صدر عن المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية مدار ، التقرير الاستراتيجي للعام 2010: المشهد الاسرائيلي 2009. شهد عام 2009 مجموعة من الأحداث المفصلية التي بلورت الواقع السياسي والدبلوماسي في إسرائيل، أهمها الحرب على غزة وما نتج عنها من إسقاطات داخلية وإقليمية ودولية، وتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة برئاسة بنيامين نتنياهو تدمج بين الفكر النيوليبرالي والصهيونية المتجددة.
الحرب على غزة وإسقاطاتها: كان للحرب الإسرائيلية على غزة مجموعة من النتائج التكتيكية الأمنية المباشرة والعسكرية والدولية غير المباشرة.
أمنيا- تثبيت الهدوء على الجبهة الجنوبية: تكتيكيا، نجحت إسرائيل في نهاية الحرب على غزة في فرض حالة من الهدوء النسبي في جنوب إسرائيل، كما استرجعت جزءا من ثقة مواطنيها بقدرة الجيش على إدارة الحرب، خاصة بعد حالة التضعضع التي لحقت بهيبته خلال الحرب على لبنان،غير أن نجاحها هذا هو نجاح تكتيكي محدود، إذ أنها لم تستطع تحقيق نصر استراتيجي من خلال تفكيك قدرات المقاومة الفلسطينية على إطلاق الصواريخ، ما يعني هشاشة الهدوء وخطر تفجره المستقبلي.
عسكريا- تبني عقيدة الضاحية بوصفها إستراتيجيا عسكرية، ويعني هذا عمليا تحويل عدم تناسب القوة، في مواجهة القوى غير النظامية بما في ذلك القدرة على استهداف المدنيين وعلى تدمير البني التحتية بشكل مقصود ومدروس، إلى وسيلة الضغط الأهم على المنظمات غير النظامية، وهو ما تعرضنا له بشكل مفصل في تقرير العام السابق كما نتعرض له من زوايا جديدة في تقريرنا هذا في الفصل العسكري.
ومقابل هذه التغيرات التي كانت إلى حدّ بعيد متوقعة ومحسوبة إسرائيليا، نتجت عن الحرب إسقاطات دولية وقانونية قد تتحول في حال تم استغلالها (فلسطينيا وعربيا) بشكل جيد إلى خسارة إستراتيجية، من بينها اتساع حملة المناهضة الشعبية لإسرائيل، ونشر تقرير غولدستون الذي شكل نقطة مفصلية، ليس بسبب إمكانات ترجمته عمليا لملاحقة دولية قانونية للقيادات الإسرائيلية، وهو أمر مشكوك فيه في الوقت الراهن، بل الأهم بإسهامه في دفع بعض التوجهات الدولية للضغط على الدولة الإسرائيلية وتعزيزها، وذلك في مستويين :