نشرت صحيفة "هآرتس"، في عددها يوم 6/6/2005، معطيات يستدل منها أن حكومة أريئيل شارون تواصل العمل على ترسيخ الاستيطان حتى في البؤر العشوائية التي تعهدت بإزالتها، بدل العمل على تفكيك هذه البؤر والالتزام بتعهداتها في هذا الشأن.
ونقلت الصحيفة عن المحامية طاليا ساسون، التي سبق لها إعداد تقرير رسمي حول تورط المكاتب الحكومية في تمويل إقامة البؤر الاستيطانية العشوائية في المناطق الفلسطينية المحتلة، قولها إن شيئا لم يتغير منذ قدمت تقريرها إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، أريئيل شارون، قبل ثلاثة أشهر. أكثر من ذلك- تضيف الصحيفة- فإنه بدلاً من وقف الميزانيات الجارية للبناء في هذه البؤر، ووقف إنشاء مبان جديدة فيها، أضيفت عشرات المباني الجديدة إلى البؤر في الضفة الغربية.
ويستدل من فحص أجرته صحيفة "هآرتس" لطريقة تعامل الجهات الأمنية والسياسية مع تقرير ساسون، أنه بينما قام "الجهاز الأمني بتنجيع عملية جمع المعلومات عن إنشاء المباني الجديدة في هذه البؤر" فإن "الجهات السياسية لم تقم بأية خطوات لتطبيق توصيات تقرير ساسون كي لا تدخل في مواجهات مع المستوطنين عشية موعد تطبيق خطة الانفصال".
وباعتراف الجهاز الأمني الإسرائيلي فقد تم منذ مطلع العام الجاري إضافة 197 بناية جديدة في البؤر الاستيطانية العشوائية، علما أن أكثر من ثلثيها أضيف بعد تقديم تقرير ساسون في الثامن من آذار الماضي. ويدعي الجيش أنه تم "هدم" 37 من هذه المباني، بناء على طلبه.
إلا أن ساسون تؤكد أنه لم يحدث أي تقدم في اتجاه تنفيذ توصياتها منذ تقديمها إلى شارون.
وقالت ساسون في محاضرة ألقتها في جامعة بن غوريون في بئر السبع، أمس الأحد، طبقًا لما تنشره "هآرتس": "لم يتم عمل أي شيء منذ تقديم التقرير. لقد تم نشر التفاصيل وهذا جيد، لكن كل شيء يتواصل. ربما قامت وزارة الإسكان بإغلاق بعض الحنفيات لكن لم يتم اتخاذ أي قرار عملي والبناء يتواصل في البؤر".
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الإسرائيلية قامت اثر تسلم توصيات ساسون بتعيين لجنة وزارية، برئاسة وزيرة القضاء تسيبي ليفني، لمناقشة سبل تنفيذ التوصيات. ومن المفترض أن تقدم هذه اللجنة توصياتها إلى الحكومة، الأسبوع المقبل.
وحسب "هآرتس" يكتفي الجيش الإسرائيلي بإصدار أوامر بوقف البناء في هذه البؤر لكنه لا يقوم بأية خطوة عملية لتطبيقها لأن القيادة السياسية تعتقد أن الوقت غير مؤات للدخول في مواجهات مع المستوطنين.
يشار إلى أن إسرائيل مطالبة بتفكيك هذه البؤر بموجب "خارطة الطريق" التي طرحها الرئيس الأميركي جورج بوش في العام 2002، وتتولى اللجنة الرباعية الدولية متابعتها. وكانت إسرائيل قد زعمت تبني هذه الخطة إلا أنها لم تلتزم بتطبيق أي من بنودها ولم تعمل على إخلاء هذه البؤر رغم التزامها بذلك أيضا في الرسالة التي سلمها شارون إلى الرئيس الأميركي، في نيسان 2004، مقابل حصوله من بوش على رسالة الضمانات الشهيرة التي يؤكد فيها الأخير مساندة إدارته لسياسة الاستيطان الإسرائيلية والسيطرة على أجزاء من الأراضي المحتلة.
وتقول "هآرتس" إن الجيش نجح في تطبيق توصية واحدة فقط من توصيات ساسون، وهي منع نقل المباني الجاهزة إلى البؤر الاستيطانية، لكنه في المقابل يغضّ النظر عن قيام المستوطنين ببناء مبان جاهزة في هذه البؤر، وهي الطريقة التي وجد فيها المستوطنون منفذا للتحايل على منع نقل المباني الجاهزة.
وتضيف "هآرتس" أخيرًا أن بعض المكاتب الحكومية تقدم المساعدات للمستوطنين في إنشاء المباني الثابتة في البؤر الاستيطانية.
في المقابل قال متحدث بلسان حركة "السلام الآن" الإسرائيلية إن طاقمه أحصى في الفترة الأخيرة أعمال بناء جديدة في 17 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية وحدها.