بالرغم من أن التقييم الإسرائيلي العام لنتيجة الحرب، التي شنتها إسرائيل على إيران والتي باتت تحمل عدة أسماء لعل أبرزها "عملية شعب كالأسد" أو "عملية الأسد الصاعد" و"حرب الأيام الـ12"، وانضمت إليها الولايات المتحدة التي قامت بقصف عدة منشآت نووية، ولا سيما منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، يخلص في جلّه إلى أنها بمثابة انتصار له ما بعده إلا إن الثقة بأن تأثير هذا "الانتصار" على مستقبل القوة التي تمتلكها إيران تبدو متضعضعة نظراً إلى انعدام المعطيات بشأن الأضرار التي لحقت بتلك المنشآت، وذلك بموازاة الإجماع على أن نتيجة واحدة كان من المتوقع أن تُمنى الحرب بالفشل في تحقيقها وهي القضاء على البرنامج النووي الإيراني قضاءً مُبرماً.
بدأ في الأيام القليلة الأخيرة، جدل حاد، وفق وصف الصحافة الإسرائيلية، بين قيادة الجيش الاسرائيلي، ووزارة المالية، حول الميزانية الاستثنائية التي يطلبها الجيش في أعقاب الحرب على غزة، إذ يطالب حاليا بأكثر من 17 مليار دولار، نصفها للعام الجاري، في حين تطالب وزارة المالية الجيش بإعادة هيكلة ميزانيته، في أعقاب ما تراه بـ "زوال التهديد الإيراني". وفي خضم هذا، ما زالت التقارير الإسرائيلية متباينة، بشأن حجم الخسائر الاقتصادية والمالية، الناجمة عن الحرب على إيران، وتكبد الجبهة الداخلية حجم دمار لم تعرفه إسرائيل من قبل. ورغم هذا، تشير التقارير إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي لم يتضرر من هذه الحرب القصيرة زمنيا، لا بل شجعت أسواق المال الإسرائيلية، في حين واصل الشيكل تعزيز مكانته أمام الدولار، وسائر العملات العالمية.
منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ومع اندلاع أطول الحروب الإسرائيلية وأكثرها عنفًا على الفلسطينيين وإرهاقًا على الإسرائيليين، حافظ الشيكل الإسرائيلي على استقرار نسبي في أسواق المال، في سلوك يُخالف ما تفترضه الأدبيات الاقتصادية الكلاسيكية بشأن مصير العملات في أزمنة الحرب. فعادةً ما تكون العملة الوطنية للدولة أولى ضحايا الحرب: تهرب رؤوس الأموال، تتراجع الاستثمارات، تنخفض الثقة، وتتسارع وتيرة التضخم. وفي حال كانت الحرب مصنّفة كحرب إبادة، فإن التوقع الأكثر منطقيا هو فرض عقوبات اقتصادية بحق الدولة. لكن في إسرائيل لم ينهَر الشيكل، بل واصل أداءه المستقر، ما يستدعي وقفة تحليلية لفهم ما إذا كان هذا استثناءً أم أمرًا طبيعيًا بسبب خصوصية إسرائيل.
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على إيران يوم 13 حزيران 2025، والتي استمرت لمدة 12 يوماً وانتهت بوقف لإطلاق النار من دون اتفاق واضح، أجرت الكثير من وسائل الإعلام الإسرائيلية، وكذلك مراكز الأبحاث، استطلاعات دورية لقياس مواقف الرأي العام الإسرائيلي حيال القضية الأبرز التي شكّلت محور الخطاب السياسي الإسرائيلي على مدار السنوات الماضية. في هذا السياق، أجرى معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة تل أبيب استطلاعين للرأي العام منذ بداية الحرب، حيث يُمكن من خلالهما فهم التوجهات العامة في إسرائيل من هذه المواجهة غير المسبوقة. هذه المساهمة، تستعرض أبرز نتائج الاستطلاعين في محاولة لقياس الفرق في التوجه العام من الحرب على إيران، الشعور بالأمن الشخصي والعام، بالإضافة إلى استمرار حرب الإبادة على غزة في ظل المستجدات المرتبطة بقرار الحرب على إيران، مع أهمية الإشارة إلى أن الأفكار الواردة أدناه مصدرها الاستطلاعات ولا تُعبّر عن معدّ المساهمة أو مركز مدار.
الصفحة 1 من 897