أفادت تقارير صحافية إسرائيلية، اليوم الأربعاء - 27.3.2013، أنه بعد الاعتذار الإسرائيلي لتركيا، في نهاية الأسبوع الماضي، نشأت خلافات جديدة بين الدولتين حول سورية والفلسطينيين، وحول حجم التعويضات الإسرائيلية لضحايا السفينة "مافي مرمرة".
وقالت صحيفة "هآرتس" إن ثمة خلافا بين وجهات النظر الإسرائيلية والتركية حيال مستقبل سورية، وإن "إسرائيل تتخوف من احتمال أن يؤدي سقوط نظام [الرئيس بشار] الأسد إلى صعود نظام إسلامي متطرف مكانه، أو أن يؤدي إلى تفكك الدولة إلى قوات مسلحة تسيطر على مناطق عديدة فيها". وأشارت الصحيفة إلى أن الموقف التركي مؤيد للمعارضة السورية، التي تضم حركات إسلامية، وأن المعارضة ستتمكن من السيطرة على سورية ولن تشكل تهديدا إقليميا. ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى احتمال تأثير المصالحة بين الحكومة التركية والأكراد في الإقليم الكردي داخل تركيا على الأكراد في سورية الذين سيشكلون قوة ذات أهمية في أي حل للأزمة السورية.
ونقلت "هآرتس" عن مصدر سياسي تركي قوله إن تركيا لا ترى في إسرائيل جهة قادرة على المساعدة في حل الأزمة في سورية أو المشاركة في نقل مخزون الأسلحة الكيميائية في حال تم ذلك في المستقبل. وأضاف المصدر التركي نفسه أن "أهمية إسرائيل في الموضوع السوري هو في التعاون الاستخباراتي، وليس في الإدارة المشتركة للحرب الدائرة في سورية".
وفيما يتعلق بالموضوع الفلسطيني ونية رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، زيارة قطاع غزة، نقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصدر دبلوماسي تركي قوله إن أردوغان يتعرض لضغوط أميركية من أجل الامتناع عن زيارة غزة في الوقت الحالي وعشية بدء ترميم العلاقات بين تركيا وإسرائيل.
لكن هذا المصدر التركي أضاف أنه "يوجد تفكير في تركيا بإمكانية زيارة وفد رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية، أحمد داوود أوغلو، لإسرائيل قبل زيارة غزة والضفة الغربية، وهناك إمكانية لدعوة شخصية إسرائيلية رفيعة المستوى لزيارة تركيا في حال الاتفاق على دفع التعويضات من دون حدوث تعقيدات".
وبخصوص التعويضات الإسرائيلية لعائلات النشطاء الأتراك التسعة، الذين قتلوا على متن السفينة "مافي مرمرة" التي كانت ضمن أسطول الحرية التركي لكسر الحصار عن غزة، بنيران قوات البحرية الإسرائيلية التي اعترضت الأسطول وهاجمته في نهاية أيار 2010، فإن تركيا تطالب، وفقا لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، بدفع مليون دولار مقابل كل قتيل تركي بينما قالت إسرائيل إنها ستدفع 100 ألف دولار لكل واحدة من عائلات القتلى.
وبعد الاعتذار لتركيا عن أحداث "مافي مرمرة"، الذي قدمه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لأردوغان، خلال محادثة هاتفية يوم الجمعة الماضي، تحدثت وزيرة العدل الإسرائيلية، تسيبي ليفني، مع داوود أوغلو هاتفيا أول من أمس الاثنين بهدف البحث في تنفيذ الاتفاق لتسوية الأزمة في العلاقات بين الدولتين.
وتطالب إسرائيل بإلغاء كافة الإجراءات القضائية ضد ضباطها وجنودها، من خلال دعاوى قضائية رفعها مواطنون أتراك، لكن الجانب التركي تعهد في إطار الاتفاق مع إسرائيل بمنع تقديم دعاوى كهذه في المستقبل، لكنه أكد أنه لا يمكن إلغاء دعاوى تم تقديمها وموجودة في عهدة المحاكم التركية.
الاعتذار: قتل النشطاء الأتراك نجم عن خطأ في أداء القوات الإسرائيلية
وقدم رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، اعتذارا لتركيا عن مقتل تسعة نشطاء أتراك وإصابة عشرات آخرين لدى مهاجمة قوات سلاح البحرية الإسرائيلي السفينة "مافي مرمرة" التي كانت ضمن أسطول الحرية التركي لكسر الحصار عن غزة، في نهاية أيار 2010، وذلك خلال اتصال هاتفي مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان. وجاء هذا الاعتذار بعد اتصالات مطولة بين الجانبين وبوساطة أميركية. وبدا أن هذا الانفراج في الأزمة التي سادت العلاقات الإسرائيلية – التركية، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، هو النتيجة المعلنة الأبرز لزيارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لإسرائيل والأراضي الفلسطينية والأردن، الأسبوع الماضي.
ورغم أن حليف نتنياهو السياسي ووزير الخارجية الإسرائيلية السابق، وربما المقبل، أفيغدور ليبرمان، انتقد الاعتذار لتركيا واعتبره مسيئا ومهينا لإسرائيل وسيلحق بها أضرارا كبيرة، إلا أن سياسيين كثيرين ووسائل الإعلام، والأهم من ذلك، خاصة بالنسبة للرأي العام الإسرائيلي، جهاز الأمن، وفي مقدمته الجيش والموساد، دعموا الاعتذار من أجل انفراج العلاقات مع تركيا وحل الأزمة، مشددين على أن ذلك يخدم المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية.
واعتبر نتنياهو أن النتائج الدموية لهجوم قوات الكوماندوز البحري، "السرية 13"، على السفينة "مافي مرمرة"، نجمت عن أخطاء. وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بعد المحادثة الهاتفية بين أردوغان ونتنياهو، إن هذا الأخير "أعرب عن أسفه لتدهور العلاقات الثنائية وأعرب عن التزامه بتسوية الخلافات بهدف دفع السلام والاستقرار في المنطقة".
وأضاف البيان أن "نتنياهو اطّلع على المقابلة الأخيرة التي أجراها أردوغان مع صحيفة دانماركية وعبر عن تقديره لأقواله [التي جاء فيها أن وصف الصهيونية بأنها عنصرية وفاشية، لم يُفهم كما ينبغي وتم إخراج هذه الأقوال من سياقها]. وأوضح نتنياهو أن النتائج المأساوية لحادث مرمرة لم تكن متعمدة وأن اسرائيل تعبر عن أسفها لفقدان الحياة، وعلى ضوء التحقيق الإسرائيلي في ملابسات الحادث، الذي أشار الى وقوع بعض الأخطاء في العملية العسكرية [ضد الأسطول]، أعرب نتنياهو عن اعتذاره للشعب التركي عن أي خطأ، ربما أدى إلى فقدان الحياة، ووافق على استكمال الاتفاق حول دفع التعويضات".
وذكر نتنياهو خلال حديثه مع أردوغان، بحسب البيان، أن "إسرائيل رفعت بعض القيود عن حركة المواطنين والبضائع في جميع الأراضي الفلسطينية، بما فيها قطاع غزة، وهذا الأمر سيستمر اذا ما تم الحفاظ على الهدوء. واتفق الزعيمان على مواصلة العمل المشترك من أجل تحسين الأوضاع الإنسانية في الأراضي الفلسطينية".
ويقضي الاتفاق أيضا بأن توقف تركيا كافة الإجراءات القضائية بحق الضباط والجنود الإسرائيليين الذي شاركوا في العملية العسكرية ضد السفينة "مرمرة". لكن خبراء قانون من كلا الجانبين أكدوا أنه ليس باستطاعة أردوغان منع تقديم دعاوى ضد إسرائيل بهذا الخصوص.
نتنياهو يطمئن اليونان ويؤكد أن تفاقم الأزمة السورية دفعه إلى الاعتذار لتركيا
أكد نتنياهو أنه قرر إنهاء الأزمة في العلاقات بين إسرائيل وتركيا بسبب تدهور الأوضاع في سورية ومن أجل التعاون بين الدولتين ضد "تهديدات إقليمية أخرى".
وكتب نتنياهو على صفحته في الشبكة الاجتماعية "فيسبوك"، مساء السبت، أن "الواقع المتغير من حولنا يلزمنا باستمرار بإعادة النظر في علاقاتنا مع دول المنطقة. وخلال السنوات الثلاث الماضية قامت دولة اسرائيل بعدة محاولات لإعادة العلاقات مع تركيا الى ما كانت عليه".
وشدد نتنياهو على أن "تفاقم الأزمة في سورية كان دافعا رئيسيا لهذا في نظري. فسورية تتفكك وترسانة الأسلحة المتطورة العملاقة المتواجدة فيها باتت تقع بأيدي عناصر مختلفة. والخطر الأكبر هو سقوط مخزونات الأسلحة الكيميائية بأيدي منظمات ارهابية. ويخلق الواقع في سورية الذي يشمل نشاطات متزايدة لعناصر تابعة للجهاد العالمي على حدودنا في الجولان، تحديات كبيرة لأجهزتنا الأمنية، ونحن نتابع الأحداث الجارية هناك، وجاهزون لنردّ بشكل مناسب".
وتابع نتنياهو أن "ثمة أهمية لحقيقة أن تركيا وإسرائيل اللتين تتشاركان الحدود مع سورية تستطيعان التواصل مع بعضهما البعض وهذا الأمر مرغوب فيه أيضا إزاء تحديات إقليمية أخرى"، موضحا أن "زيارة الرئيس أوباما ووزير خارجياته (جون) كيري وفرت فرصة سياسية لإنهاء الأزمة. لذا فإنه عند ختام زيارة الرئيس الأميركي قررت أن أجري اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء التركي من أجل حل الأزمة وإصلاح العلاقات الثنائية".
ووفقا لصحيفة "يديعوت أحرونوت" فإن أوباما، عندما كان في مطار بن غوريون الدولي ويعتزم مغادرة إسرائيل إلى الأردن، بعد ظهر يوم الجمعة الفائت، اتصل بأردوغان وبعد ذلك أعطى الهاتف لنتنياهو ليتحدث معه.
وأكد مسؤولون إسرائيليون، يوم الأحد الماضي، أن الاعتذار الذي قدمه نتنياهو لتركيا كان مبادرة إسرائيلية وليست أميركية.
وقال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، يعقوب عميدرور، للإذاعة العامة الإسرائيلية، إن "الاعتذار أمام تركيا على أخطاء عسكرية أدت إلى مقتل 9 أتراك في أحداث أسطول المرمرة، كان مبادرة إسرائيلية وليست أميركية. ونحن طلبنا من الأميركيين المساعدة في هذا الموضوع وتشاورنا معهم حول كيف ينبغي القيام بذلك. وهذه الخطوة ستحسن العلاقات الرسمية بين إسرائيل وتركيا، وستكون هناك إمكانية للتحدث بين العاصمتين، لكن لا أحد يعرف إلى أين ستقود هذه الأقوال".
من جانبه قال السفير الإسرائيلي في واشنطن، مايكل أورن، للإذاعة الإسرائيلية، إن المحادثة الهاتفية بين نتنياهو وأردوغان "لم تكن نتيجة ضغط أميركي".
من جهة ثانية، كشفت صحيفة "هآرتس"، الاثنين، أن نتنياهو أجرى محادثة هاتفية مع نظيره اليوناني، أنتونيس ساماريس، بعد محادثته مع أردوغان، وأكد أن المصالحة بين إسرائيل وتركيا لن تكون على حساب العلاقات الإسرائيلية - اليونانية. كذلك اتفق نتنياهو وساماريس على عقد لقاء بين الحكومتين الإسرائيلية واليونانية خلال الشهور القريبة المقبلة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في أعقاب تدهور العلاقات الإسرائيلية - التركية في السنوات الثلاث الأخيرة، سعى نتنياهو إلى توثيق العلاقات الإسرائيلية اليونانية، انطلاقا من أن اليونان وتركيا هما خصمان تاريخيان. وتم التعبير عن تحسين إسرائيل لعلاقاتها مع اليونانية من خلال مناورات جوية مشتركة استخدم فيها سلاح الجو الإسرائيلي المجال الجوي اليوناني، بينما قبل ذلك كان سلاح الجو الإسرائيلي يستخدم المجال الجو التركي في مناورات مشابهة.
إضافة إلى ذلك وثقت إسرائيل علاقاتها الاقتصادية مع اليونان وخاصة فيما يتعلق بالسياحة، حيث تم توجيه مئات آلاف السياح الإسرائيليين إلى اليونان بدلا من تركيا التي كانت تعتبر هدفا سياحيا مفضلا لدى الإسرائيليين.
وفي سياق المصالحة الإسرائيلية - التركية منح الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، مقابلات لشبكة "سي. إن. إن" الأميركية وصحيفة "حُرّييت" التركية الواسعة الانتشار، وقال فيها إنه "يوجد ألف سبب يجعل إسرائيل وتركيا صديقتين ولا يمكن ذكر أي سبب يجعلهما عدوتين". وأضاف أن "هناك تاريخا مشتركا للدولتين، وتركيا كانت أول دولة إسلامية تعترف بدولة إسرائيل"، وشدد على أنه سيكون مسرورا بلقاء الرئيس التركي، عبد الله غول، في أقرب وقت.
من الجهة الأخرى، وبعد أن عبر عن معارضته للاتفاق بين إسرائيل وتركيا، نشر وزير الخارجية الإسرائيلية السابق والمرشح لتولي هذا المنصب بعد انتهاء محاكمته وفي حال تبرئته، أفيغدور ليبرمان، مقالا في صحيفة "يديعوت أحرونوت" عبر فيه عن معارضته الشديد للاتفاق الذي أوصل إلى اعتذار رئيس وزرائه من تركيا.
واعتبر ليبرمان في مقاله أن الاعتذار لتركيا يؤدي إلى إضعاف إيمان الجنود الإسرائيليين "بعدالة طريقهم وبالقناعة الداخلية العميقة بأنهم ينفذون الأمر الصحيح ويناضلون من أجل هدف سامٍ وصحيح".
وتابع أن "الاعتذار لتركيا يعني أن الدولة تخلت عن جنود سلاح البحرية وحولت مقاتلين خاطروا بحياتهم وعملوا من أجل الدفاع عن النفس باسم الدولة إلى متهمين"، وأن "الموافقة على دفع تعويضات هي اعتراف بالتهمة وتأكيد على أن الصراع ضد مجموعات إرهابية [أي التي نظمت الأسطول] والتي تم إرسالها للمس بالدولة لم يكن مبررا. وإن مشاعر كهذه لدى الشعب والجنود هي مشاعر هدامة للقدرة على بقاء الشعب، وهدامة على المدى البعيد".
واعتبر ليبرمان أن الأهم من ذلك هو كيفية تقبل وإدراك الاعتذار الإسرائيلي "في اليونان وقبرص ودول الخليج ولدى الأكراد وبين الجهات المعتدلة والعلمانية في تركيا، الذين يفسرون ذلك بأنه بدلا من أن يتعاونوا مع إسرائيل فإن عليهم التوصل إلى اتفاقات مع أردوغان و(وزير الخارجية التركية أحمد) داوود أوغلو".
وأضاف أن الاعتذار "يثبت أنه، بالنسبة لهؤلاء، لا يمكن الاعتماد على إسرائيل ولا التعاون معها في مواضيع مصيرية بنظرنا وتتعلق بتقوية الجهات المعتدلة في الشرق الأوسط. وهذا ضرر استراتيجي للمدى البعيد وسنشعر بنتائجه في السنوات المقبلة".
باحثة: بإمكان تركيا مساعدة إسرائيل فيما يتعلق بالفلسطينيين
لفتت الباحثة في "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب والمتخصصة في الشؤون التركية، الدكتورة غاليا ليندنشتراوس، إلى أن الاعتذار الإسرائيلي لتركيا، والاتفاق على السعي لتطبيع العلاقات بينهما، هو "تطور مركزي انتظرته جهات كثيرة في كل من إسرائيل وتركيا وأميركا فترة طويلة. وبينما شكك كثيرون فيما إذا كان هذا الاعتذار، في التوقيت الحالي، كافيا من أجل ترميم العلاقات، فإنه على ضوء المفاوضات التي جرت بين الجانبين منذ أحداث المرمرة، كان واضحا جدا أنه من دون اعتذار من هذا النوع ما كان هناك احتمال بأن يتم ترميم العلاقات. ومن هذه الناحية، فإن الخطوة الإسرائيلية كانت صحيحة، وحتى لو حدثت أزمات أخرى في المستقبل بين إسرائيل وتركيا، فإن هذا الجرح على الأقل بين الشعبين في طريقه إلى الالتئام".
وأضافت ليندنشتراوس أنه "من خلال تحليل الدوافع الطويلة المدى التي أدت إلى الاعتذار الإسرائيلي، فإنه لا شك في أن الصحوة العربية هي التي أدت إلى التقارب بين مواقف الجانبين. وحقيقة أن كلتا الدولتين تقفان اليوم أمام تهديد تفكك سورية وعواقب ذلك على أمنهما، هي التي رجحت الكفة بقدر كبير في كلا الجانبين. إضافة إلى ذلك، فإنه تجدر الإشارة إلى أنه كان هناك استعداد في الجانب الإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق مع تركيا منذ فترة طويلة، لكن لأسباب مختلفة لم تتم ترجمة هذا الاستعداد من أجل تحقيق التسوية".
وأشارت إلى أن "التفاهمات التي تم التوصل إليها الآن ليست مختلفة بصورة جوهرية عن المعادلات التي تم طرحها عشية نشر تقرير بالمار [الصادر عن الأمم المتحدة حول أحداث المرمرة] في أيلول 2011. وإلى جانب ذلك، فإنه كان يسود في إسرائيل في ذلك الوقت تخوف من ’تسونامي سياسي’ في سياق التوجه الفلسطيني، الذي كان مخططا في حينه، إلى الأمم المتحدة، مفاده أنه على الرغم من أن إسرائيل ستنجو [إلا أنه] لن ينجم عن ذلك أمر إيجابي. والتطور الحالي هام، ليس بسبب اعتذار إسرائيل، وإنما لأنه تم قبول الاعتذار" من طرف تركيا.
ورأت الباحثة أن الرأي العام الإسرائيلي تقبل الاعتذار كونه جاء على أثر زيارة أوباما وحصل على دعمه. وأضافت أنه "عدا ذلك، فإنه سبقت الاعتذار عملية ’عمود السحاب’ العسكرية [ضد قطاع غزة في تشرين الثاني الماضي] التي أكدت للأتراك مدى فقدان قدرتهم على التأثير كجهة وسيطة في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. كما أن التسهيلات التي مُنحت في أعقاب وقف إطلاق النار ساعدت الأتراك على إظهار ليونة فيما يتعلق بالشرط الثالث الذي طرحوه في الماضي أمام إسرائيل، وهو رفع الحصار عن غزة".
وتوقعت ليندنشتراوس "تحديات عديدة" في عملية انفراج العلاقات بين إسرائيل وتركيا، وبينها أنه "ربما تكون زيارة أردوغان إلى غزة، في نيسان المقبل، إشكالية". لكنها أضافت أنه "في نهاية الأمر، فإن تركيا هي لاعب يؤيد رؤية الدولتين، ولذلك توجد نقاط ارتباط كثيرة يمكن لإسرائيل أن ترى من خلالها وجود نية حسنة تجاه الفلسطينيين وبإمكان تركيا المساعدة بشأنها".
التعاون الأمني
ورغم أن إسرائيل وتركيا تنظران إلى قضية إيران وبرنامجها النووي بشكل مختلف، فإن ليندنشتراوس أشارت إلى أن "تركيا لا تريد أن تكون لدى إيران قدرة نووية عسكرية، لكنها ما زالت تؤيد طريق المفاوضات، وستعبر، علنا على الأقل، عن معارضتها لهجوم أميركي- إسرائيلي في حال حدوثه".
ورأت الباحثة أنه ليس صدفة أن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، رحب بترميم العلاقات مع تركيا. وأوضحت أنه "حتى لو بقي التعاون بين الجيشين في حده الأدنى ومن خلف الأبواب المغلقة، فإنه توجد قيمة بالغة في أن قنوات الاتصال بين الجانبين ستكون مفتوحة على ضوء التحديات الماثلة أمام الدولتين في الفترة الراهنة. وعدا ذلك، فإنه فيما يتعلق بالتعاون بين إسرائيل وحلف الناتو، وهو تعاون عاد بالفائدة على إسرائيل وتركيا، فإن انفراج العلاقات مع تركيا سيسمح باستئنافه وهذا الأمر هو إنجاز هام".
لكن المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هارئيل، رأى أن العلاقات الأمنية بين إسرائيل وتركيا لن تعود إلى سابق عهدها. ورغم أنه سيكون هناك تعاون عسكري وأمني معين، إلا أن إسرائيل "التي أجرت مناورات مشتركة مع الأتراك سمحت لسلاح الجو الإسرائيلي بالتدرب على مهاجمة أهداف بعيدة، مثل المنشآت النووية الإيرانية، وجدت بدائل، منذ الأزمة، من خلال تدريبات جوية مشتركة في رومانيا وبلغاريا واليونان".
ولفت هارئيل إلى أن الأمر الأهم في هذه العلاقات هو التعاون في المجال الاستخباراتي. وكتب في هذا السياق أن "العلاقات الاستخباراتية الوثيقة بين تركيا وإيران، رغم الخلافات بينهما، تردع إسرائيل عن التعاون [مع تركيا] والذي قد يؤدي إلى تسرب معلومات". لكن هذا، وفقا للمحلل الإسرائيلي، لن يمنع استئناف المناورات التي تشارك فيها عدة دول إلى جانب إسرائيل وتركيا، وبقيادة أميركية.
واعتبر هارئيل أنه "من الناحية الاستراتيجية، ثمة بعد إيجابي في أن الخطوة التركية [بقبول الاعتذار الإسرائيلي] تمت رغم استياء إيران. وبقي أن نعرف ما إذا كانت المصالحة ستساهم في تقليص عمليات تهريب الأسلحة من إيران إلى حزب الله، والتي يتم تنفيذ الكثير منها عبر الأراضي التركية، وفي خفض أنشطة منظمات إرهابية تستغل الأراضي التركية كقاعدة للتخطيط لهجمات في إسرائيل".
وأشار هارئيل في هذا السياق إلى دعم جهاز الأمن الإسرائيلي للمصالحة مع تركيا، وإلى أن وزير الدفاع السابق، إيهود باراك، مارس ضغوطا على نتنياهو، في الفترة الماضية وبشكل خاص قبل نهاية ولاية الحكومة السابقة، من أجل التوصل إلى تسوية مع تركيا.
هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي
"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي"
المصطلحات المستخدمة:
الصهيونية, يديعوت أحرونوت, هآرتس, مجلس الأمن القومي, باراك, دولة اسرائيل, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو, أفيغدور ليبرمان