تقدير موقف

تقرأ وتحلل قضايا مستجدة وتستشرف آثارها وتداعياتها سواء على المشهد الإسرائيلي او على القضية الفلسطينية.
  • تقدير موقف
  • 3126
  • المحامية سوسن زهر

في يوم 4.5.2022، نشرت المحكمة الإسرائيلية العليا قرار الحكم القضائي الذي أصدرته بشأن الالتماسات التي قدّمها إليها سكان مسافر يطّا وطالبوا فيها بمنع الدولة من ترحيلهم القسري، هم وأبناء عائلاتهم، من قراهم التي أعلنتها الدولة "منطقة عسكرية رقم 918" ("منطقة تدريبات عسكرية") وبتمكينهم من البقاء فوق أراضيهم والعيش في قراهم. كما طالب الملتمسون، أيضاً، بإلغاء الأمر الذي أصدرته الدولة ويقضي بإعلان أراضيهم منطقة تدريبات عسكرية وبإغلاق كامل المنطقة التي تقع فيها قراهم لغرض إجراء الجيش تدريبات عسكرية فيها.التماس 13/413 أبو عرام ضد وزير الدفاع (قرار الحكم من يوم 4.5.2022)

يقيم سكان مسافر يطا في "خِرَب" منذ بداية القرن التاسع عشر، بعد أن انتقلوا إليها من بلدتيهم الأصليتين، يطا ودورا، وراحوا يسكنون في مغاور المنطقة ويعتاشون على تربية المواشي. في العام 1980، أعلن القائد العسكري عن 15 ألف دونم في محيط المغاور في المنطقة "منطقة عسكرية" (تم توسيعها لاحقا بموجب قرارات عسكرية أخرى لتصل الى حوالي 33 ألف دونم باتت تعرف كمنطقة تدريب عسكري "رقم 918") وشملت 13 خربة يعيش فيها نحو 1500 مواطن. الجزء الأكبر من هذه المساحة كان مُعرّفاً بأنه "أراضٍ خاصة" بينما كانت 5600 دونم فقط مُعرّفة بأنها "أراضي دولة". في أعقاب إصدار الأمر المذكور، أمر القائد العسكري بإغلاق المنطقة ومنع السكن فيها، سعياً إلى إخلاء وترحيل السكان من ثماني قرى يعيش فيها نحو 1000 مواطن بذريعة أن الإخلاء من المنطقة ضروري لتتمكن قوات الجيش الإسرائيلي من إجراء تدريبات عسكرية بالنيران الحية فيها. وتذرع القائد العسكري بأن إصدار أمر "المنطقة العسكرية المغلقة" قد تمّ بموجب المادة 318 من أمر التعليمات الأمنية (الصيغة المدمجة) من العام 2009 (في صيغته الأصلية: المادة رقم 90 من أمر التعليمات الأمنية من العام 1970). وفقاً لزعم القائد العسكري، فإن هذه المادة تخوّله صلاحية إخلاء سكان من منطقة معينة لغرض إجراء تدريبات عسكرية إذا كان هؤلاء السكان ليسوا ولم يكونوا "مقيمين دائمين" في هذه المنطقة في يوم من الأيام، إذ تفيد المعلومات الاستخباراتية المتوفرة في حيازة الجيش بأن لهؤلاء السكان بيوتاً دائمة في قرية يطا المجاورة. ولهذا، ليس ثمة أي مانع قضائي يحول دون إخلائهم من المنطقة، ولو بالقوة، بغية إغلاقها وإجراء التدريبات العسكرية. لكن القائد العسكري لم يُقدم أي أسانيد لتأكيد الحاجة إلى استخدام المادة رقم 318 من أمر الأحكام الأمنية، إخلاء السكان وإجراء التدريبات العسكرية في المنطقة.

التماسات السكان التي صدر بشأنها قرار الحكم القضائي مؤخراً قُدّمت في العام 2013، لكن سبقتها التماسات أخرى من العامين 1997 و2000. وقد أرفق الملتمسون بالتماساتهم تلك صوراً من الجو تثبت وجود استمرارية سكانية في منطقة مسافر يطا منذ ما قبل العام 1967 حتى اليوم. وكان الجيش قد اعترف، في إطار الإجراءات القضائية السابقة، بأنه حتى العام 1993 كانت تجرى في المنطقة تدريبات عسكرية بالتزامن مع وجود السكان فيها لأغراض الرعي والفلاحة. إلا أن أوامر الإخلاء التي صدرت عقب إصدار الأمر في العام 1980 لم يجر تنفيذها في الثمانينيات ولا حتى خلال النصف الأول من التسعينيات. في النصف الثاني من التسعينيات، فقط، شرع الجيش في تنفيذ أوامر الإخلاء وبلغ التنفيذ بالقوة ذروته في العام 1999 عندما تم اخلاء اكثر من 700 شخص من مساكنهم بالقوة. في أعقاب ذلك، قُدّم الالتماس الأول إلى المحكمة العليا للمطالبة بإلغاء أوامر الإخلاء وأمر إغلاق المنطقة بإعلانها "منطقة تدريبات عسكرية". غير أن المحكمة شطبت ذلك الالتماس بعدما تعهدت الدولة بالسماح بدخول السكان إلى المنطقة المغلقة في أيام مختلفة خلال السنة، ولكن بالتنسيق. ورغم ذلك، وبعد شطب الالتماس، قرر القائد العسكري تجديد الإعلان عن "منطقة التدريبات العسكرية" وأصدر أمراً بإغلاقها من جديد. وفي أعقاب ذلك، جرى توزيع "أوامر إخلاء" على سكان 12 قرية بذريعة أن المنطقة مغلقة وأن السكن فيها، بالتالي، محظور. وكان الإخلاء بالقوة مصير كل من رفض المغادرة طوعاً.

عقب الإخلاء بالقوة، قُدّمت التماسات أخرى في العام 2000 طالب فيها الملتمسون، مرة أخرى، بإلغاء أوامر الإخلاء، بتمكين السكان من العودة إلى بيوتهم وبإعادة ممتلكاتهم التي صودرت منهم خلال عملية الإخلاء بالقوة. رداً على هذه الالتماسات، أصدرت المحكمة العليا أمراً مؤقتاً يبقي الوضع القائم (ستاتيكو) على حاله، يمنع إخلاء السكان من جانب واحد، لكن يمنع الملتمسين أيضاً من البناء في المنطقة. تنفيذاً لتوصية المحكمة العليا، أحيل الطرفان إلى مسار الوساطة، الذي استمر من العام 2000 حتى العام 2005. وخلال عملية الوساطة هذه، عرضت الدولة على السكان إخلاء غالبيتهم الساحقة من المنطقة، تدمير 8 من بين القرى الـ 12 والتنازل عن ثلثيّ مساحة أراضيهم. في العام 2005 وبعد أن رفض السكان عرض الدولة هذا، أبلغت الأخيرة المحكمة بأن عملية الوساطة لم تتكلل بالنجاح.

منذ البلاغ بشأن وقف عملية الوساطة وحتى العام 2012، قدمت الدولة 27 طلباً لمنحها مُهَلٍ زمنية لتقديم موقفها وردها على الالتماسات إلى المحكمة، وهكذا استمر الحال سبع سنوات كاملة أعاقت الدولة خلالها تقدم المسار القضائي. وخلال تلك السنوات كلها، لم تجر في المنطقة أي تدريبات عسكرية بالنيران الحية بينما أدت التدريبات العسكرية "الجافة" التي جرت إلى إلحاق أضرار بالأراضي الزراعية التابعة للسكان. وفي المقابل، طرأ خلال هذه الفترة الزمنية ازدياد طبيعي في عدد السكان، وازدادت حاجتهم إلى توسيع المباني من أجل المبيت، الشراب والمأكل. فقط في شهر تموز/ يوليو 2012، في أعقاب قرار المحكمة الذي قضى بإلزام الدولة بتقديم ردها على الالتماسات، عادت الدولة لتعلن أن السكان لا يسكنون في المنطقة بصورة دائمة ولن يُسمح لهم بالسكن فيها بصورة دائمة لأن الجزء الأكبر من المنطقة مُعرَّف بأنه "منطقة تدريبات عسكرية". وفي إثر ذلك، شطبت المحكمة الالتماس مع حفظ حق السكان في العودة إلى تقديم التماس إلى المحكمة مرة أخرى. وبالفعل، قُدمت في العام 2013 التماسات جديدة، هي الالتماسات التي أصدرت المحكمة العليا بشأنها قرار الحكم القضائي الأخير؛ وهو القرار الذي وقع عليه القضاة دافيد مينتس، يتسحاق عميت وعوفر غروسكوف، ورفضوا فيه الالتماسات بتسويغات قانونية مختلفة.

أبرز التسويغات القانونية

فيما يلي أبرز التسويغات القانونية التي جرى التذرّع بها من طرف المحكمة العليا لرفض الالتماسات:

أولاً، قضت المحكمة بأن القائد العسكري مخوّل صلاحية إعلان مناطق معينة مناطق مغلقة ومنع الدخول إليها بدون تصريح، وذلك بموجب الصلاحية المنصوص عليها في المادة رقم 125 من أنظمة الدفاع (أمر الطوارئ) (1945) وفي المادة 318 من أمر الأحكام الأمنية للعام 2009، وكما كتب القاضي مينتس:

"إن الحديث هنا هو حول صلاحية واسعة جاءت لتخدم أهدافاً أمنية عسكرية، بما فيها تحديد مناطق تدريبات لغرض تأهيل المقاتلين والمحافظة على لياقتهم". السكان الذين يقيمون في المنطقة، أو يحتفظون بها، "مُطالَبون بالتوجه إلى القائد العسكري بغية الحصول على تصاريح دخول إلى المنطقة. حقوق الملكية على منطقة مغلقة لا تتضمن، في حد ذاتها، حق الدخول إليها".المصدر السابق، الفقرة 30 من قرار الحكم الذي كتبه القاضي مينتس.

ثانياً، قضت المحكمة بأنه ليس في وسع الملتمسين الاستناد إلى أحكام المادة 49(1) من معاهدة جنيف الرابعة التي تنص على حظر طرد أو إخلاء سكان محميين في منطقة خاضعة للاحتلال. وقد سوّغت المحكمة موقفها هذا بإيجاز قائلة إن معاهدة جنيف الرابعة لا تُلزم إسرائيل، نظراً لكونها جزءاً من القانون الدولي "التوافقي" وليس "العُرفيّ" ولأن المادة 49 من معاهدة جنيف الرابعة، على أي حال، تسري على حالات الطرد الجماعية غير ذات الصلة بالحالة العينية هنا، أو كما كتب القاضي مينتس:

"ليس من نافل القول الإشارة هنا إلى أنه لا مكان لادعاء الملتمسين المتمحور حول أحكام المادة 49(1) من معاهدة جنيف الرابعة، إذ ليس أن الحديث يجري عن أحكام توافقية لا تعبر عن القانون الدولي فحسب.... بل إنه ليس ثمة أي ربط أو علاقة بين هذه المادة، الرامية إلى منع أعمال الطرد الجماعي للسكان من منطقة خاضعة للاحتلال تمهيداً لإبادتهم، تنفيذ أعمال قسرية أو تحقيق غايات سياسية مختلفة، وبين حيثيات وملابسات حالتنا العينيّة هنا".المصدر السابق، الفقرة 32 من قرار الحكم الذي كتبه القاضي مينتس.

ثالثاً، بعد أن قضت بأن القائد العسكري مخول صلاحية إعلان منطقة ما "منطقة تدريبات عسكرية" ثم صلاحية إخلاء السكان منها، تالياً، وبعد أن قضت بأن أحكام المادة 49 من معاهدة جنيف الرابعة غير مُلزمة، انتقلت المحكمة إلى البحث في السؤال عما إذا كان الملتمسون قد سكنوا في القرى بصورة ثابتة ودائمة، منذ ما قبل إصدار الأمر في العام 1980. وقضت المحكمة هنا بأنّ "الاستنتاج الواضح المُستخلَص من مجمل المواد التي وُضعت أمامنا هو أنه عشية الإعلان عن منطقة التدريبات العسكرية، لم يكن ثمة سكن ثابت ودائم ضمن حدودها"      المصدر السابق، الفقرة 33. (التأكيد في الأصل). وقد اعتمدت المحكمة على صور من الجوّ قدمتها النيابة العامة ومن خلال التمعن فيها "يظهر استنتاج قاطع وواضح بأن الحق مع المُدعي عليهم... إنه كمٌّ كبير من صور الجو التي تكشف وضعاً واضحاً ولا لبس فيه. فبينما لم يكن بالإمكان تحديد علامات سكن في المنطقة حتى العام 1980، ولا سكن ثابت ودائم في المنطقة بأكملها بالتأكيد، فإن الصور تُبيّن ازدهار أعمال البناء في الخِرَب خلال التسعينيات، ولا سيما ابتداء من العام 2000 فصاعداً بشكل خاص وأساسي".المصدر السابق، الفقرة 34.

رابعاً، رفضت المحكمة الالتماسات أيضاً بدعوى "افتقارها إلى النزاهة ونظافة الأيدي" من جانب الملتمسين، وذلك في ضوء أعمال البناء التي نفذوها بالرغم من وجود الأمر المؤقت الذي يمنع القيام بذلك ووسط تجاهل الاحتياجات المعيشية التي ازدادت واتسعت خلال السنوات، نتيجة التزايد الطبيعي بين السكان. وكتب القاضي مينتس:

"إضافة إلى ذلك، ليس ثمة مكان كبير للشك في أن حكم الالتماسات هو الرفض، حتى من باب افتقارها المطلق إلى النزاهة ونظافة الأيدي من جانب الملتمسين. فقد صدرت بحق الملتمسين، الذين لم يرفِقوا أي مستند يثبت أن لهم حقوق ملكية على الأراضي في منطقة التدريبات العسكرية، أوامر إخلاء من المنطقة. لكن الملتمسين اختبأوا تحت جنح الأوامر المؤقتة التي صدرت خلال السنوات الماضية ومنعت نقلهم من المنطقة... بل إن بعض الأوامر المؤقتة التي صدرت في إطار إجراءات أخرى كانت مشروطة، بصورة صريحة وواضحة، بعدم تنفيذ سكان المنطقة أي خطوات لمواصلة أعمال البناء غير القانوني في المنطقة... إلا أن أعمال البناء في المنطقة (والتي لا حاجة إلى القول إنها أعمال غير قانونية وبدون ترخيص، نظراً لانعدام إمكانيات التخطيط في منطقة تدريبات عسكرية) ازدادت واتسعت خلال السنوات الأخيرة... أعمال البناء ضمن حدود منطقة التدريبات العسكرية شهدت اتساعاً وازدياداً".المصدر السابق، الفقرة 20.

عملياً، إضافة إلى تجاهله القرائن التي قدمها السكان حول نمط حياتهم الفريد في الخِرَب وحول إقامتهم الدائمة والثابتة هناك منذ بداية القرن التاسع عشر، فإن قرار الحكم هذا إشكاليٌّ في تسويغاته القضائية أيضاً. فقد تجاهلت المحكمة أحكام القانون الدولي الخاصة بقوانين الاحتلال التي تقضي بأن قوة الاحتلال ملزمةٌ بالمحافظة على الحياة المدنية الطبيعية للسكان المحميين، بموجب ما تنص عليه المادة 43 من أنظمة لاهاي. كما تجاهلت المحكمة حُكماً قضائياً سابقاً أصدرته هي نفسها وأقرّت فيه بأنّ المادة 43 من أنظمة لاهاي تُلزم القائد العسكري وأنّ أوامر القائد العسكري، بما في ذلك الأمر الذي يعلن فيه منطقة معينة "منطقة تدريبات عسكرية"، ينبغي أن تكون منسجمة مع أحكام القانون الدولي. وهذا الأمر يصبح أكثر قوة وأهمية بالنظر إلى حقيقة أن الجزء الأكبر من الأرض التي يسري عليها الأمر معرّف بأنه "أراضٍ خاصة". هذا ما أقرّته المحكمة في قضية جمعية إسكان، على سبيل المثال، بشأن المادة 43 من أنظمة لاهاي:

"إنها تسري على النظام والحياة العامّين في جميع جوانبهما. وعليه، تسري هذه الصلاحية ـ إلى جانب شؤون الأمن والجيش ـ على الظروف "المدنية" المختلفة أيضاً، مثل الظروف الاقتصادية، الاجتماعية، التربوية، الرفاهية، الصرف صحية، الصحية، المرورية وغيرها من المجالات التي ترتبط بها حياة الإنسان في المجتمع المدني".التماس 82/393 جمعية إسكان ضد قائد قوات الجيش الإسرائيلي، صفحة 798 من قرار الحكم (صدر يوم 28.12.1983).

كذلك، تجاهلت المحكمة أيضاً النصّ القانوني الذي يحظر نقل سكان محميين في نطاق المنطقة الخاضعة للاحتلال أو نقلهم إلى خارج المنطقة الخاضعة للاحتلال، وفقاً للمادة 49 من معاهدة جنيف والذي هو حظر "عُرفيّ" يُلزم دولة إسرائيل باعتبارها قوة احتلال. ذلك أن كون هذا النص نصاً قانونياً "عُرفياً" يعني أنه مُلزم لجميع الدول. وهذا هو التفسير ذاته الذي أُعتُمد للمادة 49 من معاهدة جنيف وللنظام 129 من أنظمة الصليب الأحمر. وخلافاً لما ذهب إليه قرار الحكم القضائي، فإن هذا البند لا يسري على الطرد الجماعي فقط وإنما على أي طرد أو نقل قسريّ.

وتجاهلت المحكمة، أيضاً، حقيقة أن المادة 49(1) من معاهدة جنيف لا توجِب أن يثبت السكان المحليون "سكنهم الدائم والثابت" وارتأت (المحكمة) قبول ادعاء الدولة بأن تطبيق المادة 318 من أمر الأحكام الأمنية مسموح نظراً لعدم إثبات السكان "سكنهم الدائم والثابت". ولم تطلب المحكمة من الدولة تقديم ما يثبت ضرورة إصدار الأمر بشأن إعلان "منطقة التدريبات العسكرية" وتفسير عدم إمكانية تطبيق التسويغات والاعتبارات ذاتها في مناطق أخرى بديلة، بما في ذلك في نطاق حدود إسرائيل نفسها. وإنّ في حقيقة أن تدريبات عسكرية بالنيران الحية لم تجر في المنطقة إياها خلال السنوات، خلافاً لادعاء الجيش، ما يعزز الاستنتاج بأن ليس ثمة ما يؤكد حيوية المنطقة للتدريبات العسكرية. على هذا النحو، ومن دون فحص مدى قانونية إصدار الأمر ومن دون طلب تقديم أي أسانيد إثبات ضرورة إصداره، أسبغت المحكمة الشرعية القانونية على إصدار أوامر شاملة بإغلاق مناطق، مما يؤدي إلى إخلاء وترحيل السكان الفلسطينيين حتى من المناطق التي هي بملكية خاصة، بما يتعارض كلياً مع أحكام القانون الدولي.

إجمال

يأتي قرار المحكمة الإسرائيلية العليا بشأن الالتماسات التي قدّمها إليها سكان مسافر يطّا وطالبوا فيها بمنع الدولة من ترحيلهم القسري، تتمةً لأحكام سابقة صدرت عن المحكمة العليا ذاتها، سواء بشأن رفض إجراء بحث دستوريّ حول مجرد إنشاء المستوطنات في الأراضي المحتلة، أو بشأن دستورية الاستيلاء على أراضٍ لأغراض عسكرية.

ولا بُدّ من أعادة التذكير والتأكيد أنه في جميع الحالات المذكورة، برّرت المحكمة الإسرائيلية العليا بصورة فعلية انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني، وليس هذا فحسب بل أيضاً أجازت تلك المحكمة تنفيذ عمليات طرد وترحيل قسري بحق السكان المحميين، والتي تشكل ـ وفق تعريفها في المادة 7 من ميثاق روما ـ جريمة ضد الإنسانية.