العنوان الصارخ: "مساواة في التربية، ليست عندنا!"، ليس من بنات أفكاري أو نسج يراعي، أو ما يرد في مخيّلتي الشرقية الرحبة، بل هو عنوان لدراسة جادّة وضعتها الباحثة الإسرائيلية د. دفنه جولان عجنون، كما ورد ذلك في المجلة العبرية "هيد هحينوخ" (صدى التربية) عدد كانون ثاني 2005. الدراسة هذه ظهرت في كتاب "عدم المساواة في التربية" الصادر عن دار النشر "بابل" وهي نتاج ممارستها الميدانية في مهمتها: مسؤولة عن تقليص الفجوات في وزارة المعارف بين عامي 1999 – 2001 م، وكاتب هذا المقال هو الصحافي أريه ديان.
عقب معرفة نتائج التصويت في مركز الليكود، في التنافس بين أريئيل شارون وبنيامين نتياهو، سارع رؤساء حركة "المفدال" إلى إدانة أعضاء المركز، ليصبحوا بذلك أول من يكرّس ويثبت بمسامير من حديد الشعار المستهلك "الليكود انفصل عن الشعب". ظاهريا يتولد الانطباع أن أعضاء "المفدال" فازوا على خصومهم من اليمين المتطرف في السباق على البلاغ الأول الذي أرسل إلى المراسلين (الصحافيين) السياسيين، لكنهم في حقيقة الأمر ما انفكوا يخسرون في مسيرة دولة إسرائيل الطويلة نحو العودة إلى نفسها.
هذا اليوم، الثامن عشر من آب من عام 2005، سيبقى في تاريخ دولة إسرائيل.
هذا هو اليوم، الذي تقهقر فيه المشروع الاستيطاني في البلاد لأول مرة.
نعم، ما زال الاستيطان متواصلا بكل قوته في الضفة الغربية. لقد أراد أريئيل شارون التخلي عن مستوطنات صغيرة في قطاع غزة بهدف تعزيز الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية.
ولكن هذا لا ينكر حقيقة أنه قد وقع أمر جلل: لقد ثبت أنه بالإمكان تفكيك المستوطنات. ثبت أنه يجب تفكيك المستوطنات. مستوطنات هامة تم تفكيكها بالفعل.
المشروع الاستيطاني، الذي سار دائما إلى الأمام، وإلى الأمام فقط، بمئات الطرق الخفية والعلنية، توجّه "خلفا دُر" وتراجع لأول مرة. (يميت وتوابعها لم تكن في البلاد، لم تكن "ميراث أجدادنا"، ولذلك لم يعتبر تفكيكها سابقة أيديولوجية).
"الإسرائيليون بالذات وطنيون، لكنهم لا يعرفون الكثير عن تاريخهم"- هكذا كُتِبَ في صحيفة "يديعوت أحرونوت" في "يوم الاستقلال" العام الماضي. ثم، وفي التتمة: 30% من تلاميذ صفوف العواشر حتى الثاني عشر لا يعرفون أن دافيد بن غوريون كان أول رئيس وزراء لإسرائيل. 30% أيضاً لم يسمعوا عن قوات "البالماح". هذا ليس بجديد، فآرنست رينان، وهو من أوائل المنظرين لفكرة القومية، كان قد كتب في مؤلفة الشهير "ما هي الأمة"، أن العلامة أو السِمة المميزة للقومية هي عدم معرفة تاريخك. والسؤال الذي يتبادر هنا في الحال، هل هم (الإسرائيليون) وطنيون "بالذات" بسبب جهلهم أم على الرغم من جهلهم؟ ثم ما هي الوطنية في نظرهم؟.
في السادس عشر من شهر شباط الماضي صادقت الكنيست بأغلبية 59 صوتاً مقابل أربعين صوتاً معارضاً على قرار الحكومة بإخلاء جميع المستوطنات اليهودية في قطاع غزة، وأربع مستوطنات أخرى في شمال "السامرة" (الضفة الغربية).
وبعد مرور أربعة أيام قررت الحكومة بأغلبية سبعة عشر صوتاً مقابل خمسة أصوات وضع الخطة المصادق عليها في الكنيست موضع التنفيذ. إن لم تحدث تطورات غير متوقعة، فسوف نشهد في صيف العام الحالي إخلاء قرابة 8000 مستوطن يهودي من بيوتهم وإعادة توطينهم في أماكن بديلة في إسرائيل.
قبل بضع سنوات تحدثت مع أديبة إسرائيلية شابة. لقد فاجأني أنه رغم إحرازها لنجاح كبير وحيازتها على النقد البناء، بينما كانت صغيرة السن نسبيا، كانت تبدو غير واثقة بنفسها إلى حد كبير.
عندما سألتها عن السبب، قالت إن طفولتها كانت بمثابة جحيم. لقد اكتنف البيت سرّ دفين. سرّ فظيع جدا، كان يُمنع حتى السؤال عنه. وقد اكتشفت مع مرور الأيام أن والديها كانا في معسكر أوشفيتس. لقد كانت تعاني كل الوقت من الخوف، وكانت تحت تهديد دائم. "لم أشعر ذات مرة بالأمان"، قالت.
الصفحة 26 من 119