انعقد المؤتمر الأول للاستيطان في غزة في كانون الثاني 2024، ثم مرة أخرى في تشرين الأول 2024، حيث دعا المشاركون إلى إنشاء "غزة الجديدة" كجزء من رؤية استيطانية موسّعة في كل قطاع غزة. وُصفت هذه الرؤية بأنها "ليست وهمًا، بل خطة عمل"، مع توزيع خرائط متخيَّلة حول المشروع. شارك نحو 11 وزيرًا و15 نائب كنيست في المؤتمر وقدموا الاستيطان على أنه ضرورة أمنية وأيديولوجية، وربط بعضهم بين الاستيطان وتهجير الفلسطينيين. وأعلنت دانييلا فايس، رئيسة حركة "نحالا" التي تبادر بنشاط في إنشاء المستوطنات في الضفة الغربية، أنها "زارت" قطاع غزة مرات عدّة خلال الحرب، وأن الحركة طلبت تجهيز 40 مبنى لنقلها إلى غزة، وأنه تم تجنيد نحو 700 نواة استيطانية للانتقال الفوري إلى القطاع.
تستعرض ورقة تقدير الموقف الحالية مشروع الاستيطان اليهودي في قطاع غزة بعد حرب 2023، قاعدته السياسية-الاجتماعية، وإمكانيات تحقيقه. القسم الأول يقدم لمحة تاريخية عن تطور الاستيطان في قطاع غزة وصولًا إلى تفكيكه والانسحاب في العام 2005. القسم الثاني يستعرض المؤسسات والمنظمات التي تنشط بشكل متصاعد منذ 7 أكتوبر 2023، وتعمل على البدء الفعلي بالاستيطان. القسم الثالث والأخير يناقش مآلات هذه المشاريع في ظلّ عوامل تعزز من إمكانيات الاستيطان وأخرى تقلل منها.
"المسيّرة التي أطلقها حزب الله أصابت قلب التصوّر/ المفهوم: من الذي قرّر أننا هزمنا حزب الله؟"- تحت هذا العنوان، حاول نير كيفنيس قبل يومين الوقوف على عملية التضليل التي مارسها المستويان السياسي والعسكري- الأمني على الجمهور الإسرائيلي في الأيام الأولى لتصاعد المواجهة مع حزب الله وادّعاء تدمير قدراته العسكرية وترسانته الصاروخية. تُعيد الأحداث الدراماتيكية المتسارعة في المواجهة بين إسرائيل وحزب الله منذ منتصف أيلول المنصرم "المفهوم" أو "التصور" كلفظة دارجة في الخطاب السياسي- الأمني في إسرائيل إلى الواجهة من جديد، وذلك في ضوء عودة رواجه في الخطاب السياسي- الإعلامي الإسرائيلي تحت شعار "انهيار التصور" كتوصيف لفشل 7 أكتوبر. من بين معان وإحالات عدّة؛ تُحيل لفظة "المفهوم" أو "التصور" (كونسيبتسيا بالعبرية) في الخطاب السياسي- الأمني الإسرائيلي إلى فشل حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 التي يُطلق عليها "حرب يوم الغفران"، يعود السبب في ذلك إلى توصيات لجنة التحقيق الرسمية "أغرانات" التي تشكّلت في أعقاب الحرب، وما استتبع ذلك من تحولات في التفكير الإسرائيلي العسكري- الأمني والسياسي أيضًا.
في أعقاب هجوم 7 تشرين أول/ أكتوبر، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت بالإضافة إلى قادة الجيش والمؤسسة الأمنية تهديداتهم العلنية ضدّ قادة حركة حماس وكوادرها متوعدين بالوصول إليهم واغتيالهم في كل مكان داخل فلسطين وخارجها، وقد شكّلوا لهذه المهمة وحدة استخبارية تنفيذية خاصة في جهاز الأمن العام "الشاباك" حملت اسم "نيلي"، وقد دخلت هذه التهديدات حيّز التنفيذ منذ اليوم الأول للحرب، وطالت حتى اللحظة مجموعة كبيرة من القيادات السياسية والعسكرية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة، وامتدّت إلى خارجه باغتيال عضو المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في بيروت مطلع العام 2024، ومن ثم اغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية في طهران في تموز 2024، وكذلك العديد من الاغتيالات في لبنان وسورية كان أبرزها اغتيال القيادي الكبير في منظمة حزب الله فؤاد شكر في آب 2024.
في مقطع مصور قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الولايات المتحدة تحجب المساعدات العسكرية، وقد عبّر عن ذلك بالقول: "توجهنا على مدى أسابيع إلى الإدارة الأميركية مرة تلو الأخرى وفي الغرف المغلقة لتزويدنا بالأسلحة لكن شيئاً لم يتغير {...} ما وصل في نهاية المطاف أمور صغيرة لكن الكتلة الأكبر من الأسلحة لم تصل". على وقع تصريحات نتنياهو هذه، ألغى البيت الأبيض اجتماعا أميركيا- إسرائيليا رفيع المستوى بشأن إيران كان من المقرر عقده يوم الخميس 20 حزيران. أدّت تصريحات نتنياهو هذه إلى جملة من الردود الإسرائيلية الناقدة لنتنياهو والتي وصفت تصريحاته بـ "هستيرية لا داعي لها" وأنها تتسبّب بضرر كبير للعلاقات بين إسرائيل وحليفتها الاستراتيجية، الأمر الذي جعل هذه القضية عنواناً للتوتر في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، يُضاف للتوتر القائم حول قضايا مختلفة مرتبطة بإدارة حرب الإبادة على قطاع غزة.
الصفحة 1 من 18