لا يشكك أحد في الدور الحاسم للإمبراطورية البريطانية في إقامة دولة إسرائيل. وشكّل "وعد بلفور" فرضية جديدة في تاريخ الصهيونية. وغالبا ما تم اعتبار العلاقات بين الصهيونية والإمبراطورية البريطانية بأنها عملية أو نفعية، وبأنها استمرار لتحولات "طبيعية". لكن كتابة التاريخ الصهيوني بهذا الشكل يفقد التأريخ إمكانية التفكير في مجمل الإمبريالية الأوروبية وغيرها وفي العلاقات الديناميكية والمتغيرة بين الشرق والغرب بصفتها عوامل بلورت زخما هاما في تاريخ الصهيونية، وفقا لكتاب صدر بعنوان "الصهيونية والإمبراطوريات" عن معهد "فان لير" في القدس ودار النشر "هكيبوتس هميئوحاد"، في العام 2015. والكتاب يحتوي على مجموعة أبحاث كتبها باحثون في إطار مجموعة بحث في "فان لير".
ووفقا لمقدمة الكتاب، التي كتبها محرره البروفسور يهودا شنهاف، فإن التأريخ الصهيوني للعلاقات بين الصهيونية والإمبراطوريات "يفوّت الفرصة للبحث في الخلافات التي نشبت داخل الصهيونية حول الإمبراطوريات من جهة، والخلافات داخل الإمبراطوريات حيال الصهيونية من الجهة الأخرى. وفي الأبحاث التي تناولت العلاقات بين الصهيونية وإمبراطوريات أخرى، الروسية والنمساوية – المجرية والعثمانية، جرت دراستها بمعزل عن بعضها، ومن دون الالتفات إلى مسألة ’ما هي الإمبريالية’ وكيف تبلور مبنى البحث حول الصهيونية".
ويتطلع هذا الكتاب إلى "إعادة الإمبراطوريات إلى البحث في الصهيونية، ومن خلال ذلك إثراء البحث الذي يسعى إلى إخراج البحث في الصهيونية من رواية تاريخ فريد من نوعه ومغلق داخل نفسه. ونحن نسعى إلى وضع البحث في الصهيونية داخل القالب الإمبريالي العالمي مثلما تبلور منذ نهاية القرن التاسع عشر، والقيام بدراسة عكسية في دلالات هذه العملية المعرفية (إبستيمولوجيا). ولا يعني ذلك أنه لا يوجد نقاش حول دور الإمبراطوريات في تاريخ الصهيونية أو التاريخ اليهودي، إذ توجد أبحاث كثيرة كهذه. لكن مراجعتها تؤكد خصوصا على القطيعة الإشكالية بين الروايات الصهيونية اليوتوبية (الوهمية)، "الإنعتاق" و"الإنعتاق الذاتي" و"نفي الشتات" و"دولة في الطريق" وغيرها، وبين البحث في الإمبراطوريات والتحولات الاستعمارية وإنهاء الاستعمار، التي حدثت في المنظومة العالمية والشرق الأوسط، إذ أن النمط الإمبريالي أملى قواعد السياسة الإقليمية، وبينها الإطار الأعلى للتنظيمات القومية في الشرق الأوسط. وتوضح هذه القطيعة مدى نقص النظريات والتأريخ بصورة شاملة ومفصلة للإمبراطوريات في هذه الروايات. وتنقص خصوصا صياغة نظرية مفصلة للإمبراطوريات والإمبريالية كظاهرة عامة في تاريخ الصهيونية".
الصهيونية والإمبراطوريتان العثمانية والبريطانية
يرى الباحثون في هذا الكتاب أن "مشكلة اليهود" تزداد أهمية من وجهة النظر الإمبريالية، لأنها طرحت على الأجندة ثلاث قضايا مبدئية، وهي العلمانية والمواطنة والعرق. وفيما يتعلق بالعلمانية، فإن الباحثين شددوا على وجود علاقة بارزة بين أزمة العلمنة والتاريخ الإمبريالي، إذ أنه تم تطبيق العلمانية في أوروبا بواسطة "مشروع مسيحي – بروتستانتي، الذي كان هو نفسه جزءا منفصلا من اللاهوت السياسي للإمبريالية. وبكلمات أخرى، فإن مبادئ اللاهوت السياسي موجودة في قلب نظرية الدولة الإمبريالية ومرحلة ما بعد الاستعمار، وهي موجودة في نظرية الدولة الليبرالية المعاصرة. ويصعب المبالغة في أهمية العلمنة وأزمة العلمنة من أجل فهم تطور التحولات في الصهيونية في مراحلها المختلفة".
الأمر الثاني هو أن مناقشة "المسألة اليهودية" يتطرق إلى إمكانية مواطنة مجموعات إثنية في دول مختلفة، مثل مواطنة اليهود في أوروبا والولايات المتحدة، في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
أما فيما يتعلق بالقضية الثالثة، العرق، فإنه لا شك أن تطور الخطاب حول العرق مرتبط ارتباطا وثيقا بالتاريخ الإمبريالي. وشكلت "المشكلة اليهودية" حالة نموذجية لـ"قضية العرق" في أوروبا. لكن الباحثين يؤكدون على أن "التحليل العرقي للتاريخ لم يكن من جانب المعادين للسامية فقط، وإنما مارسه أطباء وعلماء أنثروبولوجيا يهود، شاركوا بشكل نشط في الخطاب البيولوجي – السياسي حول الجسد وميزاته الثقافية في أوروبا الإمبريالية في بداية القرن العشرين. وزوّدت هذه الفئات قسما كبيرا من المرجع الرمزي الذي استخدمته مجموعات قومية من أجل وصف عرقها، مثل "أبناء عرق أو قومية منفصلة" أو "شعب مختار"، وأيضا من أجل وصف مجموعات بأنها "أعراق تم إخراجها من حدود المجموعة القومية".
وتنعكس العلاقة بين هذه القضايا الثلاث بشكل بارز في ما يسمى "مشكلة اليهود في أوروبا". ووضعت عدة حلول قومية من أجل حل "المشكلة اليهودية" في أطر إمبريالية مختلفة في مركز خطاب العلمنة والمواطنة والعرق. وتعارضت آراء المفكرين اليهود في الإمبراطورية النمساوية – المجرية، بين تعزيز الهوية اليهودية في الإطار الإمبريالي المحلي وبين "نفي الوجود اليهودي في الشتات وتطوير وعي قومي إقليمي مناهض للشتات". ويصف التأريخ الصهيوني هذا السجال بأنه نقاش قومي داخلي. إلا أن الباحثين في هذا الكتاب لا يرون أن الأمور على هذا النحو، ويشددون على دور النظام العالمي الإمبريالي في بلورة خيارات حل "المشكلة اليهودية"، وأنه لا يمكن فهم هذه الخيارات من دون احتوائها في المبنى الإمبريالي المتعدد القوميات، ومن دون فهم طبيعة العلاقات مع المجموعات القومية المختلفة.
وفي هذا السياق، يرى الدكتور ديمتري شومسكي، من الجامعة العبرية، في مقالته التي تضمنها كتاب "الصهيونية والإمبراطوريات"، أن الصهيونية، بين يهود تشيكيا على سبيل المثال، "شكّلت حلا مرحليا للواقع الإمبريالي والواقع الثنائي القومية والثنائي اللغة التشيكية – الألمانية الذي عاشوا في داخله". ويربط شومسكي بين هذه التجربة اليهودية الثنائية القومية والثنائية اللغة وبين الأفكار التي طورها الفيلسوف اليهودي شموئيل هوغو برغمان حول الكيان الثنائي القومية في فلسطين التاريخية.
ويؤكد البروفسور يعقوب برناي، من جامعة حيفا، في مقالته في الكتاب، على أن الرواية القومية المركزية للصهيونية تجاهلت القالب الإمبريالي الملزم بالتعاون مع الإمبريالية، بل أنها رفضته، رغم أن الصهيونية استندت على الإمبراطوريات الثلاث، النمساوية والروسية والعثمانية، في تطلعاتها نحو حكم ذاتي، كما أن تطبيق هذه التطلعات تطلب اعترافا بأهمية ودور الإمبراطورية. إذ أنه كان بالإمكان طرح فكرة حكم ذاتي قومي لليهود، على سبيل المثال، فقط في إطار الاعتراف بتعدد الحقوق القومية، مثلما كانت الحال في عدد من الإمبراطوريات.
وكان زعيم الصهيونية التنقيحية، زئيف جابوتينسكي، اعتبر أن الحركة الصهيونية يمكن أن تشكل حليفا مخلصا للإمبراطورية العثمانية ضد الحركة القومية العربية. ومن الجهة الأخرى، فإن ثورة تركيا الفتاة، في العام 1908، عززت توجه الحركة الصهيونية التي أيدت حركة قومية يهودية في إطار الإمبراطورية العثمانية. وأيد قادة الصهيونية، دافيد بن غوريون وإسحاق بن تسفي، هذا التوجه. ورغم أن الحركة الصهيونية نأت بنفسها عن الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، إلا أنها بقيت متمسكة بفكرة الحكم الذاتي داخل الإمبراطورية البريطانية. كما أن قيادة الحركة الصهيونية نفذت نشاطا سياسيا حثيثا بقيادة حاييم وايزمان، خلال الحرب، من أجل خدمة مصالح بريطانيا في فلسطين. كما أن وايزمان سعى إلى إحباط مبادرة أميركية من أجل ضمان احتلال بريطانيا لفلسطين
اليسار الصهيوني المناهض لبريطانيا
ساد خلاف كبير داخل الحركة الصهيونية حول العلاقة مع الإمبراطوريات، وحتى أن قسما من قادة الصهيونية حذر من أن علاقة كهذه لن تكون في مصلحة اليهود. لكن في المقابل، فإن الإمبراطورية البريطانية فضّلت اليهود على مجموعات أخرى في الشرق الأوسط.
وجهت أوساط، خصوصا الحركات الصهيونية التي اعتبرت يسارية، مثل "بريت شالوم" و"كيدماه ميزراحاه"، وهي حركات تأثرت من الإمبراطوريات المتعددة القوميات في أوروبا، انتقادات شديدة للإمبراطوريات. ورأت "بريت شالوم" أن الانتقال من فكرة "البيت القومي" إلى نموذج "السيادة اليهودية التي تستند إلى الإمبراطورية البريطانية" سيقود إلى حرب طويلة مع الفلسطينيين خصوصا والشرق الأوسط كله عموما، وأن ذلك سيؤدي إلى "هزيمة سياسية وأخلاقية" للصهيونية.
واعتبر الباحث والكاتب غرشوم شالوم أنه بسبب حلفها مع الإمبريالية قد تصبح الصهيونية "حدثا عابرا في تاريخ الشعب اليهودي" وأنها "ستحرق بنار ثورة الشرق الناهض". وكتب يهودا ماغنيس، وهو أحد أبرز قادة اليهود في الولايات المتحدة وأول رئيس للجامعة العبرية، في رسالة إلى الزعيم الهندي المهاتما غاندي، في العام 1919، أنه "يقولون إن أرض إسرائيل على وشك أن تمنح لشعب إسرائيل. وبرأيي، فإنه لا يوجد أي حق لأي مؤتمر سلام أن يعطي أرضا ما لأي شعب وحتى ليس أرض إسرائيل إلى شعب إسرائيل".
وأشار البروفسور شنهاف إلى أن موقف ماغنيس "لا يدل على معارضته للاستيطان اليهودي في أرض إسرائيل، وإنما على معارضته، مثلما كانت معارضة غاندي، لتطبيق هذا الاستيطان في ظل المدافع البريطانية".
وعارض الفيلسوف برغمان بشدة في تلك الفترة فكرة وجود أغلبية يهودية في فلسطين، مشيرا إلى أن "أغلبية يهودية في فلسطين لن تغير من حقيقة أن الشعب اليهودي سيبقى أقلية داخل العالم العربي". كذلك احتج برغمان على أن "اليهودية مخطئة بإسناد قوميتها على قوة الإمبراطورية البريطانية وليس على البحث عن تفاهم مع العرب".
ورأى كثيرون في هذه الحركات الصهيونية اليسارية، بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، أن الأطر القومية ستضعف وأن النظام العالمي الجديد الذي سينشأ سيستند إلى أطر اتحادية فوق قومية.
لكن التغيير الكبير في التوجه الصهيوني نحو الإمبريالية بدأ في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبحسب كتاب "الصهيونية والإمبراطوريات"، فإنه في هذه المرحلة أدركت الحركة الصهيونية أن احتمال إقامة كيان يهودي في إطار أوروبي أخذ يتلاشى. وأضافت الدراسة أن السنتين 1941 – 1942 كانتا السنتين اللتين بلورتا التاريخ الصهيوني لثلاثة أسباب.
السبب الأول هو أن الحركة الصهيونية أعلنت في "خطة بلتيمور"، لأول مرة، عن تطلعها إلى إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإقامة دولة فيها ذات "سيادة إقليمية" يهودية. والسبب الثاني، هو أن المحرقة وضعت نهاية لخيار إقامة كيان يهودي في أوروبا. والسبب الثالث، هو أن الحركة الصهيونية توجهت، لأول مرة، إلى اليهود في الدول العربية واعتبرتهم جزءا من الجماعة اليهودية المتخيلة وعليهم الهجرة إلى فلسطين.
وباتت دلالة هذه السنوات في التأريخ الصهيوني واضحة ومتفقا عليها، لكن مسألة العلاقات بين الصهيونية والإمبراطورية في هذا الزخم التاريخي أصبحت قضية معقدة وتنطوي على تناقضات كثيرة، نتج عنها تياران في التأريخ الصهيوني.
التيار التأريخي الأول تحدث عن الصراع العسكري للمليشيات اليهودية وأهمية نشاطها من أجل إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، واعتبر الإمبراطورية البريطانية محتلة وأن طردها جزء من النضال من أجل إنهاء الاستعمار.
ووصف التيار التأريخي النقدي الصهيونية بأنها ابنة غير شرعية للدولة الأم الإمبريالية/ الاستعمارية، بريطانيا، وبفضلها بالإمكان تحقيق الهدف الأعلى للحركة الصهيونية، وهو "إقامة بيت قومي للشعب اليهودي". ووصفت الصهيونية علاقتها ببريطانيا في فلسطين بأنه "تعاون مثمر بين الصهيونية والدولة الإمبريالية". ووضع هذا المفهوم العلاقات بين الحركة الصهيونية والإمبراطورية البريطانية في إطار متجانس، بدأ عمليا لدى إطلاق "وعد بلفور".
ففي وثيقة تفويض بريطانيا بالانتداب في فلسطين، تم وصف الفلسطينيين بأنهم "الطوائف غير اليهودية"، رغم أن نسبة اليهود في فلسطين كانت 7% فقط من بين مجمل السكان حينذاك. لكن هذا الوصف عكس المفهوم الامبريالي البريطاني بأن الفلسطينيين "يفتقرون لهوية قومية"، بينما اليهود لديهم "قومية حقيقية".
ووصف التيار الصهيوني النقدي العلاقات بين الحركة الصهيونية والإمبراطورية البريطانية بأنها مندمجة، وأن المستوطنين اليهود نفذوا ممارسات استعمارية، بينما الاستعمار البريطاني وفّر في هذه الأثناء المظلة السياسية والقانونية والإدارية للدولة اليهودية الجاري بناؤها.
الصهيونية والإمبراطورية العثمانية
أحد الفصول المثيرة في كتاب "الصهيونية والإمبراطوريات"، هو فصل بعنوان "في ظل الإمبراطورية: ردود فعل فلسطينية ضد الحركة الصهيونية 1982 – 1914"، كتبه الباحث والمؤرخ البروفسور محمود يزبك، المحاضر في قسم تاريخ الشرق الأوسط في جامعة حيفا.
ويؤكد يزبك أنه على ضوء استيطان التمبلريين وتنامي المشاعر القومية المناقضة للوطنية العثمانية، وعلى خلفية ظواهر التمرد القومي في البلقان والحروب الأخيرة مع روسيا، أعلنت الحكومة العثمانية، في أيلول العام 1882، أنه مسموح للمهاجرين اليهود الاستيطان ضمن مجموعات متناثرة في جميع أنحاء الإمبراطورية العثمانية باستثناء فلسطين.
ولفت يزبك إلى أن الإعلان عن تأسيس الحركة الصهيونية، في العام 1897، والمعلومات التي وصلت إلى السلطان العثماني بشأن تطلعات الصهاينة لإقامة دولة يهودية في فلسطين، صعّد معارضة العثمانيين لهجرة اليهود إلى فلسطين. وكانت أعداد اليهود التي سكنت في فلسطين قد تضاعفت خلال 15 عاما، من حوالي 24 ألفا في العام 1882، إلى قرابة 50 ألفا في العام 1897. وبذا "فشلت السياسة العثمانية ومحاولتها منع هجرة يهودية قومية، والدليل على ذلك أنه بين الأعوام 1882 – 1897 أقيمت في البلاد 18 مستوطنة يهودية جديدة".
وأضاف يزبك أن الضغوط الأوروبية لم تتراجع، بينما أرسلت الحكومة العثمانية لجنة تحقيق إلى القدس، من أجل التحقيق في مسألة الهجرة والاستيطان اليهودي وتنظيم مكانة المهاجرين اليهود غير الشرعيين. وأوصت لجنة التحقيق هذه، في العام 1901، بالسماح مجددا ببيع أراض لليهود "الذين يصرحون بولائهم للدولة العثمانية".
وشدد يزبك على أن "معارضة الحكومة للاستيطان اليهودي القومي بعد العام 1908، وسياستها الرامية إلى منع جهات صهيونية من شراء أراض في البلاد، فشلت. وقد اشترت الحركة الصهيونية أراضي بموجب القانون، بواسطة يهود من الرعايا العثمانيين، وكثرت المستوطنات اليهودية الصهيونية الجديدة، ولم تعد المسألة الصهيونية نظرية وحسب".
وفيما يتعلق بالفلسطينيين أنفسهم، يشير يزبك إلى أنه بين العامين 1882 – 1897، التي أقيمت فيها نحو 50 مستوطنة يهودية في المنطقة الريفية الفلسطينية، لم تكن هناك نزاعات بين المستوطنين اليهود والمهاجرين اليهود الجدد وبين السكان الأصلانيين العرب. والنزاعات التي نشأت حينذاك كانت عبارة عن خلافات حول الحدود بين القرى الفلسطينية والمستوطنات اليهودية الجديدة وحول مناطق رعي المواشي واستخدام الأراضي العامة، لكن لم يكن هناك صراع ذو طابع قومي أو ديني.
وأضاف يزبك أن الاحتجاج العربي الفلسطيني ضد الييشوف اليهودي كان في العام 1891، أي بعد عشر سنوات من بدء الهجرة اليهودية إلى فلسطين. وكان هذا الاحتجاج من خلال برقية من القدس إلى اسطنبول، أرسلها تجار وحرفيون عرب، عبروا فيها عن تخوفهم من المنافسة المتزايدة من جانب المهاجرين اليهود، وطالبوا الوزير الكبير بمنع دخول يهود روس إلى فلسطين وشراء أراض فيها. لكن خلال السنوات التي تناولتها مقالة البروفسور يزبك، لم ينظم الفلسطينيون احتجاجات ضد الهجرة اليهودية وتعاون السلطات العثمانية معها، فيما ظهرت نقاشات مقتضبة هنا وهناك في الصحافة، خاصة المصرية، في تلك الفترة.