المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1744

واصلت قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية أمس إجراءات تضييق الخناق على حيّ جبل المكبر في القدس الشرقية في أعقاب عملية الدهس التي نفذها الشاب فادي أحمد القنبر (28 عامًا) من الحيّ في "أرمون هنتسيف"، الأحد، والتي أسفرت عن مقتل أربعة جنود إسرائيليين وإصابة 16 بجروح متفاوتة.

وفرضت هذه القوات حصارا على جبل المكبّر وقامت بإغلاق شارعين رئيسيين في المنطقة، ما شكّل ازدحامات مرورية خاصةً للعائلات التي تقوم بإيصال أبنائها صباحًا إلى المدارس في القدس.
وحققت قوات الاحتلال مع والدي الشهيد، وقادت زوجته للتحقيق، واعتقلت اثنين من أبناء أعمامه.

وقرر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية- الأمنية الليلة قبل الماضية اتخاذ سلسلة إجراءات بينها هدم منزل مرتكب العملية بأسرع وقت ممكن. كما تقرر عدم إعادة جثمانه إلى ذويه وتنفيذ الإعتقال الاداري بحق أي شخص يعرب عن تضامنه مع تنظيم "الدولة الإسلامية".

وشهدت جلسة هذا المجلس دعوات لإبعاد أفراد عائلة مرتكب العملية وحرمانهم من مخصصات التأمين الوطني. واقترح أصحاب هذه الدعوات زيادة صلاحيات وزير الداخلية الإسرائيلي بهذا الشأن.

ورأت تحليلات إسرائيلية أن هذه العملية هي استمرار لـ"موجة الهجمات الفردية العفوية، أو المخطط لها جزئياً، والتي بدأت في هذا الحي في القدس، من خلال رشق للحجارة في أيلول 2015".

وكتب المحلل العسكري في موقع "واينت" رون بن يشاي أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعتبر ما يجري "إرهاباً شعبياً"، وفي المقابل يفضّل الرئيس الفلسطيني أبو مازن مصطلح "مقاومة شعبية". وأضاف أن المقاومة الشعبية تبقي الموضوع الفلسطيني في وعي الإعلام العالمي، وتساهم في استراتيجية الانتفاضة السياسية الفلسطينية، وتولّد شعوراً بالإلحاح في الساحة الدولية.

وأشار بن يشاي إلى أنه على هذه الخلفية من المهم الإشارة إلى ثلاث حقائق تساعد في فهم توقيت هذه العملية وأسلوبها.
وهذه الحقائق هي:

1- خلال نهاية الأسبوع الأخير شنت السلطة الفلسطينية هجوم توعية إعلامياً ضد نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس. وكان هدف الحملة ردع الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي بدأ موظفوه في فحص التفاصيل التقنية على الأرض. وطلب أبو مازن من الخطباء الفلسطينيين في المساجد أن يعملوا في خطبة صلاة يوم الجمعة على رفع موضوع نقل السفارة الأميركية إلى القدس من موضوع سياسي إلى مستوى موضوع ديني يجب على المسلمين كلهم الوقوف ضده. وليس هذا كل شيء، فأبو مازن شخصياً خطب وهدّد بانفجار الوضع إذا نفذ ترامب نيته، ولقي تشجيعاً من وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي تحدث في مقابلة أجرتها معه شبكة CNN عن "كارثة حتمية"، وأضاف وزير من حكومة الأردن تهديداته هو كذلك. ونظراً إلى أن سائق الشاحنة قُتل، "فمن الصعب التأكد مما إذا كان التحريض الذي بادر إليه أبو مازن دافعاً مباشراً للهجوم أم لا، لكن بالتأكيد يمكن تقدير أن هذا التحريض شكل إلهاماً وحدد التوقيت"، على حدّ قوله.

2- شكل هجوم الدهس الذي وقع في برلين عشية عيد الميلاد بواسطة شاحنة، وكذلك هجوم نيس في فرنسا السنة الماضية، على ما يبدو، نموذجين للمحاكاة في عقول المسلمين المتشددين. وحتى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أكد ذلك عندما قال إن جميع المؤشرات تدل على أن مرتكب العملية من مؤيدي داعش. وتشكل شاحنة ثقيلة أداة متاحة وفتاكة ولا تتطلب إعداداً خاصاً. وكما في إسرائيل كذلك في أوروبا، فإن العديد من سائقي هذه الشاحنات الثقيلة هم من المسلمين، ومن المتمكسين بدينهم، وما لم يرتكبوا جريمة فهم يتمتعون بحرية الحركة، ولديهم القدرة على الوصول إلى ضحاياهم. وحتى لو كان في ذلك اليوم حاجز للشرطة من أجل إيقاف سائق شاحنة الدهس التي كانت في طريقها إلى موقع العملية، فمن شبه المؤكد أن هذا الحاجز كان سيسمح له بمواصلة طريقه.

3- يقع حي "أرمون هنتسيف" الذي وقعت فيه العملية على خط التماس المقدسي، وهو مكان مستهدف للمشكلات. وهذا الأمر يجب أن يؤخذ في الحسبان عند التخطيط للرحلات أو للمناسبات في هذه المنطقة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات