منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، تُجري مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الإسرائيلية استطلاعات رأي دورية لقياس الرأي العام والموقف من كل القضايا المرتبطة بالحرب، التي تداخلت وتشابكت مع القضايا الداخلية. بشكل دوري، قدّم مركز مدار العديد من القراءات في هذه الاستطلاعات وتناول أبرز المعطيات التي أوردتها في إطار رصد التحول في الرأي العام من القضايا المختلفة ولا سيّما تلك المرتبطة بالحرب.
إلى ماذا تشير آخر التقديرات في إسرائيل فيما يتعلق بمخططاتها حيال الحرب التي استأنفتها ضد قطاع غزة منذ يوم 18 آذار الماضي؟ وما الذي تخبئه الأيام المقبلة بهذا الشأن؟ وهل تنفرد إسرائيل في اعتماد المخططات التي بحيازتها والدفع بها قدماً أم أنها تحظى بموافقة الإدارة الأميركية والرئيس دونالد ترامب؟ وما هو موقف الرئيس الأميركي الذي يدرك الجميع أنه الآمر الناهي في هذا الصدد؟
في شباط الأخير، بثّت القناة الإسرائيليّة الرسميّة "كان 11" سلسلة وثائقيّة جديدة من ثلاث حلقاتٍ تحت عنوان "سيندروم (متلازمة) غزة" (إخراج دوبي كرويتورو وهيلا يتسحاكي) والتي تعود بنا إلى ماضي التاريخ لتروي حكايّة الصراع الأبديّ بين المشروع الصهيونيّ وقطاع غزّة؛ من الحكاية التوراتيّة لشمشون الجبّار مروراً بالنكبة والنكسة والانتفاضتيّن وصولاً إلى يومنا هذا. وإذا أمعنّا النظر سنرى كيف تحاصر القيادات الأمنيّة والعسكريّة والسياسيّة ونخبة من الصحافيين والباحثين الإسرائيليين والأجانب قطاع غزّة على مدار ثلاث ساعات ثم تخلص السلسلة إلى القول: "نعود إلى نقطة البداية حيث الوهم لدى كل واحدٍ من الطرفين بأن الآخر سيختفي، ولكن في الواقع لن يذهب أي الطرفين إلى أي مكان"!
منذ هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تشهد الجامعات الغربية تصاعداً غير مسبوق في حملات المقاطعة الأكاديمية ضد إسرائيل، تجاوزت حدود الاحتجاجات الطلابية لتصبح سياسات مؤسسية في جامعات أوروبية وأميركية. تشمل هذه الحملات رفض التعاون البحثي، واستبعاد الأكاديميين الإسرائيليين، ووقف الاستثمارات. في هذا السياق، يأتي هذا المقال لتحليل أبعاد المقاطعة الأكاديمية، وتحوّلها إلى ظاهرة شبه بنيوية، واستعراض أبرز المبادرات الإسرائيلية لمواجهتها، وفي مقدمتها مشروع "درع الأكاديميين" الإسرائيلي.
الصفحة 1 من 883