تضم الورقة تقريراً صدر مؤخراً عن "مركز مساعدة العمال الأجانب" في إسرائيل، يتضمن رصداً لمظاهر التحريض العنصري وجرائم الكراهية والتمييز ضد طالبي اللجوء الأفارقة خلال الفترة بين كانون الثاني- حزيران 2012، التي تفاقمت فيها هذه المظاهر، وشملت قوى سياسية من اليمين والوسط، وعددًا من وسائل الإعلام والصحافيين، وأوساطًا من الجهاز القضائي والحكم المحلي، ومجموعة من الحاخامين ورجال الدين اليهود، فضلاً عن جهات كثيرة من الرأي العام اليهودي، إذ يتعاون هؤلاء جميعا فيما بينهم ويتعاملون مع اللاجئين من إفريقيا كما لو أنهم حيوانات.
ويشير التقرير، من ضمن أشياء أخرى، إلى أن اللغة التي يستخدمها صنّاع القرار في إسرائيل، لدى الحديث عن هؤلاء اللاجئين، تنزع عنهم إنسانيتهم وتصورهم كتهديد. فهؤلاء الناس الذين لاذوا بالفرار من الإبادة الجماعية في دارفور (السودان)، أو من الخدمة العسكرية في ظروف أشبه بالعبودية في إريتريا، يوصفون بأنهم "غزاة" و"أعداء" و"سرطان" و"قنبلة موقوتة" و"تهديد وجودي".
ويتسلح التحريض عليهم من جانب المسؤولين ووسائل الإعلام وأوساط بعدة إدعاءات اهمها أنهم ليسوا لاجئين، ومن ثم ترد باقي الادعاءات بأنهم مجرمون، ومصدر لنشر الأوبئة والأمراض، وتهديد ديمغرافي، وتهديد أمني.
ويرى التقرير أن إسرائيل بزّت قريناتها من الدول الغربية، التي يحلـو لها أن تتشبّه بها صباح مساء، في كل ما يتعلق بالتعامل مع اللاجئين الباحثين عن عمل. فبينما تطرد هذه الدول (وهي لا تنجح دائما في ذلك) أفارقة تم رفض طلبهم الحصول على ملجأ فيها، فقط بعد إجراء قانوني شفاف، يكون في بعضها مصحوبًا بمساعدة قانونية تموّلها الدولة المضيفة، فإن إسرائيل تقوم بطرد المتسللين الأفارقة من دون أن تفحص نهائيا طلبات لجوئهم، بما يتناقض مع نصوص معاهدة اللاجئين الدولية الموقعة عليها، ولو تم ذلك، من خلال نظام لجوء نزيه وليس كالموجود في إسرائيل، لكانت أغلبية طلباتهم ستقبل على الأرجح، وفقما يؤكد التقرير.
وعلى الرغم من أن عدد هؤلاء اللاجئين في إسرائيل يعتبر قليلاً جدا مقارنة بعددهم في سائر أنحاء العالم، إلاّ إن تعامل السلطات الإسرائيلية المسؤولة معهم يبدو مختلفًا تمامًا عن تعامل السلطات المسؤولة في العالم الغربي، والذي يعتبر أفضل كثيرا.
وما يجب ملاحظته هو أن إسرائيل ربما هي الدولة الوحيدة في العالم التي ترفض أن تمنح مكانة لاجئ لأي كان، كما أنها غير مستعدة على الإطلاق لتحديد أي سقف يتعلق بعدد اللاجئين الذين يمكنهم العيش فيها. فضلاً عن ذلك فإن إسرائيل غير مستعدة لأن تتعاون مع أي جهة من أجل حل مشكلة هؤلاء اللاجئين، وكل ما تقترحه على دولهم الأصلية هو أن تعيد اللاجئين إليها فقط.
وإزاء ذلك يشدّد التقرير على أن المطلوب من إسرائيل في الوقت الحالي هو أن تحدّد سياسة هجرة إليها تكون ذات صلة بالواقع السياسي في العالم لا بالتخوفات المبالغ فيها، وأن تكف فورا عن سياسة طرد اللاجئين الأفارقة بحجة أن طردهم سينقذها من خطر داهم يتهددها.
وتقترن الحملة الإسرائيلية على اللاجئين الأفارقـة بسيل لا ينقطع من الافتراءات، كما يوضح التقرير.
ومن هذه الافتراءات أن عدد اللاجئين أكبر كثيرًا من المعطيات التي يتم نشرهـا رسميًا في هذا الشأن، وأن هؤلاء اللاجئين هم مجموعة خطرة غزت دولة إسرائيل وتهدد بتخريب المشروع الصهيوني، وأن احتمالات تعاونها مع عناصر "إرهابية" كبيرة للغاية، ولذا فإنها تشكل "قنبلة موقوتة" لا بُد من أن تنفجر في قادم الأيام.
أمّا الافتـراء الأبرز، والذي يتم اللجوء إليه لتغذيـة مخاوف الجمهور العريض، فهو أن اللاجئين هم مسلمون في معظمهم.