أقل من نظرائهم في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وتقول صحيفة "ذي ماركر" إنه على مدار العقد الماضي، تضاعفت ميزانية التعليم، حيث بلغ حجمها أكثر من 30 مليار شيكل (قرابة 5ر8 مليار دولار)، وهذا عدا تمويل الأهالي لبعض النشاطات. ومما زاد الميزانية ارتفاع متوسط مرتبات المعلمين بنسبة 10%، فقد زادت أجور المعلمين القدامى زيادة كبيرة، وأصبحت الفجوات بين أجور المعلمين القدامى والجدد أعلى بأكثر من ضعفي مثيلاتها في دول OECD.

ووفقا لوزارة التعليم، يجب إضافة 13 مليار شيكل إلى ميزانية جهاز التعليم كل عام، من أجل تقليص فجوة الاستثمار في التعليم بين إسرائيل والبلدان المتطورة. وفي الآونة الأخيرة، أصدر بنك إسرائيل المركزي توصية مماثلة لزيادة ميزانية وزارة التعليم، وزيادة الميزانية في جميع المراحل المدرسية.

على مدار العقد الماضي، تم توفير زيادات في الرواتب للمدرسين في إسرائيل، ولكن تم إنشاء فجوات هائلة بين قدامى المعلمين والمبتدئين، مع أن كل واحد من الأخيرين يكسب شهريا أقل من المعتاد في الدول المتقدمة بآلاف الشواكل. هذا الموقف هو أحد أسباب النقص الحاد في المعلمين في إسرائيل واستمرار الانخفاض في مستواهم.

وحسب بيانات OECD، ارتفعت رواتب المعلمين في إسرائيل منذ عام 2005 بنسبة 40% لمعلمي المدارس الابتدائية، وحوالي 50% لمعلمي مدارس الاعدادية والثانوية، وبنسبة 55% لمعلمي مرحلة ما قبل المدرسة. ومع ذلك، لم يتمتع جميع المعلمين بنظام رواتب متساو. واليوم، تبلغ فجوة الأجور بين المعلمين المبتدئين والمعلمين نحو التقاعد في المدارس الابتدائية حوالي 150%، والفجوة في الأجور في المدارس الثانوية تبلغ حوالي 140% (مقارنة بحوالي 70% فقط في دول OECD).

فقط في إسرائيل دراسة 6 أيام اسبوعيا

تدعي منظمات المعلمين الإسرائيلية أنها مطالبة بالعمل أكثر من نظيراتها في الدول الغربية، لكن تقرير OECD يظهر أن هناك 1ر15 أسبوع من العطل المدرسية في جهاز التعليم الإسرائيلي، مقارنة بمعدل 8ر13 أسبوع في OECD. وهذا يعني أن الطلاب والمدرسين في إسرائيل يتمتعون بأسبوع ونصف أسبوع آخر من العطلة خلال الصيف والأعياد. إلا أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تجري فيها الدراسة 6 أيام أسبوعيا، بينما تدرس الدول الأخرى خمسة أيام. في الآونة الأخيرة عرض بنك إسرائيل إلغاء الدراسة يوم الجمعة. في مثل هذه الحالة، سيتم تقصير عطل الطلاب والمعلمين، وسيتم تقليل العبء على الأهالي.

التحصيل العلمي الأكاديمي

في عام 2018 كان 48% ممن تتراوح أعمارهم بين 55 و64 عاما في إسرائيل حاصلين على درجة جامعية، مقارنة بـ 27% في دول OECD. ولكن النسبة العالية جدا في إسرائيل هي نتاج موجهات الهجرة من دول الاتحاد السوفييتي السابق في العقود الثلاثة الأخيرة. فعند النظر بمقارنة دولية إلى حالة التعليم للجيل الشاب في إسرائيل، والذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاما، يبدو أن إسرائيل عالقة عند ذات النسبة، بينما قلصت دول OECD الفجوة.

واليوم 48% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاما في إسرائيل يحملون شهادة جامعية بزيادة نسبتها 6% مقارنة بنسبة 44% في دول OECD بزيادة نسبتها 9%، وهذا نتيجة لاستثمار أكبر في الدول المتطورة في التعليم العالي.

وجاء في التقرير أن إسرائيل تحتل المرتبة 12 بين 41 دولة من حيث نسبة الأجيال الشابة بين الأكاديميين.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات