بقلم: عميره هاس
يراود (ف) لثلاثة اسابيع متواصلة خلت كابوس: أنها وعائلتها وباقي سكان رام الله أبعدوا من المدينة. كلما تحول الهجوم علي العراق الي أمر أكثر تحققاً، تحولت المشاهد التي تظهر في حلم (ف) الي صور أكثر وضوحًا واصرارًا. الجيش يوجّه أوامره للجميع في تلك الأحلام المفزعة بأن يخرجوا من منازلهم ويقوم بتحميلهم الي مناطق خالية من كل شجرة أو بناء. (ف) تفقد زوجها واثنين من أولادها الاربعة وأطفالاً باكين ومسنين يولولون سينصبون لنا مخيم لاجئين جديدًا هنا .
فجر الاربعاء (19/3)، وفي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، اتصل وزير الخارجية الامريكي كولن باول برئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون، الذي تواجد في تلك الساعة في <<مزرعة الجميز>> (بيت العائلة) في النقب جنوبي البلاد. كان باول ينقل في تلك المكالمة الهاتفية رسالة من الرئيس بوش الى رئيس حكومة اسرائيل: <<الرئيس طلب مني اطلاعك على التغيير الطارىء على موعد بدء القتال في العراق>>.
قبل اسبوعين، في اعقاب عملية التفجير في حيفا، كتب دان مرغليت مقالاً وجّه فيه اللوم لنفسه على عدم الاستمرار في الكتابة التحذيرية من المماطلة في بناء واقامة الجدار الفاصل. حيرته هي الحيرة الكلاسيكية لدى كتاب المقالات ومحرري صفحات الرأي. هؤلاء واولئك غير معنيين بنشر ما قد نشر من قبل، واستعادة الآراء ذاتها، والتحذير مما تم التحذير منه من قبل.
يثير أداء أجهزة الإرشاد الاسرائيلية، في الأيام الأخيرة، تخوفات كبيرة بشأن الجلبة والفوضى اللتين ستسودان في إسرائيل، في حال إطلاق صافرات الانذار الحقيقية. فبعد حوالي سنة ونصف السنة من المداولات، والتنسيقات والتحضيرات، يبث جهازا الإرشاد والتعليمات، السياسي والعسكري، على إختلاف أذرعهما المتنافسة والمتناقضة، حاليًا، البلبلة والتردد والحرج، أكثر بكثير من المواطن العادي. ومع قليل من الجهد، فإن هذه الأحاسيس – بمساعدة الاعلام الالكتروني- ستنتشر بين الجمهور العام أيضًا.
الصفحة 804 من 860