كانت الأيام الأخيرة، بالذات في الأسبوع الماضي، تحقيقا لرغبات بنيامين نتنياهو، بدأها بتطبيق مخططه الذي لم يزل عن جدول أعماله، بإقالة وزير الدفاع يوآف غالانت، كنهجه مع كل من اعترض ولو علىبعض من قراراته في الحكومة وحزبه الليكود، وفي الوقت نفسه أظهر مجددا قدرته على التعامل مع شخصيات الليكود الحالية والسابقة، كأحجار شطرنج، يُقرّب ويُبعد بسرعة، بناء على درجة الولاء، والرضوخ لرغباته، كما رأينا مع الوزيرين يسرائيل كاتس وجدعون ساعر؛ وبالتزامن، جاءته "بشرى" فوز صديقه الخاص، دونالد ترامب، ليزداد نشوة، رغم أنه لولا دعم إدارة جو بايدن، لما استطاع هو وحكومته إطالة الحرب الدائرة وتوسيعها، وهذا باعتراف محللين إسرائيليين.
عشية الانتخابات الأميركية التي ستجري غداً الثلاثاء (5 تشرين الثاني 2024) ومن شأنها أن تنطوي على نقطة تحوّل في كل ما يتعلّق بمآل الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة ولبنان، فإن أول ما ينبغي التذكير به - وهو ما سبق أن أكّدناه مرات عديدة- أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يراهن منذ فترة طويلة على عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
كان شهر تشرين الأول الماضي الشهر الأكثر دموية منذ بداية العام من حيث حوادث العمل. وأفادت "مجموعة مكافحة حوادث البناء والحوادث الصناعية"، وهي جمعية مسجّلة ناشطة في المجال، أن 12 عاملا قد قُتلوا في حوادث عمل خلال شهر تشرين الأول، منهم سبعة في مواقع بناء، وأصيب عدد أكبر منهم في حوادث عمل خطيرة أخرى. وقالت المجموعة إن هذا التدهور الخطير للغاية في حالة سلامة العمال يقابَل باللامبالاة الحكومية والعامة، مما يؤدي إلى نتائج قاتلة مستمرة.
"هذا ليس نقاشاً بين اليمين مقابل اليسار، الحريديم مقابل العلمانيين، لكنّه نقاش يتمحور حول مجرد وجود دولة إسرائيل"- هكذا يقول بصورة جازمة عالِم الاقتصاد الإسرائيلي دان بن دافيد وهو يتحدث عن النقاش الواسع الذي يجري اليوم بين أوساط أكاديمية ـ ثقافية ـ فكرية مختلفة في دولة إسرائيل وفي مركزه "الأزمة الهوياتية والاجتماعية التي تعتبر من الأشد خطراً التي تمرّ بها تاريخها"، وخصوصاً على خلفية المعطيات التي يجري تداولها بشأن عدد الإسرائيليين الذين يهاجرون من البلاد (ضمن ما يسمى، إجمالاً، بظاهرة "النزول" ـ المعاكسة لـظاهرة "الصعود"، أي "الهجرة اليهودية إلى دولة إسرائيل")، والتي رغم كونها معطيات غير رسمية وغير دقيقة تماماً، فإنها تؤشر بصورة واضحة جداً إلى أن ظاهرة "النزول" قد شهدت ـ ولا تزال ـ ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرتها واتساعاً لافتاً في نطاقها خلال السنة الأخيرة بالذات، والأشهر الأخيرة منها على وجه التحديد.
الصفحة 8 من 863