أحد مواضيع النقاش الساخن في المجتمع الاسرائيلي والإعلام كذلك منذ الإعلان عن قيام إسرائيل. ويعود السبب في أساسه إلى الأمر الذي أصدره يسرائيل غاليلي، رئيس القيادة القطرية لـ(الهاغاناه) في التاسع من آذار 1948، والقاضي بإعفاء طلاب المعاهد الدينية اليهودية من التجنيد الإلزامي، بالرغم من أن حرب 1948 كانت في أوجها في ذلك العام. وتطرق بن غوريون إلى الموضوع ذاته بعد أشهر قليلة من صدور الإعفاء إلى أنه لم يكن يرغب في رؤية المعاهد الدينية خالية من الطلاب، وأن عددهم لم يتجاوز الأربعمائة فلمَ الجدل على حدّ رأيه! وأخذت ضغوط قيادات حزب (اغودات يسرائيل) بالازدياد على بن غوريون وأصحاب القرار بالاستمرار في الإعفاء من منطلق (أن إيمانه مهنته). وعاد الموضوع إلى الجدل العام بعد حرب 1967 فأمر موشي ديان وزير الدفاع الاسرائيلي آنذاك بتشكيل لجنة لدراسة الموضوع وتقديم توصياتها إليه، وبناء على هذه التوصيات يمكن إعفاء ما يقارب 800 طالب من المعاهد الدينية. وجرى إلغاء هذه التوصية بالكامل العام 1977 بعد وقوع الانقلاب السياسي في الحكم في إسرائيل، ووصول حزب الليكود إلى سدّة الحكم بقيادة مناحيم بيغين. ووصل عدد طلاب المعاهد الدينية المعفيين من التجنيد العام 1985 إلى ما يقارب 16000 وفي العام 1995 ما يقارب 24000 وفي العام 1998 ما يقارب نسبة 8% من المجموع الكلي للمجندين في الجيش الاسرائيلي.
عولج موضوع تجنيد طلاب المعاهد الدينية عدة مرات من خلال لجان شكلتها حكومات إسرائيل المتعاقبة، وإحدى هذه اللجان المعروفة لجنة برئاسة حاييم يسرائيل التي عينتها حكومة رابين العام 1992، ولكنها قدمت توصياتها إلى هذه الحكومة في شهر آب 1995، ونشرت التوصيات رسمياً العام 1997. ومما جاء في مجمل هذه التوصيات أنه يتوجب على الحكومة عدم التساهل في مسألة الإعفاءات لطلاب المعاهد الدينية، وعدم قبول فكرة أن من يتعلم في معهد ديني فإن ذلك يتطلب منه وقتاً طويلاً، ولذلك لا يستطيع أن يتنازل عن إيمانه من أجل التجند في الجيش لكون التوراة أهم من التجند. وتطورت فكرة عدم التجند إلى أن الذين يتعلمون في المعاهد الدينية يتوازون مع الذين يبذلون جهداً أمنياً. وجاءت المعارضة من قبل رجال الدين اليهود وأيضاً من رجال السياسة من بين الأحزاب الدينية اليهودية الذين أخذوا يلوحون بإسقاط الحكومة، لهذا يسعى كل رئيس حكومة إلى الائتلاف مع الأحزاب الدينية أو أنه يُدخلها في الائتلاف ليجتاز بحكومته اختبار الثقة البرلمانية، ولهذا فإن الأحزاب الدينية اليهودية تلعب دور الضاغط والمبتز سياسياً على رئيس الحكومة وحكومته، وعليه يُسقط الموضوع من جدول الأعمال، ويعود النقاش إلى الشارع العام.
أما على الصعيد السياسي فإن حزبي الليكود و(شاس) عملا معاً من أجل تمديد فترة الإعفاء لأربعة أشهر إضافية ابتداء من الأول من كانون الثاني 2001، وجرى بعد ذلك تمديد مجدد، والهدف كان واضحاً في محاولة التهرب من التصويت، لئلا تظهر الأحزاب المتدينة أنها في نقاش مع الدولة.