عدد جديد من "قضايا إسرائيلية" يقرأ
وقائع النيوليبرالية والخصخصة في إسرائيل
رام الله: صدر حديثا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" عدد جديد من فصلية "قضايا إسرائيلية"، يتمحور حول النيوليبرالية والخصخصة في إسرائيل، حيث أفل نموذج الكيبوتس - النموذج التعاوني الاشتراكي - منذ عقود، مع نجاح السياسات النيوليبرالية في العقود الثلاثة الأخيرة في خصخصة مرافق الدولة الاقتصادية، ما طال بعض المرافق التي تبدو عصية وغير ملائمة لعملية الخصخصة - مثل مرافق تخص الأمن والجانب العسكري والجيش - تغلغل فيها منطق الخصخصة والربح.
وفي العدد مقال تحت عنوان "التأخصة" - التأميم والخصخصة، السكن والفجوات" لأورِن يفتاحئيل ونوفار آڤني يفحص العلاقة بين السكن والفجوات ضمن سيرورة تطوير البلاد، ويُطلق اصطلاح "التأخصة" على هذه السيرورة، وهو نحت لكلمة جديدة تجمع بين التأميم والخصخصة. توصف آليات التأميم والخصخصة في الخطاب السائد كذراعين منفصلتين، لهما منطقان متعاكسان، لكن المقال يدّعي أن سيرورة التطوير الحيزيّ لمجتمع المستوطنين في إسرائيل/فلسطين تدمج بينهما بشكل بنيويّ.
ويقرأ عبد الغني سلامة في العدد النيوليبرالية في السياسة الإسرائيلية باحثا في سعي الحكومات الإسرائيلية اليمينية لاستعمال النيوليبرالية كأداة لإعادة بناء العلاقات الداخلية، وفق الصيغة التي تديم وتقوي وتعزز حكم اليمين الصهيوني، وقد تتبعت دراسة سلامة كيف حولت تلك الحكومات الطبقات الشعبية المتضررة (اقتصاديا) من النيوليبرالية إلى أداة وقاعدة لتمرير هذه السياسة، من خلال ربطهم بالمشروع الاستيطاني في الضفة الغربية، ومن خلال دعم طبقة معينة من كبار الأثرياء، لتصبح حليفة للحكومة وداعمة لها ولمشروعها السياسي الأيديولوجي.
وتحت عنوان التحوُّل النيوليبرالي في إسرائيل والتصوّر الذي يراه صُنّاع السياسات للتهديدات الأمنية يخلص أرييه كرامبف إلى أن إسرائيل تتمسك، منذ مطلع العقد الأول من الألفية الثالثة، بنوع فتّاك بوجه خاص من النيوليبرالية الاقتصادية التي أفضت إلى ارتفاع غير مسبوق في مستويات الفقر وانعدام المساواة على الصعيد الوطني.
وفي السياق يقرأ متان كمينر تجربة التايلنديّين المهاجرين للعمل في الزراعة الإسرائيليّة كحلّ نيوليبراليّ لمشكلة كولونياليّة، معتبرا أن العولمة النيوليبراليّة، غيرت بشكل جذريّ، البيئة التي يعمل فيها المشروع الصهيونيّ الكولونياليّ - الاستيطانيّ، ووضعت أمامه معيقات جديدة ومنحته فرصاً جديدة.
حيث منذ العشرينيات حتى السبعينيات، لعبت مؤسسات الدولة والييشوف دوراً مركزياً وشكّلت الاقتصاد بحسب الأهداف السياسيّة للحركة الصهيونيّة: خلق أماكن عمل لليهود، السيطرة على الأراضي، والتبرير الأيديولوجيّ.
لكن التحوّل النيوليبراليّ في الثمانينيات أفقد الدولة الكثير من الأدوات التي كانت متوفّرة لها وهدّد بتحطيم القطاع الزراعيّ الذي طالما حاز على اهتمامها الخاص.
في الوقت ذاته، كان فتح المجال أمام أسواق دوليّة لمنتجات هذا القطاع، وخصوصاً أمام القوى العاملة التي ستقوم بإنتاجها لصالحه، بمثابة عجل إنقاذ له.
وفي العدد ورقة تحت عنوان المعرفة في عصر الحوكمة: وعْد أم مُشكلة؟ لريفكا فيلدحاي ونافيه فرومر تركِّز على ما تعنيه "الحوكمة الأكاديمية"، وتتناول هذا الموضوع من وجهة نظر إسرائيلية.
ويستند التحليل الذي تسوقه الورقة إلى قراءة تقرير، وضعه أعضاء لجنة إسرائيلية عينتهم الحكومة في العام 2015، حيث طُلِب إليهم أن يراجعوا قانون مجلس التعليم الأعلى في إسرائيل واقتراح تعديلات تُفضي إلى تحديثه.
وينطلق المؤلفان من اعتقادهما أن ثمّة حاجة إلى قراءة الأجندة الكامنة وراء التقرير المذكور في ضوء الإجراءات الجارية على مستوى العالم بأسره لفهم التغييرات التي طرأت على الحقل الأكاديمي في عصر الاقتصاد النيوليبرالي، وهما يفترضان أن الحالة الإسرائيلية والاتجاهات العالمية تعزّز بعضها بعضاً.
وفي زاوية مقالات يراجع محمود الفطافطة العلاقات بين إسرائيل والهند عبر رصد وتحليل المؤشرات المهمة التي طرأت على السياسة الخارجية الهندية في العقود الثلاثة الماضية، لا سيما بعد قيام الهند بإقامة علاقات دبلوماسية علنية مع إسرائيل في العام 1992، بحيث تزامن ذلك مع التحولات البنيوية المحورية التي تمخضت عنها نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفييتي، وما تبع ذلك من تبدل في موازين القوى الدولية والإقليمية، وتجذر العولمة واللَّبرلة في العلاقات بين الدول.
ويقرأ برهوم جرايسي في مقاله أزمات إسرائيلية مستقبلية في ضوء إعادة الانتخابات البرلمانية، معتبرا أن مركز الأزمة التي وقعت تمحور حول الخلاف الشديد بشأن قانون تجنيد شبان الحريديم.
ولكنه بالإمكان القول، إن ما جرى، هو مؤشر على الأزمة التي ستغرق بها إسرائيل كلما تقدمت بها السنون: الصدام الحتمي بين العلمانيين، وحتى المؤسسة الحاكمة، وبين المتدينين، وبالذات التيار الديني المتزمت "الحريديم"، ومعه التشدد الديني المتزايد في التيار الديني الصهيوني.
وفي العدد قراءة في نظرية المعرفة "الإبستيمولوجيا" الصهيونية من خلال كتابات يهودا شنهاف شهرباني أنجزها عمر التميمي، وملحوظات حول رواية "أراض للتنزه" لعوز شيلاح أنجزها عبد القادر ذويب.