عبارة عن مفهوم يوضح صورة التعليم في الكيبوتس في اسرائيل. وترتكز عملية التعليم في الكيبوتس على مفهوم المسؤولية الجماعية لمجتمع الكيبوتس في تعليم وتربية الابناء وايجاد أطر مشتركة مناسبة لتنشئتهم منذ صغرهم وحتى بلوغهم سن التجند في صفوف الجيش الاسرائيلي. وتنبع هذه المسؤولية من
الحقيقة الأساسية أن مجتمع الكيبوتس وافق منذ بدايته على تحمل مسؤولية توفير كافة احتياجات المنضمين إليه من الأفراد بصورة مشتركة(تعاونية) ومتساوية، أي منح كافة أبناء الكيبوتس فرصا متساوية لتحصيل التعليم ومن جهة أخرى توفير رؤية مغايرة للحياة داخل المجتمع الاسرائيلي المتعدد الاتجاهات. ولقد ارتبطت عملية إقامة الأطر التعليمية بعدة عوامل، منها: أ. منح الطلاب نهج حياة وقيم تعاونية ومشتركة للأجيال الشابة. ب. تسريح النساء(الأمهات) من تنشئة الأولاد ورعايتهم كي يتفرغن للعمل في مرافق الكيبوتس كقوة اقتصادية داعمة. ج. توفير مصروفات إقامة مؤسسات كثيرة داخل الكييوتس عن طريق تركيز الأولاد في مبنى واحد. د. توفير إطار واحد لتنشئة الاولاد معا لتعميق الانتماء للكيبوتس ولمجتمعه.
وتضم شبكة التربية والتعليم في الكيبوتس كافة الوكلاء، أي الأهل، المدرسة، أبناء الجيل ونزلاء الكيبوتس كافة. ومن المفروض أن يُساهم هؤلاء الوكلاء في توحيد فهم وادراك القيم الاخلاقية الاسرائيلية ونشر أسس ومعايير الالتزام الذاتي وبلورة مجتمع موحد. فالتعليم في الكيبوتس هو متساو وموحد لكافة ابناء الكيبوتس، ويشمل ايضا الرعاية الصحية سواء كانت الجسدية أو النفسية، وتوفير أطر إثراء بعد انتهاء الدوام المدرسي. ولهذا فإن العملية التربوية والتعليمية تدور حول بيت الأهل في الأساس كإطار داعم والمؤسسة التعليمية وفي هذه الحالة المدرسة تقوم بواجبها التربوي والتعليمي التطبيقي لمدة اثنتي عشر سنة وأحيانا، أي في بعض الكيبوتسات يُرافق الطالب حتى مرحلة الخدمة العسكرية أو بدائلها في حال إقرار ذلك. والملاحظ في التربية المشتركة وجود مكثف للتدخل الاجتماعي في الكيبوتس، بحيث تتناسب أسس ومفاهيم التربية في المدرسة مع توجهات الكيبوتس نفسه وهي في الأساس تقوية التعاون والعمل المشترك. ولهذه التربية أهمية في دعم مسيرة الشباب الاسرائيلي لاحقا، خاصة عند انخراطه في الجندية، حيث يتم التعبير عن التعاون بين الجنود في أداء مهمة ما. وتسير العملية التربوية في الكيبوتس نحو طريق تدعيم رعاية القيم الانسانية اليهودية والعالمية من منطلقات علمانية، بينما يسعى الكيبوتس المتدين إلى نشر التعاليم والقيم الدينية الواردة في التوراة كجزء من عملية جتمعة الابناء المنضوين تحت لواء هذا النوع من الكيبوتسات في اسرائيل. والملاحظ بشكل واضح منذ تأسيس الكيبوتس أن أسس العمل هي السائدة وهي البوصلة الموجهة لحياة ومستقبل الانسان في الكيبوتس. ومجمل هذه التربية في نهاية المطاف تأهيل الشاب للتأقلم مع نهج حياة الكيبوتس بعد إنهاءه الخدمة العسكرية الالزامية.
ولكن، بالرغم من أهمية ومحورية هذا النهج التربوي إلا أن عواصف كثيرة ضربت الكيبوتسات عبر السنين وأحدثت تغييرا تدريجيا في مفهوم الكيبوتس أولا ثم في مفهوم التربية والتعليم فيه. ومن ابرز التغييرات التي حصلت في مسألة التربية والتعليم في الكيبوتس تفكك الرعاية العامة يوميا للأولاد وعودة الأمهات إلى مزاولة أعمال الأمومة التقليدية في البيوت. وأيضا تحويل مدارس الكيبوتسات إلى مدارس تسير وفق منهاج التعليم العادي المتبع في المدارس الاسرائيلية الرسمية، وفقدت مدارس الكيبوتسات من تقدميتها. وانعكست عملية التربية والتعليم على رؤية الاولاد والشباب لحياتهم في الكيبوتس وبالتالي إلى تركه، ومنهم من بدأ يتمحور في ذاته تاركا جانبا كافة أسس التضامن والتكافل الاجتماعي والحياة والعمل المشترك. وانعكس سلبا هذا التغيير على تفكك العلاقة القوية التي ميزت المدارس في الكيبوتسات، حيث لم يعد هناك دور للأهل بعملية التعليم ومسيرة التربية في المدرسة إلا القليل. ولم يعد هناك مكان لمعلمين من الكيبوتس إذ أصبحت هناك حاجة إلى استدعاء معلمين من خارجه لا يحملون نفس الرؤية أو التطلعات التي سادت الكيبوتس.
إن التغييرات البنيوية والتنظيمية والرؤيوية كانت من أبرز مسببات التحولات في عملية التعليم المشترك في الكيبوتس، وهذا كله نابع من مجمل التحولات التي بدأت تعصف بالكيبوتسات منذ الثمانينات، حيث لم يعد الكيبوتس مصدر جذب للشباب أو العائلات، وإن تفكك اسس القيم المشتركة والتعاضد كانت هي الأخرى من عوامل هذا التفكك، إضافة إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية المؤثرة. وحاليا(2008) تسير معظم الكيبوتسات وفق منهاج التعليم الرسمي الصادر عن وزارة التربية والتعليم في اسرائيل، ولا يوجد ما يميزه. أما ما يمكن ان يوفره الكيبوتس من تربية مشتركة فهي بعد انتهاء الدوام المدرسي يوميا كالفعاليات والنشاطات الاجتماعية والكشفية والرياضية.