نشر معهد أبحاث الأمن القومي في إسرائيل ورقة بعنوان "تداعيات استمرار الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي - ثلاثة سيناريوهات"، وذلك لاستشراف التداعيات الاقتصادية متعددة الأوجه للحرب على قطاع غزة المستمرة منذ أكثر من 10 شهور، حيث تواجه إسرائيل مفترق طرق كبيرًا لن يشكل موقفها العسكري والجيوسياسي فحسب، بل مستقبلها الاقتصادي أيضًا.
تقدم هذه الوثيقة تحليلًا لثلاثة سيناريوهات محتملة - استمرار الوضع الحربي الحالي بدون تصعيد أو إنهاء للحرب، أو التصعيد على الجبهة الشمالية، أو إنهاء الحرب من خلال اتفاق يستند إلى صفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ووقف القتال في غزة. وتؤكد الورقة أنه بغض النظر عن السيناريو المرتقب، فإن إسرائيل سوف تعاني من أضرار اقتصادية دائمة، مما يذكرنا بالتحديات التي واجهتها إسرائيل خلال "العقد الضائع" الذي أعقب حرب العام 1973.
مع اقتراب حرب الإبادة والتدمير الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من دخول شهرها الحادي عشر، على التوالي، بما زرعته من قتل ودمار في الجانب الفلسطيني وما مُنيت به من فشل ذريع في الجانب الإسرائيلي في ما يتعلّق بتحقيق أي من أهدافها المُعلَنة، والسيرورة التراكمية لهذه الحرب من حيث انعكاساتها وآثارها التدميرية على الاقتصاد الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي وعلى مكانة إسرائيل الدولية؛ هذه الانعكاسات والآثار التراكمية التي بدأت تطفو على السطح بحدّة، كما يظهر من نتائج استطلاع "مؤشر الصوت الإسرائيلي" الأخير، لشهر تموز الماضي، التي تأتي لتؤكد هذه السيرورة وتجسّدها في صورة سوداوية قاتمة عن تقييم المواطنين في إسرائيل لـ "الوضع العام" الذي تعيشه دولتهم هذه الفترة، عن "المزاج القومي العام" السائد بينهم في سياق نظرتهم إلى كِلا مُرَكِّبَيّ هذا "المزاج القومي": مستقبل "النظام الديمقراطي" ومستقبل "الأمن القومي"، وعن نظرتهم السلبية إلى حكومتهم وموقفهم منها ومن أدائها، الأمر الذي يظهر في مشاعر الإحباط، الغضب وخيبة الأمل.
في أواسط الأسبوع الفائت، توجه رئيس منظمة المعلمين في إسرائيل ران إيرز، برسالة إلى وزير التعليم يوآف كيش، أكّد له فيها عدم استعداد النقابة لمواصلة المفاوضات حتى بدء العام الدراسي، وحدد يوم الأربعاء من هذا الأسبوع كآخر يوم للتوصل إلى اتفاق، وإلا فلن تُفتتح المدارس.
وجاء في نص الرسالة: "لا نريد أن نكرر مرة أخرى المشهد الذي سبق افتتاح العام الدراسي الماضي، بتاريخ 31/8/2023 عندما كان علينا في اللحظة الأخيرة قبول الاتفاق على افتتاح العام الدراسي بناء على وعود شفهية ومن دون اتفاقية موقعة. نحن لسنا معنيين بتمديد المفاوضات إلى ما بعد 27/8 أو 28/8. فإذا لم يتم التوقيع على اتفاقية جماعية بحلول ذلك الوقت، سنضطر إلى تعطيل بدء العام الدراسي، مثلما سبق أن أخبرناكم عدة مرات وكما قلنا في وسائل الإعلام". وشدّد إيرز: طالما ليس هناك اتفاق جماعي، فلن تكون اتفاقيات بشأن أي موضوع. هذا الموقف سبق أن أعلنته نقابة المعلمين قبل نحو شهرين، حيث أكدت أنه بدون اتفاق على الراتب، أي إذا لم يتم العثور على مصدر لتمويل الاتفاق، فالاحتمال الأكبر هو تعطيل افتتاح العام الدراسي المقبل في مطلع أيلول. وحتى الآن، مع اقتراب بدء العام الدراسي، لم تقدّم الحكومة أي بديل.
قبل خمسة أيام دخلت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها الحادي عشر. وفي إجمال سريع لكثير من وسائل الإعلام الإسرائيلية أشير إلى أنه بالرغم من انقضاء هذه الفترة الطويلة فإن بنيامين نتنياهو، الذي يحملّه العديد من الساسة والمسؤولين الأمنيين السابقين، فضلاً عن العديد من المحللين السياسيين والأمنيين، المسؤولية الرئيسة عن هذه الحرب التي جاءت في أعقاب الهجوم المباغت الذي شنته حركة حماس ضد مواقع عسكريّة وعلى مستوطنات ما يعرف باسم "غلاف غزة" يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما زال رئيساً للحكومة اليمينيّة الأكثر تطرفاً قومياً ودينياً والتي بدأت ولايتها بخطة الانقلاب على الجهاز القضائي وما تسببت به من انقسام عمودي في المجتمع الإسرائيلي، وما زال الجيش الإسرائيلي يعيث قتلاً ودماراً في قطاع غزة، كذلك فإن عشرات ألوف الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم من منطقتي الحدود مع غزة في الجنوب ومع لبنان في الشمال (على خلفية القصف المتبادل مع حزب الله) ما انفكّوا يقيمون في فنادق ولا يدرون متى تحين ساعة عودتهم إلى منازلهم، وفي الوقت الحالي فإن ملايين الإسرائيليين في حالة ترقّب غير مسبوقة لاحتمال تعرّضهم إلى هجمات من جانب إيران وحزب الله ردّاً على عمليتي اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة في طهران، والقائد العسكري في حزب الله فؤاد شُكر في الضاحية الجنوبيّة لبيروت.
الصفحة 8 من 852