تصادف اليوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 الذكرى السنوية الأولى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وقد جرى شنّها في إثر الهجوم المباغت لحركة حماس على مواقع عسكرية في منطقة الحدود مع قطاع غزة، وعلى ما يعرف باسم "بلدات غلاف غزة"، يوم 7/10/2023. وهي ما زالت مستمرة، بل واتسعت في الأسابيع الأخيرة لتشمل الجبهة الشمالية مع لبنان، وما توصف بأنها "الحرب الإسرائيلية- الإيرانية الأولى". ولعلّ ما يمكن إجماله في مناسبة مرور أول عام على هذه الحرب هو ما يلي:
تنظر إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى هذه الحرب بوصفها "حربا وجودية" وتتصرف وفقاً لهذه النظرة؛ إذ ترى أنها تخوض المواجهة على سبع جبهات: جبهة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة؛ الجبهة الشمالية مع حزب الله؛ المواجهة مع الحوثيين في اليمن؛ المواجهة مع فصائل المقاومة في العراق؛ التنظيمات الموالية لإيران في سورية والمواجهة المباشرة مع إيران التي وصلت ذروتها مؤخراً في الرد الإيراني على اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
في 28 آب 2024، أنشأ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالنت منصباً جديداً يحمل اسم "رئيس وحدة الجهود الإنسانية- المدنية في قطاع غزة". رأى بعض المسؤولين الإسرائيليين أن هذا المنصب يشبه إقامة جسم مقابلٍ للإدارة المدنية لكنه يعمل في قطاع غزة، بينما قال ضباط آخرون أيضاً في الجيش الإسرائيلي إن إنشاء هكذا منصب لا يعبر عن حاجات تكتيكية، وإنما يشير إلى "مهمات" قد تمتد إلى سنوات في المستقبل.
تستعرض هذه المقالة هذا المنصب المستحدث، الذي يضع سكان غزة، وحاجاتهم الإنسانية من طعام، وعلاج، ورعاية، وإعادة إعمار، والعلاقة بين قطاع غزة والمجتمع الدولي، تحت إدارة الجيش الإسرائيلي، وهو ما يشير إلى بداية عودة الاحتلال المباشر لقطاع غزة.
في 28 أيلول 2024، فرضت إسرائيل حصارًا عسكريًا على لبنان، شمل البر والجو والبحر، وذلك عقب اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، في خطوة تصعيدية جديدة ضمن سياق المواجهة المتزايدة بين الطرفين.
الحصار العسكري الذي تفرضه إسرائيل يحمل أبعادًا استراتيجية وأمنية تهدف إلى الضغط على حزب الله وإضعاف قدراته العسكرية، إلا أن تداعياته تتجاوز الحسابات العسكرية لتشمل الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في لبنان، فضلًا عن الآثار السياسية على مستوى الداخل اللبناني وعلى المستوى الإقليمي. في هذا المقال، نستعرض معنى الحصار العسكري وطبيعته، إضافة إلى أدواته العسكرية والسياسية، وكيف يمكن أن يؤثر على معادلة المواجهة في لبنان.
الصفحة 1 من 852